السودان وما بعد الكارثة

د. الشفيع خضر سعيد
رغم أن الإتفاق الإطاري الموقع بين الفريق البرهان والدكتور حمدوك قد أسدل بعض الهدوء على المشهد السياسي، فإن الوضع في البلاد لايزال حرجا ومأزوما، ولازلنا نعيش تداعيات وترددات الهزة التي أحدثتها إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي الكارثية.
صحيح أن تلك الإجراءات الإنقلابية جاءت نتاجا لأزمة سياسية ظلت مكامنها تتراكم منذ بدايات الفترة الإنتقالية، ثم إشتدت وتفاقمت وبرزت إلى سطح المسرح السياسي عقب المحاولة الإنقلابية في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي كانت بمثابة الزناد الذي أشعل فتيل الحرب السياسية التي إندلعت آنذاك بين الشركاء في قيادة الفترة الإنتقالية.
يومها قال البعض أن إشعال ذاك الفتيل وتصعيد العدائيات بين الشركاء، تم عن عمد وسابق تخطيط بهدف تشبيع المشهد السياسي السوداني بأجواء ملائمة تمهد لإنقلاب لاحق، فهل يا ترى أصاب أولئك البعض كبد الحقيقة؟!
عموما، وغض النظر عن مدى صحة أو خطل قول أولئك البعض، فإن مجريات الأحداث إتخذت ذات المسار، وهو ما يدفعنا إلى تبني مجموعة من الملاحظات والإستنتاجات، منها:
أولا، وكما أشرنا في مقال سابق، أنه عقب محاولة سبتمبر الإنقلابية الفاشلة، رُفعت على أسنة الرماح دعاوى العودة إلى منصة التأسيس متوسلة بالإنقلاب في مواجهة المد الثوري لجماهير الثورة، بعضهم يريد أن يقصي من يعتقد أنهم أقصوه، والبعض الآخر ركب على ظهر أولئك، ليقصي الثورة ويزهقها. ويومها قلنا إنها بالتأكيد دعوة باطل أريد بها باطل!
ثانيا، صحيح أن الأزمة السياسية التي تفاقمت عقب محاولة سبتمبر الفاشلة كانت بمثابة الفتيل الذي أشعل فتيل الإجراءات التي نفذتها قيادة القوات المسلحة في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، ولكن ذات تلك الإجراءات، وإن إدعت أن هدفها تصحيح المسار، فإنها فاقمت من الأزمة وأدخلت البلاد جب الكارثة الذي نحن فيه الآن، ولا نزال نحاول الخروج منه.
ثالثا، صحيح أن أي محاولة، أو مغامرة، إنقلابية من الممكن أن تنجح فنيا، بمعنى السيطرة على القيادة العامة للقوات المسلحة والسيطرة على الاذاعة والكباري والقصر والمرافق الاستراتيجية، وإعتقال السياسيين والنشطاء، وقطع الإنترنت عن البلاد…الخ، لكن، وبالنظر إلى التطورات والمتغيرات العاصفة التي يشهدها عصرنا الراهن، داخليا في السودان وعلى الصعيد العالمي، وفي ظل الأوضاع الجديدة في البلاد عقب ثورة ديسمبر/كانون الأول، لا أعتقد أن أي إنقلاب يمكن أن يستمر ويتمدد ويتمكن من إعادة دورة القمع ليحكم مرتاحا، كما في السابق.
إن الهدف الأساسي والعنوان الرئيسي لثورة السودان هو كسر الحلقة الشريرة وإيقاف دورانها ما بين الإنقلابات العسكرية التي تطيح بديمقراطيات هشة ضعيفة، وإنتفاضات تطيح بنظم تلك الإنقلابات التي كانت تتوهم القوة والمنعة والإستدامة، وهي أبعد من ذلك تماما، وأقرب إلى مراكمة البؤس والأزمات. بالطبع، دائما تظل هناك إمكانية تجدد الحرب الأهلية في البلاد لتقضي على الوطن.
رابعا، حراك الشوارع في مدن السودان المختلفة عقب الإجراءات الإنقلابية الأخيرة، يؤكد مرة أخرى أن ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 المجيدة لم تكن مجرد إنتفاضة جياع، أو لتحقيق أهداف سياسية بحتة وآنية، بقدر ما هي ثورة جيل، إنتفض ليحطم الأفق المسدود الذي بناه نظام القمع والشمولية، وخيبات السياسة والساسة، جيل لن يصمد أمامه أي أفق مسدود آخر، ولن يهدأ له بال حتى ينتصر.
