حكاية الزعيمين

كيف لا

حكاية الزعيمين

منى عبد الفتاح
[email][email protected][/email]

إنّ الضرورة الوطنية تدفعنا إلى النظر فيما وصل إليه الحال بزعيمي حزب الأمة السيد الصادق المهدي وزعيم حزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي بعد صلحيهما الأخير على يد زعيمة حركة حق الأستاذة هالة عبد الحليم. ولعل ما في الصلح من خير للوطن يقابله خوف في وجهه الآخر من قبل بعض الجماعات الإسلامية التي ترى في التجديد الإسلامي ضلالة وكفر تستلزم الاستتابة.وترى في اجتماع زعيمين بذخيرتهما الفكرية الساعية إلى التجديد قد يلقي في روع هؤلاء كثيراً من الهلع خوفاً على سلطة دينيٌّ ظاهرها بينما باطنها دنيوي.
وعندما نتحدث عن مفكرين بحجم المهدي والترابي فإننا نتحدث عن خصوصية فكرية استلهماها من الحركة الصوفية المنتشرة في أرجاء السودان وتربيا في أحضانها بحكم النشأة.والصوفية كطريقة فهي تتغلغل عميقاً في تركيبة الإنسان السوداني الذهنية بمكوناتها الثقافية والدينية وهي ما تميزه عن بقية المسلمين وتحسن من إسلامه المتصالح مع المجتمع السوداني المجبول على رفعة الخلق بالفطرة.
وبعيداً عن ظن السياسة الذي يحصر فكر الترابي في ردة فعل لخصومة مع شركائه السابقين ، والتي تحصر المهدي كحامل غبينة إثر إنقلاب الترابي على حكومته المنتخبة ديمقراطياً في يونيو 1989م ، فإن ما أنتجاه لم يكن نتيجة لتأثيرات آنية وإنما ضرورات عصرية اقتضت ضروباً شتى من الدراسات العلمية التي أنجزاها، لن نبالغ إذا قلنا أنها تساهم في تمكين الإنسان السوداني المسلم من استشراف رحاب الفكر الإسلامي.
الترابي والمهدي رمزان فكريان وسياسيان من رموز هذا البلد الذاخرة . فمن موقعهما أسسا لحركات فعلية أسهمت في صنع تاريخ وحاضر هذا الوطن وإن تم تكفيرهما فيجب على عقلاء هذا الوطن أن يبحثوا في المواقف والأحداث والتي هي نتاج تراكمات تاريخية بين أفكار متقاطعة أدت في النهاية إلى هذه المواجهة الحادة.والتقليل من فكرهما أو أدوارهما هو ضرب من إبادة الانتاج الفكري كمثل ذلك الذي تم في ظلاميات العصور الوسطى.
فالصادق المهدي الذي تم تكفيره هو الداعي للحل والتأصيل الإسلامي عبر الإجماع الشعبي وبالوسائل الدستورية والتبشير بالصحوة الإسلامية وتطبيقها على المجتمع والإقتصاد لحل قضايا البلاد . وهو المنادي بالكف عن التلاعب بالدين وبالشعار الإسلامي لصالح الكسب الدنيوي .وهو إمام الأنصار بالانتخاب والأمين العام لهيئة شؤون الأنصار ومجلس الشورى لكيان ديني يقوم على الشورى والمؤسسية.
والترابي الذي يرتكز تفكيره على “التوحيد في كل شيء والحرية في كل شيء” يدعو إلى فهم الدين بطريقة لا تصوّر الإسلام غريباً أو مهيباً فشمول الدين لأوجه الحياة من فن وجمال وعلم وسياسة هي التي جعلت كتبه ذات طابع تجديدي تأسيسي في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر .وهو الذي لم يلن عندما انقلب عليه نظام النميري بعدما فرض الحليفان حكومة النميري وجبهة الميثاق الإسلامي قوانين الشريعة الإسلامية المتعارف عليها بقوانين سبتمبر في عام 1983م . كما انقلبت عليه بعدها حكومة الإنقاذ بعد اختلافه معها حول قضايا الشورى والحريات والفساد والتي انتهت بحل البرلمان عام 1999م .
القضية ليست مخالفة الزعيمين للشرع لأنه لا يجدر بهما ذلك ،كما لا تملك أي زعامة أخرى حق إلقاء صحائف المعصية في وجهيهما . ولا يمكن بالطبع غض الطرف عن الانشقاقات في الحركة الإسلامية السودانية وتضارب التأويلات حولها ، فما زالت غالبية الآراء تعتبرها خلافات شخصية وتنافسية أكثر منها فكرية ، فالثابت إذن هو انتهاج خطي الزعيمين الفكري لسنة التجديد.
وبالنظر إلى ما وصل إليه الحال في ظل هذا الحكم والتشوهات التي غطت وجه التركيبة الاجتماعية السودانية ،يمكن لأي شخص أن يشك في أن القضية ليست قضية حجاب وحرص على عفة المرأة السودانية . فأين هي الجماعات الإسلامية ودورها تجاه الذين (يسعون في الأرض فسادا) وما حكمها على ممارسيه بالجرم المشهود.إذن الأزمة هي أزمة تطور نتمنى أن ينتهي إيجابياً ، وفترة مخاض لمرحلة قادمة نتمنى أن يجتازها المختلفون.

