رئيس الجمهورية وطلب التحلل لحكومته

أسماء عبداللطيف

أعترف في البدء أنني لم أتابع هذا الخطاب العجيب لرئيس الجمهورية , وهو يقف أمام الناس وينادي فيهم بأعلى صوته : إننا لا نريد أن نأتي يوم القيامة ويقول الناس أمام الله عز وجل أن هؤلاء ظلمونا أو أن البشير وحكومته قد عملوا على تعذيبنا وإهانتنا وذلنا إلى غير ذلك من الشكوى .. إننا نريد أن يأتي الناس يوم القيامة ويقولوا لله عز وجل أن البشير وحكومته عملوا على إنصافنا وأعطاءنا حقوقنا ونشروا السعادة بيننا فاجزهم خيرا .. هذه الجزئية من الكلمات هي لمخاطبة البشير لحشد من الناس في 2013م , وقد نشرها أديب وصحفي مرموق على صفحته في الفيسبوك , وقد كانت مخرجة بصورة ساخرة فبعد , ان تكلم الرئيس بهذه الكلمات تم إيراد أغنية تعبر عن الشكوى لله , وبعد أن تتواصل الكلمة في تزكية الحكم الرشيد , ينفجر رضيع بالضحك حتى يستلقى على قفاه .. إنها صورة كوميدية مضحكة حد البكاء .

إن الرئيس وبعد أن أعلن فيما سبق أنه القائد إلى الجنة والنعيم المقيم , نجده في هذه الكلمات وكأنه يبحث عن التحلل في الدنيا قبل الآخرة , بما ارتكبته حكومته من جرم في حق الناس .
التحية والتقدير للشيخ الدكتور عبدالحي يوسف والذي نفى أن يكون هناك ما يسمى بالتحلل بعد أن يخوض المسؤول في أموال الناس بالباطل .. انتهى كلامه .
إن التحلل إنما هو أن ترد الحقوق لأهلها في الدنيا قبل أن تصل الروح الحلقوم , والذي بينك وبين الناس إنما يكون في العرض والمال والدم .

ومرة أخرى :
( إحنا عايزين يا جماعة والله نتمنى أنه يوم القيامة ما يجي واحد قدام ربنا سبحانه وتعالى يشكو عمر البشير وحكومته .. “الشكوى ليك يا ربي” عايزين الناس يجوا يقولوا الناس ديل ما قصروا وأدونا حقنا وكل شئ تمام ) .. هنا يا سيادة الرئيس لماذا ننتظرحتى يوم القيامة , هل لأن الدستور يجعل لك الحق في أن تواصل رئاسة البلاد حتى يوم القيامة ؟! لعل إحساسكم بالخلود وأن لا أحد ينازعكم في الأمر , يجعلكم تذهبون لمثل هذا الكلام . ألا تصل إليك التقارير أيها الرئيس معبأة بشكايات الناس , ألا تصلك النكات والطرائف الساخرة المعبرة عن الظلم والفساد , أم أنكم تظنون دائما أنكم ملائكة أطهار وبقية الشعب شياطين وعفاريت مردة ..

لقد وصلتك يا سيادة الرئيس التقارير والدراسات والقياسات , وأعلنتم أن نسبة الفقر قد بلغت قرابة الخمسون بالمئة . أتعرف ما يسببه الفقر للفرد من الذل والإنكسار وما يبلسه من الخوف والجوع والمرض . فهل أصحاب هذه النسبة سوف ياتون يوم القيامة ليشكروك أمام الله ويشكروا حكومتك ويعلنون أنك كنت بهم رحيما رقيقا ناعما ورؤوفا .. أأعطيتهم حقهم وأسعدتهم وأسقيت العطاش منهم الماء النظيف وأطعمت جائهم , وكسوت عاريهم .. ألم تقرأ يا عمر ما قاله أمير المؤمنين رضي الله عنه : ( لو أن شاة عثرت في العراق لسألني الله عنها ) , فكيف بخمسين بالمئة وقد سقطوا في مستنقع الفقر الآسن والجوع والمرض والعري والظمأ . يا الله للغيبوبة , هل يكتب الرئيس كلماته بنفسه أم أن هناك كُتاب لهم حسن جميل ينقلون إليك ما يجري في البلد حولك ويعرفونك بواقع الناس في الأسواق والحارات والمناطق النائية والذين لا يملكون شيئا , وهم كثر أعدادهم تصل إلى ما يقرب الخمسة عشر مليونا من الأنفس .

