نوال السعداوي.. والمرأة والصراع النفسي!! (3)

نوال السعداوي.. والمرأة والصراع النفسي!! (3)

أمال عباس

٭ قلت إن الوقفة مع الشرط النسوي في القرن الحادي والعشرين تستوجب وبصورة ملحة وضع الأمر برمته على مائدة البحث والدراسة حتى لا تختلط المفاهيم وتأتي الاحكام والمعالجات خارج إطارها السليم.
٭ بحثاً عن وضع المرأة عبر التاريخ وعن العوامل الأساسية والموضوعية التي تشكل في عموميتها ما تسميه بقضية المرأة عرضنا بالامس الى مجتمع الام حيث كانت المرأة تمارس سلطات وصلاحيات كثيرة ومطلقة في شكل بدائي وغير منظم ليست فيه دولة ولا رعي ولا ماشية ولا زراعة ولا نقود.
٭ ولما اكتشف الرجل الحديد والنحاس والبرونز وعرف صناعة الاسلحة والاواني.. شعر بالقوة.. والشعور بالقوة أخذ يتمركز بين يديه ويزداد وضوحا مع الزمن فهو الذي اكتشف هذه الاشياء الجديدة في الحياة وبالتالي تغيرت انواع الحياة والممارسات للواجبات..
٭ وبدأت الحروب وصارت المختبر الاول للقوة والجبروت.. ولما كان الرجل هو مالك الاسلحة والاواني وقطعان الماشية تضاءل دور المرأة واقتصر على الاعمال المنزلية وانجاب الاطفال.. ومن يومها ظل الرجل يجاهد لانزال المرأة من كرسي الزعامة.. فهو يريد ان يرثه اولاده عكس الحال في مجتمع الأم حيث يرثه اشقاؤه وشقيقاته فأولاده ينتمون الى قبيلة أمهم وهذا امر طبيعي فهو يريد ان يتناسب وضعه الاجتماعي مع وضعه الاقتصادي.. وبدأت المرأة مقاومة لهذه المستجدات وصلت حد حمل السلاح ولكنها منيت بفشل ذريع امام تغيرات الحياة الاقتصادية ونشوء الاقطاع والرأسمالية التي قامت كلها على أساس هيمنة الرجل الاقتصادية على الاسرة وعلى المجتمع وعلى الدولة بمفاهيمه.. وأتت كل التشريعات مركزة على تبعية المرأة.. وحتمت عليها ان لا تكون لها مهمة غير الانجاب واعداد الطعام.
٭ كتب الهند المقدسة لا تعطي المرأة حق امتلاك الثروة فلاسفة اليونان على وفرة اهتمامهم بأمور الحياة والفن لم يرتفعوا بالمرأة الى منزلة أعلى.. بل في كثير من الأحيان جهروا بأصواتهم العدائية لها فيثاغورس يقول مبدأ الخير خلق النظام والنور والرجل ومبدأ الشر خلق الفوضى والظلمات والمرأة.. وابقراط يقول المرأة هي في خدمة البطن وارسطو يقول: الأنثى أنثى بسبب نقص معين لديها في الصفات وافلاطون نادى بإشاعة النساء..
٭ والحضارة الرومانية لم تعترف للمرأة بارادة حرة ولا مستقلة وانما نادت بتبعيتها المطلقة للرجل.
٭ ظلت المرأة تتطلع للشرائع الجديدة في كثير من الامل.. ولكنها كثيرا ما تعرضت للشعور بالخيبة والخسران فبالرغم من ان المسيحية اتت دعوة محبة وخير وسلام.. منادية بالخلاص للمضطهدين والمغلوبين على أمرهم والرقيق الا ان الكثير من آباء الكنيسة وقساوستها اعتبروا ان المرأة عدوة وتجسيدا للمفسدة وهلاك للروح وقد قال يوحنا (ليس هناك بين كل وحوش الارض المفترسة من هو أشد أذى وضرراً من المرأة).
٭ وأتى الإسلام منارة مشعة للغلابى وللمسحوقين الذين سحقت الجاهلية انسانيتهم وكرامتهم.. وجاء القرآن الكريم واضحاً في ضمان الحياة للمرأة التي كانت تدفن حية (إذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت) وارتفع الاسلام بالزواج من عقد التجارة والملكية او المتعة الجسدية الى أواصر المودة والرحمة.. بالرغم من ذلك نجد الكثير ممن يتحدثون باسم الاسلام ينطلقون من منطلقات خاطئة لفهم التشريعات.
٭ هذه صورة سريعة وخاطفة لخلفية قضية المرأة عبر التاريخ وانا لا أسمي هذا الاضطهاد الذي تعرضت له المرأة ومازالت تتعرض له في جميع بلدان العالم المتخلف والعالم الرأسمالي لا استطيع أن اسميه اضطهاد الرجل للمرأة.. وان كانت جذوره ما قبل التاريخ تبدو هكذا ولكن إذا وقفنا على الأسباب وقفة متعمقة نجد انها اكبر من المرأة والرجل معاً وضدهما معا.. انها نظم الحياة ومتغيراتها الاقتصادية.

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..