لقاء الدوحة التفاكري

** في السودان ظل الصراع يدور حول كراسي السلطة، وانحصر هذا الصراع وسط مجموعات الوسط ولم يتم الإنتباه إلى صوت أبناء الهامش إلا بعد أن حملوا السلاح.

د. الشفيع خضر سعيد

في مايو الماضي، دعيت ضمن مجموعة من السياسيين والنشطاء والمثقفين السودانيين إلى لقاء تفاكري في العاصمة القطرية الدوحة. الدعوة جاءت بمبادرة من مجموعة أشارت إلى نفسها بأنها تزاملت في الهم الوطني والمعرفي، وهم الدكتور عبد الله علي إبراهيم والدكتور النور حمد والأستاذ عبد الله البشير. وكان اللقاء برعاية المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والذي يديره الدكتور عزمي بشارة الكاتب والمفكر الفلسطيني المعروف. شارك في اللقاء نحو أربعين مشاركا من مختلف المشارب الفكرية والسياسية المتنوعة، بما في ذلك مجموعات تنتمي إلى التيار الإسلامي وحزب المؤتمر الوطني الحاكم. رمى اللقاء، كما جاء في خطاب الدعوة وإفتتاحيات المجموعة المبادرة، إلى تدشين مساهمة جديدة في حوار يشخص الأزمة الوطنية ويتلمس أفضل السبل لتنفيس الإحتقانات وإبراء الجروح، ويبحث في سبل التوافق على أرضية جديدة للثوابت الوطنية، كما يبحث سبل الوصول إلى مساومة تاريخية تحقق تسوية وطنية شاملة، تحقن الدماء وتوقف هدر الموارد وتضع أساسا جديدا لبناء الوطن. إعتمد اللقاء اسلوب العصف الذهني والحوار الدائري المفتوح، ومنذ البداية تم الإتفاق على إستبعاد صدور بيان ختامي والاكتفاء بإصدار تلخيص لإتجاهات الرأي لما تم تداوله في اللقاء حول الأزمة الوطنية في السودان. وفي ختام الاجتماعات تم الاتفاق على عقد لقاء ثاني يسعى لأن يكون أكثر تحديدا في إقتراح سبل الخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد.

وتم اللقاء الثاني في الفترة من 22 إلى 24 سبتمبر الجاري، وهذه المرة إرتفع عدد المشاركين إلى خمسين مشاركا، مع إرتفاع ملحوظ في نسبة نشطاء منظمات المجتمع المدني السوداني، إضافة إلى مشاركة عدد من الخبراء السودانيين المنخرطين في في أنشطة مشتركة مع المجتمع الدولي. وكأنشطة مصاحبة للقاء، نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فعاليتين، الأولى ندوة بعنوان الأزمة الوطنية السودانية وإخفاقات حقبة ما بعد الإستقلال، والثانية حلقة نقاش حول كتاب ?إنفصال جنوب السودان: المخاطر والفرص?، الصادر من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وهو جهد مشترك لعدد من الكتاب والباحثين السودانيين والعرب.