إن شباب ثورة السودان يمكن أن يُحبطوا من أداء الحكومة وينفضوا من حولها، لكنهم أبدا لن ينفضوا من حول التمسك بالمدنية والديمقراطية ورفض النظام الشمولي. وهم يستوعبون تماما دروس التاريخ التي تقول بأنه ليس غريبا ان تمر الثورات بعدة مراحل قبل ان تكشف عن كل إمكانياتها وتتبلور في نهاية الأمر بوصفها تكويناً جديداً جذريا، وثورة ديسمبر ليست إستثناء. فهي يمكن أن تتعدد مراحلها، وتمر بعدة محاولات، كل محاولة منها يمكن أن تعتبر قاصرة ودون النجاح المطلوب بالنسبة للأهداف النهائية، وتستوجب وقفة مراجعة ونقد ذاتي، وإعادة النظر في تركيبة وبرنامج وتكتيكات قوى الثورة، حتى تأتي المرحلة الأخيرة، حيث يتحقق الإنتصار. وعلى كل حال، هولاء الشباب سينالون ما يريدون، طال الزمن أم قصر، شئنا أم أبينا!
في وضع البلاد المأزوم هذا، لن يكون هناك أي منتصر أو رابح، أما الخاسر الأكبر فهو الوطن والشعب السوداني. وهذا الوضع يصرخ فينا أن نتجمع ونتناسى، أو نؤجل، خلافاتنا وتناقضاتنا السياسية والفكرية، لنتوافق على الشروع فورا لإخراج البلاد من الجب الذي وقعت فيه، ودحر أي محاولات لقطع الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي، والعمل على إنجاح ما تبقى من الفترة الإنتقالية. وفي هذا الإتجاه، أرى ضرورة التوافق على وثيقة سياسية جديدة تحكم العلاقة بين القوى المدنية والقوى العسكرية، وتحدد بدقة أولويات المرحلة المتبقية من عمر الفترة الإنتقالية، مستفيدة من أخطاء السنتين الماضيتين، ومن إفرازات الأزمة الراهنة. وفي ذات الإتجاه، التوافق على تعديلات في الوثيقة الدستورية، بوصلتها الأساسية كيفية تحقيق التحول الديمقراطي والحكم المدني.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن مجلس السيادة بتكوينه الحالي لا يحظى بقبول سياسي أو قانوني، ولا بد من إعادة النظر في تكوينه ليتم بالتشاور والتوافق مع القوى المدنية والسياسية، مع النظر في إقتراح تقليص عضويته إلى خمسة أعضاء فقط، اثنين من المدنيين واثنين من العسكرين وواحد من أطراف سلام جوبا.
كما نقترح أن تكون من ضمن الأولويات الرئيسة للحكومة خلال العامين المتبقيين من عمر الفترة الإنتقالية: تأكيد إلغاء مؤسسة الإعتقال السياسي، التحقيق في عمليات القتل والإغتيال، مراجعة كل إجراءات الفصل والتعيين الأخيرة، مواصلة تفكيك نظام الإنقاذ، إستكمال عملية السلام، مخاطبة أزمة شرق السودان، تكوين مفوضية الدستور وعقد ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 المجيدة لم تكن مجرد إنتفاضة جياع، أو لتحقيق أهداف سياسية بحتة وآنية، بقدر ما هي ثورة جيل، إنتفض ليحطم الأفق المسدود الذي بناه نظام القمع والشمولية، وخيبات السياسة والساسة. وسنواصل تناول عدد من التدابير والإجراءات.
كاتب سوداني
الاخ د. الشفيع
لك التحايا العطرة
من الواضح ان مصطلح قوى سياسية لا وجود له في السودان الان فهم جماعات متنافرة متكالبة على المناصب ولا رأي لهم.
أما الشارع الذي يتحدث الكل عنه بتعميم مخل فما هو؟ لا بد أن نقرأ الشارع جيدا قبل اصدار احكام. ولمعرفة هذه البوصلة والوصول لأحكام خذ صورة من صور مظاهرات الشباب وتمعن في وجوههم جيدا ستجد أن الغالبية العظمى اطفال لم يبلغوا الحلم بعد، همهم تقضية وقت لا غير خاصة الذين يترسون الشوارع فهم أطفال بلا أي رؤية سياسية، وستتاكد من ذلك حين تتمعن الوجوه! السواد الاعظم الذي يخرج الان في المظاهرات هم من هذا النوع الذي يعتبرها فرصة للتغيير وترديد الاناشيد الحماسية.
