انت مسلم و لا ماركسي (2)؟!

في مقالة للاستاذ / حسن الزبير بعنوان (انت مسلم و لا ماركسي ؟!)، نشرت في الميدان عدد 2607 بتاريخ 30 ديسمبر 2012م. استذكر الكاتب في مقاله طرفة السؤال أعلاه ـ الذي اتخذناه عنواناً لمقالنا هذاـ والذي كان يسأله اصدقائه في المدرسة الوسطي يختبرون به ذكائهم وحماقتهم. وايضاً ختم الكاتب مقاله بالتساؤل الاتي، وهوما نحن بصدده:ـ
“دائما يفاجئ الشعب السوداني الاحزاب وقيادتها بثورته، ودائما تجد هذه الاحزاب لاتملك سلطة لحكم البلاد غير قائمة باسماء الوزراء وشاغلي المناصب العليا. فتبدأ الحكومة القومية في التعامل مع مشكلات البلاد “بالتلتيق” وهذه سياسة غير مقبولة في القرن الواحد والعشرين.
إن شاء الله يوم النصر قريب، فلماذا لاتقوم متخصصة بدراسة الاشكلات الرئيسية مثل التعليم والصحة والزراعة والاقتصاد..ألخ وتعد خطط وبرامج علمية تكون جاهزة للتنفيذ؟ هذا رأي من غمار الناس لايعرف معرفة علمية في السياسة او الاقتصاد او التخطيط.انه نوع من نضال الكيبورد، وهو جهد المقل او علي ” قدر اللي في راسي”. انتهي!
اذا تركنا الجزئية الاولي في تساؤل الزبير وتعاملنا مع البقية، نجد ان هذا ليس رأي احادي، بل أنه تساؤل يدور في ذهن غالبية ابناء الشعب السوداني، وذلك في التعبير الدائر وسط الشارع السوداني ” من هو البديل؟”. وظل باستمرار الرد عليه بان المرحلة القادمة ليست مرحلة من هو البديل؟ ولكنها مرحلة ماهو البديل؟؟؟ وذهب البعض ابعد من ذلك في تحديد ما هو البديل حيث وضع تحالف الاحزاب “البديل الديمقراطي” الذي رحُب به علي اوسع قطاع. وبالاشتراك مع الجبهة الثورية وقوي المعارضة الاخري تم التوقيع علي “الفجر الجديد” الذي اُثير جدل واسع حوله واقام الدنيا ولم يقعدها وبل حرك الساكن.
واخيراً صدر البيان الختامي لمؤتمر القوي الديمقراطية، والذي اعدت له الجبهة السودانية للتغيير، وشاركت فيه احزاب سياسية وتنظيمات مختلفة وقطاعات نقابية ومهنية ومنظمات مجتمع مدني. اُعدت اوراق المؤتمر مسبقا بواسطة لجان مختلفة، امتازت عضويتها بمهنيتها العالية في المحاور المحددة سياسيين، اقتصاديين، زراعيين ومزارعيين، قانونين، اطباء، معلمين ونقابيين…الخ.
المميز في مؤتمر القاهرة بانه بالظبط ماذكره استاذ / الزبير في معرض تسأله. حيث قدم المؤتمر في توصياته ومقرراته عدد من الحلول، التي بالطبع ليست نهائية او جامدة بل خاضعة للنقاش والتعديل، ولكن دون تنفيذها لايمكن اعادة هيكلة الدولة السودانية لتصبح دولة مواطنة وحقوق وواجبات.
وبخلاف هذه المحاور المهمة والتي تصب في حياة الناس اليومية امثال الصحة والتعليم والزراعة والثروة الحيوانية والقوانين البديلة و…الخ، يصبح محور العقد الاجتماعي الذي يتحدث عن كيفية صناعة دولة المواطنة المعاصرة، من اهم المحاور في المرحلة الانتقالية. حيث تقدم الجبهة السودانية للتغيير في هذا المحور رؤيتها حول حل المشكل السوداني المزمن والذي صاحب هذه الدولة كل مراحل تكوينها منذ الاستقلال وحتي الان.
