أخبار السودان

السودان: خريطة تحالفات جديدة قد يفرضها الأمر الواقع بعد انقلاب البرهان

الخرطوم ــ ميعاد مبارك

خريطة تحالفات جديدة ربما يفرضها الوضع الراهن في السودان، ما بين مؤيد ومعارض لانقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر الماضي، على الحكومة الانتقالية التي تشاركها المدنيين والعسكريين لأكثر من عامين.

وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قد وقع اتفاق إعلان سياسي مع البرهان في الحادي والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، الماضي عاد بموجبه رئيسا للوزراء لكن من دون مكونات حكومته من قوى الحرية والتغيير.

واشترط حمدوك تكوين حكومة كفاءات مستقلة يختارها بنفسه، الأمر الذي أثار حفيظة الحركات المسلحة التي رفضت التنازل عن حصصها من الوزارات التي نص عليها اتفاق السلام الموقع في تشرين الأول/اكتوبر 2020.

وكانت مجموعة من الحركات المسلحة والأحزاب الصغيرة- مجموعة الحرية والتغيير الميثاق- قد دعمت انقلاب قائد الجيش، بعد انشقاقها عن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير-الائتلاف الحاكم السابق- ومنها حركتا «العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية في الحكومة المقالة جبريل ابراهيم و»تحرير السودان» بقيادة حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي.

وأيضا هناك مجموعة «المجلس العسكري» التي عادت إلى المجلس السيادي الجديد الذي أعلنه عبد الفتاح البرهان في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والتي أكدت مصادر متعددة لـ»القدس العربي» وجود خلافات غير معلنة داخلها.

وقبل أعضاء الحركات المسلحة الثلاثة مالك عقار قائد الحركة الشعبية شمال-الجبهة الثورية- والهادي ادريس قائد حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي بالإضافة إلى الطاهر حجر قائد تجمع قوى تحرير السودان، العودة إلى المجلس السيادي أيضا رغم انهم رفضوا أداء القسم مرة ثانية باعتبار انهم نالوا هذه المقاعد كاستحقاقات لاتفاق السلام.

بالمقابل هناك المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الذي يرفض الانقلاب العسكري والاتفاق بين حمدوك-البرهان رغم مقابلة بعض التيارات داخله لرئيس الوزراء بعد توقيع الاتفاق وتأكيد دعمها له، الأمر الذي ينذر بإنقسام جديد في قوى الحرية والتغيير.

وهناك «لجان المقاومة» التي تعتبر المجموعات الأكثر تأثيرا على الشارع السوداني الرافض للانقلاب العسكري وما لحقه من إجراءات، بالإضافة لتجمع المهنيين السودانيين الذي يضم مجموعات مهنية وفئوية مناهضة للانقلاب أيضا.

فضلا عن الحزب الشيوعي السوداني الذي كان أول المغادرين لائتلاف قوى الحرية والتغيير في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 بعدما تبرأ من الشراكة مع العسكريين.

وأيضا الحركات غير الموقعة على اتفاق السلام، الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو وجيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور والتي أعلنت رفضها للانقلاب ولاتفاق حمدوك-البرهان وأكدت دعمها لتصعيد الشارع.

وقال المتحدث الرسمي بإسم تجمع المهنيين السودانيين الوليد علي لـ»القدس العربي» إن تجمع المهنيين منفتح على التحالفات التي تناهض الانقلاب.

وأشار إلى ان التجمع قدم مقترحا لإعلان سياسي للقوى صاحبة المصلحة في التغيير من لجان مقاومة وتنظيمات فىوية وقواعد للأحزاب المناهضة للانقلاب وانها تخوض حوارا معها في الصدد مؤكدا ان عددا منها أبدى استعداده للتوقيع على هذا الإعلان.

وأكد علي انهم سيواصلون الحوارات والنقاشات المفتوحة حول مقترح «الإعلان السياسي» أمام الشارع، مشددا على ان الحوار في الغرف المغلقة من أبرز أخطاء الفترة الماضية.

وأكد ان النقاش مع الجماهير على الأرض سيحصن الاتفاق الجديد من الاختطاف والاستحواذ كما حدث في الاتفاقات السابقة.

