السيد الصادق المهدي و التنازع بين الشعار و السلوك

عندما أستمع أو أقرأ مقالا أو خطبة للسيد الصادق المهدي، و من منابر متعددة، أتذكر بعض سطور في مقال للكاتب المغربي عبد الإله يلقزيز يقول فيه ( الثقافة السياسية الجديدة، التي تفترضها إستراتيجية الانتقال الديمقراطي، هي باختصار الثقافة التي تحل النزعة النسبية في وعي السياسي و المجال السياسي، محل النزعة الشمولية، أي ” التوليتارية” و تحل التوافق و التراضي و التعاقد و التنازل المتبادل، محل قواعد التسلط و الاحتكار و الإلغاء) باعتبار إن السلوك و القيم الديمقراطية تؤسس علي النسبية، و الحقيقة مجال البحث، لا يمتلكها شخص أو جماعة بعينها، أنما هي حق مشاع للجميع يشاركون عبر طرق الحوار المختلفة في الوصول إليها، و ما ذهب إليه بلقزيز، أشار إليه بكري عديل أحد قيادات حزب الأمة، في لقاء كانت قد أجرته معه صحيفة “الصحافي الدولي” في 20 أكتوبر عام 2001 عندما جمد نشاطه في الحزب ثلاثة شهور قال ( لقد أغلقت مكتبي، و اعتكفت بالمنزل، و اعتبرت إن الأمر برمته ليس مسألة شخصية، بقدر ما إنها تعكس أزمة الديمقراطية،و حرية الرأي الأخر، داخل الأحزاب السودانية) فعلا هناك أزمة حقيقية، داخل الأحزاب السودانية، تتمحور بين الشعار و السلوك المفارق لهذا الشعار، الكل يتحدث عن الديمقراطية و يمارس غيرها، إن كان داخل الأطر الحزبية أو غيرها، و لكن ما علاقة كل ذلك بالسيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، العلاقة في خطبة الجمعة التي ألقاها السيد الصادق في مسجد ود نوباوي، و فيها قدر عالي من النرجسية المعهودة في حديث السيد الصادق، و هذه راجعة للخلط بين الوظائف السياسية و الدينية التي يشغلها السيد الصادق المهدي، و تنعكس بصورة تلقائية علي أداء الرجل السياسي، و الخطاب السياسي أو الديني يبين الصورة التي يفكر من خلالها السيد الصادق، كما تحدد نوعية المرجعية التي يستند عليها.
قال السيد الصادق في خطبته يوم الجمعة “بما أنه من أصحاب فكرة الحل السياسي لا يسعه إلا أن يتجاوز مرارة الظلم، و يركز علي عيوب التجربة الموضوعية و أضاف أنه لا يمكن الاستمرار في التجربة الموؤدة بلا مراجعات أساسية تحقق مشروع حل سياسي أكثر جدوى” هذا حديث منطقي و يقبله العقل، باعتبار أن الممارسة السالبة يجب أن لا تؤثر علي المبدئية، و لا تقف حجر عسرة في انطلاقتها، لأن المبدأ يمثل رؤية لمشروع في الحياة و يؤسس علي قواعد من المفترض أن تكون معروفة، و دائما تواجه المبادئ بتحديات في مساراتها التاريخية، و لكن أصحابها يتفادون أية عملية للانحراف و الانصراف عن الطريق المخطط لها، و بالتالي لا للوم علي السيد الصادق إذا فضل السير في الطريق و يتجاوز كل العقبات، و كما سماها مرارة المظالم، و هذه تحسب له و ليس عليه، و لكنها يجب أن تنعكس علي جوانب أخر أيضا، لآن الانطلاق من مبدئية ديمقراطية تفرض شروطها علي كل السلوك، و لكن هناك سلوكا مفارقا للمبدئية، عندما تكون المسألة متعلقة بالحزب الذي يديره المهدي، و جعله هو نفسه فوق المساءلة، و يخلق الأدوات التي تساعده علي ذلك، يبقي هو نفسه يخون المبادئ التي ينادي بها و قضية الأمين العام ما تزال حية في الذاكرة.
