رحلتى فى بعض ارجاء الخدمة المدنية.. مصلحة الماليه (1)

رحلتى فى ارجاء الخدمة المدنيه..
(اولا)مصلحة الماليه(عطلات صيفيه..1952-1957) الحلقة (1)
عدت اتصفّح مذكرات استاذنا الجليل مامون بحيرى التى كنت من القلائل الذين تابعواكتابتها منذ ان كانت افكارا تتجمع فى ذاكرة استاذنا العزيز الراحل ابّان اولى رحلاته الى الولايات المتحده زائرا ابنتيه وطلبا لعلاج كان قد تعذرالحصول عليه فى السودان خلال االسنوات الاخيرة من القرن العشرين .تلك المذكرات التى تابعت الاطلاع عليها صفحة من بعد صفحة وهى لا تزال مكتوبة بخط يده بلغة انجليزية لا اجرؤعلى ابداء راى عنها.. فاضت بالكثيرالوفيرمن كل ما كان جاذبا وشائقا من حياة استاذنا الجليل (عليه فيض من الرحمة فى الفردوس الاعلى) بعدما سعدنا بالتعرّف علي النذر القليل منها خلال تلك الاشهُرالخمسة الاولى من عام 949 التى قضاها “الامير” بين طلابه فى الصرح التربوى الكبير..حنتوب..مشاركا فى تعليم نفر من “برالمتها” مهارات اللغة الانجليزية تارة وبعضا من تاريخ الاسلام السياسى تارات أُخر. كان ذلك قبل التحاقه فى يوليو من تلك السنه بمصلحة الماليه حالما اكتملت اجراءات انشاء اول وظيفة بالدرجة “كيو” لتسكينه فيها كاول خريج جامعى من ابناء السودانىيين يتم توظيفه فى مصلحة الماليه .. ذكريات..كان الرجل قد سطّرها بلغة انجليزية رصينة تفيض القا وتعيد الى ذاكرتى ما سعدنا وطربنا لسماعه من المعلم الكبير داخل حجرات الدراسة وخارجها مشاركارفاق عمله وطلابه الانشطة المسائية ذات الصبغةالثقافية والفكريه وهو يقارع زملاءه المعلمين البريطانيين الحجة بعد الحجة بالحِكَم وفصل الخطاب.عُجت اعيد الاطلاع على تلك الذكريات استعادة لبريق لغتها فى نفسى وتذكرا لما حفلت به من ذكريات لماض كانت ايامه بكل المقاييس وافرة الاشراق فى مسار حياتى الدراسية وتجربتى العملية فى مصلحة (وزارة المالية) بين نفرمن رفاق الدرب وزملاء الصبا من طلاب بعض المدارس الثانوية حينها خلال العطلات الصيفية المدرسيه.
كان للاميرمامون بحيرى اضافة الى ماجعل ذكراه تتاصل وتدوم وبصماته وآثاره تبقى فى اغوارالابديه وابعاد اللانهائية بفضل عمله معلما لمدة ستة اشهرفى بداية حياته العامرة بالعطاءقبل ان يبزغ نجمه بين كبارالاقتصاديين الذين قدموا الكثيروالوفيرمن البذل فى وزارة المالية قبل انتقاله منها لأنشاء وارساء دعائم العمل المصرفى ببنك السودان.كان للاميرالفضل..كل الفضل فى تواصل اتاحة الفرصة للكثيرين من طلاب المدارس الثانوية للعمل فى مصلحة (وزارة المالية) لأول مرّة خلال العطلات المدرسية الصيفية فى منتصف الخمسينات. وكنت قد.سبقت اولئك الرفاق الذين سعدت بمعرفتهم وبزمالتهم خلال فترة ذلك العمل الصيفى فى المالية من عام الى آخر..بداية فى عطلة سنة 1952الصيفيه ليتواصل لقاؤنا السنوى فى المالية بعد ذلك خلال عطلات الصيف من عام 1953الى عام 1957.. كان من بين الذين زاملتهم عملا فى مصلحة الماليه من طلاب ذلك الزمان المرحومون بأذن الله..مصطفى حسن احمد(والد الفنان جمال فرفوروالشقيق الاكبرلمعلّم اللغة الانجليزيه الفذ والشاعرالمرحوم عوض حسن احمد ناظم اغنية فينوس التى كانت احدى ابداعات المرحوم عبد العزيزمحمد داؤود) الى جانب الاستاذ خالد عبدالرحمن خالد والمهندس لاحقا حيدر زين العابدين وغيرهم من ابناء جزيرة توتى الباسله(رحمة الله على من سبقنا منهم الى دار الخلود ) .كما سعدت بزمالة الاخوين كمال حمزه ومختار التوم ..مد الله فى ايامهما ومتّعهما بالمزيد من الصحة والعافيه مع من لا يزالون ينتظرون من رفاق تلك الايام. بنهاية عطلة صيف 1957 التى كانت آخرعهدى بالعمل فى وزارة الماليه عدت ادراجى الى جامعة الخرطوم لأكمال العام الاخير من دراستى للحصول على شهادة بكالوريوس أداب جامعة لندن الذى كانت تمنحه لنفرمن الدارسين فى كلية الخرطوم الجامعيه قبل ان تصبح جامعة الخرطوم فى يوليو 1956.
