أخبار السودان

ظِل إستفتاء دارفور.. واعوجاج عود شرعيته !

النتيجة التي أعلنتها مفوضية الحكومة بالأمس بنسبة ناهزت الثمانية وتسعين بالمائة لصالح بقاء نظام تقسم إقليم دارفور الى ولايات ..تذكرنا بتلك الإستفتاءات الألعوبة والمضحكة التي تجري في البلاد المحكومة بشمولايات خلط أوراق من صوتوا بلاء مع أرواق نعم .. وهي في الجانب الطريف من موضوعنا تذكرني بإحدى تلك الحملات إبان إنتخابات نميري
( أيام.. قلناها نعم إياها )
.. حيث جئنا نحن عدد من الشباب المتحمسين ناحية صندوق ..لا.. فضحك رئيس اللجنة بذلك المركز الإنتخابي ساخرا منا وقال لنا ضعوا أصواتكم حيثما شئتم ..ففي النهاية ستأتينا هنا في صندوق نعم !
أما في الجانب المُحزن المُبكي فإننا نذكر بالحسرة والألم تلك النتيجة الكارثية لإستفتاء مواطني جنوب السودان حينما جُرت فيه أياديهم الى منزلق إختيار الإنفصال عن الشمال .. فحصدوا في النهاية دمار وخراب وطنهم المأزوم أصلا بنعراته القبلية التي صبت صراعات إحن السياسيين زيتا على حريقها .. وهاهم المواطنين الجنوبيين الغلابا .. الآن إما أنهم فقدوا أرواحهم وفلذات أكبادهم في حرب لم يكن لهم فيها ناقة سياسة ولا جمل مصلحة وإما باتوا هائمين على وجوههم خلف بطونهم الخاوية و قلوبهم الخائفة بحثا عن أمان الحياة ولو في حد مقوماتها الأدنى !
فخيار التقسم الذي نسب الى إرادة إنسان دارفور المغيبة لن يقف عند الخمس ولايات كما توقعنا في مقال سابق .. وهاهي بعض الشخصيات المحسوبة على الحزب الحاكم من أعيان دارفور تطالب بالمزيد من الولايات قبل أن يجف حبر نتيجة الإستفتاء .. تلك المزعومة .. وهي خطوة ستسير حتماً بالإقليم الى المزيد من دلق سياسة الترضيات التي ستفاقم من وحل التكاليف الباهظة جراء إنشاء إدارات جديدة بكامل دسم تبعاتها التي ستثقل كاهل ميزانية الإقليم وستكون على حساب تنميته البطيئة الخُطى وتضيف بعدا مأساويا على معاناة مواطنه المسكين ولن تقصر من الظل الإداري الذي سيغدو هلاميا مترهلاً!
ولن يستقيم بالطبع ظل هذه النتيجة التي تحفظ عليها حتى من كانواغلاة في محاباة النظام خلال شدة وطأته فوق جسد دارفور أمثال السيد عثمان كبر الذي حذر من توجه الحكومة ناحية تكريس نظام التقسيم في تصريحات صحفية نُسبت للرجل قبل بدء الإستفتاء بعد أن أصبح مغبوناً يعرض خارج دائرة منصب الوالي وقد إحتلها طويلا..!
ولعل موقف رئيس السلطة الإقليمية الدكتور التيجاني السيسي المناهض هو الآخر لذات التوجهات الحكومية التي أفضى اليها الإستفتاء هو ما جعله أيضا يدفع ثمن موقفه بان بات الإقليم مفوضية تتبع لرئاسة الجمهورية وهو أمر ينسجم في مجمله مع سياسة الرئاسة بالتكويش على سلطات الولاة بجعلهم موظفين ليس إلا بعد أن كانوا حكاما منتخبين وبما يتناقض مع فرضية شرعية نتيجة الإستفتاء من اساسها وإن إستندت على حق ما يقال أنه أحد مخرجات إتفاقية الدوحة .. وذلك ما يجعل ظل تلك النتيجة أعوجا .. إذا كيف لا يكون بذلك الشكل وعوده لا يقف مستقيما على أرضية المنطق .. و كيف يكون لمواطن الإقليم حق التصويت على كيفية تكوينه الإداري بينما يُنزع عنه ذات الحق في إنتخاب من يديرون ذلك التكوين!
ولعل الذي لم تحسب له حسابا الجهات الحكومية التي تدعي انها تسير في إتجاه تنفيذ تلك الإتفاقات التي أبرمتها معها بعض قيادات الحركات المسلحة بعد أن عاثت فيها هي نفسها تشتيتا وتقسيما وإنفرادا بقاصيتها ونطيحتها ومترديتها أو ما كنت تخشى قوتها حتى .. فإن هذه النتيجة ربما تؤدي الى توحد تلك الحركات من جديد لتقف متماسكة في الضفة الآخرى من نظام المؤتمر الوطني وهو ما يُخشى أن يصعد من أوار الحرب ونزيف جراحاته في الإقليم و معاناة أهله أو على الأقل تجديد حالة الإستقطاب في المارثون الإقليمي والدولي الوالغ أساسا في دم مواطنه المنكوب و المناطق المشتعلة الآخرى والرفض لمبدأ الإستفتاء في مواقفه المعلنة..وذلك سينعكس مردودا سالبا على غير ما توقعت الحكومة من انها أي نتيجة الإستفتاء ستكون فتحا تنمويا و استقرارا وبداية لجمع السلاح الى أخر تلك الأماني العذبة التي يتغنى بها أهل المؤتمر الوطني ومن هم خلفهم من كورس أحزاب الفكة التي تنتظر هي الآخرى نصيبها من تقسيم لحم الإقليم المذبوح بسكين شرعية الإستفتاء الثلمة والصدئة..!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. السيسى وزبانيته أدى دوره بجدارة كما رسمها له البشير وهو ينتظر الآن الجائزة بمنصب كبير في حكومة ما بعد الحوار الوطنى.

  2. كل المءاسي التي عاشها انسان دارفور سببها الزوغو الله لا بارك فيهم ولن سياءتي اليوم الذي سيتحد فيه كل الغرابه ضدوهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..