فيا أيها البرئ من كل اتهام , ومن كل قول لا يليق بحكومتك , ألا تصل إليك تقارير الفساد وأكل الأموال بالباطل . لقد سمعت أو قرأت ما طال الوالي من اتهام حتى أعلن تحلله , مثل هذا العمل الكريه ألا يمس حكومتك الرشيدة ؟! ألم يصلك أي خبر فيما سبق وحتى الآن عن قصص هؤلاء المفسدين وظلمهم السئ في أموال الدولة ؟! لماذا لم تخرج علينا خلال ربع قرن من الزمان لتقيل الفاسد وتفضح الظالم , أم أن أهل البيت أولى بالستر والدفاع عنهم ؟! أليس لديكم أي وعي بذلك القول الطاهر من النبي العظيم صل الله عليه وسلم : (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت …. الخ) . أمثال هذه القصص والتي تنظرون إليها بأنها مقرضة , ألا تدفعك للخوف أن بأتي الناس يوم القيامة ويعلنون أمام الله عز وجل , العليم الخبير , أن التحلل كان مصطلحا معروفا وواضحا أمام الناس في خلال حكم البشير .

وفي دار فور المحطمة , يتهمك المغرضون وأصحاب النفوس السقيمة بأنك تسببت وحكومتك الرشيدة في إزهاق أرواح ما يقارب الثلاثمائة ألف نفس , حتى أن بعض وزراءك جاء لينفي هذه الأعداد المغرضة ويقول أنها عشرة آلاف من الأنفس فقط لقوا حتفهم في حرب دار فور التي تسببتم فيها . ألا يزعجك سيادة الرئيس هذا العدد من القتلى , ولم نسمع كلمة لوم أو عتاب أو حتى إقالة وزير أو أي والي من طرفكم في دارفور , وكأن كل شئ حدث في دارفور هو بسبب أبناءها أنفسهم وهم الذين سعوا محاربتكم والخروج عن طوعكم ..

إن قضية دار فور وحدها كافية أن تجعل الموقف قاس وصعب عليكم أمام الله يوم القيامة .. ثم إذا انطلقنا إلى جنوب كردفان فإن الوضع ينذر بلعنة الله عز وجل لمن ارتكب فيه من المآس والجرائم والقتل والتشريد , ولك أن تسأل أيها الرئيس الخالي من الظلم وحكومتك الخالية من الفساد , كم بلغ عدد الجماعات الحاملة للسلاح ؟ إنكم من خلال مؤتمر الحوار ذكرتم أن عدد الفصائل المسلحة المشاركة في الحوار قد بلغت إحدى وثلاثين فصيلا مسلحا . ألم تسألوا أنفسكم كيف تناسلت هذه الجماعات , ما الذي دفعهم للتمرد ؟! هل كنا قبلكم نسمع نعرف مثل , فهل هؤلاء جميعا أهل خطأ وتمرد , وحكومتكم الرشيدة هي البراءة والنقاء .

وكم من أرواح الناشطين الشباب أزهقت في رابعة النهار بعاصمتك , ولم يعرف لهم قاتلا , ولا سبب وجيه لقتلهم , ألا تخشى سيادة الرئيس أن يأتوا يوما القيامة يمسكون بتلابيبك يسألونك حقهم في الحياة الذي سلب منهم بدون وجه حق على مرأى ومسمع منك وحكومتك , ويسألونك عن عذابات أهليهم بسبب فقدهم .

والسجون والمعتقلات , فتلك فصول أخرى من الظلم والفساد , فكم من معتقل عُذب ومنهم من سُلب حق الحياة تحت العذيب , ومنهم اختفى ولم يوجد له أثر , غير تلفيق التهم بكل رفع صوته بكلمة حق .. إنها مآسٍ ومظالم خطت أسوأ الذكريات في النفوس , فهل تعتقد سيادة الرئيس أن يأتي هؤلاء يوم القيامة مهللين مستبشرين شاكرين لك حسن صنيعك وحكومتك بهم ؟ّ أم قد أحل لكم الله عز وجل استعباد الناس بعد أن خلقهم أحرارا ؟!

إن الإعتراف بالخطأ وطلب العفو هو أولى الخطوات نحو التسامح لنسير جميعا نحو غد جديد . إن طريقة أن يكون الحكم هو الرشيد وبقية الخلق في الخطأ والتمرد والظلم فهذا لن يجعلنا أن نصل إلى حوار شفاف أو أي اجتماع يوحد الناس ويجعل في قلوبهم الرضا عن رئيسهم وحكومتهم .

إن الأمر يوم القيامة أمام الله عز وجل ليس بالسهل الهين , أيها الرئيس كما تظن . إن الأمر صعب وقاس وشديد , وأنني لا أجد شيئا أختم به هذه الرسالة إليك أيها الرئيس سوى أبيات الواعظ أبي عثمان الواسطي .

