اخيرا رواية اموشي في المكتبات العامة

* و أخيرا وبعد انتظار ثلاثة أعوام صدر عن دار { طرابيل للنشر } رواية { أموشي } في طبعة رائعة وبتصميم اروع و التي كما اشرنا تعتبر واحدة من أعظم الانجازات الادبية ,,, , ومن ا لمتوقع ان تحدث حراكا واسعا ونشاطا ادبيا حيث من المنتظر إخضاع العمل للدراسة النقدية الموضوعــية باعتباره عملا فنيا ادبيا محكوما ومحصورا في إطاره الفني الأدبي , وأي محاولة لتأويل الفكرة , لأضفي أي بعد أو طابع أخر { أبستمولجي } يعتبر انحراف وقصور معيب . وستظل هذه الرواية مفخرة للنيل الأزرق , وشرف لقيسان التي أنجبت كاتبنا الفنان عصام الذي استطاع بروايته هذه ان يصعد بالنيل الازرق الي مصافي الدوائر الادبية ويتصدر واجهات الاخبار باعتبار انه منها و مسرح كل احداث الرواية علي ارضها {قيسان } ?هذا عندما توجت بجائزة الطيب صالح العالمية في دورتها الخامسة للعام 2015م .
ولقد كان حري بنا الاحتفاء بهذه المناسبة وتكريم الكاتب من قبل حكومة الولاية ووزارة الثقافة لكن تجاهلوا كل هذا الزخم والألق وتعاموا عن رؤية الروعة والدهشة, ولقد بذل جهودا مقدرة وسعي وبكل السبل الي تمليك القراء الكرام نسخة من الرواية بأقل تكلفة ممكنة ,حيث كانت تكلفة النسخة التي طبعتها الشركة الراعـــية {زين } حوالي {70} جنيها انذاك , لذا كانت هناك محاولات لكنها لم تنجح لطباعتها بنظام كتاب في جريدة بحيث لا تزيد التكلفة عن بضعة جنيهات فقط حتي يتسني لكل القراء الكادحين امتلاك نسخة من الرواية .
ستظل رواية {أموشي} الحائزة علي جائزة الطيب صالح العالمية الدورة الخامسة للعام2015 للكتاب والفنان التشكيلي عصام عمر ابراهيم الشهير {بعصام قيسام } والتي تمت تدشينها في 19/1/2016م بفندق الهلتون سابقا بواسطة شركة زين للاتصالات ستظل واحدة من اعظم الانجاوات الادبية علي الساحة المحلية والاقليمية والعالمية , وعظمة رواية اموشي كما اشرنا سابقا تكمن في واقعيتها وان بطلها الاسطوري {أموشي } شخصية معاصرة كان يمشي بين الناس ومسرح احداثها بلدة قيسان وروابيها ووديانها وتلالها وحدائقها الوارفة الظلال وبساتينها اليانعة الثمار ومروجها الخضراء ونهرها الخالد { تمت } وجبلها الاشم {قشن } وكذلك في خصوصية التنوع الخطابي والخصوصية السردية الراهية الخالدة الذي اعمل فيها الروائي ازميله كفنان تشكيلي ببراعة فائقة تنم عن تمكنه وإمكانياته المتعددة والمتنوعة ولغته ومفرداته المنتقاة بعناية ودراية . وستظل هذه الرواية { سيمفونية} موسيقية رائعة سيتردد صداها علي امتداد ومحيط جبل {قشن } ووادي خور تمت الخالد و سيتناقلها الأجيال علي مدي الازمان, وذلك ما يفاجئ القارئ للرواية من الوهلة الأولي , لقد كانت دهشتي عظيمة وانا انتقل بين سطور وصفحات هذا السفر الخالد الذي علي اكثر مائتي صفحة من الحجم المتوسط وكأنني أكتشف من جديد تأريخ هذه البلدة العظيمة التي تدور علي مسرحها احداث هذه الرواية وهنا تكمن عظمتها, ـ المسرح والشخوص والأبطال والأشجار وكل الأمكنة التي تحرك فيها و معها بطلنا الأسطوري {أموشي} كما اشرنا كانت معروفة بالنسبة لنا وعاصرناها لكن ليس بهذا العمق وهذه التفاصيل المذهلة , لقد اذهلنا الصديق عصام , بقدراته المتفجرة وامتلاكه لناصية المفردة الناصعة الأنيقة التي يضاهي بها أعظم الروائيين العالميين ولاسيما وان هذا العمل يعتبر باكورة إنتاجه الأدبي علي النطاق الواسع , باستثناء مئات القصص القصيرة المنشورة في كافة الوسائط الإعلامية الورقية والأسفيرية هنا وهناك , وما يتبادر الي الأذهان مباشرة لكل من يتصفح هذه الرواية هو لماذا تأخر عصام كل هذه المدة وحرم محبيه هذا الفيض العذب ؟؟, و أقرءوا كيف بدأت الرواية }