و يذهب السيد الصادق في ذات الطريق الإيجابي عندما يقول ( الفرصة متاحة لمراجعة مشروع الحل السياسي، للتخلص من العيوب التي أثرت سلبا علي جدواه) إذن علي ضوء الأحداث التي حدثت في طريق الحوار الوطني، يعتقد السيد الصادق لابد من المراجعة، و رغم إن السيد الصادق لم يحدد الجهة التي تقوم بالمراجعة و لا الكيفية التي سوف تتم بها المراجعة، باعتبار كانت المواقف قبل الاعتقال متباينة في تحالف المعارضة، بينما قبل السيد الصادق المهدي الحوار بعد تهيئة المناخ، و المؤتمر الشعبي قبله دون شروط، رفضته بقية قوي المعارضة، و وضعت شروطا تعتقد أنها ضرورية لكي يسير الحوار في الطريق الصحيح، و من هنا يبقي السؤال كيف تتم عملية المراجعة؟ هل يتم في حوار مع القوي السياسية التي رفضت الحوار لكي تراجع موقفها، أم القوي التي قبلت الحوار و ما تزال ملتزمة به، أم إن المراجعة داخل حزب الأمة، و لتباين المواقف من قضية الحوار الوطني، تصبح القضية تحتاج إلي توضيح من قبل السيد الصادق المهدي.
و ينتقل السيد الصادق من المراجعة مباشرة للحديث عن الآلية التي يجب أن تدير الحوار، و يقول السيد المهدي أنه سوف يجري اتصالات واسعة مع كافة الأطراف السياسية للاتفاق علي رؤية موحدة، حول الإلية الجامعة المنشودة، هذه النقلة من المراجعة ثم إلي الآلية، تؤكد إن للسيد الصادق مشروعه الخاص وفق الاستمرار في الحوار، و يريد أن يضع شرطا أولا علي مائدة الحوار هي المراجعة، ثم يضع شرطا أخر، عندما يشير علي أن تترك القوي السياسية له مسألة تقديم الرؤية المناسبة التي تتلاءم مع هذا العمل، لكي يقترح وسيلة لعملية السلام العادل الشامل، و الربط بين عملية السلام و الوفاق الوطني الجامع في أطروحة السيد الصادق, تتجلي فيها النرجسية في أعلي مراتبها، إن الحوار بين القوي السياسية سوف يقف في محطة معينة، و بعدها يأتي دور السيد الصادق لوحده في تحديد الوسيلة لعملية السلام، إذن كل القوي السياسية دورها محدود فقط يتمحور في الاتفاق حول الآلية، لكي يجب عليهم أن يفسحوا الطريق للسيد الصادق لكي يحدد الوسائل، لا اعتقد إن القوي السياسية سوف ترهن رؤاها و مواقفها لزعيم قوي سياسية أخري، مهما كانت هذه القوي، و ما تمثله من دعم جماهيري، ما دام القضية هي الوصول لوفاق وطني، و هذه النرجسية هي التي تؤثر سلبا في أطروحات السيد الصادق، و هي التي تخلق حالة التذمر القائمة عند بعض قيادات حزب الأمة التي تنادي بتوسيع دائرة الديمقراطية في الحزب، و خروجه من الدائرة الأسرية، و توزيع الصلاحيات و ليس تمركزها كما يفضل السيد الصادق المهدي.
إن الإشكالية التي يقع فيها السيد الصادق المهدي هو الخلط بين الوظائف السياسية و الدينية التي يشغلها، باعتباره زعيم حزب الأمة القومي، و من المفترض أن يتعامل مع القوي السياسية بهذه الصفة السياسية، لأنها تقبل الحوار و الخلاف و الاختلاف، أم باعتباره أماما هذه الصفة أو المكانة الدينية تخص طائفة الأنصار لوحدهم، و بالتالي يجب أن لا تنسحب علي العمل السياسي، و السيد الصادق يعتقد أية رؤية أو مقترح مقدم من قبله، يجب أن يقبل دون اعتراض، هذه ربما تكون مقبولة في الطائفة الدينية، و لكنها غير مقبولة في العمل السياسي، باعتبار إن العمل السياسي فيه الرأي و الرأي الأخر، و فيه الخلاف و الاختلاف و النقد، عكس ما هو متعارف عليه في الطائفة، فالسودان في القرن الحادي و العشرين يختلف عن السودان في القرن العشرين، باعتبار هناك تغييرات كثيرة قد حدث في المجتمع أضعفت المقدسات السابقة كثيرا، كما إن انتشار التعليم و التطور الذي حدث في وسائل الاتصال قد غير في موروثات الثقافة السودانية و خاصة عند الأجيال الجديدة، و هذه التغييرات يجب أن ينظر إليها السيد الصادق بعين المفكر و ليس السياسي.
