مقالات سياسية

في خضم الثورة

يسأل بعض الناس بإشفاق عن موعد الثورة القادمة وكيفية اندلاعها، وهم لا يدرون انهم في خضم انتفاضة مستمرة تكاد تكون يومية.
تحت جنح الليل يتفق السدنة والتنابلة على بيع جامعة الخرطوم، ولكن السودان لا يعرف الأسرار فينتشر الخبر ويعم القرى والحضر، فيتصدي الطلاب للمؤامرة وتخرج مظاهراتهم هادرة،فيكون رد فعل (الخونة)الضرب بالبمبان والرصاص المطاطي، والاعتقال.
وكلما اشتد القمع على الطلاب،كلما كانت المظاهرات أكتر حجماً، وأوسع انتشاراً،فصارت الجامعة مثل القلعة العسكرية،من حولها تصطف دفارات العمليات وطوابير الشرطة وبكاسي الأمن، فلا يرهب ذلك الطلاب، ويتضامن معهم آخرون من جامعات (تانية)، فيستخدم السدنة الرصاص الحي، ويسقط الشهداء والانتفاضة الطلابية لا زالت مستمرة.

ويكاد الرعب أن يقتل النظام وأعوانه،وهم يرون روح الثورة وبريقها يجتاح المدن،فيضرب أطباء كوستي عن العمل،بسبب البيئة الصحية المتردية والإهمال المتعمد لتجفيف المستشفيات الحكومية،ولا يرهبهم التهديد بالفصل عن العمل أو الاعتقال،فالقضية كبيرة تهون دونها التضحيات.

ويتضامن أساتذة جامعة الخرطوم مع الطلاب فيعتصمون عن الدراسة،ويحملون النظام مسؤولية ما حدث،ولكن رد فعل السدنة (وهم في قمة الخوف) يتجلي في إصدار قرارات الفصل بحق طلاب وطالبات، بغية إرهاب الآخرين، وإغلاق الجامعة (البؤرة الثورية) ولكن هيهات.

ويعتصم طلاب الهندسة في جامعة الإمام المهدي بكوستي بسبب تواطؤ الإدارة، ولائحتها التي تصادر النشاط السياسي، فيطاردهم الأمن،ويضربون بالهراوات والبمبان، ولكنهم صامدون في اعتصامهم لأكثر من شهر.
ويخرج طلاب البحر الأحمر في مظاهرات هادرة دعماً لطلاب الخرطوم،وتحتج الأحياء في العاصمة علي انقطاع الكهرباء والمياه وسوء الخدمات،ولا يخافون بكاسي الأمن ولا دفارات العمليات.
ويتظاهر المواطنون في كل حين على بيع الميادين وتجفيف المدارس،وتردي الخدمات الصحية، فترد الحكومة بالقمع، ويردون بالمزيد من التظاهر.
وتمتد المظاهرات للريف البعيد، وأهالي كجبار يلقنون النظام درساً في الدفاع عن أرضهم، وناس الشريك كذلك، والبجة متمسكون بمحاكمة من قتل أبنائهم، وأسر شهداء سبتمبر لم تقبل التعويضات المالية، لأنها تعرف القتلة.

سوء الوضع الاقتصادي، من سوء النظام الفاشل الفاسد، وكيما يعيش الناس الحياة الكريمة لا بد أن يسقط النظام، هذه هي المعادلة التي يفهمها سواد الشعب الذي لا تزال جذوة الثورة فيه متقدة، بل أصبحت فعلاً يومياً يمارسه شاء النظام أم أبي.
ليس لدى النظام سوى القمع بكافة الوسائل المتاحة لديه، والآلة العسكرية هي حائط صده الاول والأخير، لكنها لا تصمد أمام زحف الجماهير لأن (المحرش لا يقاتل) ولو أنفق فيها 100% من الميزانية، وليس هنالك من نظامي (مهني) يرضي ان يموت لقاء نظام فاسد .
إذن الثورة مستمرة والخائن يطلع برة، وسيرتقي الفعل الثوري حتي لحظة الإنشطار النووي، وعندها سيعرف العالم أجمع قدر شعب السودان، الذي إن صمم على شئ فلا بد أن يناله رغم الوعيد والجنجويد، وبيانات التهديد.

كمال كرار
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لكنهم لا يرون الشمس في رابعة النهار … صدقت يا كمال ، الثورة الآن فعل مضارع مستمر و علامة رفعه الغضب الذي يشع من العيون … هم يتعامون عن أن فكرهم معفن بليد متخلف لن يحقق اي شيء سوى الفقر و الحرب و الأمراض و التخلف و الجوع … نعوّل على شجاعة المثقفين الذين سينيرون العقول بفضح الخرافة و الدجل و الكذب و الماضي الوهمي فلا يكفي سقوط النظام إنما يجب اسقاط كل دعاوى الدجل و فتح الجرح المتقيح لتطهيره من صديد الأكاذيب .

  2. لا فض فوك يا أستاذ كمال! مقالك هذا يلقن هؤلاء الكيزان المطاميس درساً واضحاً في أن الظالم لن يرتاح وإن جيَّش ثلاثة أرباع الشعب لخدمة نظامه الظالم!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..