أن مفهوم العقد الاجتماعي يقود السودان للخروج من نفق التشرزم والاحتراب والهيمنة والرؤية الاحادية الي رحاب دولة سودانية موحدة تنصهر فيها كل شعوب السودان اختيارياً ويلخص في:ـ
“إن مفهوم العقد الاجتماعي يعني في معناه العام، إبرام اتفاق بين الناس الذين جمعتهم رقعة جغرافية محددة، بموجبه يتحدون ويكونون هيئة معنوية لإدارة الإرادة العامة، أي الدولة، يصبحون رعاياها ومواطنون فيها، ويتساوون فيها في الحقوق والواجبات. فالعقد الاجتماعي يخص كل شعوب وأقاليم الوطن الواحد، وليس قاصراً على فئة محددة في المجتمع أو إقليم بعينه ذات هوية متميزة، كما هو الحال في عملية ممارسة حق تقرير المصير التي طبقها شعوب جنوب السودان لوحدها دون سائر شعوب السودان الأخرى، أو الشعوب الإريترية بمعزل عن الشعوب الإثيوبية. لهذا فإن حاجة المجتمع إلى السلطة الحاكمة أو الدولة، هي الحاجة للمحافظة على الحياة والحرية والملكية، وهي حقوق مهددة بالتعدي، والعقد في طبيعته هو تنظيم للحرية والملكية بالقانون. إذاً عملية العقد الاجتماعي هي الآلية التي لا غني عنها في صناعة دولة السلم، وهي الآلية الني من شأنها أيضاً أن تعمل على رتق النسيج الاجتماعي السوداني.
عموما من الواجب مناقشة مقررات وتوصيات مؤتمر القوي الديمقراطية عبر الندوات والصحف وفي المنابر العامة لترسيخ مفهوم التغيير واعادة هيكلة الدولة.
[email][email protected][/email]
انا شخصيا لا اريد اعادة تجربة ثورة اكتوبر ولا تكرار تجربة انتفاصة ابريل .. اريد ثورة عارمة وعاصفة كالثورة الفرنسيه .. ثورة دمويه تراق فيها الدماء ليموت الطالح ويعيش الصالح ويصمد الحق ويزول الباطل .. فرنسا كانت مرتع الاقطاعية والارستقراطية والنبلاء وهم اقليه وبقية الشعب كانو عبيد مسخرين وجنود ماجورين لخدمة الاقليه .. وتلك الاقليه كانت متدثرة برداء الكنيسة المسيحية .. ومنذ تلك الثورة وحتي هذا اليوم لا اثر ولا سيرة ولا حتي رائحة لتلك الاقلية المتسلطة .. واليوم في السودان ظهرت وبرزت طبقة اقطاعية وارستقراطية ونبلاء يسخرون اغلبية الشعب السوداني كعبيد لخدمتهم في مزارعهم وحقولهم النفطية وقصورهم وابراجهم ومكاتبهم ويستاجرون الشباب السوداني كجنود لحمايتهم وحماية ممتلكاتهم واسرهم وابنائهم .. وهم متدثرين برداء الدين الاسلامي ومحاطون بعلماء البلاط (غلمان السلطان وفقهاء السوء ) .. وهذه المرحلة هي اقصي واخر مراحل الطغيان والاستبداد والفساد الاخلاقي والديني وهي بالتالي اضعف حلقة من حلقات التاريخ البشري .. فالفئة او الطبقة التي تصل لهذه المرحلة تتشبث بالحياة ونعيم الدنيا وتخاف وترتعد من الموت وزوال النعمة وتضعف امام اي قوة وتفقد المقاومة ويكون الضحايا هم الجنود المستاجرين الذين لا يصمدون كثيرا امام الثوار المغلوب علي امرهم ( فالموت لديهم راحة من كل شر ).. وعاحلا ام اجلا سيكون شعار الجبهة الثوره هو : فلترق منهم دماء ولترق منا الدماء او ترق كل الدماء وسط الخرطوم .. والنهر يطفح بالضحايا وبالدماء الطاهرة وما لان فرسانا لنا بل فر جمع الطاغية .. والعبرة في التاريخ القديم ( فرنسا ) وفي التاريخ الجديث ( تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا هذه اللحظة ) .. ثورة دمويه عاصفة وعارمة حتي ولو كانت فوضوية .. والفجر الجديد قادم ان طال الزمن ام قصر .