صحيفة “الأحداث”

تعليق واحد

  1. رغم انتهازية الترابي وتشوهه بالسياسة
    ورغم طائفية الصادق وتقهقره خلفها
    الا انهما في كفة وهيئة علماء السودان والرابطة الشرعية للائمة والدعاة في كفة
    حفظهما الله لما فيه خير المسلمين والسودان ودعوانا ان يميلوا للحق اكثر واكثر

    وعليهما الخروج من عباءة الاسر الكبيرة والمجد الموروث الى ما يمتلكونه عن جدارة فما اغناهم عن انتساب الى اي نسب كان … رغم ان الوضع الاسري له دوره في تكوين شخصيتيهما وتمكينهما من كثير..ش

  2. الا تتفقين معي ان كل من اتجه الي السياسة من المفكرين سواء كان مفكر في علم ماء او رجل دين
    تتحور اقوالة مثل الحرباء حسب الموقف الذي هو فية او حسب المنفعة التي تعودعلية من حديثة من اجل ذلك لا يكون علي حق لان اقوالة تخدم خط ما ولايقول القول من اجل الحق مجرد والامثلة كثيرة لكن لا نريد ان نجرف لجدل بيظنتي ، والشاهد ان اي حكومة او قيادي قبل الحكم كان حديثة رنان ولكن بعد الحكم حدث ولا حرج ونجد ان الدولة السودانية في كل عهد تتراجع للوراء مع تفاوت في التراجع ، والمفكرين الجليلين لقد حكما السودان لكن لم ينفعا بلدهم بشئ من فكرهم

  3. لعمرك ما الإنسان إلا بدينه فلا تتكلن على النسب
    فقد رفع الإسلام سلمان فارس وقد وضع الشرك الشريف ابو لهب
    لك الود … منى …

  4. السودان الوطن الواحد ما قد كان وما سيكون حليلكم يا النايمين على حيلكم
    الترابي كان فيها كما الصادق – من الذي كال التراب على نفسة ومن هو ذاك الصادق الامين الذي يامن لنا على مالنا وقوتنا لا اقول الا لاخير لمن لا خير فيه وحسبنا الله ونعم الوكيل

  5. هذا نقد ناعم يا أخت منى والوضع لا يحتمل ذلك لأن البلد على حافة هاوية سحيقة والترابي والصادق (غشيتهما اللعنة) هما المتسببان في هذا كل هذا الخراب فيجب عليك ككاتبة أن تكوني أمينة وجريئة ولا تلجئي إلى أسلوب المداراة والنفاق مثل كثير من الكتاب .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..