عادت بى ذكريات الاستاذ مامون الى ايام عملى الصيفى فى مصلحة الماليه حيث كنت اسعد من حين لآخربلقائه فى اروقتها لتتجدد سعادتى مرّة اخرى من بعد لقائى به فى حنتوب .حفلت تلك المذكرات بذكرياته عن فترة عمله فى مختلف المواقع داخل وخارج السودان فكانت حنتوب اولاها الى حين.. تلتها مصلحة المالية قبل انتقاله منها لأنشاء وادارة بنك السودان.ظل اسم “مصلحة المالية ? فايننس ديبارتمنت” يلازم ذلك المبنى العريق القائم على شاطىء النيل الازرق غربى سراى”حاكم السودان العام (القصرالجمهورى لاحقا) وامامه كان تمثال اللورد كتشنرعلى صهوة حصانه..ربما كان يرنو ببصره فى زهووخيلاء عبرالنيل الى جبال سرغام وكررى.كان ذلك المبنى العريق – الى جانب مصلحة الماليه – يضم على الطابقين الارضى والاعلى الغربىين منه بعض مكاتب مصلحة “السكرتي السكرتيرالاداري – وزارة الداخليه لاحقا اعتبارا من عام 1954″ ? بينما احتفظت مصلحة الماليه باقسامها الاربعة بالطابقين الاعلى والارضى الشرقيين فضلاعن اجزاء اخرى من طابقه الارضى الغربى حيث كان قسم الحسابات يحتل الجناح الغربى ارضا ويعمل موظفو قسم البنوك والعمله على الطابق الارضى المواجه للمداخل الرئيسية للمبنى (قبل قيام بنك السودان فى مبانى البنك الاهلى المصرى على شارع غردون(الجامعة)
بطبيعة الحال ووفقا للنظام الادارى الذى اخطته الحكومة البريطانيه لآدارة البلاد كانت مصلحة السكرتير الادارى تاتى فى المرتبة الاولى من حيث الاهمية الاداريه .فالسكرتير الادارى كان الحاكم الفعلى للسودان فهو من كان ينوب عن الحاكم العام فى غيابه وهوبمثابة رئيس الوزراء له الاشراف الكامل ومتابعة الاداء الحكومى فى انحاء المديريات التسع عبرمديريها ومن ينوبون عنهم على قمة طاقم الادارة فى كل منها.. مصلحة الماليه رغم مرتبتها الثانية موقعاحسب النظام الادارى كانت هى الاكبرمن حيث عدد الموظفين العاملين فى اقسامها الاربع..قسم الايرادات الماليه.”ريفينيو”.قسم المصروفات”اكسبينديتشر” وفق بنود الميزانيه.. قسم الحسابات وقسم شؤون الموظفين الذى كان تحت مسمى “استابليشمنت برانش”فهى الحارس الامين على كل”مليم”من اموال وممتلكات اهل السودان.لا تجنيب لأيراد خارج النظام المحاسبى ولا صرف خارج الميزانيه فتلك امورلم تخطرعلى بال احد بل كانت من الكبائر! شانها شأن”تدميروتخريب الاقتصاد السودانى بلغة اليوم” وكانت مصلحة الماليه تمثل النموذج الامثل للعمل الديوانى فى اعلى درجات الانضباط الذى كان سمة غالبة للخدمة المدنية فى تسييردفة العمل فى مختلف المصالح والوحدات الحكومية فى العاصمة والاقاليم.هدوء شامل يعم ارجاءها لايسمع فيها الآ اصوات طرقعة اصابع الطابعين على الآلات الكاتبة الانجليزية.. ولا يُرى فيها الآ انكباب كل موظف على عمله..
(خوف الاطالة والملل كفاياكم لحد هنا ونتواصل بأذن واحد احد فى الحلقة القادمة اذا ما طالت الآجال وصدقت الآمال .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الاستاذ / الطيب السلاوي– حفظكم الله ورمضان كريم– نعم التجنيب ما يزال ام الكبائر في الفقه المحاسبي والاقتصادي وايضا التمكين من الموبقات عند ناس حيدر كبسون وعميدهم امير الصاوي– شفاه الله- وكل خبراء الخدمة العامة ولعل فقه الجماعة لم يكن من بينه التحصين من فتنة المال ولما سنحت الفرصة هبوا كما المذعورين يعوضون سنوات حمل شنط الحديد ويواصلون القرف من الميري– ارجو شاكرا اتحافي بنسخة من مذكرات الاستاذ/ مامون بحيري– عليه رحمة الله وجعل الله قبره روضة من رياض الجنة– لكم الشكر

