توقيت الحزن الأعظم

قرنفلة للخروج

لا شيء غير الحزن، ولا ملمح سوى مواكب من الوجع المحتشد تتكوم في أعماق الذاكرة السودانية، ولا مكان للسلوى إلا في الذكرى. ويظل التاريخ 17/ يناير من كل عام ميقاتاً للحزن وإدماء الوجدان السوداني.

ولا يختلف أن هذا التاريخ لم يكن قط يوم سعد للشعب السوداني، الذي يؤمن حد الاقتناع أنه يوم وجع، فقد فيه الوطن اثنين من أساطير ثقافته، وأعظم مغنيين بجماهيرية عالية في البلاد طوال تاريخها الموسيقي والغنائي الممتد لقرون.

وما بين عام 1996م وما بعده بستة عشر عاماً 2012م، تكمن محنة الشعب السوداني الغنائية، وفقده الغنائي الجلل ومصاب الفنون العظيم.

قرنفلة ثانية

مصطفى سيد أحمد استطاع خلال سنوات عمره أن يشكل أنموذجاً للفنان الذي مد بوعيه وفكره قبل صوته وموسيقاه “سحابات” السعد العام وسط الناس، وظل لسنين طوال يوزع الفرح المعبأ في أغنياته على الفقراء والمهمشين، ضارباً مثالاً نادراً جداً في الذوبان بين هموم المجتمع لدرجة التلاشي بسبب المرض والأوجاع.

ومصطفى كان وسيظل رمزاً نضالياً يصعب إسقاطه، أو التقليل من إساهمه الكبير في الحركة الغنائية السودانية وتتويج نفسه بإنشاء مدرسة خاصة ومختلفة، وطنت لمدراس أخرى في الغناء والشعر والتمثيل وحتى الفن التشكيلي. والدليل على أن ود المقبول رمز وطني وشعبي هو صموده الطويل برغم مماته منذ قرابة الربع قرن أمام كل المحاولات التي هدفت إلى وصمه بالميولات اليسارية، وخطب التكفير التي قيلت عن شخصه ومحاولة البعض تبخيس تجربته.

أما محمود عبد العزيز فقد كان نموذجا آخر في ذات المشروع الإنساني للمغني الذي يحدث الإضافة، واستطاع خلال سنوات تجربته القصيرة أن يصنع الفارق الكبير تجاه المغني الفكرة والذي يصب في خانة الرسالة الجمالية للفنون.

وكون في فترة قليلة جماهيرية لا يمكن وصفها إلا بالخرافية والعالية، جماهيريته التي أثارت جدلا كثيفا بعد مماته، منهم من استخسر عليها الحزن والوجع، مسقطا عليها وصمات وصفات لا تتناسب ووفائها لمحبوبها الأول، وإن كانت هناك بعض الهنات والتصرفات التي حسبت عليهم من بعض رجالات الدين الذين حشروهم في أحكام وتشريعات بعضها كان ظالماً، وها هي جماهيره تتسلم الراية بعد رحيله وتتمسك بخدمة الفقراء والمساكين، الذين كان الراحل منحازاً إليهم ومتعاطفاً معهم وداعماً حقيقياً لهم.

قرنفلة للخروج

مداك إتعدى حد الشوف

دخلت على الشعر إنسان

هواك إتخت جوه الجوف

وإنتحر النهار هسه

التغيير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..