وفي ختام اللقاء، توافق المشاركون على ضرورة تنظيم عدد من اللقاءات المتخصصة، يشارك فيها مختصون وأكاديميون، تبحث في قضايا البدائل في مجالات الإقتصاد، الصحة، التعليم، الثقافة، القانون والدستور?.وغير ذلك من القضايا المرتبطة بالأزمة الوطنية السودانية. كما أجمع المشاركون على إصدار نداء إلى أهل السودان، جاء فيه: ?متابعة للقاء التفاكري الأول الذي شارك فيه أربعون مثقفا ومفكرا سودانيا يمثلون أطيافا فكرية وسياسية عريضة، (في الفترة 26 ? 27 مايو 2102 م)، والذي توصلوا فيه إلى أن الأزمة الوطنية شاملة، وتستوجب حلول محيطة، انعقد اللقاء الثاني بحضور خمسين مثقفا ومفكرا ، في العاصمة القطرية الدوحة،( في الفترة 22 ? 24 سبتمبر 2102 م)، لمواصلة الحوار حول الأزمة الوطنية في السودان. وقد انتهى اللقاء بنداء موجه إلى الشعب السوداني كافة، على النحو الآتي:إقرارا بخطورة الأزمة الوطنية الراهنة التي تنذر بتفتيت الوطن وتقطيع أوصاله؛ وإدراكا للتشوهات في بناء الدولة السودانية منذ الاستقلال، والمظالم التي تراكمت عبر السنين، وتصاعدت لذروتها في العقدين الأخيرين، حيث أدت إلى انفصال الجنوب، وتواصل الحرب الأهلية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وتصاعد الاحتقان في الشرق وأماكن أخرى؛ وإدراكا لأن استمرار الحروب والمواجهات، وحدة الاستقطاب السياسي والإثني، والصراع بين المركز والأطراف، وتفاقم الأزمة الاقتصادية إلى مستوى فوق طاقة واحتمال المواطن، جميعها بمثابة مهددات خطيرة لكيان الوطن؛ واقتناعا بأن تجاربنا السابقة قد أثبتت أن الحلول الجزئية للأزمات، والتي لا يشارك في الوصول إليها المواطنون كافة، لن تقود، في أحسن الظروف، إلا إلى تهدئة مؤقتة، وأن الحل الشامل لن ينجزه سوى الجهد الذي تشارك في صنعه القوى الوطنية كافة ، دون إقصاء لأحد، والذي يتجه لمعالجة جذور الأزمة في شمولها؛ وإيمانا بأن الحلول الحربية لن تحل قضية سياسية، وأن السلام والستقرار لن يرسي دعائمه إلا الوفاق الوطني القائم على الحوار والتراضي والتنازلت المتبادلة؛ واقتناعا بأن الوطن لن يبنيه، ولن يعالج صراعاته، إلا أبناؤه وبناته، وأن الحلول الخارجية قصرت وستقصر دائما عن الإحاطة بمصالح البلاد كافة؛ عليه، ولما تقدم، ندعو الجميع للتوافق على حل شامل كالآتي:

أولا، عقد مؤتمر مائدة مستديرة، يشارك فيه الجميع، ولا يقصى منه أحدٌ، ويهدف للوصول لحل شامل للصراعات الوطنية القائمة، و يفضي إلى مخاطبة: 1- أسس بناء دولة المواطنة. 2- مبادئ السلام الشامل. 3- موجهات التحول الديمقراطي الحقيقي. 4- عناصر الأزمة االاقتصادية الراهنة، ومكافحة الفقر، والتصدي للقضايا المجتمعية الأخرى. 5- العلاقة مع دولة الجنوب.

ثانيا، بناء دولة المواطنة على أساس: 1- إعادة هيكلة الدولة بحيث تأخذ المناطق المتظلمة حقها كاملا على جميع الأصعدة. 2- احترام التنوع الثقافي، وتقنينه، وإحسان إدارته.

ثالثا، تحقيق السلام:1- الإيقاف الفوري لإطلاق النار في دارفور، وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق. 2- معالجة تبعات الحرب الدائرة من إغاثة للمتضررين، وإعادة لتوطين النازحين واللاجئين، وإعادة للبناء والتعمير لكل المناطق المتأثرة بالحرب. 3- إقرار مبدأ العدالة والمساءلة لتصفية تركة الماضي من مظالم وجرائم تاريخية في الدولة السودانية منذ الاستقلال، خلال فترة انتقالية محددة.

رابعا، التحول الديمقراطي:1- تأكيد مبدأ ديمقراطية الدولة السودانية، ومدنيتها، وفيدراليتها. 2- تأكيد سيادة حكم القانون، والفصل بين الحزب الحاكم والدولة، وبين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. 3- تأكيد التداول السلمي للسلطة وفق المعايير الدولية . 4- كفالة الحريات العامة والحقوق الأساسية. 5- ضمان حيدة وقومية الخدمة المدنية، والقوات النظامية، ومؤسسات الدولة كافة. 6- قيام الحكم على عقد اجتماعي يضمن حقوق الكافة، وعدم تغول أية مجموعة على حقوق المجموعات الأخرى. 7- التأكيد على ديمقراطية المنظمات الحزبية والمجتمعية.

خامسا، للوصول لمؤتمر المائدة المستديرة، ندعو إلى توافق الجميع على لجنة تسيير تجري اتصالاتها بجميع الأطراف، للاتفاق على حضور اللقاء الجامع، وأجندته، وسكرتاريته، وزمانه، ومكانه.? ? إنتهى ?

في اللقاء والفعاليات المصاحبة له، عبر المشاركون عن عدد من الأفكار والنقاط الهامة، الجديرة بالإهتمام والنقاش ومواصلة الحوار حولها. من هذه الافكار والنقاط:

مع ضرورة الإنتباه بخطل أن نحاكم رواد الإستقلال بمعايير اليوم، لا بد من الإشارة إلى أن الإستقلال وكأنه أختصر في السودنة وإحلال السوداني محل الموظف والحاكم الأجنبي.