وشدد على ان تجمع المهنيين ليس جزءا من أي حوار مع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ككتلة بشكله الحالي، لجهة تحفظه على طريقة اتخاذ القرار داخله وتكوين هياكله والتي كانت السبب لخروج التجمع منه.

ولكن التجمع لا يمانع الجلوس مع أحزاب «الحرية والتغيير» خارج مسمى الكتلة، طالما انها مناهضة للانقلاب وتتفق معه على المحاور الأساسية للإعلان السياسي المطروح، يقول علي.

وبين ان المحاور الثلاثة الأهم في الإعلان الذي يطرحه تجمع المهنيين السودانيين، هي العمل من أجل سلطة مدنية كاملة وبناء جيش مستقل ومهني وموحد يمثل كل السودانيين، واقتصاد مستقل يضمن مجانية العلاج والتعليم.

وفي الوقت نفسه تعمل لجان المقاومة السودانية على إعلان سياسي خاص بها أيضا، وقال عضو لجان مقاومة جنوب الحزام-جنوب الخرطوم- ادم يحي لـ»القدس العربي» إن اللجان تعمل على تعزيز الحكم القاعدي ونقل السلطة من النخب العسكرية والسياسية إلى الشعب.

وشدد على انها أجسام شعبية مستقلة ولن تسمح لأحد ان يستخدمها كأداة لتحقيق أهدافه.

من جانبه قال القيادي في المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير شهاب الدين الطيب لـ»القدس العربي» إن قوى الحرية والتغيير تعمل على وضع خريطة طريق تشمل إعلانا سياسيا جديدا، ستعلنها الأسبوع المقبل عقب اجتماع لمركزية الحرية والتغيير.

وبين الطيب ان الحرية والتغيير منخرطة في الوقت الراهن في حوار لتقييم ادائها في الفترة الماضية التي كانت تمثل فيها الائتلاف الحاكم ولوضع ملامح خريطة الطريق التي تشمل أهم ملامحها إسقاط الانقلاب العسكري وإقامة نظام مدني ديمقراطي بالإضافة إلى الحوار مع الأطراف خارج الائتلاف من تجمع مهنيين ولجان مقاومة.

وأكد ان الحرية والتغيير لم تستثن في حوارها المفتوح القوى التي دعمت بشكل أو بآخر اتفاق حمدوك البرهان، مؤكدا انهم لن يتخلوا عنهم إلا حال رفضهم لخريطة الطريق التي سيتم الإعلان عنها قريبا.

وأشار الطيب إلى ان قوى الحرية والتغيير خلال حواراتها الراهنة تناقش السلطة وطبيعتها والوثيقة الدستورية والوضع الدستوري الذي يمكن ان يؤسس عليه الحكم المدني في السودان وموقفها من رئيس الوزراء أيضا.

وأكد ان الحرية والتغيير منفتحة على الحوار مع الجبهة المدنية بما فيها الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين الذين خرجوا من التحالف في وقت سابق، ولجان المقاومة باعتبار ان الانقلاب لا يستثني أحدا وان الأولوية هي إسقاطه، مشيرا إلى ان التحدي الراهن أمام قوى الحرية والتغيير متعلق بإمكانية تخليها عن تحالفات الحد الأدنى والمضي نحو تحالفات الحد الأعلى.

وأكد الطيب ان الحرية والتغيير تتبنى في الوقت الراهن حوارا لا يتبنى تصنيفا معينا ولكنه يتأسس على وضع رؤية لخريطة الطريق، لافتا إلى ان القوى التي لن تتفق مع خريطة الطريق بطبيعة الحال ستكون خارجه.

وكشف عن تواصل بعض قيادات الحرية والتغيير مع قادة الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق سلام جوبا –الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو وحركة جيش التحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، مؤكدا انهم آمنوا على ان الوضع الراهن في السودان انقلاب وتدور نقاشات حول مقاومته بشكل مشترك.

ولفت إلى ان الحوارات التي تمضي فيها التغيير مع القوى المختلفة من لجان مقاومة وتجمع مهنيين أكدت على ضرورة ملء الفراغ السياسي من خلال حوار واسع للوصول لأرضية مشتركة.

