الدخول إلى هذا المقال على مسؤولية القارئ

عبد المنعم سليمان

في قصة (بلد العميان)، يحدثنا الكاتب (هـ . ج . ويلز) عن مرض غريب انتشر بين جماعة تعيش في قرية بجبال الإنديز نائية ومعزولة عن العالم ، فأصابهم بالعمى ، ومنذ تلك اللحظة انقطعت صلتهم بالخارج ، ولم يغادروا قريتهم قط ، تكيفوا مع العمى وأنجبوا أبناء عُميان جيل بعد جيل ، حتى أصبح كل سكان القرية من العميان ، ولم يكن بينهم مبصر واحد.
وذات يوم وبينما كان متسلق الجبال (نيونز) يمارس هوايته انزلقت قدمه فسقط من أعلى القمة إلى القرية ، لم يُصب الرجل بأذى إذ سقط على عروش أشجار القرية الثلجية ، أول ملاحظة له كانت أن البيوت لم تكن بها نوافذ وأن جدرانها مطلية بالوأن صارخة وبطريقة فوضوية ، فحدث نفسه قائلاً : لا بُد أن الذي بنى هذه البيوت شخص أعمى .
وعندما توغل إلى وسط القرية بدأ في مناداة الناس ، فلاحظ أنهم بمرون بالقرب منه ، ولا أحد يلتفت إليه ، هنا عرف أنه في (بلد العُميان) فذهب إلى مجموعة وبدأ يعرف بنفسه ؟ من هو ؟ وماهي الظروف التي أوصلته إلى قريتهم ، وكيف أن الناس في بلده (يبصرون) ، وما أن نطق بهذه الكلمة بدأت المشكلة وانهالت عليه الأسئلة : ما معنى يبصرون ؟ وكيف وبأي طريقة يبصر الناس ؟ سخر القوم منه وبدأوا يقهقهون ، بل ووصلوا إلى أبعد من ذلك حين اتهموه بالجنون ، وقرر بعضهم إزالة عيون (نيونز) فقد اعتبروها مصدر هذيانه وجنونه .
لم ينجح بطل القصة (نيونز) في شرح معنى البصر، وكيف يفهم من لا يبصر معنى البصر؟ فهرب قبل أن يقتلعوا عينيه وهو يتساءل كيف يصبح العمى صحيحاً بينما البصر مرضاً ؟
ومن يزور السودان هذه الأيام عليه أن يضع عصابة سوداء على عينيه ، وأن يلغي عقله ويقتل ضميره ، فكل شيئ في البلد الكارثة أصبح يُصيب بالجنون والمرض ، فما عليك إلا أن تعمى وتتعايش مع هذه الأوضاع المختلة كأمور عادية ، فلا حياة هناك لمبصر وصاحب ضمير ، ينبغي عليك لتعيش ، أن تلغي نظرك وترى بأعين الآخرين ، فبعد خمسة وعشرون سنة من حكم (التقاة الصالحين) أصبح العمى وموت الضمير شرطاً من شروطا المواطنة في بلادنا .
قبل أسبوع أعلنت وزارة التربية والتعليم والهيئة النقابية لعمال التعليم بولاية الخرطوم عن وجود حالات جنون وأمراض النفسية وسط المعلمين ، وان الوزارة بدأت في إجراءات حصر وسط المرضى (الأساتذة) ! ونفت الوزارة أي علاقة لـ (الجنون) المٌكتشف بالبيئة الدراسية !
وبعيداً عن الضغوط المعيشية والعصبية وسياسة القتل والقهر والتعذيب التي يعيشها أهلنا، وكلها أشياء تسمم البدن وتذهب العقل . إلاّ أن قصة المعلمين التي تحدثت عنها نقابة أولئك المعلمين تعتبر أنموذجاً حقيقياً لما آلت إليه الأوضاع في ( بلد العميان).
دعوني احكي لكم قصة المعلمين الثلاثة الذين اتهمتهم الوزارة بالجنون وطفقت (النقابة) تردد هذا الإتهام خلفها ، هؤلاء عزيزي القارئ ثلاثة معلمين يعملون بمدراس محلية كرري بأم درمان ، كل مشكلتهم أنهم قد رأوا في اكتظاظ الفصول (195) في فصل دراسي واحد ، أمر ضد العملية التربوية والتعليمية وضد الدين والأخلاق وحقوق الطفل والإنسان ، فحتى الحيوانات لا تُحشر في أقفاصها مع هذا العدد الكبير ، وسجون العالم لا تضع (195) في عنبر واحد في ظروف مناخية أفضل بكثير من طقس السودان الخانق والقاسي!
تذمر المعلمون الثلاثة وقدموا مذكرات عديدة مشيرين فيها إلى أن الأمر سيؤثر على طاقة الطلاب البدنية والذهنية والنفسية وعلى مستواهم الأكاديمي ، ولما لم يُجب على طلبهم اعتزلوا التدريس ، ورفضوا دخول الفصول ، فكان أن إتهموا بالذهول والجنون ! لأن الوزارة ترى في حشر (195) طالب في فصل دراسي ، عين العقل والصواب ، وأن كل من يتذمر أو يتأفف من الأمر ويرفضة ، فهو بلا شك فاقد للأهلية والعقل ! ألسنا في بلد (العُميان والسُجمان) عزيزي القارئ ؟
تبقت نصيحة مني لك عزيزي القاري بخارج السودان ، أقدمها لوجه الله تعالى ? لا أريد إزائها جزاء ولا شكورا ? نصيحتي أنه حال قررت العودة إلى السودان يجب أن تنسى إنك إنسان بعقل وقلب وعينان ، إلغ حواسك كلها في الطائرة قبل أن تأمرك المضيفة بربط الحزام ، ثم اقلع صحبتك السلامة إلى بلدك ( بلد العميان) ، ولا أعرف لماذا لا تكتب هيئة الطيران المدني على مدخل القادمين إلى مطارالخرطوم عبارة : (الدخول إلى البلاد على مسؤولية صاحبه).
[email][email protected][/email] حريات