القادة الذين خرجوا من رحم مؤتمر الخريجين، لم يذهبوا لبناء حركة جماهيرية قاعدية عبر العمل والمثابرة الصبورة الدؤوبة، وإنما هرعوا تجاه القوى الطائفية التي ستوفر لهم قاعدة جماهيرية جاهزة ورهن الإشارة حسب أوامر الزعيم الروحي للطائفة. هذا الخلل ترتب عليه خلل آخر هو الشعور عند هولاء القادة بعدم الحاجة إلى صياغة برامج تلبي مطالب وطموحات هذه القواعد. وبذات القدر أيضا إتجهت فئات أخرى، وبالأخص العقائدية، صوب القوات المسلحة لإختصار الطريق إلى السلطة، وترتب على ذلك ذات الخلل.

بعد الاستقلال، تبنى الحكم الوطني مشروع الإستعمار البريطاني الإقتصادي والذي يركز على البناء والتنمية في المثلت الواقع في وسط البلاد، مشروع الجزيرة والسكة حديد?الخ، على أساس إستخدام عائد مشاريع هذا المثلث لتنمية الأطراف ومناطق الهامش. وبالطبع فشل هذا المشروع وكان هذا الفشل من ضمن جذور أسباب تهميش هذه الأطراف وتناقضاتها مع المركز. وأشار الأستاذ محجوب محمد صالح إلى ملاحظة أن ذاك المثلث هو نفسه المعروف اليوم بمثلث حمدي.

تاريخيا، ومنذ الفونج، الدولة السودانية دولة ضرائبية تستغل الهامش، وهذا النسق موجود حتى اليوم. وفي هذا الصدد إستعار د. عبدالله علي إبراهيم عبارة الراحل د. عبدالله الطيب القائلة بأن الحكم الوطني هو (بعاتي) الإنجليز، ولكنه ينهض ليس في هيئته الأولى!

في السودان ظل الصراع يدور حول كراسي السلطة، وإنحصر هذا الصراع وسط مجموعات الوسط ولم يتم الإنتباه ألى صوت أبناء الهامش إلا بعد أن حملوا السلاح.

الاستعمار التركي كان ينهب خيرات البلد ولم يكن يفجر مواردها لخلق قيمة وعائد اقتصادي بهدف التنمية، لكن الأهم من ذلك أن نشاط الاستعمار ذاك كان يتم عبر وسطاء هم الجلابة.

أكتفي بهذه النقاط حول لقاء الدوحة، وآمل أن تثير مناقشة جادة في الطريق نحو التغير وحل الأزمة السودانية.

الميدان

تعليق واحد

  1. اشياء ونقاط تفاكورية ولكن يجب اضافة فصل الين عن الدولة قطعا, حتي نتفادي كل من هب ودب لاقحامنا بالفتاوي من عقولهم الجوفاء والتلاعب والسرقة لقوت الشعب باسم الدين.

  2. مؤتمرات ندوات تفاكر عمل لجان ورش عمل والدوحه كل يوم مستضيفه مفكرين مثقفين حول السودان وكيف يحكم السودان وما هى هويه السودان وتدافع وتزاحم من كل صوب وحدب الى قطر ومافى اى نتائج مقروءه او ملموسه نتجت من كل الظمليطه دى تخدم السودان وفى النهايه شاويش وعسكرى مسطول قاعدين يتبادلوا فى حدف القبائل بين حدود البلد الواحد كلعب العيال فى المديده الحاره مطلوب من الوطنين القعاد فى الواطى عشان نربى العيال البلعبوا بالنار العمرهم ما حسوا بالانتماء للاسره السودانيه الاصيله ولم يعرفوها من الاساس .