إلى ذلك يبدو ان مجموعة الميثاق التي دعمت الانقلاب ترفض اتفاق حمدوك-البرهان خاصة البند الخاص بتكوين حكومة كفاءات مستقلة وكذلك قراره إعفاء وكلاء الوزارات الذين عينهم البرهان وتعيين وكلاء جدد.

وأعفى حمدوك يومي الأربعاء والخميس وكلاء 21 وزارة عينهم قائد الجيش بعد الانقلاب وعين آخرين.

وحسب «موقع سودان تربيون الأخباري» قال المتحدث الرسمي بإسم حركة تحرير السودان نور الدائم طه الخميس إن قرارات حمدوك تخالف الاتفاق السياسي، مؤكدا انهم متمسكون بكل ما نص عليه اتفاق السلام.

وفي السياق قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي لـ»القدس العربي» إن الساحة السياسية بعد 25 أكتوبر تشهد تغييرات كبيرة في شكل التحالفات والتي تشمل تحالف القوى العسكرية والحرية والتغيير مجموعة الميثاق وزعماء ونظار الإدارات الأهلية في السودان الذين دعموا انقلاب البرهان.

وأضاف: في الجانب الآخر هناك تحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي الحاكم سابقاً والذي يمكن ان يتوسع ويضم القوى الرافضة للاتفاق السياسي بين حمدوك والبرهان.

وأكمل: بالمقابل هناك شريحة واسعة من الشباب تتمثل في لجان المقاومة ترفض الشراكة والاتفاق السياسي وأصبحت مسيطرة على الشارع من خلال ما تعلنه من مواكب واحتجاجات لكن ينقصها الميثاق السياسي والقيادة التي تمثلها، حسب مصعب مؤكدا انها إذا استطاعت صناعة اتفاق سياسي أو إيجاد قيادة فاعلة ستصبح الأكثر تأثيراً في المشهد السياسي وذلك بتغيير نظامها من جماعات ضغط إلى مجموعات لها هدف سياسي يحقق بقيادتها مستقبلاً.

ولفت علي إلى امكانية الحوار وصولا لصناعة تحالفات تكتيكية بين لجان المقاومة والأحزاب السياسية الرافضة لاتفاق حمدوك- البرهان.

وأشار إلى ان حمدوك يمكن ان يسعى في الفترة المقبلة إلى تكوين تحالف سياسي يدعمه خلال فترة حكمه وذلك من خلال الإعلان السياسي الذي أشارت إليه الاتفاقية الموقعة أخيراً بينه وبين قائد الجيش، وبذلك ينشأ تحالفاً بين المجموعات الموالية للعسكر.

وأضاف ان موقف الحركات غير الموقعة على اتفاق السلام (الحركة الشعبية جناح الحلو، جيش تحرير السودان) رغم رفضها لاتفاق البرهان-حمدوك إلا انه قد لا يكون حاسما، وانها قد تنضم لأي من الفريقين، الرافض أو المؤيد للانقلاب.

ولفت إلى ان بعض الداعمين للانقلاب يدعمونه لجهة القبول بالأمر الواقع، والبعض الآخر لخلافات بينهم وبين الحرية والتغيير وأخرين جزء من الاتفاق لاتصال مصالحهم مع العسكريين والذين تحكمهم تحالفات مختلفة أيضا.

وكذلك المجموعات الرافضة للانقلاب لا يمكن اعتبارها كتلة واحدة بأي شكل من الأشكال لافتا إلى انها تضم مجموعة من التحالفات.

ويرى مصعب أن حركتي الحلو وعبد الواحد قد يتم ضمها لحكومة الأمر الواقع الجديدة بتوقيع اتفاق سلام أو انها قد تتمسك ببقائها في تحالف مع القوى السياسية المعارضة لقرارات 25 أكتوبر.

القدس العربي

تعليق واحد

  1. تجمع المهنيين والمعلمين ولجان المقاومة الرافضة كلهم واجهة للحزب الشيوعي السوداني
    وكلهم يتحدثون بلسان واحد مركب في اجسام مختلفة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..