وزارة متسولة

وزارة مكلومة
غريب امر وزارة الارشاد والاوقاف تشكو الفقر والبؤس والحرمان .. معلومات وحقائق صادمة نثرها الوزير المكلف بأمر الارشاد والوقاف نزار الشيخ الجيلي المكاشفي امام منضدة اللجنة البرلمانية المختصة بالشؤون الاجتماعية بالمجلس الوطني، وتحدث الشيخ نزار باشفاق وأسى على وزارته وكأنه يستنجد بهؤلاء النواب لاعانته لاخراج هذه الوزارة من دائرة الفقر الى وزارة مستورة الحال. ويبدو ان الوزير المكلف اراد ان يبعث برسائله في عدة اتجاهات علها تقيل عثرة وزارته وتخرجها من دائرة العجز والتقصير، فهي بحسب رؤيته لا تملك حق التسيير، وبالتالي فإن امر الدعوة والارشاد فيها مختل تماماً وبلا حراك، فالمساجد خارج دائرة المسؤولية المباشرة لوزارته، اما الائمة والدعاة فما يتعاطونه من اجر لا يرتقي او لا يكافئ الحد الادنى مما يجب ان يمنح لهم من مرتبات او اعانات، ولو اننا حاولنا مقايسة هذا الواقع الذي تعانيه وزارة الارشاد والاوقاف بكل مرارة او يعانيه كذلك الدعاة وائمة المساجد الآن مع مطلوبات والتزامات المشروع الاسلامي الكلي للحكومة، فإننا سنجد بوناً شاسعاً وتناقضاً كبيراً لا يمكن تبريره بين الفعل والشعار والحق والباطل، ولكننا نرى ونشاهد مسلسلاً بلا نهاية يتحدث عن فساد، وهدراً في حقوق واموال اوقاف السودان بالمملكة العربية السعودية، ولكن أسوأ ما في هذه القضية ان وزارة الاوقاف يبدو انها بلا سلطان على الاوقاف منذ عام 2008م، فظلت هكذا مرتعا خصباً للنهب والفساد والمفسدين. فهذا هو واقع وزارة الارشاد، بل واكثر من ذلك اذا بحثنا رسالتها القاصدة في ظل دولة جاءت بمشروع ومفاهيم اسلامية، فهي إذن تتراجع عن امر الارشاد والدعوة والتوجيه والنهي عن المنكر ورعاية الحق العام.. وهنا فقط يمكننا ان نتساءل بكل صراحة ان كان كل ذلك كذلك فهل هذه الوزارة جانية ام مجني عليها؟!
نفرة لأجل اليتامى
مجموعة خيرية من أبناء السودان بالمملكة العربية السعودية تنشط الآن وبشكل كثيف لقيادة مشروع انساني كبير يعني بخدمة قضايا الايتام على مستوى السودان، حيث نضجت الفكرة وتبلورت تماماً عبر نفر كريم من السودانيين بمكة المكرمة، بعد ان قادوا حراكاً وتواصلاً مستمراً شهدته لقاءات ومنتديات السودانيين بالمملكة العربية السعودية، ويوازي هذا الحراك حراك آخر داخل السودان يصب جميعه في خدمة فكرة تأسيس تجمع سوداني بالمهجر لخدمة الايتام بالسودان، خاصة ان التقارير الرسمية تشير الى ان قوائم واحصاءات الايتام بالسودان تستدعي نفرة الأمة الإسلامية ومجتمعاتها وشعوبها للايفاء بحقوق اليتامى، تأميناً لمعايشهم وصحتهم وتعليمهم وكل قضاياهم الأخرى.
وبحسب المتابعات لهذا المشروع فإنه من المتوقع ان يلتئم اليوم الإثنين اجتماع مهم بالخرطوم لمناقشة كيفية الانطلاق من تسجيل رسمي لهذا الكيان باسم «جمعية زول في البلد الامين» ضمن منظومة مفوضية العمل الطوعي بالسودان، ووضع الهياكل وتحديد الوسائل والادوات والبرامج والمشروعات، وربما القيام بجولات ميدانية لمراكز متخصصة بانشطة الايتام، وقد وصل امس الاول وفد رفيع من اعضاء الجمعية على رأسه الاستاذ ابو القاسم محمد نور احد ابرز السودانيين الناشطين في العمل الطوعي والانساني بمنطقة مكة المكرمة في هذا الخصوص، وتفيد المتابعات بأن هذا المشروع وجد الاهتمام والرعاية من السودانيين بالمملكة، كما تقف معه مجموعات كبيرة من الخيرين السعوديين، فيما حصلت هذه الجمعية على كميات كبيرة من المعينات اللوجستية إلى جانب الدعم المالي. ومن المتوقع ان يحدث هذا المشروع الانساني تجاوباً كبيراً مع قضايا واحتياجات الايتام في السودان علماً بأن الاجتماع التأسيسي ربما تحضره شخصيات مهمة ورفيعة لها حضورها واسهاماتها وفكرها على المستوى العام.