أيضا هناك خلط كبير بين السيد الصادق المهدي السياسي، و بين السيد الصادق المهدي المفكر، في الصفة الأولي ربما لا تتطلب منهجا أو فكرا، كما هو الحاصل في السودان، حيث تجد الكثير من السياسيين يعتقدون إن الولاء و مناصرة الزعيم تؤهلهم للترقي في سلم الحزبية، كما إن الكثير من الأحزاب لا تملك أية مشروعا سياسيا, أو رؤية لحل مشاكل السودان، و لكن الصفة الثانية ” مفكر” لابد من رؤية و منهج يساعد المفكر علي تحديد الظواهر و مراقبتها و تحليلها للوصول لنتائج، و في كلا الحالتين تقبل النقد و الخلاف، و لكن السيد الصادق يريد أن يكون هو المفكر الذي يقدم الرؤية السياسية، و في ذات الوقت، هو المنوط به تنفيذ هذه الرؤية، هذا الخلط هو الذي يفشل مشاريع السيد الصادق المهدي، إضافة إلي ممارسة بعض الضغوط بوسائل شتي، لكي تقبل القوي السياسية أطروحاته، أو يفارق طريقها، و هذه الممارسة نفسها قد انسحبت داخل حزبه، و أدت إلي صناعة التقسيمات و الانشقاقات، و مغادرة العديد من القيادات ساحة حزب الأمة، هذا السلوك يجرح شعارات السيد الصادق الديمقراطية، باعتباره في الوظيفة الثانية ” مفكر” يجب أن يتوافق الشعار مع السلوك تماما، أو تصبح الأطروحات الفكرية لا تمثل وعيا حقيقيا، و في الوظيفة الثانية يجب الخضوع للمنطق الديمقراطي في الحوار و ليس فرض الرأي، فالخلط إضافة إلي البيئة القائمة علي العلاقات البطريكية أي ألأبوية هي التي تجعل هذا التناقض بين الشعار و السلوك، ربما كان في الماضي مقبولا و لكن مع الأجيال الجديدة التي بدأت تتأثر بثقافات مختلفة غير مقبول البت.
هذا الخلط بين ثقافتين متنازعتين، دائما يؤدي لتناقضات في خطاب السيد الصادق، بين الأطروحة في مسارها الفكري و في مسارها السياسي، و بين الدعوة للحوار من جانب، و محاولة فرض الرؤية علي الآخرين من جانب أخر، و كنت قد كتبت في ذلك من قبل حول هذا التناقض، و قد شدني للكتابة الآن حول الموضوع، خطاب السيد الصادق بعد الاعتقال، كنت أريد أن أعرف ماذا تغير في خطاب السيد الصادق، بين فترتين قبل الاعتقال و بعده، و لم أبحث عن المقارنة في الخطاب بين فترتين حول قضية الحوار، أنما في منهج السيد الصادق، و كيفية تعامله مع ما هو مطروح في الساحة السياسية، و سيظل هذا الخطاب يحمل تناقضا إذا لم يفك السيد الصادق عملية الارتباط بين الطائفة و بين الحزب، و بين طرحه كسياسي يتعاطي الفكر، و بين مفكر يقع عليه تشخيص مشاكل المجتمع و معرفة الأسباب من جانب، و من جانب أخر يقدم أطروحات و تصورات و مفاهيم جديدة يعالج بها المشاكل المطروحة في الساحة السياسية، و لا ينخرط في الجدل اليومي للسياسة، و لكن السيد الصادق يريد أن يكون جميعا، و هنا يقع الخطأ، و هي قضية لا حل لها غير أن يغير السيد الصادق من منهجه السياسي و يفك الارتباط القائم بين الطائفة و الحزب في العمل السياسي. و الله الموفق.