الديمقراطية العكسية – من أنقرة إلي الخرطوم

الديمقراطية من حيث تعريفها الصحيح يقصد بها اختيار الشعوب للسلطة الحاكمة سلميا عبر وسائل يتم اﻻتفاق عليها ومن ابرزها اجراء اﻻنتخابات المباشرة، والتي تمنح الشعوب حق التصويت بحرية كاملة ﻹختيار رئيس الدولة ونواب البرلمانات، دون أي تأثير يكبت إرادة المواطن ويحول دون إبداء رأيه في من يحكمه من ابناء بﻼده المرشحين، لكن الكثيرون يمارسون الإحتيال بالتحايل علي الشعوب وتغيير مسارها في جو يطلق عليه ظاهرا مصطلح الديمقراطية بيد انه يستبطن جشع الدكتاتورية وﻻ يعكس الإرادة الشعبية البتة، وكثيرا ما يتم استخدام الإعﻼم التجاري الباحث عن الأرباح وكنوز السلطة، للترويج عن المسرح الكاذب باسم الديمقراطية، وهذه الحاﻻت يصعب السيطرة عليها إﻻ بوجود فحص دقيق تقوم به المراكز الدولية ذات الصلة واﻻعﻼم الحر بالتعاون مع الرأي اﻻخر المعارض واخذ تقيمه وتحري تقاريره حول ما دار بشفافية مطلقة، حتي يتم التأكد من صحة سير الديمقراطية بشكل سليم، فإن عرجنا الي تركيا ونظرنا ﻹنتخاباتها اﻻخيرة سوف نﻼحظ بوضوح دكتاتورية حزب العدالة والتنمية تحت غﻼف الديمقراطية التي ركبها السيد رجب طيب اوردغان الي السلطة مرة آخرى، وفاز حزبه بقوة يقدر حجمها بسنبة %85، حيث أدار الرجل حملته اﻻنتخابية بكل ما جاد به جيبه من مال الدولة، دفعه للأجهزة الإعﻼمية وحلفاء حزبه لتمرير اﻻنتخابات كما يريد، واخيرا كسح و فاز واحتفل علي منصة التتويج، بينما الأجهزة الأمنية تشن حمﻼت اعتقاﻻت واسعة ضد معارضيه ومنافسي حزبه في المدن الكبرى والأقاليم طالت اكثر من 57 معارض سياسي، والقوات التركية تقصف حزب العمال الكردستاني، واكثر من 20 مواطن ماتوا داخل المشافي التركية بسبب تناولهم كحول فاسدة تم استيرادها باشراف الحكومة وملايين المعارضين تم اعتقالهم مؤخرا بتهمة المحاولة الإنقلابية ولا صلة لهم بها، فقط وجدها أردوغان فرصة مناسبة لتصفية المعارضة وإحكام التمكين علي بتعين اتباع حزب حيث أماكن المخلوعين والمنفيين، فأي ديمقراطية تقوم في جو ساده قسطل العدالة والتنمية الإسﻼموية الأوردغانية، السيد رجب طيب يحاول الإنقﻼب علي الديمقراطية تدريجيا ﻷنه قمع المعارضة وصادر دورها في إدارة المشاركة السياسية واضعفها بالسجن والتعذيب والإرهاق المالي وفرض هيمنته علي مفاصل الدولة تمهيدا لتبيطق سياسة التمكين التي انتهجها قبله النظام اﻻنقاذي الإسﻼموي في السودان برئاسة الجنرال عمر البشير، فالإسﻼميين بكل مسمياتهم واماكن تواجدهم يتبادلون الخبرات الخبيثة ويتشابهون في الدموية والإستبداد، ولهم إستراتيجيات اخبث للتحكم علي السلطة والتفنن في قهر الشعوب، وﻻ يمكن أن يعرفوا معنى الديمقراطية، وإن تتبعنا تسلسل مسيرتهم السياسية عبر التاريخ في شمال افريقيا وبﻼد السودان وتركيا وغيرها، سوف نتمكن من فهم طبيعة عمل هذه الجماعة ونهجها الإقصائي وخطورتها علي مستقبل الدول التي تمكنت من التسلل إليها، ولربما نحن في السودان اكثر الشعوب تضررا بسياسات تلك الجماعة ونعلم ما ﻻ يعلمه اﻻخريين عن خبايا اﻻخوانجية ونزعتهم السلطوية خلف ستار اﻻمة اﻻسﻼمية بل المتاجرة بالدين في سوق السياسة لتحقيق اهداف ومرامي تنظيمهم اﻻخواني والتي ﻻ صلة لها بشعاراتهم المرفوعة زورا، فإن نظرنا بعين فاحصة لسيناريوهات اﻻنقﻼب علي الديمقراطية وانتعال الفساد لعبور صناديق اﻻقتراح في تركيا او ركوب الدبابات ومهاجمة