بين هؤلاء شباب تخرجوا ولم يجدوا فرص عمل ومنهم من تسرب من التعليم وبالتالي اصبحوا مسجونين في دواخلهم بلا تعليم وبلا وظيفة وبلا أي فرصة لبناء حياتهم أو الزواج، وتجدهم طوال اليوم من ظل الى ظل مع شعور حقيقي بالظلم الذي يدفعهم على الثورة على هذا الواقع البائس، فهم يعيشون فقدانا كاملا للامل، واذا دققت ورأيت مثلا من يقومون بتكسير الشوارع واغلاقها وتكسير أعمدة الانارة والغاء اللافات الضخمة على الطرقات والاشتباك مع الشرطة ستجد أن ذلك كله تعبير عن هذا الوضع القاسي الذي يعيشونه وانا لا ابرر لهم ولكن اتحدث عن الواقع المر.
وكمدخل لمعالجة الأوضاع خلال المرحلة المقبلة اقترح الاتي:
– تتولى جهة استشارية عمل دراسة عاجلة تحلل الشارع السوداني واحتياجاته ومطالبه وفقا لدوافع ومتطلبات مختلف الفئات عشان نحدد الضلع الأكبر من المشكلة، مثلا البنك الاسلامي للتنمية في جدة عند اندلاع الربيع العربي وكذلك عدد من المنظمات ومؤسسات التمويل متعددة الاطراف توصلوا الى ان السبب الحقيقي الكامن لثورة الشباب هو عدم توفر وظائف وأذكر أن البنك خصص أكثر من 300 مليون دولار لمعالجة مشكلة توفير الوظائف للشباب في تلك الدول، فمعرفة المشكلة أساس الحل بدلا عن الحديث المعمم.
– المجلس التشريعي يجب أن يكون تشكيلا مختلفا غير التصورات الموضوعة الان، لأننا لو ركزنا على القوى السياسية الحالية اوالشباب بتاع الشارع فسنظل ندور في نفس الحلقة. المجلس يجب أن يتكون من لجان حكمااااااااااء، ما يهم سياسيين او غير سياسيين ولكن يتم وضع معايير لأناس يتمتعوا بالحكمة والرأي السديد خاصة من كبار السن وذوي الخبرات الطويلة ومن الاشخاص المعروفين باطلاق المبادرات والتفكير خارج الصندوق، فأنت في المجلس لاتحتاج لاشخاص مثل وجدي وود الفكي فهم وان كانوا مخلصين ففيهم تهور وتطرف يتجاوز الحدود وذلك اخر ما تحتاجه البلاد في ظل هذه الظروف فهي تحتاج للحكمة وما يجمع ولا يفرق.
– الدراسات التحليلية تكون مرجعا للمجلس التشريعي بالتكوين المذكور لبناء الاراء على قاعدة علمية، وبالمناسبة اذا شكلنا المجلس التشريعي على اساس الاحزاب القائمة والشباب ولجان المقاومة فسنكون كما يطلب البعض نكون قد اضفنا صفرا كبيرا لمجموعة الاصفار التي في ايدينا. المجلس يجب أن يكون مجلس حكماء وينظر في جميع الاجندة الوطنية دون تحفظ ومعالجتها بالحكمة ومن ذلك العلاقة مع المؤسسات العسكرية والمليشيات وكيفية تسوية أوضاعها بالتوافق بين الجميع، وبالطبع تكون هناك لجان فرعية متخصصة لمعالجة المشاكل في الولايات وما اعقدها وهذا مجرد مثال لا غير.
– القيام بحملة اعلامية كبرى لتغيير لغة الخطاب السياسي السائدة اليوم وهي لغة مشؤومة، هي لغة الكراهية التي سود بها اليساريون افاق السودان فهي لغة عنف وتكريه وبذاءة تتجاوز كل الحدود، وهي لغة ديكتاتورية تقوم على تخوين أي شخص يحمل رأي مخالف مع تفصيل بعض المصطلحات الشبيهة بمصطلح ضد السامية لمخالفي الرأي وتتفيههم وتخويفهم ومحاولة قتلهم معنويا. هذا المناخ مناخ حرب وليس مناخ ديموقراطية أبدا.
– المحلس التشريعي من خلال الحكماء بداخله هو من يحدد عمر الفترة الانتقالية بناء تقتضيه الظروف من الناحية العلمية والعملية.