وردت فكرة العقد الاجتماعي في كتابات كثير من المفكرين السوفسطائيين وأيبقورس ولوكر وعلماء القانون الروماني وكثير من فلاسفة القرن السادس عشر أمثال هاتمن ولاتي وتوكس وبوكتان ? والعقد الاجتماعي تتجلي فكرته في أن الناس كانوا يعيشون في البداية على الطبيعة القائمة على النزاعات والحروب مما دعا الناس إلى التفكير في إنشاء تنظيمات اجتماعية تنظم علاقاتهم الاجتماعية من أجل الدفاع عن أنفسهم من الأخطار الخارجية كالطبيعة أو الأقوام الأخرى, هذا يتم من خلال تنازل كل فرد عن قسم من أنانيته الفردية لكي يلتزم أمام الآخرين ببعض الواجبات من أجل تكوين تنظيم يساعدهم على البقاء ولكي يستمر تنظيم الأفراد الاجتماعي يجب أن يخضعوا إلى قادة أكفاء قادرين على توجيه حياتهم الاجتماعية توجيهاً يخدم حاجاتهم وحمايتهم، كل هذه الظروف عملت على ظهور فكرة العقد الاجتماعي بشكل طوعي دون إلزام أو إكراه من قبل أفراد المجتمع. إن النقطة المركزية ? التي ظلت تدور حولها نشاطات الإنسان لفترة طويلة هي العلاقة بين أفراد المجتمع بعضهم البعض من جهة وبين عناصر البيئة المتنوعة التي تحيط بهم من جهة أخرى, هذه تمثل مرحلة تاريخية تلتها مرحلة أخرى جاءت نتيجة تطور المجتمعات إلا وهي علاقة الحاكم بالمحكوم.
لكن لم يكن من السهل تحقيق هذه العلاقة, فالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي يفرض قوته لذا كانت نزاعات الفلاسفة والمفكرين لا ينتهي إلا بنهايتين أما رضوخ المفكر لفعاليات السلطة وأما الوقوف بوجهها وتحمل عواقب موقفه منها. كانت آراء المفكرين والرواد الأوائل لفكرة العقد الاجتماعي تهدف إلى إيجاد معادلة موضوعية للعلاقة بين الحاكم والمحكوم لكن اختلاف التوجهات في الأهداف والنتائج فضلاً عن الاختلاف في الرؤية السياسية والاجتماعية للمفكرين أنفسهم حالت دون بلوغ هذا الهدف.
مفهوم الحق الطبيعي باعتباره أساساً للعقد الاجتماعي:-
إنَّ فكرة الحق الطبيعي أو القانون الطبيعي شغلت اهتمام المفكرين والفلاسفة منذ زمن طويل لازمت هذه الفكرة كفاح الإنسان من اجل التوصل إلى المجتمع القائم على الفضيلة والعدل. ظل الوصول إلى هذا المجتمع الحلم الذي لم ينفك المفكرون والمصلحون يحلمون به إلى يومنا هذا ولقد أسهمت هذه الفكرة في دفع المجتمع البشري إلى الإمام والنهوض بالإنسانية وصولا إلى المجتمع المنظم وفق القواعد الثابتة التي يمليها العقل السليم ويستقر عليها الضمير البشري والكيان الاجتماعي.
