
كانت السنوات التي سبقت انقلاب الإنقاذ في 1989م عهد أزمة اجتماعية وتأسيسية ،يسير في مجرى مُتأزِّم من الناحية السياسية .في هذا المجرى كانَ يتوالد جُرْذان القَبْو .. ..
جُرْذان القَبْو , هُم لفيف من قُسَماءِ العاهة في الأحياء السكنية وأماكن العمل والمدارس وداخليات الطلبة، تُمَيِّزُهُم العُقَد النفسية والعاهات الاجتماعية والوجوه الكالحة ،صيام الاثنين والخميس،حفظ سورة العصر وآيات الجهاد والإرهاب، شُنَط الحديد ،البُؤْس الشديد والانحرافات الجنسية ،تَعافُهُم النفوس، الوجدان السليم لا يطمئن إليهم ،وتُجْمِع القلوب على كراهيتهم .. ..
لقد كانت نتائج وآثار هذه الفئة مهمة جداً من الناحية الاجتماعية والسياسية فيما بعد انقلاب الانقاذ ،وإلى يَوْمِ الناسِ هذا. فقد تشكَّلت منها طبقة جديدة وسيطة بين الطبقة الشعبية والبورجوازية الوسطى .هذه الطبقة صارت في ظل الانقاذ صاحبة امتيازات ،ولكن هذه الامتيازات بائِسة أكَّدَتْ الثورة بُؤسَها لأنَّّّها وضعت أصحابها أمام خيارَيْن ; إمَّا العمل على المحافظة على هذه الامتيازات – على بُؤسِها – وبالتالي معاداة الثورة ،وإمَّا الاصطفاف مع بقية الشعب المستاء الثائر .. .. والحاصل أنَّ جُزءاً يسيراً منهم لا يكاد يُذْكَر التزموا جانبهم الصحيح من التاريخ وانخرطوا في الثورة، وجزء منهم ظَلَّ متحفظاً حائراً لا يدري أين يقف ،وجزء آخَر لا مُبالِياً لأنَّ إرادته الحقيقية منزوعة ومفروضة عليه إرادة خارجية هي إرادة البرجوازية العليا ولذلك كان عليه وبرغمه – كأنَّما يُساق إلى الموت وهُوَ ينظر – استبدال الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خير فعملوا – ولا يزالون – ثورة معاكسة ككتائب ظل تقتل رفقاء الطبقة الأقرب إليها، وأبواق إعلامية،وجداد الكتروني ،وآليات تخريب للسوق ،وإشاعة فوضى، وخفافيش ظلام ،وبكلِمة واحِدة جُرْذان قَبْو . ..
إنَّ أُطُر مجتمعنا – في اللحظة التاريخية الحالية – هِيَ ذات بنية طُفَيْلية دون أنْ تكون بالضرورة رأسمالية، ودون أنْ تكون هناك آفاق للوحدة الوطنية ،وتلعب فيها المتناقضات الاجتماعية الأساسية دوراً أبعد من المعطيات الاقتصادية التي توضح لحظة تاريخية معينة .ولذلك , في رَأْيِنا , يجب البحث عن الجذور العميقة والحقيقية للثورة في المتناقضات بين بُنَى نظام الانقاذ من جهة ، والحركة الاقتصادية والاجتماعية من جهة أُخْرَى . ..
إنَّ عدم وجود مجرد بارقة أمل في العدالة الاجتماعية هُوَ القاعدة اليوم ،وتزداد هذه القاعدة وتتأكَّد بواسطة العقلية التي فرضت نفسها كقائدة للثورة ،لكن لحسن الحظ سُرعان ما سقطت ورقة التوت عنها كاشفة عن أنانيتها .إنَّ تجمُّع المهنيين كجسم نقابي وإنْ ادَّعَى اعتزال السياسة فهو متورِّط في علاقات الآلة السياسية ،وكل لجنة من لجان التجمُّع لا تشعر إلا بالظلم الواقع على أحد أعضائها وبتمييز سياسي ،ومظالم الجماهير في حساباتها غريبة عن مصالحها .والحاصل , حتى هذه اللحظة وقبل المليونيات التي يتم الإعداد لها وتنطلق ابتداءً من الخميس القادم , الحاصل هو أنَّ طريق الثورة قد قُطِع بتسوية سياسية وتحوُّل ليبرالي بين قادة الثورة وجرذان القبو والبورجوازية العليا ,يتمَّ بموجبها الإبقاء على الشعب يتيماً في مائدة اللئام ،وبرجاء أنْ تقود الليبرالية إلى شمولية أخرى على طريقة السيسي في مصر .صحيح, أنَّ شكلاً جديداً من العقد الاجتماعي لا يستطيع الاستقرار على وجه الأرض حتى يتم استنفاد تجارب الشكل السابق في حده الأقْصى .وصحيحٌ أيضاً , أنَّ مكوناتنا الاجتماعية لم تصل بعد إلى قوة حقيقية للإبداع التاريخي ،ولا إلى نقاط تلاقي للدرجة التي تُنْتِج انقلاباً اجتماعياً وسياسياً بالصورة الجذرية ،وأنَّ الثورة الحالية تبدو ناجمة عن حصيلة تبدُّل نوعي مفاجئ ،وليسَ عن تطوُّر تصاعدي ،ولكنَّها لن تكف عن النمو والتمدد في داخل أحشاء أعدائِها، وتحطيم القيود ،والانطلاق إلى غاياتها.
“شُكْرِي”
شكرى عبد القيوم
[email protected]
آيات الجهاد والإرهاب ؟؟؟
لاحول ولا قوة الا بالله
هل كاتب المقال فاهم ماكتبه
إلا كتاب الله