إدارة الصراع

عبدالله مكاوي

بسم الله الرحمن الرحيم

يبدو ان الصراع جزء اساس من تركيبة العلاقات المجتمعية الانسانية، وتاليا يتأثر بمستوي التطور الاجتماعي بقدر ما يؤثر فيه. وبما ان وجوده ملازم لوجود المجتمع، لذا قبول التحدي هو قدر لا مفر منه لاي مجتمع يسعي لتحسين شروط وجوده في الحياة. وهذا الامر كما ينطبق علي الفرد/المجتمع ينطبق كذلك علي الامم. ونخلص من هذا الي هنالك ترابط بين تحدي الفرد وتحدي المجتمع، وتاليا خلاص الفرد وخلاص المجتمع والامة بصفة عامة.
وبإنزال هذا التعميم علي لحظتنا الراهنة، التي يعلن فيها المجتمع قبول التحدي وخوض صراعه علي المكشوف، ضد العائق الاساس امام حصوله علي حقوقه وفرصه كاملة في الحياة، وبما فيها تطلعه الي اللحاق بركب الدول المتقدمة، التي سبقته علي خوض هكذا تحدي تحرري. بمعني آخر، الصراع اصلا قائم او هو صراع وجود بين سلطة مغتِصبة وشعب مغتَصب، وإن تخفي وراء لافتات زائفة كالصمت والخوف وتحمل الظلم والاذي! اي العلاقة بينهما يحكمها عدم الثقة وقلة الاحترام، او الود غير المتبادل بين الطرفين. وهذه العلاقة غير السوية، ألزمت السلطة الانقلابية علي استخدام ادوات الارهاب وتوظيف أجهزة الدولة، من اجل ديمومة هذه الاوضاع غير الشرعية! وتاليا احلت السلطة الانقاذية ممارسات القهر والتمكين والفساد، محل الحرية والعدالة والتنمية الشاملة! ولا يصدف ان الاخيرة من مستلزمات الشرعية والقبول والاستقرار. والمحصلة، اصبحت الدولة السودانية المحتلة بتهورات العسكريين وهرطقات الاسلاميين، رهينة لعلاقات الخوف والتربص! اي خوف السلطة وما يستدعيه ذلك من صرف علي الامن وشراهة للنهب، وتربص الشعب لإسترداد حقوقه وكرامته وحماية موارد الدولة، من اجل توظيفها لخير المجتمع والمصلحة العامة.
وعليه ظل قانون الصراع هو الحاكم للطرفين، ولكن إعلانه او اخذ زمام المبادرة بتوجيهه الوجهة المجتمعية والوطنية، هذا ما ظلت تراهن عليه معظم نشاطات المعارضة السياسية والمدنية. في هذا الاتجاه، يصبح العصيان المدني الذي يجري تنفيذه الآن بنجاح رد الروح المعنوية للمعارضة بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة، هو في حقيقته محصلة لجهود نضالية وتعبيرات مقاومة سابقة، يضاف لها تركة ثقيلة من اخطاء وجرائم وإستفزاز طغمة انقاذية فاسدة بالمطلق! بقدر ما هو محطة تأسيسية لحسم الصراع، وذلك اعتمادا علي طريقة ادارة هذه المحطة من الصراع. خصوصا إذا ما وضعنا في الاعتبار ان النظام وصل به الفشل لطريق مسدود، وان افلات هكذا فرصة ذهبية، ربما تقود البلاد الي ما لا يحمد عقباه؟!
اما اهم نقاط تسهل إدارة هذه المحطة المفصلية، نعتقد انها تدور حول ما يلي،
اولا، تحديد الهدف، وهو في هكذا لحظة تاريخية حاسمة، اسقاط نظام الانقاذ، ليس كافراد ولكن كمؤسسات وتكوينات وثقافة استبدادية وممارسات ظلامية. بمعني، إن المسالة تتعدي التصدي لمظاهر الغلاء والاخطاء والتجاوزات، الي مصدر هذه الاخطاء ومكمن هذه التجاوزات ومن يتعيَّش منها، اي الانقاذ، بوصفها خطيئة يجب علينا ليس التخلص منها فقط، ولكن التكفير عن ذنبها بعدم السماح لإعادة انتاجها مطلقا.
ثانيا، اهمية تحديد الهدف، تسهل او تمنح مرونة للتعامل مع وسائل وادوات حسم الصراع، وتحديد متطلبات كل مرحلة.
ثالثا، اهم وسيلة لحسم الصراع، هي المحافظة علي التضامن والتماسك بين كل الفاعليات المشاركة في الصراع، وذلك حتي انجاز الهدف.
رابعا، من وسائل المحافظة علي التضامن اعلاه،
1/ ابتداع شعارات سهلة بقدر ما هي ذات مضمون تدل علي الهدف، وكمثال لها شعارات الربيع العربي (الشعب يريد اسقاط النظام) او (حرية كرامة عدالة اجتماعية) ولنا في اشعار حميد ومحجوب شريف وهاشم صديق والقدال وازهري وغيرهم متسع للإختيار، او تترك المساحة لابداع اللحظة والمشاركين.
2/ الاستعداد المبكر للتصدي للدعايات المضادة ونشر الاحباطات او تصوير الامر وكان المراد به مجرد مطالب عاجلة. وللتذكير فقط، فان خطرفات البشير ورهطه، هي عين ما تفوه به مبارك وزين العابدين والقذافي، ولكن اين هم الآن؟