تعليق واحد

  1. الاخ العزيز
    في مدرسه في السعوديه ابتدائيه به 120 طالب موزعين على 6 فصول وكل فصل به 2 مكيف وبروجكتر والاستاذ امامه كمبيوتر وانترنت ما شاء الله

  2. اوجزت و اوفيت و شر البليه ما يضحك.

    هم بنو كوز اعضاء حزب المؤتمر الوثنى ومجلس النوام تجار الدين جونا بثورة الانقاص الوطنى هل درسوا فى بيئه مثل هذه و للا هسى اولادهم بيقروهم فى مثل هذه مدارس نحن شعب لنا الله و نستاااااااااااهل البيحصل لينا ده.

  3. اصدقك القول اخي الكاتب وقد حدث ذلك معي بالضبط في حدث واقعي وحقيقي!!! سبق ان كنت مسافر على طاءرة الخطوط الجوية السودانية من مطار العين بابوظبي الى الخرطوم وبعد انتظار طال كل اليوم دون معرفة زمن وصول الطاءرة فاجاتنا بالوصول وعلى متنها تنوء بعددكبير من الركاب والعفش يفوق حمولتها القانونية وطلبوا الصعود للطاءرة وسط دهشة سلطات المطار!!! ونحن على هذا الحال اذ صعد الينا ضباط امن النقل الجوي وموظفي المطار في وجود مندوب سودانير بيننا وقالوا لنا بالحرف الواحد اذا كنتم حريصين على سلامتكم لا تصعدوا للطاءرة وان السفر على هذه الطاءرة مسءولية المسافر!!!!

  4. فعلا واقعنا ولكن جميعنا نعرف من تسبب بهذا الجنون والعمي لكن دوام الحال من المحال فالشوارع لاتخون

  5. الشعب يريد اسقاط النظام
    الشعب يريد اسقاط النظام
    الشعب يريد اسقاط النظام
    الشعب يريد اسقاط النظام
    الشعب يريد اسقاط النظام
    الشعب يريد اسقاط النظام
    الشعب يريد اسقاط النظام
    الشعب يريد اسقاط النظام

  6. صدقت اخي عبد المنعم فقد تحولنا الى عميان وصم وبكم ونستحق ما حدث لنا بسبب صمتنا الدائم والابدي

  7. الاستاذ المناضل منعم عطرون متعك الله بكامل الصحه حقيقه المقال يثير في النفسي الاسي لمصير اجيال كامله لا ذنب لهم سوي انهم ولدوا في دوله الخلافه الرساليه في راي هذه منهجيه لتدمير الذات الانسانيه يريدون اجيالا خاويه عقولهم اجيالا لا تناكفهم وتسبب لهم الرهق الذهني. هذه هي مرتكزات ثوره التعليم العالي التي يتشدقون بها ويقيني انها ثوره التدمير الانقاذي!!