أحزاب للتقسيم «والدمج»
للإنقاذ رصيد وافر من التجارب والسوابق في تعاملها مع القوى الحزبية السودانية، منذ ان ابطلت مفعول هذه الاحزاب واغلقت دورها وجمدت انشطتها وضيقت عليها الخناق عبر مرسوم جمهوري صدر بنفس ثوري في الاسابيع الاولى للانقاذ، ووقتها كانت «الثورة» في عنفوانها وهيبتها، وامتدت المسيرة والانقاذ تعافر وتهرول حتى تنال مبتغاها سلطة وتمكيناً في كل مفاصل الدولة السودانية، ولكن حينما أرادت الحكومة ان تفتح نافذة ليشاركها الآخرون في سلطانها ارتضت مبدأ التعدد في الممارسة السياسية بحثاً عن شرعية دستورية، فبسطت يديها واستقطعت من اراضيها رقعة حتى تتحرك فيها الاحزاب وفق شراكات ثنائية، ولكن بعد ان اعملت فيها الانقاذ تقسيماً وتفتيتاً وتشظياً، فتبددت ارادة وقوة هذه الاحزاب الى تكوينات ومجموعات صغيرة اطلق عليها البعض تهكما «أطفال الانابيب» او احزاب الديكور والكمبارس، والآن يبدو ان الحكومة اكملت كل سيناريوهاتها وتكتيكاتها السياسية عبر هذه الاحزاب المنقسمة على ذاتها.. فكان التفكير في اعادة دمج هذه الاحزاب مرة اخرى في كتل محدودة العدد والعتاد، وذلك عبر مقترح برز بالأمس من داخل لجنة الحريات بالحوار الوطني التي يرأسها مولانا عبيد حاج علي، والفكرة ذاتها ربما ترمي في مقاصدها الأساسية الى تقليص كل هذا الزخم الحزبي وتحجيمه حتى يسهل ضبطه والصرف عليه، اما الغاية الاسمى قد تكون في تقليل نصيب هذه القوى الحزبية في قسمة «الكيكة» القادمة، فقد نضجت تماماً طبخة «الحكومة الانتقالية» وربما تبقت فقط عملية التقسيم والحظوظ لدى كل المتحاورين، وهنا تتجلى قيمة «الدمج» لهذه الأحزاب.
التجربة القطرية
لعل من ثمار سياسة الانفتاح الخارجي على منظومة دول الخليج، انها اسعدت الكثير من المجموعات السودانية على الصعيد الداخلي وحتي الخارجي، فالشقيقة قطر مثلاً الراعي الاساسي لسلام دارفور وصانعة وثيقة الدوحة اسهمت كثيراً في اصلاح بعض ما خلفته حرائق دارفور ومازالت الدوحة وفية بوعدها للسودانيين، وسعت كثيراً الى نقل تجاربها الى بلادنا في مجال الحكم الرشيد والبناء المؤسسي لمكونات الدولة واحكام القانون وتطبيق الشفافية بما يحفظ الحق العام، وهكذا بنت الشقيقة قطر مجدها وحضارتها واحتلت موقعها تماماً مع الكبار كدولة لها قرارها ووضعها على المستوى الدولي.. وبالأمس وصل النائب العام القطري علي بن فطيس المري إلى الخرطوم، والزيارة تصب في ماعون تجربة دولة قطر في مجال الشفافية ومحاربة الفساد وسيادة حكم القانون، خاصة ان النائب العام القطري سيلتقي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ووزير العدل، وأبرز ما هذه الزيارة أنه سيتم التوقيع على اتفاقية كرسي الشيخ تميم بن حمد لمكافحة الفساد، وذلك بمقر جامعة النيلين، وحتى لا تنتهي هذه الزيارة بانتهاء مراسم التوقيع والاحتفاء، فإن الحكومة السودانية مطالبة باستيعاب التجربة القطرية في ممارسة الشفافية وسيادة حكم القانون صوناً وحفظاً للحق العام، وهذا يتطلب من منظمة الشفافية السودانية الاستفادة القصوى من هذه التجربة ومحاولة نقلها إلى الواقع السوداني الذي يعاني بشكل حاد من استشراء ظاهرة الفساد. وسيحاول المسؤول القطري الوقوف على نماذج وتجارب سودانية، ويزور ولايتي الشمالية وسنار.. فليت بلادنا تجني ثمار الزيارة وتقتفي أثر التجارب الناجحة، خاصة إذا كانت هذه التجربة قطرية الهوى، فبلادنا على عاتقها دين ثقيل من الإخوة القطريين.
صحيفة الانتباهة