{{… السماء منذ الأمس تمارس الاحتقان, فالقطرات تساقط بتأن, و {رف القطية*} يستقبلهن بنفس البرود ثم يرسلهن متتابعات نحو محيطها , دخان الطلح المنبعث يغادر تلك الأشكال المخروطية في تحد واضح يلمع الفراغ كلما نظمت خيوط الشمس , القطرات الذائبة في مزيج الأزرق النيلي المشرب بخضرة التركواز,…….الخ ثم يضيف وفي نفس الأسطر الأولي للرواية ….. السماء تغالب سحبا ممانعة تربض بينها وطين الأرض الخصيب , الكل ينتظر , فالأغنام لم تغادر دفء مساكنها أسفل الجبل , كانت تدق أظلفها علي أرضية أعواد { القنا} المنسوجة بدأب صبور لا تبالي لسيقانها المحشورة أحيانا بين العيدان… الكل باق علي قلقه المتطاول والسماء علي موقفها ……..الخ }}
وتتوالي الأحداث وتحت عنوان وسكت المطر يتحفنا الراوئي بهذه الصور البديعة الرائعة التي تنقلنا وتعيد عقارب الساعة الي تلك الفترة الزاهية ونحن في ريعان شبابنا في تلك البقعة العزيزة , وتمتلئ معاقينا بالدموع وعصام يفجر فينا ينابيع الذكريات , وحكايات الطفولة المحفورة في الأعماق اذ يقول …
{{ اللواري التي وصلت عند أول توقف للمطر غطاها الوحل بالكامل , البلدة انتظرت ثلاث ليال تتناقل اخبارها ,بداية الموسم يتكرر المشهد وينشط ـــ يني الكمسنجي وشريكه حسين دلس ـــ فيبدأون بمضايقة بشير ود ابو حلة لإخلاء باحة الموقف والعمل علي تسوية الأرض من شقوق طين الخريف وتلك التي تحدثها أحذية مرتادي السوق . الحمالون كانوا أسعد الناس , فهاهم قد نفضوا عن ظهورهم كسل الخريف وأختفت حفر {السيجا} وأموشي شاركهم الفرحة وعقد صداقات جديدة مع صديق سكسكه سائق الداؤودي وحسن محمود سائق السفنوج والثلاثة الذين معهم وكأنه كان ينتظرهم ويعرف مقدمهم السمك المقلي الذي الذي امتلأت به صناديق الزوادة في اللواري كان يزين مائدة أموشي ومن ثم ينتقل الزيت الي العراقي , ويبحرنا بنا عصام الي عوالم الروعة وينقل لنا هذا المشهد اذ يقول علي ص ـ 67 ــ :ـــ
{ الساعة الرابعة والنصف عصرا , الشمس ترسل ما تبقي من خيوطها عبر غابات المانجو , تومض علي امزجة الرياح الراحلة علي شط تمت قيل ان يحجبها { قشن } الذي يجثم علي ضفته الغربية كتنين الخرافة يحرس البلدة مؤكدا الحد الفاصل بين السودان واثيوبيا وينصف نفسه بينهما } وحتي لا نفسد عليكم روعة ومتعة التهام سطور هذا السفر الخالد ندعوكم الاستمتاع بجمال وروعة قيســــــــــان .
ان يوثيق لتأريخ البلدة ولجغرافيتها وتضاريسها لقد استطاع عصام المترع حبا لبلدته قيسان ولمكوناتها .
وستظل كافة الأساطيرالتي كانت تلاحق وتحيط بالبطل أموشي حافزا لمزيد من البحث والابداع , من أين أتي ؟ وكيف وصل الي قيسان وكيف خرج منها ؟ وما هو سر عزوفه عن الحديث وضحكته المميزة ذات المقطعين ؟ ولماذا ظل محبوبا ومقبولا بالرغم من قصر قامته وملابسه الرثة ؟؟ وماهو سر قوته الهائلة وقدرته لحمل تلك الكتل الضخمة؟ وماهو سر تفاؤل الفتيات به ومحاولات التودد والتقرب اليه منهن ؟؟ ما هي طبيعة الجينات التي كان يحملها , إذ انه لم يمرض إلا مرة واحدة , حسبما كان متداولا آنذاك ,
وكما كان تأريخ 19/فبراير 2015م يوما خالدا , حيث تم فيه الإعلان رسميا عن تتويج رائعة { أموشي } بوشاح العالمية , ومنذ ذلك التأريخ ظلت أعناقنا مشرئبة وراوحنا تواقــــة لمعانقة السفر الخالد المتوج .
وفي 19/يناير 2016م تم التدشين الرسمي للرواية إيذانا بنزولها إلي المكتبات وأيدي القراء ولكن تأخر ذلك كثيرا حتي 1/5/2018م نتيجة سياسات النظام العقيمة وكان عصام بحضوره البهي الأنيق , فارسا مقداما , ملأ العين أعطي بسخاء , وأجزل العطاء والوفاء , وعاشقا و محبا وفيا , شكرا عصام , شكرا وأنت تخلد هذه البلدة الرائعة ــ قيسان ــ درة النيل الأزرق وزهرة المدائن التي ما تزال في الوجدان رغم مرارة الحرمان , هنيئا لها ولكم ولنا وحق لنا ان نباهي بكم وبرائعتك الأمم وستظل أنت أيها الرائع ملأ العين وتاجا علي الرؤوس . وإنها فرصة للتواقين لمعانقة الجمال واحتضان الروعة واستحضار الماضي التليد بعبقه وأريجه لربطه بالحاضر , ودعوة صادقة للجيل الجديد جيل التضحيات لالتقاء جيل البطولات لاستكشاف سر روعة وجمال قيسان ووفاء أهلها وتشبثهم بها , سارعوا لاقتناء نسخة من رائعة أموشي الآن ……. والشكر والتحية لكل الذين كانوا يلاحقوننا بالأسئلة ونعتذر لهم . والله الموفق والمستعان