إن مفهوم الحق الطبيعي المتميز عن الحق الوضعي هو قديم قدم الفلسفة حيث برز في العصور الإغريقية القديمة حتى أخذت المسيحية هذا المفهوم الذي يظهر القانون الطبيعي وكأنة التعبير عن الإرادة الإلهية
أن هذه الفكرة قد لازمت المسيرة البشرية وطموح الإنسان نحو تحقيق المجتمع القائم على العدل والإنصاف وعكست تاريخا طويلاً لصراع عنيف بين الحاكمة المستغلة وبين المحكومين وإذا كان الإنسان قد خاض صراعاً عنيفاً مع الطبيعة في بدء الخليقة وفجر الإنسانية فأنه خاض صراع أعنف مع الحكام والملوك في ظل نشوء الدولة عبر العصور وقد تجلت وحشية الحكام الأقدمين في الأنظمة الجائرة التي كانت تصنف الناس إلى طبقات عليا وسفلى أحراراً وعبيداً مالكين ومملوكين كما تجلت فيما قرَّروة من عقوبات صارمة تصل إلى الإعدام بابشع الوسائل ولأتفه الأسباب فضلاً عن معانات الإنسان لمختلف وسائل التعذيب النفسي والغريب ان الحكام كانوا في الغالب يدعون إلى سلطتهم وسيادتهم غير المحدودة إنما هي مستمدة من الإرادة الإلهية.[1]
ان المؤرخ أو الباحث في الجوانب الاجتماعية يقف حائراً حيال هذه الأجواء اللاانسانية التي عاشها الإنسان ردحاً من الزمن تمثل بالصحراء الجرداء المشمسة إلاَ انه لم يعدم فيها وجود واحات خضراء تمثل أمل البشرية في الإرتقاء والخلاص من الماسي والمظالم وما هذه الواحات الا نفحة العدالة التي ظهرت باسم القانون الطبيعي. لقد ذهب المفكر الهولندي (غروسيوم 1583 / 1645) إلى القول: بأن القانون الطبيعي هو قرار عقل سليم ينير في أمر من الأمور فيحكم عليه بحسب مناسبته او مخالفته للطبيعة العاقلة / هل هو فاسد أخلاقياً أم غير فاسد، وبالتالي هل هذا العمل هو واجب أم مخلوق من قبل الله خالق هذه الطبيعة؟
ولكن هناك من يرى إنّ هذا المفهوم لم يظهر لأول مرة في القرن السابع عشر ولا على يد غروسيوم. أنما يعود ظهوره لعدة أسباب هي تقدم العلوم واكتشاف أراضي جديدة فالمعرفة الجديدة للطبيعة يجب أن تعترف ببعد جديد للحقوق الطبيعية. فضلاً عن ذلك أن هذا التصور الجديد للطبيعة هو في جوهره علماني.2 هنا تكون الحقوق منفصلة عن الدين والسياسة ومن ثم دور العامل الأساسي لتطور الحقوق على هذا الشكل إلا وهو العامل الاقتصادي.
كانت الحقوق في تلك الحقبة غير متلائمة مع الرأسمالية التجارية كونها إقطاعية. وعليه فانه انطلاقة الرأسمالية قد ساعدت مدرسة الحق الطبيعي الذي قدم لها بالمقابل التبرير العقائدي حيث بدت قوانين التجارة وكأنها قوانين الطبيعة.3 كانت للمنظرين الجدد وجهة نظر حول الحق الطبيعي كونه يمثل المنفعة العامة وحقوق الأفراد والحالة الطبيعية وهكذا برروا الطموحات القومية وقدموا للملوك الحجة في صراعهم ضد النبالة التي كانت تتمتع بامتيازاتها[2]
أما بوفندورف (1632 ? 1694) مؤرخ الملكية السويدية فقد رأى الحق الطبيعي شرع ضروري لا يتغير، استمده العقل من طبيعة الأشياء. وأن دور السلطة هو وضع القوانين التي تهدف إلى التقييد بالحق فضلاً عن ذلك اهتم بوفندورف بتحرير فلسفة القانون من الثيلوجية وقال أن قوانين الطبيعة هي ذات صلاحية مطلقة لإجبار الناس حتى صادره فضلاً عن ذلك كلمة الله الموحاة.