  8. ان اوجه سؤال لكاتب المقال ولمن يمرون على هذا المقال . اين الحل ؟؟؟ وكيف ومتى ؟؟ اليست هذه بلدنا ونحن اصحابها ؟؟؟ تعالوا نفكر بصوت مسموع ونتحاور من اجل الوصول للحل . انا شخصيا لا انتمي لاي جهة سياسية ولاحصل واعتقد ان الكثيرين مثلي لاينتمون فعل هذا يجدي ؟؟؟ افتحوا لنا موقع ندخل ونفكر بصوت مسموع مع بعض وان شاء الله سوف نصل لحل . اتمنى ذلك وأنا جاهز ومنتظر منكم البداية .ولكم تحياتي ,أخوكم / ابو محمد .

  9. الاستاذ Wad-Andooka

    كاتب المقال هو عبد المنعم سليمان مدير تحرير صحيفة حريات وليس منعم عطرون الكاتب العنصري صاحب نظرية شبق نساء الشمال .
    للعلم

  10. والله أخي مقالك في الصميم انا شخصيا عملت مدرس في مدرسة ثانويةحكومية بالخرطوم وكانت لدينا ظروف البيئة مترضيا للغاية وبالرقم من ان المدرسة قريبة من بيوت كبار المسؤلون لا يوج بها مراوح للتهوية الامر الذي جعل الطلاب لا يستوعبون اثنا قيام الحصة مما تسبب في تدني درجات التحصيل الأكاديمي ولكن نتمنى ان ينصلح الحال

  11. الشكر والتقدير والإحترام أولاً للزملاء المحترمين بصحيفة (الراكوبة)وهم يساعدون في نشر مقالاتنا بهذا الشكل الجميل ، وحقيقة أقدم لهم خالص إمتناني وإحترامي ، فقلة من الناس في هذا الزمن (الوسواس)يتحررون من مرض المنافسة الخبيث الذي إجتاح المواقع والبشر والحجر في بلادنا .
    أكرر شكري وتقديري للراكوبة .
    دخلت لأرد على القارئ عبيد الله وأشد على يداه وذلك بعد أن نبهني أحد الأصدقاء على تعليقه هنا بالراكوبة ، وحقيقة إلتمست الصدق والوطنية في التعليق ، وأضم رأيي مع رأيه وأقول يجب أن يكون هناك منبر للشباب يتحاورون فيه ويوصلون صوتهم عبره ، فالشباب هم وقود الثورة وعمادها .
    وللأخ wad andoka أقول .. تحياتي يا عزيزي وتقديري : عبد المنعم سليمان عطرون أخ وصديق يناضل بطريقته وأكن له كل تقدير وإحترام ولكني عبد المنعم سليمان محمد . لذا لزم التصحيح .
    لكم جميعاً تقديري وإحترامي
    عبد المنعم سليمان
    (حريات)

  12. عموما الشعب السوداني يستاهل كل الحاصل فيهو
    ما داير يكلف نفسه ويتطلع الشارع يقول: لا

  13. هذادق وصف للوضع فى السودان…. و كلنا اولئك العميان ربنا يشفينا و يرفع عننا هذا البلاء…. شكرا استاذ عبد المنعم سليمان

  14. يا اخ عبد المنعم ،نحن لو ما مجانين وعميانين وطرش وبكم كان حكمتنا العصابة دي 25 سنة
    وبعدين المضحك والمبكي (رئيسنا) الهمام ،ترك بلاويه العاملها وصانعها بالحروب والقتل والتعذيب
    قال أيه ……: يدعو امير الكويت بالتوسط بين دول الخليج !!!!!!!!!!،نحن مجانين وحكومتنا فاقدة الوعي ،و(رئيسنا) غايتو خلوه (يلت ويعجن).زهجتونا من الجداد ذاتو !!!!!!