“المحلس التشريعي من خلال الحكماء بداخله هو من يحدد عمر الفترة الانتقالية بناء تقتضيه الظروف من الناحية العلمية والعملية”
اوع تكون انت احد الحكماء!!؟
كلام جميل ومنطقي ولكن هل يفهم هؤلاء السياسيين والعساكر هذا الكلام
السؤال الدي يطرح نفسه ومادا بعد سنتين اي موعد الانتخابات هل بعد دلك ستكون الاوضاع طبيعيه ؟ اشك في دلك لان العسكر لا امان لهم وحتي هده الفتره المتبقيه غير كافيه لتفكيك الانقاد وغير كافيه للترتيب والاستقرار لان الاراده غير متوفره وستظل ما لم تتغير العقليه التي تتسيد المشهد الان ….حفظ الله البلد من شرور ابناءه
أنت يا الخضر كنت واحد” من أسباب الإنتكاسة بالديمقراطيةبمسكك عصا المدنية من النص ..الآن مقالك هذا يكرس للشمولية التي أفنيت عمرك في محاربتها ..أنت واقف مع العسكر وبالتالي أنت لست جزء من الحل ..ما حنسمع منك
هل اعلنت مليونيه يوم غد 30/11؟
الناس تناقش في شنو وبعض العبطا يقولوا ليك مليونية، ياتو بلد في العالم بنوها بالمليونيات نحن عندنا كمية من الناس يتمتعوا بخواء عجيب والله ملاْ فاخورتهم مخاخيط بلا مخ، يائسين من الحياة والحياة يائسة منهم.
ياتوا بلد بتنبني … وهي محتله … ياتوا بلد بتنبني وفيها البرهان وحميدتي
المساوم التاريخي الشفيع خضر كان يقيم بصفه مستديمه في مكتب حمدوك يوجهه حيثما واينما شاء..
… المساوم التاريخي الشفيع خضر هو من غرس في رأس حمدوك بدعة المساومه التاريخيه وعدم محاكمة الكيزان..
…. المساوم التاريخي الشفيع خضر هو من خطط لاجتماع حمدوك بالمجرم القاتل الغازي العتباني ولا احد يدري ماذا جري في ذلك الاجتماع…
…. يا شفيع يا خضر انت واحد من أسباب فشل الثورة مع رهطك شلة المزرعة او من يطلقون علي انفسهم زورا الليبراليين الجدد.
… ساعدنا بالصمت ايها المساوم التاريخي وحل عن سمانا، الله لا عادك..
“أن نتجمع ونتناسى، أو نؤجل، خلافاتنا وتناقضاتنا السياسية والفكرية،” ده كلام غير منطقي ونما المطلوب التوصل لمشروع سياسي وطني ينقل هذه الثورة لمرحلة النضج الكامل تتوافق معه جميع الاطروحات السياسية المختلفة في بوتقة واهداف موحدة لبناء الوعي السياسي للمجتمع السوداني الذي بدوره يستطيع قيادة الدولة وبناء هياكلها
كيف التوصل لي مشروع سياسي وطني بدون التوافق عليه و تجاوز الخلافات و التناقضات الفكريه ! الا تذكر كيف عصفت الخلافات و التناقضات بمكونات تحالف الحرية و التغيير من بعد !
طبعا لا يمكن للاحزاب ان تتناسا او تؤجل الاختلافات والتناقضات الفكرية والسياسية كما ذكر كاتب المقال لانو حتمية ظهوها علي السطح مرة اخري وبعنف اكبر يصبح مسألة وقت ليس الا وتقود الي مشكلة اكبر.. كما لا يمكن تجاوز التناقضات السياسية والفكرية والتاريخ السياسي في السودان يشهد بذلك اذ سرعان ما تنقلب الاحزاب علي بعضها ويقف حمار الشيخ في العقبة وتكتمل الدائرة الشريرة .
اذا كانت الاحزاب السياسية جادة عليها العمل في برامجها السياسية اولا حتي تتواكب مع وعي الشارع الحالي ومحاولة بناء ميثاق عمل لتقديم مشروع سياسي وطني لمرحلة قيادة الثورة وما بعد الثورة..ونموذج التجمع الوطني الديمقراطي كان نموذج مشرق جدا الا انو تفكك سريعا والسبب طبعا تناسي الخلافات والتناقضات الفكرية .
صراحه يالشفيع انا لا اري كارثه اكبر من افكاركم المستورده والتي تحلمون ان تطبقونها في بلد ملي بالتناقضات الاثنيه والادارات الاهليه.. اما عن الشباب فمنذ متي كان الشباب يقررون مصير امه… انهم يساقون مثل الغنم دون ان يدرون انهم يهدمون بدلا من ان يبنون.
أزمة سياسية شنو يا لاعق بوت العسكر . هناك مخطط واضح للانقلاب و هناك جرائم يخافون من العقاب عليها و شركات عسكرية بمليارات الدولارات يخافون أن تدخل خزينة الدولة و دهب يهرب و كرسي الجلوس عليه لذيذ
مقال جميل