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أن تنتقد موضوعا عليك أولا أن تقهم الموضوع المطروح لا أن تسلط على الموضوع رؤيتك وفكرك وتحاول أن تأول ما كتب حسب رويتك الشخصية وتكوينك الفكري ,, تحدث الكاتب عن خطاب السيد الصادق حيث قال ((فعلا هناك أزمة حقيقية، داخل الأحزاب السودانية، تتمحور بين الشعار و السلوك المفارق لهذا الشعار، الكل يتحدث عن الديمقراطية و يمارس غيرها )) هنا لا يهمنا بقية الأحزاب , وسوف ينصب حديثي عن حزب الأمة , حزب يعقد سبع مؤتمرات وفي جو ديمقراطي , حزب لا تتخذ القرارات إلا من داخل المؤسسات ماذا بعد ذلك ,, يقول الكاتب ((لا للوم علي السيد الصادق إذا فضل السير في الطريق و يتجاوز كل العقبات، و كما سماها مرارة المظالم، و هذه تحسب له و ليس عليه )) ويقول الإمام ( الفرصة متاحة لمراجعة مشروع الحل السياسي، للتخلص من العيوب التي أثرت سلبا علي جدواه) أين النرجسية التي يتحدث عنها الكاتب ؟؟ رجل يتجاوز ما أصابه من حبس وتشنيع ومطالبة من ذبانية المجلس الوطني أمثال مهدي إبراهيم وغيره والمطالبة بعقوية الإعدام في حق الإمام , هذا نكران ذات ما عهدناه في كل قادتنا السياسيين , ثم يقول الكاتب ((و لكن هناك سلوكا مفارقا للمبدئية، عندما تكون المسألة متعلقة بالحزب الذي يديره المهدي، و جعله هو نفسه فوق المساءلة، و يخلق الأدوات التي تساعده علي ذلك، يبقي هو نفسه يخون المبادئ و قضية الأمين العام ما تزال حية في الذاكرة. التي ينادي بها ويقول ((الحزب الذي يديره هو )) يقول الكاتب يستشهد الكاتب يقضية الأمين العام ويتجاهل قرار ورأي الهيئة المركزية المكونةمن ثمانمائة عضو وهي التي انتخبت الأمين العام وهي التي سحبت عنه الثقة ,, هذا يوضح إما أن الكاتب لا يعرف الحزب إلا من شهادات صحف وشاشات المؤتمر الوطني والتي تركز على هيمنة آل الصادق المهدي على الحزب في تكرار ممج حتى رسخ في أذهان الآخرين ,, أو منطلق من عداوة شصخية ونربأ به من ذلك , هل يعلم الكاتب أن السيد الصادق لا يستطيع أن يمرر قرارا لا يوافق عليه المكتب السياسي ,, لماذا ينتقد الكاتب أن تراجع آلية الحوار طالما أن الآلية التي سار عليها الحوار سابقا فشلت ووءدت الحوار كما قال السيد الصادق نفسه ؟ من هنا نأتي للمشهد قبل أن يعلن حزب الأمة قطع الحوار مع المؤتمر الوطني وهو كالآتي : ــ السلطة تدير حوارا فيه نوع من التذاكي حتى تنصب مخرجات الحوار في النهاية لمصلحتها , معارضة تضع شروطها المنطقية مع عدم الثقة في تحرك حزب الأمة رغم مباركتها لمبدأ الحوار , في هذه المساحة كان تحرك الحزب مفهوما عند السلطة غير مفهومه عند قوى المعارضة ,, يتساءل الكاتب ما الذي تغير في السيد الصادق قبل وبعد الإعتقال الجواب لم يتغير في السيد الصادق شيئا فكرا ورؤية للمسألة السودانية بل تغيرت المفاهيم عند البعض وبدأت تتضح الرؤية الحقيقة لما كان يطرحه السيد الصادق منذ 89 م وما قبل 89 ,, ما الفرق بين إمامة السيد للأنصار ورئاسة حزب الأمة ؟؟ من قبل كانت إمامة الأنصار تختار بتفويض لخمسة من آل بين المهدي , تقوم على بيعة إ ملزلمة قائمة على السمع والطاعة والإشارة , طور الإمام ذلك ومعه نفر كريم من أبناء الأنصار وجعل الإمامة تقوم على بيعة ( الطاعة المبصرة فيما يرضي الله ورسوله ) وأن ينتخب الإمام من مؤتمر عام للأنصار ,, الهيئة الذراع الأيمن للحزب صحيح لها مرجعيتها الدينية ولكن (( الدين المعاملة )) فلا بد لها من تكون جزأ من منظومة حزب الأمة رغم استقلالها التام عن الحزب ,, فلا تناقض أن يكون الإمام أن يقوم بواجبه تجاه االحزب وهيئة شؤون الأنصار طالما تلك المؤسسات تقوم على الديمقراطية الشورى , مفهوم الآخرين أن المؤسستين هيئة شئون الأنصار تحت إدارة وتصرف السيد الصادق رغم إنهما مؤسستين قائمتين على نظام له دستوره ولوائحه الحاكمة لكل مؤسسة ولكن البعض يصر على هيمنة الإمام وتلك معضلة تخصه لا نستطيع أن نجبره على أن يغيرها ,, في حزب الأمة الآن ليس هنالك من يتقدم الصفوف بالولاء والطاعة بل بالعطاء والتنافس ديمقراطي ,, مسألة اخيره يقول الإمام المهدي عليه السلام ( يتقدم المسلمين من تقلد بقلائد الدين ومالت إليه قلوب المسليمن ) وهكذا نحن نبايع السيد الصادق المهدي إماما وننتخيه رئيسا لحزب الأمة وليسامحني الأخ الكاتب إن جار عليه قلمي دون أن أقصد له العتبى حتى يرضى

  2. مقال محترم , تحليل رصين ,لغه واضحه , اسلوب رزين ونقد بناء اتفقنا او اختلفنا معه لا نستطيع الا ان نرفع لمثل هذا التناول القبعه , هذا مثال للطرح الموضوعي الذي نستطيع ان نأخذ ونعطي معه وبه تتقدم الرؤي والمناهج والعمل الصحافي الموزون , لن اعلق علي متن المقال لأنه استفهامي وتقييمي ويخضع لرؤية كاتبه من زاوية نظره التحليليه , لكني انتشيت بلغته وادبه ومنهج نقده الفاهم ! , لا ككثير من اصحاب المقالات المغبونه والتعليقات الفجه “المجانيه” , شكراً جزيلا استاذ زين العابدين , نود كثيرا من هذا الفهم السديد والرجاحه الرفيعه في اسافير الحياة السودانيه لتمحي بعض ضحالات الفهوم وركاكة المفردات وغبن النفوس وتجريف العقول بفعل تطاول الاستبداد والاعلام الموجه الرخيص وافات الوطن المتلاحقه .انت ناقد سياسي وصحفي محترم , وقلمك وسيم , كتر خيرك

  3. مقالك يا استاذ زين العابدين لا يختلف عن المقالات التى تكتب يوميا عن الصادق المهدى بمناسبة وبدون مناسبة – لا يختلف عنها فى شىء غير انه جاء- للامانة – بلغة مهذبة ما عهدناها فى معظم الكتاب الذين يبحثون عن الشهرة ،، هذا من حيث الاسلوب والمفردات اما من حيث الموضوع فالمقال من الاساس مستهلك وحوى ذات الاتهامات التى عفا عليها الزمن ، فرغم ادعاء الكاتب الهدؤ والموضوعية لم يفتح الله عليه بايراد دليل واحد قوى لاثبات فرضياته فى الوقت الذى ينهض فيه الف دليل لاثبات عكس ما يقول به الكاتب ، وسوف اذكر لك بعض الامثلة الحية التى تدحض هذه الادعاءات التى اراد الكاتب ان يقدمها فى ثوب (املس) بعد ان فشل اسلوب الاساءة والتجريح الذى ينتهجه اخرين فى النيل من شخصية الصادق المهدى
    اولا وقبل الدخول فى تحليل المقال اعلاه احب ان اذكر ان للسيد الصادق المهدى اخطاء سياسية كبيرة وكثيرة لو اردت ان اعددها فلن تكفى هذه المساحة لها وكان من الممكن ان اتفق مع الكاتب لو انه انتقد المهدى فى الجوانب السلبية التى تحسب عليه وهى على سبيل المثال لا الحصر التردد،،كثرة المبادرات ،، الضبابية ،، حسن الظن المفرط بالانقاذييين ،تهاونه مع ابنه عبد الرحمن وعدم القدرة على منعه من دخول القصر ،، الى غير ذلك من صنوف السلبيات التى لا يخلو قائد او زعيم منها