مثل وقوفك أيها المغرور*** يوم القيامة والسماء تمور
ماذا تقول إذا نقلت إلى البلى***فردا وجاءك منكر ونكير؟
ماذا تقول إذا وقفت بموقفٍ***فردا ذليلا والحساب عسير
وتعلقت فيك الخصوم وأنت في يوم الحساب مسلسل مجرور
وتفرقت عنك الجنود وأنت في ضيق القبور موسد مقبور
وددت أنك ما وليت ولاية*** يوما ولا قال الأنام أمير
مهد لنفسك حجة تنجو بها***يوم المعاد يوم تبدو العور

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لاخت اسماء يمكن كتابه هذه الرساله لإنسان ذو مشاعر واحساس، اما هذا فهي كتله لحميه متحركه، وفي حوله تلك العصابه التي تُسير البلاد دون علمه، ليس هو من يتخز القرار، الثوره الشعبيه هي الحل.

  2. يا لبؤس الخطاب
    غندما تكون مرجعيتك وما سقته من احاديث هي نفس مرجعية البشير ورهطه فانك تنفخ في قربة مقدودة علاوة على وجود نصوص اخرى تتعارض مع ما قلت ومن ظن ان التحلل غير موجود في صلب المتقد الاسلامي فهو واهم ان اللجوء الي تلك لمرجعيات البائسة والتي يمكن تجويرها وليها ليا لتتماهى مع فقه السلطان وامثال عبد الحية تسف والكار روري هما نماذج سيئة لفقها السلطان
    بالله عليكم لا تسوقوا لنا حاديث وايات يمكن قراءتها بعشرين تفسير

  3. لا حياة لمن تنادي متخيل نفسه ذكي يشغلنا بكم قضية فساد وهو بطول في عمر جلوسه في الكرسي وبعدين ؟؟؟؟؟؟كان الشعب خلاك الزمن بخليك؟؟؟؟؟ وما حتموت في الكرسي يا بطل الأبطال ستشنق في ميدان عااااااام بعد ان تعذب عذاب يليق بمستواااااك يا ظالم يا أفسد من وطأ أرض السودان انت والحثالة كلها

  4. من قال أن القتلى فى دافور عشرة الف فقط يا أستاذه اسماء هو البشير نفسه والمتهم لدى العداله الدوليه بإبادة شعبه وليس احد وزرائه ..!!
    لو أن البشير ( القاتل ) إعترف بالخطأ وسامحناه نحن اﻻحياء لكيما ( نسير جميعا نحو غد جديد ) كما تفضلت – أستاذه اسماء – فماذا عن اﻻموات والشهداء ومن فقد عقله ومن فقدت عفافها وتسترت خوف الفضيحه وهناك من فقد رجولته ايضا .. !! فمن ينطقهم حتى يعفوا عن هذه الجرائم ؟؟ ومن يعيد اليهم ارواحهم التى سلبت ظلما وجورا ؟؟

  5. والله انتي إنسانة راقية.. بس للأسف الناس ديل أسكرتهم السلطة ونسوا الآخرة تماما
    كلامك دا تقوليه لزول فيو أمل ينصلح.. أما عمر البشير فلا أظن أن لمخافة الله شيء في قلبه.. هو عبارة عن كتلة سخامة نفس متحركة.. كل ما يخشاه هو أن يفارق كرسيه فقط وليذهب ما عداه للجحيم

  6. يا استاذة اسماء كل ما ذكرتي حقائق موثقة
    ولكنك كترتي من كلمة يوم القيامة
    الا تدري ان هؤلاء لا يؤمنون بيوم القيامة
    الم تسمعي ان شيخهم الترابي قال لهم الانسان بعد موته يدفن ثم يتحلل الجسد
    يعني مافي بعث ولا قيامة وعلي هذا هم يعملون لدنياهم ويقولون للبسطاء لا لدنيا قد عملنا والساقية لسه متدورة

  7. اللهم لا تسلط علينا من لا يخافك – (وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا) (نسوا الله فانساهم انفسهم) صدق الله العظيم

  8. الثورة .. الثورة .. وفقط الثورة هي التي ستقيم قيامتهم في الدنيا قبل الآخرة .. وحسابنا معهم ثم بعدها ينتظروا حسابهم مع ربهم

  9. واحد عربجي كل يوم بشرب من ست العرفي بالدين .. مر شهرين ما أداها حقها . يوم طالبته بقروشها قال ليها ما عندك عندي ولا قرش .. الوليه قهرت رفعت يديها للسماء وقالت ليه خليتك ل الله يوم القيامه يشيل حقي منك .. ضحك وقال ليها انتي اليوم داك تقدري تجيبي سيرة للموضوع دا .. ناس البشكير ديل ما بخافو الله ابدا .. ربنا يقلعهم قولو أميييييييييييييييين

