الخوف النفسي من الرأسمالية

هناك مشكلتان أدتا الى خوف عام من الرأسمالية، القضية الأولى هي النماذج الفاشلة للتحرير الاقتصادي ، كالسودان مثلا ، وقضية العدالة الاجتماعية التي تفتقد في الكون الليبرالي الصرف.
أولا ؛ فإن نموذج التحرير الاقتصادي في السودان نموذج مشوه جدا ، نسبة للحصار الاقتصادي والفساد الإداري ، وتوجيه الاقتصاد وتخطيطه عبر الضرائب والجبايات والرسوم غير العادلة بشكل غير مباشر ، وظهور التمكين الاقتصادي لبعض المتنفذين داخل الحكومة مما زاد الشعور الشعبي بالغبن وظهور الطبقية وانهيار الطبقة الوسطى. لذلك فالسودان ليس النموذج الذي ينظر اليه أو يحتذى به فهو لا يعني سوى توافر عناصر الدولة الفاشلة بكل ما تعنيه هذه الجملة.
أما الخوف من انعدام العدالة الاجتماعية فهو ناتج عن عدم فهم للآلية الرأسمالية والتخوف من عدم أخلاقياتها تجاه الطبقة والشرائح الضعيفة ، وهذا وهم يجب أن يزال ، فآلية الرأسمالية آلية عناصرها بشرية في المقام الأول ودورة المال في المقام الثاني ، دورة المال تعني أنه لا يمكن أن تنقطع هذه الدورة والا فإن ركودا عظيما سيحصل ويخل بالتحرير ، وأن العدالة الاجتماعية ليست بفرض مزيد من الضرائب ومن ثم ارتفاع الأسعار والحاجة الى فرض مزيد من الضرائب لسد فجوة المنصرفات العامة ، بالاضافة الى أن تدخل الدولة في الاقتصاد يعني منحها مزيد من أدوات القهر والإكراه وعليه توقع التسلط والدكتاتورية إضافة إلى مناخ مثالي للفساد في ظل بيروقراطية سلبية . إن العدالة الاجتماعية الحقيقية هي زيادة الفرص والخيارات أمام الفرد ، وهذا ما تحققه الرأسمالية المحضة ، وتوفر أيضا جودة في انتاج السلع وتقديم الخدمات تفتقده الإدارة الحكومية. كما أن تحجيم دور الحكومة في ظل الحكومة المحدودة يعني اضعاف مناخ الفساد وتقوية المناخ الديموقراطي في الدولة.
تتيح الرأسمالية تساوي الفرص أمام الأفراد وحرية الاختيار وتعدد الخيارات ومن ثم فهي تحقق العدالة الاجتماعية بطريقة غير مباشرة وتتجنب مساوئ التدخل المباشر للدولة لفرض هذه العدالة ، ففرض العدالة نتائجه أكثر سوءا من الظلم نفسه ، ﻷنه يؤدي الى وجود الدولة داخل حياة الفرد والحكومة بشكل عام دائما ما تكون أكثر فشلا في إدارة العدالة الاجتماعية.

[email][email protected][/email]