منوعات

خيانة ثقافية ..!

«الأدب الحقيقي هو ما يضيع بعد الترجمة» .. روبرت فروست!

بعض الصحف العربية ناقشت ? من جديد – موقف المترجم المصري «مصطفى ماهر» الذي ترجم رواية «عاشقات» للكاتبة النمساوية «يلنيك» بتصرُّف (حذف الرجل بعض الصفحات الإباحية، واستبدل بعض المفردات القذرة بأخرى أخف وقعاً على نفس القارئ العربي) .. فثار عليه المثقفون الناضجون الذين يرون في تصرف المترجم في السياق بالحذف أو التعديل عبثاً بحرمة النص الأصلي، وخيانة للقارئ المتلهّف للإبحار في مجاهل النص كما هي، دون وصائية تفسد عليه التأمل في حقيقته العارية ..!

المترجم الماثل في قفص الاتهام الثقافي اعترف بأنّها ليست المرة الأولى، وقال مدافعاً عن موقفه بأنّ الترجمة الحرفية لا تقدم الدلالة نفسها، وبأنّ الفجوة ما تزال هائلة بين القارئ الأوربي المعتاد على ثقافة التجاوزات الأخلاقية في الأدب والقارئ العربي الذي لا تؤهله نشأته المتحفّظة لقبول مثل تلك التجاوزات ..!

بينما يرى مُترجمون كثُر من منتقديه، أنّ التصرّف بالحذف أو التعديل أو التحوير هو خيانة في كل الأحوال، فالمترجم الذي يتصرّف بالنص – بوازع من جهله بالثقافة المنقول منها – يقترف جريمة الخيانة غير المقصودة، أمّا الخيانة المتعمّدة فهي أن يدخل المترجم في سياق النص مع سبق الإصرار والتقصُّد ..!

القارئ العربي يدين بالفضل في دخوله إلى عوالم الأدب المكتوب بلغات أخرى – وفي تأثره بها، وفي التقاء رؤاه النقدية مع رؤى مبدعيها ـ إلى المترجم العربي الذي اجتهد في نقله إلى تلك التضاريس والمناخات بأقدار متفاوتة من الحذف أو التعديل.. نحن ندين كثيراً لتراجم الأستاذ «حلمي مراد» الذي أدخلنا عوالم «الخاطئة» لسومرت موم.. و»أحدب نوتردام» لفيكتور هوجو.. و»مدام بوفاري» لجوستاف فلوبير.. و»حذار من الشفقة» لستيفان زفاييج.. و»الحرب و السلام» لتولستوي.. إلخ .. إلخ .. ونحن في أعمار غضة، وذلك بفضل الترجمة «المحتشمة» التي قدّمها في سلسلته الشهيرة «كتابي».. والتي كانت ولا تزال تلقى رواجاً هائلاً بين القراء الصغار الذين يقدمون أرجلاً في عوالم أدب الكبار ويستبقون أُخَرى ..!

مدرسة «حلمي مراد» في الترجمة رقابية الأدوات، وصائية التوجه، وهذا ما ينكره القائلون بوقوف المترجم على أرض الحياد بين النص الأصلي – القادم من تضاريس مغايرة – وقارئه العربي المُنتمي إلى جغرافيا اجتماعية محفوفة بالمحاذير التي لا يكترث لها كاتب النص، لكنّها قد تشغل بال المترجم الذي يتولى نقلها وتقديمها إلى قارئه المحلي وله أجر المناولة ..!

تراجم «حلمي مراد» تبقى مؤطرة بسلسلة كتب موجهة إلى شريحة محافظة من القراء، على العكس من تراجم «مصطفى ماهر» التي يقبل عليها قراء ذوو نضج ثقافي كبير.. هنا يتحول أجر المناولة، إلى حجارة سخط ترجم كاتب النص ومترجمه معاً، بلا تمييز بين الكتابة كفعل أوَّل مرادف لمفهوم الخلق، والترجمة كفعل ثاني يرتبط ارتباطاً شرطياً بمتن النص ..!

