المخ البقري السوداني لغز يبحث عن حل

شائعة قوية انتشرت هذه الأيام في مصر عن ممارسة السودانيين لأعمال السحر، مستخدمين في ذلك مخ الأبقار بعد ضبط بعض السودانيين وبحوزتهم مئات الكيلو جرامات من المخ البقري معهم بمطار القاهرة.

“بوابة الأهرام” تتبعت خط سير المخ البقري السوداني بمصر لتكتشف أنه لا يتم أكله أو استهلاكه بالسودان، بينما يجد سوقًا رائجة في مصر، حيث يتجاوز سعر الكيلو منه 70 جنيهًا، مما أغرى السودانيين بتوريد كميات كبيرة منه للمطاعم؛ ولأن الأمر يتم بطريقة عشوائية، فلا يتم شحنها بأسلوب صحي، مما يعرضها للتلف، فيتم منع خروجها من المطار؛ للتأكد من صلاحيتها، وبرغم أن الحجر البيطرى يقوم بإعدامها فورًا، فإن المؤكد وجود شحنات تمر دون أن يتم ضبطها؛ ربما لأنها بكميات أقل في كل مرة.

سلطات مطار القاهرة تمكنت خلال الأشهر القليلة الماضية من ضبط كميات تتراوح بين مائة ومائتين وخمسين كيلو جراما قبل تهريبه، بصحبة ركاب سودانيين، آخرها منذ أيام، حيث تم ضبط نحو 220 كيلوجرامًا مع ثلاثة سودانيين.

يقول الباشا إدريس رئيس شعبة المصدرين بالغرفة التجارية، إن وزارة الصحة وهيئة الرقابة على الواردات مسئولتان عن أي سلعة تالفة تدخل مصر، ويرجح أنه إذا كان قد تم ضبط مئات الكيلوجرامات، فهذا معناه أنه تم دخول آلاف الكيلو جرامات بشكل غير شرعي.

وطالب بضرورة إحكام الرقابة على المطاعم، وعربات الكبدة والمخ التى يثبت دخول هذه الكميات لصالحها، وتتم ملاحقتها لوقف هذه الممارسات، وأضاف أن إجراءات الاستيراد الرسمية آمنة تضمن دخول سلعة صحية سليمة للمواطن، ولكن ما يصل بطريقة غير رسمية يمثل خطرًا مؤكدًا؛ لأنه لايعرف الطريق للحجر الصحي، أو البيطرى، أو غيرهما من إجراءات الكشف والوقاية.

ويوضح السيد النواوي أحد مستوردي اللحوم، وعضو مجلس إدارة اتحاد الغرف التجارية أن مخ الأبقار في الخارج لايتم استخدامه تقريبًا، ولدينا في مصر إنتاجه المحلي لايكفي استهلاكه الكبير، فالمخ يزن ما بين 300 إلى 350 جرامًا، وبالتالي يتم استيراده، وقد يدخل عن طريق التهريب، الذي يمثل خطورة على صحة الإنسان، حيث لم يتم الكشف عليه أو معرفة مصدره.

وقال إن شروط الاستيراد دائما مرتبطة بتاريخ الإنتاج والتخزين، ومدة صلاحية استيراد المخ ثلاثة أشهر من تاريخ الإنتاج، ولابد أن يكون متراصًا في كراتين وبطريقة معينة، والغريب أن الأشهر الثلاثة غير كافية لإتمام إجراءات التصدير من الخارج والاستيراد في الداخل، فيكون الباقي على الصلاحية أيامًا معدودات، فيتم إعدامها، كما كان يحدث عندما كان يتم استيراد المخ من أمريكا والبرازيل والهن، وهذا مادفع البعض للجوء إلى التهريب.

ويقترح النواوي أن يتم السماح باستيراد المخ من السودان وغيرها من الدول بشكل رسمي، مع زيادة مدة الصلاحية الخاصة بالمخ لأكثر من ثلاثة أشهر؛ لتكون مثل الكبدة سبعة أشهر، أو اللحم لمدة عام من تاريخ الإنتاج، بشرط التجميد، وبهذا نضمن أن نقلل الاحتكار؛ لينخفض سعره، ونضمن عدم التسريب، أو التهريب؛ ليكون آمنًا صحيًا، بخاصة أن أي نوع من فئات اللحوم المجمدة يكون صالحًا لعام كامل من تاريخ الإنتاج مادام مجمدًا.

أما الدكتور عثمان حامد أستاذ الأمراض المشتركة بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، فيحذر من أن التهريب لا يضمن سلامة اللحوم المهربة، فمن الممكن أن تكون منتقلة من حيوان مريض، والنتيجة أن هذا المرض ينتقل بالتبعية إلى الإنسان الذى يتناولها، ويسهل اكتشاف فسادها؛ لأن شكلها ورائحتها غير مقبولين، ويحدث التلف مع طول المسافة، بخاصة إذا كانت بدون تجميد أي في الحقائب.

وينبه الدكتور عثمان إلى أن الأمراض التي تنتج من تلف المخ المستخرج من حيوان سليم، وغير مخزن بشكل صحي، وملوث بالميكروبات هى جميع أمراض التسمم الغذائي، ومنها الميكروب القولوني، والسالمونيلا، والميكروب السبحي، والعنقودي، وجميعها أمراض تسبب التسمم للإنسان ما بين 6 إلى 12 ساعة، بخاصة إذا لم تتم معاملته معاملة حرارية جيدة وسليمة.

وعلى الرغم من تعدد القوانين المناهضة للتهريب -كما يؤكد الدكتور أمين مصطفى رئيس قسم القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية- ومع أنها تحدد شكل المخالفات، فإنه يمكن التصالح فيها إما بالإعدام، أو بدفع الرسوم المقررة، أوالاطمئنان الصحي عليها، فمثلًا اللائحة التنفيذبة لقانون الاستيراد والتصدير رقم 118 لسنة 1975 تنظم دخول أي بضائع إلى مصر بقصد الاتجار، وأهم تلك الخطوات الحصول على إذن استيراد، بالإضافة إلى الموافقات والشهادات الصحية، وإذا حدث غير ذلك يكون الذي يدخلها قد خالف القانون.
كما أن قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 يعتبر أن إخفاء هذه البضائع تهربًا من الجمارك، ومن دفع الرسوم، ومن جميع الإجراءات التى تضمن سلامة هذه البضائع وخلوها من الميكروبات وعدم تلفها.

وأكد الدكتور أمين أن كل هذه المخالفات تقبل التصالح، إما بدفع الرسوم المقررة، أو بالإعدام، ويكون بإعدامها قد تحقق غرض التخلص منها، موضحًا أن هناك العديد من القرارات المنظمة لاستيراد اللحوم بشكل خاص، تسمح باستيرادها دون إجراءات إذا كانت للاستخدام الشخصى، ولكن بشرط أن تكون آمنة، وبضمان سلامتها، وعدم تأثيرها على الثروة الحيوانية بالبلاد، ويضمن هذا رجال الحجر الصحى والبيطرى معًا.

بوابة الاهرام