تقاليد طارئة على طقوس نساء الكويت في العزاء

عادات المرأة الكويتية في أداء واجب العزاء كادت تكون ثابتة منذ عقود إلى أن طرأت عليها في العقد الأخير تغييرات كثيرة.
التكنولوجيا وراء التحولات العديدة
الكويت – يلوّن حدث العزاء حياة الأفراد باللون الأسود الحزين ويلحق بتلك القتامة اتشاح اصحاب العزاء والاقارب والأصدقاء من النساء تحديدا بذلك اللون الذي يرمز له في هذا الموقف، التزام الكويتيات بارتداء العباءة السوداء التقليدية.
وشهدت طقوس العزاء المتوارثة من الجدات والأمهات استمرارا جيلا بعد آخر. وكادت تكون ثابتة مدة طويلة من الزمن الى ان طرأت عليها في السنوات العشر الأخيرة بعض التغييرات الواضحة للعيان وفق ما تصفه بعض المؤرخات والاعلاميات.
وقالت المؤرخة والإعلامية غنيمة الفهد لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن التحول في عادة العزاء جزء من سنة الحياة، الا ان اختصار مدة عزاء النساء خلال السنوات الأخيرة الى ثلاثة ايام رسميا كما هو معمول عند الرجال، يعد التغيير الأفضل والتحول الكبير الذي اسهمت به وسائل التكنولوجيا.
واضافت “في الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين لم يكن جميع الأقارب والاهل يعرفون بخبر وفاة احد افراد العائلة لأسباب عدة منها عدم وجود وسائل اعلام وعدم توفر الهواتف وبعد المسافات وندرة وسائل النقل”.
وذكرت ان عددا قليلا فقط من العائلات الكويتية في ذلك الوقت، كانت تمتلك سيارات خاصة، كما ان مساكن العائلات كانت منتشرة على رقعة واسعة، وفيما تسكن عائلات قبلة وشرق والمرقاب تسكن عائلات اخرى الفنطاس والأحمدي وبوحليفة وهى تبعد عن بعض عشرات الكيلومترات.
واوضحت انه لذلك كانت ابواب اصحاب العزاء سابقا مفتوحة مدة طويلة قد تبلغ 15 يوما، واكثر بسبب توافد المعزيات من اماكن متفرقة مع ما يصاحب ذلك من ارهاق للعائلة المتوفى احد افرادها والتكلفة المادية الكبيرة نظير استضافتها للمعزيات اللواتي يضطررن للإقامة عدة ايام لصعوبة العودة.
وقالت الفهد ان فترة العدة التي تلتزم بها المرأة التي فقدت زوجها استمرت كما هي عليه التزاما بإحكام الشرع وهي أربعة اشهر وعشرة ايام الا ان الظروف المحيطة بالعدة تغيرت كثيرا للأفضل حيث كانت ايام العدة بطيئة ومؤلمة وتحيط بالمرأة الأرملة حبيسة المنزل لتنفيذ المدة الشرعية هالة من الوجع والانكسار نتيجة فقدان الزوج واضطرارها للتعامل مع أعباء الحياة ومواجهة المسؤولية وعدم قدرتها على الخروج.
واضافت انه في الوقت الحالي نجد ان ظروف العدة تحسنت كثيرا ولم تعد الأرملة على النحو الضعيف الذى كانت عليه بانتظار مساعدة من الاخ او الاخت او الأقرباء لوجود من يعاون في المنزل من خادمة وسائق مبينة ان السائق صار يفي بالقيام بدور رب المنزل من جهة توفير الاحتياجات اليومية من المواد الغذائية وتوصيل الأولاد الى المدارس وتصليح بعض الامور في المنزل كالكهرباء والماء.
من جانبها قالت الاعلامية عائشة اليحيى ان هناك ظواهر اجتماعية سلبية طرأت على بعض العائلات في الكويت عند حدوث وفاة في العائلة ومنها تصدع العلاقات الاجتماعية خلال وقت العزاء واضطرار المعزيات للذهاب الى اكثر من بيت لتقديم واجب العزاء بسبب وجود الخلافات والقطيعة، مبينة ان ذلك امر لم تعتد عليه البيوت الكويتية المحافظة في الماضي ويدخل في اطار العيب.
وأضافت أن الخلافات القائمة عند بعض العائلات لم تعد تذيبها المصائب التي تصل الى حد الوفاة، بل إنها تشتد اكثر عند البدء في اجراءات حصر الورثة دون مراعاة لاحترام قدسية العائلة او ذكرى الفقيد.
واستنكرت اليحيى اصطحاب الأمهات الشابات لبناتهن صغيرات السن للعزاء لعدم جدوى ذلك، مضيفة انه على الرغم من التزام النساء الكويتيات بارتداء العباءة حتى الآن خلال العزاء، فإن عتبا يقع على تلك النوعية من الأمهات اللواتي يسمحن لبناتهن صغيرات السن بارتداء العبايات المزركشة.
وذكرت ان التساهل في ارخاء العباءة الى الكتف بدلا من وضعها على الرأس “استخفاف بالمصاب الأليم” وان طريقة تصفيف شعر الشابات الصغيرات يجعلهن في مظهر اقرب لمناسبة فرح منها لموقف حزن، داعية الامهات الى إلزام بناتهن باتباع العادات بما يليق مع ظروف العزاء وحثهن على عدم ارتداء المجوهرات والأحذية البراقة او متابعة الهواتف الجوالة اثناء العزاء.
وعن وجود عدد كبير من الاصدقاء والمقربين والمعارف يوميا في العزاء، وعلى فترتين صباحية ومسائية، قالت اليحيى ان وجودهم امر تفرضه الضرورة والتقاليد للمشاركة في تلقي العزاء، داعية المعزيات الاخريات الى اداء الواجب والانصراف بسرعة لتفادي الازدحام والإرباك والحد من الثرثرة وتجاذب اطراف الحديث.
وردا على سؤال عن استمرار عادة تحمل الأهل واجب توفير وجبة الغداء لأصحاب العزاء خلال الايام الثلاثة، اعتبرت انها عادة كويتية قديمة وجميلة لكنها لا تتماشى مع ايامنا الحالية لما ينطوي عليه الأمر من تفاخر وتنافس.
ميدل ايست أونلاين