  15. اولا احي كاتب المقال علي البوصف الدقيق لحالتنا التي لا تحتاج لكثير جهد حتي تفهم ولو بالقارئ صمم وغباء موروث هذا النظام منذ ان سطا علي السلطه في ليل بهيم كانت اولي الاوليات هدم التعليم حتي يتيح له انتاج جيل اشبه بالفاقد التربوي يستطيع من خلاله ان يمرر اكاذيبه ونفاقه والوضع الراهن يبرهن ذلك بمعني كل الجيل الذي حظي بتعليم ذات مستوي اكاديمي مميز اثر مغادره البلاد بدل ان يتعايش مع نظام سعي لقتل اهم ما يملك هذا الشعب وهو العلم اذا لا تستغرب اخي ان اكتشفت يوما بأن الانديز المقصوده هي الخرطوم اللهم عجل بهلاكهم يا ارحم الراحمين

  16. من يتهيب صعود الجبال
    يعش ابد الدهر بين الحفر
    نستاهل في السودان الذل والهوان
    لأننا نخاف الموت في سبيل الحرية والكرامة
    وعشنا علي وهم اننا الشعب العظيم معلم الشعوب
    الثورات والنضال ضد الظلم
    ولكن ليس الفتي من يقول كان ابي
    لكن الفتي من يقول ها انا

  17. يستاهلو يجنو وهم لو جونى وقعدو فى سهلتى بمهلة كنت رتبت لهم راسهم وواصلو نحن فى حزب السودانيين فاهمين الشغلة والاكتظاظ فى المدراس سببه الافندية وناس الجبهة الثورية ولو ما حروباتهم المدورنه ديل ما كان ح يكون فى مدافرة مع انو المدافره ما كعبة بتخلى الشافع مدردح وشفت وجماعتنا لما عملو السلم تمانى سنوات لقو الكبار احسن يجربو فحولتهم فى الصغار ومن دقنه فتلو وبعدين مناهجنا عملناها عشان المسيرة القاصده وخليناهم يحفظو الرياضيات ونسونا لهم التعليم عشان يطلعو حنينين وما يفلعونا فى المظاهرات
    من الهدايا انا اتفقت مع مع ناس الطائر الذى لايهدا ان يرعو قناتى الباذخة بحبة مليارات وانا صاحب القدح المعلى فى الحركة قام واحد ود حرام لخبط لى الكيمان وطرشق الشغلانة حسسسسسسسسسسسسسادة ساكت …………….وتصبحون على خير

  18. لك التحية اخ عبدالمنعم.. ومن زاوية اخري فان… العميان…الصم,,,البكم,,,الذين لايفقهون ينطبق على اهل النظام تماما

    ** عمي عن الحق..عميان عن مصلحة الوطن,, والسراط الذي يؤدي الى تقدم السودان,, لا يرون معاناة المواطن
    ** صم,, لا يستمعون الى صوت الشعب.. لا يسمعون أنات اليتامي والارامل,, الجوعى.. المرضى
    ** بكم.. لايومئون ولا يأشرون ولا يتناجون فيما بينهم الا في اعمال الشر…
    ** هم حقا لايفقهون شيئا … لا في اعمال الدنيا,,, ولا اعمال الاخرة

    ********* وبعد ده كلو… تجدهم لئيمين وقليلين أدب.. ومتعنطزين…***

  19. ظروف البيئة مترضيا للغاية وبالرقم من …. لايوج اثناء قيام الحصة”
    التقوم قيامتك يا “اسطاظ” محمد
    اكتب 100 مرة متردية
    و200 بالرغم
    انت ذاتك محتاج لدروس عصر

    الهاج ماجدا سوارا امير امراء الهوسا والفولانى بالسودان
    دباب ووزير سابق وسفير مركون مرشح لخلف ابوشحيمات حريمية كرار التهامى فى جهاز لبع المغتربين ///// الله يجازي شيطانك يا هاجا سوارا والله خليتني أموت من الضحك ) وهذه هي ثورة التعليم التي أعلنها بشة وتفاخر بها أمس من بورسودان / بس أنا الخايفة منو شديد أمير الدبابين العاوز يمسك ( جهاز بلع المغتربين ) وح يزعمط باقي ريشهم الفضل

  20. كﻻم مجانين وانك كاتب مجنون في بلد العميان فاالحل ان يوخذ قمك وتخرم به عينك لتصبح كجماعه المشروع الحضاري

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..