الإهمال سيد الموقف

في سلسلة مشاهد مؤلمة لا تنتهي توفي وجرح العشرات في حادث بطريق عطبرة الخرطوم، عندما اصطدم بص ركاب بشاحنة ثقيلة.
ويأتي الحادث ضمن سلسلة حوادث أزهقت أرواح العشرات، بل المئات من المسافرين عبر هذا الطريق الذي يخيم شبح الموت فيه بلا هوادة .
تتعدد أسباب الحوادث وهي ليست قدراً مسلطاً بقدر ما هي نتائج عوامل يجمع بينها القصور الحكومي .
فطريق عطبرة الخرطوم، القديم ،بات ممتداً حتي بورتسودان، وأصبح مهوي الشاحنات القادمة من الميناء والمتجهة إليه بسبب قصر المسافة مقارنة بالشارع الذي يمر من الخرطوم عبر مدني والقضارف لبورتسودان، فأصبح كثيف الحركة دون أن يواكب ذلك توسيع الطريق أو إنارته ووضع التحذيرات أو اللافتات المضيئة الضرورية .
وتحطيم السكة حديد أدي فيما أدي لازدياد عدد وحركة الشاحنات الثقيلة، بينما البنية التحتية مهترئة، والصيانة الدورية منعدمة وبالتالي النتائج كارثية .
والعديد من طرق الأسفلت بعيدة عن المواصفات الهندسية المطلوبة لجهة الفساد في إجراءات التعاقد، بعد أن حطمت (الإنقاذ)القطاع العام بما فيه البناء والتشييد، لتنطلق يد الرأسمالية الطفيلية غير المؤهلة لهذا العمل، دون أي رقيب أو محاسبة، والنتيجة هذه الحوادث الأليمة .
ولا يمكن هنا التحجج بالإمكانات المادية، فالمركبات التجارية بلا استثناء ترهق بالرسوم الباهظة والتي تدفع عند بوابات العبور أو حواجز الشرطة، والضرائب ترهق كاهل المواطنين ولا تصرف علي الخدمات الضرورية بما فيها صيانة الطرق. إذن فالإهمال هو سيد الموقف بلا منازع .
إن الموت المجاني للمواطنين، لا يحرك ساكناً لدي نظام سياسي معادي للشعب، لا يتورع عن قتله بالحروب، أو الفقر أو الطرق المتهالكة. وعليه فإن هذه الحوادث تقع مسؤوليتها علي الحكومة مهما حاولت التنصل منها .
إن ما يحدث يشكل سبباً إضافياً جديراً بتعزيز المقاومة لإسقاط نظام فاشل بامتياز في حل أي مشكلة، ولو كانت طريقاً آمناً من حوادث المرور، بيد أن النضال اليومي ضد الغلاء والفساد والضرائب الباهظة ، والاحتجاج علي الإهمال الحكومي يراكم القوي لفجر الحرية والديمقراطية والاشتراكية التي يرونها بعيدة ونراها أقرب من حبل الوريد .
الميدان