  3. (انحصر الصراع وسط مجموعات الوسط)
    سؤال … ما هو الوسط ؟؟؟؟ انحصر لصراع علي السلطة يا سيدي في مجموعة الشمال
    والوسط لفترات طويلة لم يمثل في الحكومات المتعاقبة … حتي عندما يقومون باشراك
    احد ابناء الوسط .. يبحثون عن من هو من أصول شمالية .. عنما نقول الوصط نقصد الجزيرة – النيل الابيض – سنار – فقد عانت هذه المناطق ايضا من التهميش والاستغلال …
    نرجو من جميع الباحثين استعمال الجمل الصحيحة عند الحديث عن مناطق السودان
    الوسط بري من كل الحكومات التي مرت علي البلد ولم تكن له يد فيها

  4. إنهـا محـاولة مشـبوهه لإيجـاد مخـرج آمـن لـعـصابة تجـار الـدين ، قطر دويلة موغـلة فـي التخـلف ، تحـكم بآلية عشائريه بدائيه ، لاتعـرف أو تعـترف بشـيئ إسـمه ديمقراطيه ، وفـاقد الشـيئ لايعـطيه .. نحـن لانتعـرض لـدويلة قطـر ( لـوجـه الصـعـلكه ) ولـكن هذه الدويلة القزمـيه الكرتونيه ، تطـرح نفسـهـا ك( مـعـامـل ) فـي معـادلة مسـرح السياسة الأقليميه ، والـدوليه .. وهـذا عـمل عـام ، وفي العمل الـعـام كمـا تقـول .. ايضا يجـب أن تسـمـع .
    مثقفاتية ( قطـيره ) يكفيهم خـزي وعـار .. أن مـن يترأس هـذه الجـوغـة هـو الطبال عـزمـي بشـارة ، وهـو عـنوان للجـدل المثير ، المشـبوه ، هـو خـليط مشـوه مـن مخابرات صهيونيه ، أمريكيه ، عـربيه جـاهـلة متخلفه ، هـذا اللقاء تفوح منه عـفونة روائح الزيت ، والـدم ، والغـاز ، وسيد الموقف هـو الدولار دون منازع .
    التغـيير آتي لاريبة فيه ، وسيصنـعـه الـغـبش الأشـاوس ، مـلح الأرض .. فـي ذكـري نكبة يونيو المشـئومه ، المـاضيه ، زلـزلـنا الأرض تحـت أقدامهم ، وفـي قـادم الأيام سـننظم صـفوفنا وسنظل نقاوم إلي أن ننتصـر ، كما سحقنا الطواغيت والطغاة فـي أكتوبر ، وابريل سـنسحق تجـار الدين ونجتثهم من علي وجه الارض ، ونقطع دابرهم ، مـرة وإلي الأبـد .
    لقد فشلت محادثات أديس أبابا فشـلا زريعـا .. وإسـتمرار لمسـلسل الإستهبال والإستـغفال والفهلوه ، يصـورون الأمـر للبسـطاء ، إنتصـار .. أي إنتصـار ، وأي نجـاح هـذا ؟؟؟ حتي لـم يتيحوا لنا فرصة للقول انهم لن يلتزموا بشيئ ، ولن ينفذوا شيئ ، هـي ريمـا البهيمه التي نعرفها ، ونعرف عـادتها القديمه ، وسبقوا المحادثات بالفاء شحنات من السـلاح لمعارض الجنوب ، وبشهادة قوات الأمم المتحـده التي تعـج بهـا البلاد ، وإنطبق عليهـا المثل السـوداني ( يبخـروا فيهـا وتظرط ).
    إنه يالضبط كمـريض بالسـرطـان ، يـعـطي حـبة إسـبرين .. مسـكن لثواني .. لـب المشـكل لـم يلامس حتي .. اس المشـكل هـو الحـدود المعقده والمتشابكه .. أطـول حـدود فـي قـارة أفريقيا بين دولتين .. عـلي إمتداد الفين ومأتين كيلو مـتر .. يحـتشـد حـولها ثلث سـكان ما كان يعـرف فـي قـديم الـزمـان ، سالف الـعـصر والأوآن ، وطـن كـان إسـمه السـودان .. وتعبر هـذه الحـدود السرمـديه نصـف الثروه الحـيوانيه ذهـابا وإيابا فـي رحـلة الخـريف والصـيف .. أس المشـكل هـو المناطق المتنازع عليهـا ، ومـا أدراك ما المناطـق المتنازع عليهـا ؟؟؟ .
    هـذه العصابة إتخـذت من ما بقي من دويله تعيسـه بائسـه ، ومافضـل من سقط مواطن ، دروع بشـريه تحتمـي بهـم من مطاردة العـالم لهم ..إنهـا مسألة حـياة أو مـوت لهم ، .. ايضا نحن معشر الجوعي التعساء ، الشعب الفضل هـي مسألة حـياة أومـوت ..إذا بقيت هـذه العصابة الضالة المارقه هـو الموت الزؤام البطيئ .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..