دمج الصحف ..الحديث ذو الشجون

(صواع الملك)

دمج الصحف ..الحديث ذو الشجون

فيصل عبد اللطيف
[email protected]

جديد الساحة الصحفية السودانية (إعادة صحيفة الانتباهة) لتقطف ثمرات ( رسالتها) فيما يجني السودان الشوك بعد أن أصبحت الأوضاع جاهزة لما كانت ( الانتباهة ) تدعو إليه وتحرض عليه.

المبدأ هو أن توقيف الصحف مرفوض ولكن للأسف توقيف ( الانتباهة) مع ما صاحبها من تخريج غير مستساغ، وجد من يؤيده حتى من بعض أهل المهنة!
ومن جديد الساحة ظهور توجه لدمج الصحف، هذا ما سمعناه بعد استقبال السيد رئيس الجمهورية لرئيس اتحاد الصحفيين، وقال الدكتور محي الدين تيتاوي: (( طرحنا جملة من القضايا ذات الصلة بالعمل الصحفي والصحفيين والمؤسسات الصحفية ، ناقشنا معه مسالة دمج المؤسسات الصحفية لتكون مؤسسات كبيرة ودعمها واتفق معنا على هذه …..)).

السؤال ما الذي دعا رئيس الاتحاد لعرض موضوع كهذا، هل هو مطروح من قبل الصحفيين وتمت مناقشته في ندوات أو ورش عمل، وحمل تيتاوي توصيات محددة.

أياً كان، ما تزال الفكرة بادرة، ولا أظن أن تجد مجالاً في الوقت الراهن بين القضايا المصيرية ، وفي ظل مخاوف التفتت والتفكيك. ولكن حال الصحافة السودانية لا يسر، لا قبيلة الصحفيين ولا جمهور القراء.. والصحف بأوضاعها الحالية تعكس تماماً واقع السودان بما فيه من تناقضات : تشتت، واستقطاب، مكايدات ، جهوية … إلخ ، لم لا فالصحافة مرآة المجتمع…

وبالطبع الصحف السودانية بوضعها الراهن جزء من حصيلة الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها الأنظمة المتعاقبة على الصحافة، بقطع مسارات تطورها الطبيعي بالانقلابات، والتأميم، والإلغاء.

حقيقة لا أدري كم عدد الصحف التي تصدر ، ولكن هي مع كثرتها صحف بائسة جداً .. للأسف. وإذا كانت الصحافة تعكس واقع المجتمع، فهي أيضاً ـ بالضرورة ـ تعبر عن ممولها.. ولذلك فهذه الصحف ، المملوكة حقيقة لأفراد تدور في أفلاك الأسماء التي بات يعرفها العامة، وهم يديرونها مثل البقالات، وليست مقار لائقة، معظمها في بيوت مستأجرة، تعطي انطباعاً عاماً بأنها مؤقتة، والعاملون فيها يمارسون المهنة بأسلوب القرن الماضي، ولا يشعرون بالاستقرار الوظيفي، ولا يتلقون تدريباً يطور مهاراتهم ومعارفهم. ولذلك يلاحظ كثيرون أن تناول الصحف للقضايا وتغطياتها للأحداث بائسة ومبتسرة، والتحرير قاصر وفي أغلب الأحيان تعوزه المهنية ، والصحف مملوءة بالأخطاء اللغوية .

هذا الحال المائل يحتاج تغييراً ، وليس تعديلاً ، أو إصلاحاً جزئياً .. والقضية أكبر من أن تحصر في فكرة يطرحها رئيس الاتحاد على رئيس الجمهورية فيوافق، ويعد بدعمها .. لا بد من أن تطرح القضية بطريقة معمقة، ويشارك فيها أصحاب الوجعة ومن ثم يعاد النظر في قانون الصحافة، ليستبدل به نظام غير معوق.

وتقديري أن الفكرة كما طرحت (( دمج الصحف)) ، لا تتوافر على جوانب الصحة التي تغير حال الصحافة السودانية. فمن يقول بالدمج نسأله : تدمجون من في من أو مع من أو إلى من ؟ فحتى من يؤسس ” سيوبر ماركت أو مول ” لا يقوم بدمج مجموعة دكاكين ؟ لا يصلح ، لأن الخلاصة ستكون مشوهة. اتخاذ مجرد دمج الصحف هدفاً لا يستقيم مع وجود الأنظمة والقوانين التي أنتجت هذه الصحف .

مثلما ظهرت الصحف الحالية في ظروف معينة، أو أفرزها واقع وشاركت هي فيه، فلا بد من مشروعات عصرية نصحح فيها كل الأخطاء ، وتغلق أبواب التجاوزات ونوافذها، ومن أخطرها الحيل والممارسات غير القانونية للهيمنة على الصحف، واستمالة بعض الصحف، وإرهاب بعضها، والضغط بالإعلانات.
وفي هذه المشروعات المؤملة نريد أن نوفر ضمانات للصحفيين للعمل المستقر والتطوير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*صحفي ببرنامج الخليج العربي للتنمية

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..