إذا سلَّمنا بأن اطلاع القارئ على الأدب المترجم هو فعل «اختيار» يحدث بعد تحقق قدر لا بأس به من النضج المعرفي، يُمكننا أن نقول مع القائلين بأنّ الترجمة «بتصرُّف» هي خيانة ثقافية على وجه ما..!

اخر لحظة

تعليق واحد

  1.  بين القارئ الأوربي المعتاد على ثقافة التجاوزات الأخلاقية في الأدب والقارئ العربي الذي لا تؤهله نشأته المتحفّظة لقبول مثل تلك التجاوزات ..!) الاوربى لا يراها تجاوزات انما العربى هو الذى يرى ذلك…و هل موسم الهجرة الى الشمال او ثلاثية نجيب محفوظ كان فيها خروج عن الادب ام هو واقع المجتمع؟؟

  2. 30th of September is the day designated to celebrate and acknowledge the role of the Translators and Interpreters all over the World. The interpreters and translators should abide by the transcript and should not interfere with the article of the document they are translating or as in our field of Medical Interpreters should not change the words of the patients or the medical providers. If they are translating a novel or a book for fun, the translators should chose the right book to translate for a certain sector of people in a certain part of the world following a certain religion or guarded by certain rules other wise they will not be honest and at the same time they violate the code of ethics of the translators and interpreters. The choice should be wise and honest to keep away from head aches.

  3. يا سلام على ثقافتك يا بنت بلادي .واتفق معك على قولك ” يُمكننا أن نقول مع القائلين بأنّ الترجمة «بتصرُّف» هي خيانة ثقافية على وجه ما..!” ووفي تقديري ليس هناك كاتب يقبل أن يتصرف أحد بنصوص مؤلفه .والذي لا يعجبه أدب الآخرين عليه يكف عن الترجمة أو القراءة ، وفي تقديري أيضاً ، أن قلة الأدب في الرواية العربية هي سبب شهرة بعض كتابنا ، مثل الطيب صالح في موسم الهجرة للشمال ، والمغربي محمد شكري في الخبز الحافي .

  4. قد نتفق مع “ماهر” أو نختلف، المسألة فيها وجهات نظر.

    فنقل الشيء كما هو “أمانة”، لو افترضنا أن المهمة هي تسليمه لشخص بعينه.

    كما أن التصرف في العمل الفني، و تفصيله على واقع مغاير، معروف و مقبول حتى في البيئات الدنيا التي لا تفهم، كعملية زرع النبات مثلا في تربة جديدة.

    فكلا الامرين يخدم أمرا له اعتبار، على شرط المعرفة المستفيضة بالواقع، في حالة التصرف في النص الأدبي، بحيث لا يخل التعديل على بنية العمل الفني و قصده.

  5. المصري مصطفى ماهر غير امين في ترجمته للرواية والتعديلات التي عملها في روايته حتى تناسب ذوق القارئ العربي!!!! شنو الهبل دا ياخي الترجمة ترجمة والنقد نقد والبحث بحث والقول بأن الأوربي المعتاد على ثقافة التجاوزات الأخلاقية في الأدب والقارئ العربي الذي لا تؤهله نشأته المتحفّظة لقبول مثل تلك التجاوزات ..!
    دا قول مردود عليه وتبرير فطير
    لذلك اتفق تماما معك استاذة منى واختلف حول وصفك لترجمته بالخيانة الثقافية لأنو دا اعتداء واضح على الملكية الفكرية وعدم الامانة

  6. يقول فلوبير الكاتب والاديب وهو يتحدث عن رواية الخبز الحافى ل محمد شكرى استطاع التعبير متحررا من كل ضابط اخلاقي و تاريخي او نفسي. .
    يقول فلوبير :على الكتابة ان تقود الى الحقبقة فاذا كانت الكتابة هى الحقيقة بعينها كالخبز الحافى فهى الحقيقةوالكتابةالتى للوصول لها وقرآتها.

  7. مهما يكون رأي المترجم الأمانة تقتضي أن ينقل النص كما هو ولا يتتدخل ويغير المعنى فهو مجرد مترجم ثم أن القارئ يريد أن يطلع على ثقافات الآخر وبنكهة الآخر
    وبعد ذلك له الخيار في أن يأخذ ما يشاء ويترك مايشاء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..