حبر على ورق..!

معركة طويلة في جنوب أفريقيا، استمرت لشهور، انتهت بعزل الرئيس جاكوب زوما بواسطة حزبه، اجتماع مطول للحزب الحاكم هناك، انتهى بقرار العزل، رغم تصريحات زوما بأنه لن يترك المنصب، إلاَّ أنَّ إجراءات عزله مسألة وقت ليس إلاَّ.

زوما لاحقته تهم فساد كثيرة، وضعته في قائمة الاتهام الرئيسية بتراجع اقتصاد جنوب أفريقيا خلال سنوات حكمه.

المعركة هناك، لم تتم بين ليلة وضحاها، العام الماضي، صوّت البرلمان في جنوب أفريقيا على حجب الثقة عن رئيس البلاد، أحزاب المعارضة في البرلمان طرحت التصويت، ورئيسة البرلمان وافقت على أن يكون الاقتراع سرياً.

وقريب من ذلك، العام الماضي أيضاً، مجلس الشيوخ، وهو (الغرفة العليا) في البرلمان الموريتاني، أسقط تعديلات دستورية من شأنها تعزيز قبضة الرئيس، وكان حدثاً نادراً أن يخالف هذا المجلس رغبات الحكومات، الأمر الذي اضطر الرئيس إلى طرح التعديلات في استفتاء شعبي باهت.

مع تصاعد الجدل حول تعديل الدستور لمنح الرئيس ولاية جديدة، كان المتحدث باسم الحكومة، وزير الإعلام أحمد بلال، يقول إنَّ الدستور ليس قرآناً، ثم يلحق به، نائب برلماني ويتجاوز بلال ليقترح أن يتم تغيير نظام الحكم ويتحول الرئيس إلى ملك، ثم ظهر النائب الأول السابق للرئيس، علي عثمان طه وتحدث بإسهاب وهو القانوني عن عدم قيمة الدستور في ظل ظروف اعتبرها استثنائية، إذ ساوى نفسه بالضبط مع آخرين لا علم لهم بالقوانين والدساتير.

قائد الدعم السريع، يتساءل عن قيمة الدستور إذا كان يمثل عائقاً أمام إعادة ترشيح البشير، ورئيس مبادرة باهتة، يرمي بالدستور في سلة القمامة حينما يقول الدستور الحالي لا قيمة له.

رغم أنَّ الواقع يقول إنَّ هذا الحديث صحيح، فالدستور لا قيمة له، لأنه يتحول إلى حبر في ورق لا أكثر ولا أقل، نعدل ونحذف، نضيف ونسحب، وفقاً لما نريد.

حينما يتسيد المشهد مثل هذه الأحاديث وتأتي على ألسنة من يفترض فيهم الالتزام باللوائح والقوانين والدساتير، ويأتي بعضهم يلوم الناس ويجرّمهم على رفضهم الالتزام بالقانون، ومقاومته.. كيف يستوي ذلك؟.
التيار