    اما ان يكون النقد منصبا على اهم ما يتميز به الرجل فهو ما جعل المقال مجافيا للموضوعية فقد ركز بشدة فى تحليله لشخصية المهدى على انه ينادى بالديمقراطية ولا ينفذها داخل حزبه ، وهذه النقطة ارد عليها بالشواهدالثلاثةالاتية :-
    1/ كان السيد الصادق من المؤيدين لفكرة خوض الانتخابات الاخيرة ضد المؤتم الوطنى بينما رأى اغلبية المكتب السياسى عدم خوضها باعتبارها انتخابات عبثية وتغلب الرأى الاخر وليس رأى المهدى
    2/ مشاركة الحزب فى الحكومة لاقت معارضة قوية داخل الامكتب السياسى وايضا انتصر فيها الراى الذى لايدعمه المهدى
    3/وصول السيد ابراهيم الامين للامانة العامة منتصرا على الفريق صديق وهو اكبر المقربين للسيد الصادق
    اما اتهامك للمهدى بانه يخلط بين رئاسته للحزب وامامته للانصار فقد جاء اتهاما مرسلا ولم تذكر لنا اى واقعة او موقف او قول يؤكد هذا الاتهام ،، فلو كانت له هيمنة باعتباره اماما للانصار لما احتاج ان يمرر قراراته بالتصويت داخل اجهزة الحزب ولما سقطت مقترحاته اكثر من مرة امام الاجهزة المنتخبة
    ولعل اغرب ما جاء فى المقال – غير الموفق – هو ان الامام يخاطب الاحزاب الاخرى بصفته امام انصار وهذا -على حد زعم الكاتب – خطاب لا يجد القبول من الاحزاب الاخرى ،،، قل لى بربك متى خاطب الصادق المهدى اعضاء حزبه بصفته امام انصار حتى يخاطب الغرباء عن حزبه وعن كيانه بتلك الصفة ؟؟ واى تسلط وقهر هذا الذى لايستطيع صاحبه ان يخمد اصوات الشباب التى تضج بانتقاده وهو واقف امامها دون تضجر ،، لعل اقصى انفعالاته التى سجلت عليه هو يوم قال للشباب الذين قاطعوا حديثه بالهتاف (الباب يفوت جمل ) وقد خلدت هذه الكلمة فى ذاكرة المتابعين لانها صدرت من حليم قل ما يفقد السيطرة على احاسيسه بينما نسى الناس كلمات الطغاة الموقلة فى التكبر والتجبر مثل (لحس الكوع والشراب من البحر وتحت جزمتى .. الى اخر عبارات التسلط التى تقال يوميا ) ،، اقول ان ترديد الناس لانفعال المهدى اما شباب حزبه يقف شاهدا حيا على ان التسامح وسعة الصدر هى الاصل فى طبعه وان هذا الانفعال هو الاستثناء والا لما احتفل خصومه بهذه العبارة ردحا من الزمن
    اخيرا فان الكاتب خلص فى تحليله لايراد نتائج بلا مقدمات واورد تهم دون اثبات ولا ندرى من اين اتى بان المهدى يريد ان يفرض حلا على المعارضة ويجبرها على الالتزام به وهو الذى لم يفرض رائا حتى على الحكومة ،، ان جوهر دعوته ورؤيته لحل مشاكل السودان تبدأ وتنتهى بالمؤتمر الجامع الذى لا يقصى احدا وحسب علمى ليس هناك اى فصيل صرح او لمح برفض هذه الرؤية فمن اين اتى الكاتب بهذه النتيجة التى لم تحم حتى فى خيال الد خصومه من الحكومة او المعارضة ..
    اختم حديثى باننى رغم ما يشبه الدفاع عن الصادق المهدى وبمناسبة قبول كل الاطراف بضرورة قيام المؤتمر الجامع فان رأي الخاص ان حل مشكلة السودان ليس فى قيام مؤتمر جامع تدعى له كل الاطراف وانما فى اقتلاع هذا النظام من جذوره وقيام مؤتمر جامع يستثنى الجبهجية والمنتفعين والمفسدين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..