  2. اقتباس —خوف الاطالة والملل كفاياكم—ليتك اطلت استاذي فان بيننا قرابة—نحن من اصل حنتوبي واحد بالرغم من المسافة الزمنية بيننا 20 عاما-ولن يمل حنتوبي من قريبه — لقلة ثقافتي كنت اظن ان فقه التجنيب وفقه السترة وفقه النكاح وفقه الل….وغيره من الافقاه ابتكار سوداني سوداني بحت وحديث ولم اكن اظن ان الاولين والآخرين يفقهون به شيئا20

  3. الاستاذ / الطيب السلاوي– حفظكم الله ورمضان كريم– نعم التجنيب ما يزال ام الكبائر في الفقه المحاسبي والاقتصادي وايضا التمكين من الموبقات عند ناس حيدر كبسون وعميدهم امير الصاوي– شفاه الله- وكل خبراء الخدمة العامة ولعل فقه الجماعة لم يكن من بينه التحصين من فتنة المال ولما سنحت الفرصة هبوا كما المذعورين يعوضون سنوات حمل شنط الحديد ويواصلون القرف من الميري– ارجو شاكرا اتحافي بنسخة من مذكرات الاستاذ/ مامون بحيري– عليه رحمة الله وجعل الله قبره روضة من رياض الجنة– لكم الشكر

  4. اقتباس —خوف الاطالة والملل كفاياكم—ليتك اطلت استاذي فان بيننا قرابة—نحن من اصل حنتوبي واحد بالرغم من المسافة الزمنية بيننا 20 عاما-ولن يمل حنتوبي من قريبه — لقلة ثقافتي كنت اظن ان فقه التجنيب وفقه السترة وفقه النكاح وفقه الل….وغيره من الافقاه ابتكار سوداني سوداني بحت وحديث ولم اكن اظن ان الاولين والآخرين يفقهون به شيئا20

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..