مقالات وآراء

الذين انشقوا عن تقدم سابقا: خطأ الموقف وخطأ مفهوم الحكومة الموازية

 

أحمد محمود أحمد

لقد تأسست ( تقدم) و قبل انقسامها الأخير كرد طبيعي لطبيعة الحرب الدائرة في السودان منذ العام ٢٠٢٣ و هي حرب تقسيمية و بالدرجة الأساسية قامت علي ركائز الحركة الإسلامية ضمن تشكلاتها التي برزت عبر حكمها للسودان..و كان قمين بالأحزاب السياسية أن تتخذ الموقف الصحيح من هذه الحرب و هو الموقف الذي يتأسس علي أرضية رفض الحرب نفسها و الوقوف ضد اطرافها لأن الانحياز الي أي منهما هو تعزيز لمشروع الحركة الإسلامية القائم علي تقسيم البلد و تفتيتها..هذه الاطراف المتقاتلة في حرب أبريل و بعيدا عن الشعارات قد ارتكبت جرائم متعددة في حق الحركة الجماهيرية و دعم اي منهما يعني في نهاية المطاف دعم منظومة الوعي القائم ضد حركة التغيير في المجالات السياسية و الاقتصادية و الإجتماعية ، و ما يجري علي أرض الواقع يكشف طبيعة هذه القوي… إن ما يميز القوي السياسية صاحبة الوعي بطبيعة الصراع و جدلية التغيير هو العنصر المرتبط بتحديد الموقف الصحيح من قضايا الصراع و فهم ابعاده ضمن قراءة تستند لرؤية علمية قابلة للمراجعة و ليس التراجع حيث ان الأنتقال من موقع قوي التغيير الي قوي الهدم و التقسيم يطعن في وعي هذه القوي المتحولة و يجعلها ذات نسق سطحي تتعامل عبره و مع الأحداث الكبري ضمن وعي الضرورة، و لهذا فأن القوي التي انشقت عن تقدم سابقا يمكن تكييفها ضمن الابعاد التالية: البعد الاول: لأن هذه القوي ليست قوي تغيير حقيقية فبدلا من طرح مفهوم الحكومة البديلة قامت بطرح الحكومة الموازية حيث يطرح السؤال حول فكرة التوازي نفسها، اذ يعني التوازي المقابلة و الندية، كما يعني الاعتراف الضمني إن هنالك حكومة فيجب مجاراتها و التوازي معها مما يعني شرعنة تلك الحكومة و مقايستها بحكومة موازية قد تحمل سمات تلك الحكومة.. فخطوط السكة حديد تتوازي وتحمل نفس المواد الخام و المتشكلة منها تلك الخطوط المتوازية و التي تحمل ذات القطار و الذي سيصل في النهاية الي محطة تفكيك السودان و تجزئته وهو قطار محمل بالقتلي و المشردين.. الصحيح و لدي قوي التغيير هو طرح الحكومة البديلة للوضع القائم و بعد وقف هذه الحرب المجنونة و هي الحكومة المرتبطة بشرعية الحماهير و الغير معترفة بحكومة الامر الواقع و هذا يعني ان لا تقف القوي السياسية في الوسط او المنطقة الرمادية التي تقوم علي المجاراة بديلا عن القطع الجذري مع حكومة الأمر الواقع في بورتسودان وليس موازاتها.. البعد الثاني: السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل قبلت القوي التي خرجت عن تقدم سابقا بمبدأ التقسيم و ذهبت بأتجاهه؟ أم هذا الموقف مرتبط بالانحياز الجهوي و القبلي و يأتي كردة فعل للمارسات التي قامت و تقوم بها الحركة الإسلامية ضد أبناء الغرب؟ لأن الذهاب بهذا الأتجاه هو هدف الحركة الإسلامية في التقسيم و التفتيت و قد وقعت القوي المنشقة في دائرته..فوحدة القوي السياسية الرافضة للحرب و استمرارها في ذلك ومعها كل القوي المدنية هو صمام أمان وحدة السودان و عندما تنحاز تلك القوي لأي من طرفي الحرب فهذا يعني تأكيد الأنقسام و هذا هو المرمي الأساسي للحركة الإسلامية و لهذا فقد سعت و عبر مجري هذه الحرب لتعزيز فكرة ارتباط القوي السياسية المنضوية تحت تقدم بالدعم السريع و قد أكد المنشقون عن تقدم هذا المعني و بالتالي تحقق تصور الحركة الإسلامية لبعض مواقف تلك القوي السياسية.. البعد الثالث: هذا البعد يرتبط بالكيفية التي سوف تعمل بها الحكومة الموازية، فهل ستكون هذه الحكومة حكومة منفي ام سيذهب اعضاؤها الي الداخل و يتحولون ضمن تركيبة الدعم السريع، و السؤال الاهم ما هي الجغرافيا التي سوف تتحدد علي أساسها هذه الحكومة حيث ان دائرة الصراع قد تتسع و قد تضيق.. البعد الأخير: هذه القوي السياسية التي أنشقت عن تقدم ألم تكن تعلم أن هذه الحرب هي حرب الحركة الإسلامية و لماذا اتخذت الموقف من الحرب ضمن خط القوي المدنية و تعود اليوم لتكون ضمن منطق الحرب نفسه و تدخل كمعادل غير موضوعي ضمن صراع لو استمر سيؤدي حتما الي تقسيم السودان..في تقديري إن هذه القوي و التي اختارت هذا الأتجاه تفتقد الي الرؤية الكلية و تتعامل مع قضايا التغيير( بالقطاعي) و لا تدرك بأن ذهابها نحو حكومة موازية ادخلها في معية الوعي القسري الذي فرضته الحركة الإسلامية و هو الاصطفاف في خنادق التقسيم ليحكم الكل وفق حدود الأقليم او القبيلة..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..