القصر الجمهوري السوداني لسلب السلطة من ايدي الشعب سندرك حقيقة هذا التنظيم، ويكون علي الشعوب الواقعة تحت حكم تلك الجماعة دور تاريخي للتغير والتحرر ﻻ بد من الوقوف عليه لمنع تمدد عبث اﻻخوانجية وحتي اللحظة كثيرون من يعتقدون ان هذا التنظيم تختلف سياساته من دولة ﻷخرى وهذا غير صحيح فقط تختلف آلياتهم التي يستخدمونها لبلوغ مقاصد مشتركة بينهم او قل مقصد واحد وهو كرسي الحكم والذي بموجبه تتم السيطرة علي العقول البشرية وتبدأ عجلة الفساد واﻻستبداد تسير بسرعة البرق التي تقاس بكل المقايس الزمنية وتشيع الفوضى السياسية واﻻنحطاط الثقافي واﻻدلجة الدينية المهوسة كأحدى الطرق اﻻقرب لتخدير الشعوب وتغيبها عن واقعها وركل كل ممانع او مقاوم إﻻ المساوم والمدوام علي التصفيق والتحليل والتكبير حفاظا علي حياته ومصالحه الشخصية، وتستمر في كل اﻻحوال عجلتهم في شق دروبها الي حيث اريد لها الذهاب، وتكون القوانين والدساتير حبر علي ورق، وﻻ تسري إﻻ علي الضعفاء المغضوب عليهم والمغلوب علي امرهم والمسلوبة ارادتهم وحقوقهم وكرامتهم، والحرب وسفك الدماء اهم ركائز العقلية الأخوانجية للتشفي الغير مبرر من المجتمعات، وتلبي بها رغبة الإستمتاع بتعذيب الآخر، وسماع صراخه وولوﻻته وتلك حالة نفسية مشوهة شبيه بما نشاهده في افﻼم ” مصاصي الدماء ” هكذا يفعلون اينما وجدوا، ولنا في السودان نموذج اختبرنا من خﻼله منهج التنظيم العالمي لﻸخوان المسلميين، نقدمه للعالم اجمع لدراسته واجراء المقارنات والمقاربات اللأزمة، لفهم هذا السلوك البربري والبحث عن عﻼج ناجع له ومنع انتشاره، فما حدث في السودان منذ ربع قرن من الزمان ونيف، كان ابشع واشنع انواع الظلم والفساد وتغبيش العقول، وأعلى درجات السلوك العدواني الأخوانجي تجاه المجتمع السوداني، وإن كانت هناك موسوعة غينس لقياس ارقام اﻹبادة البشرية والعنصرية وسياط بيوت الأشباح وبؤس محاكم التفتيش والفقر والأمراض وانتشار الفساد والضﻼل باسم الدين ومحاربة الثقافة والفكر المتحرر والمتجرد من خرافات العصور الوسطى والجاهلية، فإن النظام السوداني أولى بها من غيره، وﻻ خير يرجى من من ﻻ خير فيه، ولن تنال الشعوب حريتها ما لم تناضل وتكافح وتقدم التضحيات مهرا للحرية، وﻻ حكم نافع إن خرج الحاكم عن طريق الشعب وادار ظهره عن تطلعاته، ولن يستمر الظلم مهما طال عهده، وصوت الشعب دوما أقوى من ضجيج البنادق وقصف المدافع والسجون التي تحتضن الأبطال والأحرار، الذين لم يتراجعوا يوما عن بث الوعي والمطالبة بدولة العدالة والديمقراطية الحقة.
سعد محمد عبدالله
القاهرة
[email][email protected][/email]
فرق السماء والارض بين النظام التركي والسوداني مهما تمسح النظام السوداني بالنظام التركي
سئل اوردغان كيف حقق نهضة تركيا اجاب في كلمتين فقط … انا لا اسرق …
اما السودان فلسنا في حاجة لذكر ملفات الفساد لان الامر يستغرق وقتا طويلا ويحتاج الى مجلدات ضخمة
لا سبيل للمقارنه مطلقا وكليا
تلك تجربة وهذه تجربة لا يجمع بينهما اي شئ ابدا وكليا
فرق السماء والارض بين النظام التركي والسوداني مهما تمسح النظام السوداني بالنظام التركي
سئل اوردغان كيف حقق نهضة تركيا اجاب في كلمتين فقط … انا لا اسرق …
اما السودان فلسنا في حاجة لذكر ملفات الفساد لان الامر يستغرق وقتا طويلا ويحتاج الى مجلدات ضخمة
لا سبيل للمقارنه مطلقا وكليا
تلك تجربة وهذه تجربة لا يجمع بينهما اي شئ ابدا وكليا