3/ التركيز علي مفاسد واخطاء النظام بالادلة والوثائق، وكذلك علي وعوده الكاذبة وشعاراته السراب، وانغماس قادته في الترف والملذات، في الوقت الذي يغرق فيه الشعب البائس في مستنقعات الجوع والمرض والجهل، وذلك بالتوازي مع إستحضار مجاهدات المناضلين واحوال المعتقلين وسيرة الشهداء وضحايا النظام، وواجب الجميع في رد المظالم والقصاص لأولئك الابطال الذين ضحوا من اجلنا.
4/ الاصرار علي تماسك والتمسك بجذوة النضال وآمال التغيير ضد عوامل الضعف او الوهن والهوان.
5/ مرونة آليات واتساع ماعون التضامن بحيث يستوعب تناقضات ومصالح كل المشاركين، حتي ولو في حدها الادني.
خامسا، إبتكار طرق ووسائل جديدة، قادرة علي اشراك اكبر قدر من الجماهير، وذلك باستصحاب ظروف واوضاع غالبية الجماهير. اي وسيلة الجذب لكي تنجح لابد لها من اختراق وعي وكسب ثقة الجمهور، بالقدر الذي تساعده علي كسر حاجز الخوف. اي المطلوب كيفية وصولها للجماهير ليتواصل معها الجمهور؟ وليس كيفية وصول الجمهور اليها؟ وهو ما يأتي لاحقا وبصورة آلية، في حالة انجاز الشق الاول من الاستفهام الشرط.
سادسا، المحافظة علي زخم هذه المحطة، وحمايتها من ردة فعل النظام، بغض النظر عن كيفيته؟ وذلك عبر توافر البدائل في البرامج والوسائل والكوادر، اي توافر الخطة ب، ج، د.
سابعا، اعتبار الهدف اعلاه، هدف مرحلي بقدر ما هو اساسي، اي هو جهاد اصغر نحو الجهاد الاكبر، والمتمثل في التأسيس لدولة عصرية لها قابلية التقدم في كل الاتجاهات وبكل المعايير.
ومعا حتي انجاز النصر، علما بانه بيدنا لا بيد عمرو.
توضيح واشادة
كنت قد طرحت في مادة سابقة يوم محدد لاجتماع الامة السودانية علي صعيد واحد، وكان المقترح يوم 19/ديسمبر، وتزامن نشر المادة مع اعلان الاضراب او العصيان المدني، وهو ما يستدعي التوضيح ليس إلا؟ فالمادة المشار اليها كحال معظم المواد المنشورة لي، يتطلب اعدادها ما بين اربعة الي ستة ايام، وفقا لظروف العمل وتقسيم الوقت او غيرها من التزامات، وخلال هذه المدة تحديدا تجدني اشبه بالمعتكف او المعزول عن الاحداث والاخبار، وفي افضل الاحوال يتسني لي متابعتها في حدود ضيقة (إلا في حالة وجود إستثناءات وهو عين ما نعيشه هذه الايام المباركة بدعاش المقاومة والمعطرة باريج النضال) في هذا السياق ولسوء الحظ لم اتابع اخبار الدعوات للعصيان، إلا بعد نشر المادة؟ وهذا الامر اجده احيانا في تجاوز الاحداث للمادة المنشورة او في تكرار لما ذكره البعض! وهي عموما حالة تذكرني بحال وصول الطالب متأخرا صباحا، وهو يواجه استاذ الحساب حاملا عصاه متحفزا للعقاب؟
اما الاشادة فهي موجهة للمحامين الوطنيين، وهم يبادرون بالاعلان عن هذه الوقفة، ومصدر الاشادة اكثر هو التوقيت، الشئ الذي يشجع او يتطلب مبادرات مماثلة من كل التنظيمات والتكوينات المدنية والسياسية. وهذا رغم ان هذه الاشادة تناقض جزئية ذكرتها في نفس المادة السالفة الذكر، ولكن يبدو ان للحظة المواجهة او ساحة المعركة شروطها الواجبة الاحترام.
واخير، د/ خالد المبارك، ما تفوهت به علي قناة البي بي سي حول العصيان، اقل ما يقال انه عيب كبير! وهل تظن ان الانقاذ ستمنحك بعد هذه الإراقة لماء الوجه الوطني، منصب سفير؟ وحتي لو تم ذلك، وهو ما لن يحدث بسبب انتهاء اجلها، فالمؤكد انك ستتحول بعده الي دباب عديل! يؤسفني ان اقول ان نموذج خالد، يصح وصفه ب(وسخ النخبة) إذا جاز الوصف. ولا حول ولا قوة الا بالله.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. خالد المبارك، كان كالحشرة الضئيلة في البرنامج .. لم يخرج بجملة مفيدة من الحوار .. وكان كمن يشعر بمغص في بطنه .. ويريد الذهاب للحمام

  2. خالد المبارك، كان كالحشرة الضئيلة في البرنامج .. لم يخرج بجملة مفيدة من الحوار .. وكان كمن يشعر بمغص في بطنه .. ويريد الذهاب للحمام

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..