  10. البعير يقرأ و يطلع على كل ما يكتب و النكات التى يتندر بها السواد الاعظم من السودانين و تنقل اليه نقلا مفصلا و اللمبى أعتاد على ذلك و يجلسان معا ليحكى له أخر ما قيل و أخر النكات ؟
    لكن عدم الاحساس و تخانة الجلد و التكبر و انه مصاب بداء العظمة و أنه أمير المؤمنين و منزهه و لا يخطىء و لا يأتى بما يخالف الشرع من قول و فعل ؟
    عليه يكون دائما رد الفعل لكل ما يحدث فى الشارع و المشهد السياسى عنيفا و يبدأ بالاعتقال او مصادرة الصحف او اهدار دم من كتب او تندر او تهكم و لديه من كلاب الامن الوثنى منتظرين أشارة منه لينفذوا تعليماته و تجيهاته فورا ؟
    الاختفاء القسرى الذى يحدث للناشطين و المعارضة و أخرهم هشام ابن الواء الذى خرج من منزلهم بأم درمان لشراء جرايد و لم يظهر الى اليوم ؟
    لنترك يوم الموقف العظيم و ما فيه من سؤال و عقاب و حساب ؟
    أين هو من هذا الشعب الذى يكذب عليه فى كل ظهور اعلامى و ينافق و يسب و يشتم و يتوعد و يهدد و يتحدى العالم أجمع ؟
    الى أين صل الوطن و المواطن فى عهده المشؤم هذا ؟
    أين مخافة الله فى السر و العلن ؟
    أين حقوق الرعيه على الراعى ؟
    أين و أين و أين ؟
    أنها مستحقات و حقوق يسأل عنها و لن يستطيع الاجابه عليها ؟
    لكن نحمد الله على كل حال أن وهبنا الصبر على الابتلاءات و ما هى الا اختبار لايماننا و غرث فينا من الخصال ما نحسد عليه من و اتباعنا لما اورثنا اياه السلف الصالح من تكافل أجتماعى و اغاثة الملهوف و نفريج هموم الاخرين بالرغم من ضيق سعة اليد و نجود بالموجود و المعين الله اولا و أخيرا .

  11. المهم اذا الشعب وفقا لدستور البلد والذي يمثل الارادة الدائمة للشعب وكيفية تبادل السلطة وهو دستور السودان الانتقالي لسنة 1956 معدل لأخر جمعية تاسيسية فان الحكومة الدستورية بافرعها الثلاث , البرلمان او ممثلين الشعب , الادارة , وهو نظام وزاري , والقضاء الثلاث يعملون تحت رضاء الشعب السوداني وسعادته ما غير ذلك كلام فارغ والناس حقو تحفظ كلامها فهنا علاقة الفرد مع ربه علاقة سرية لايعرفها الا الله والفرد واخيرا لاتوجد دولة في القران والسنة ولا توجد سياسة .

  12. (((وكم من أرواح الناشطين الشباب أزهقت في رابعة النهار بعاصمتك , ولم يعرف لهم قاتلا , ولا سبب وجيه لقتلهم , ألا تخشى سيادة الرئيس أن يأتوا يوما القيامة يمسكون بتلابيبك يسألونك حقهم في الحياة الذي سلب منهم بدون وجه حق على مرأى ومسمع منك وحكومتك , ويسألونك عن عذابات أهليهم بسبب فقدهم))).

    لقد إعترف بقتلهم وصرح لصحيفة عطاظ السعودية خلال الحج أنهم عندما فشلوا في وقف المظاهرات استخدموا (الخطة ب) فانتهت في 48 ساعة،،، هل يوجد إعتراف أكثر من هذا؟؟ ثم يأتي اليوم ليدفع الدية من أموال الدولة وكأن القتل كان عن طريق الخطأ.

  13. * و هو تااانى حا إنط إجى يوم القيامه!!. لا, لا ياختى..الراجل ده عندو فتوى “شرعيه” من شيخهم!!..الثعلب المكار قال ليهم: “سووا عوزكم!..سووا الدايرنو كله من هسه!..لأنه الواحد فيكم فد “رقده”!, تانى ما بتقوموا منها لو الناس دى كلها قامت!..ما فيش حاجه إسمها عذاب قبر و قيامه ليكم, انتو بالذات!
    * تراهو عارفهم ياختى

  14. ان من يخاف من الناس فى الدنيا لن يخاف الله فى الاخرة …و هو يتخوف من مصيدة الغرب فى المحكمة الجنائية فلن يخاف الله ابدا فهى اما ان تخاف الله او تخاف الناس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..