قراءه فى دفتر الثوره السودانيه

ناجى الطيب بابكر

من المؤكد أنه بعد مرور أكثر من شهرين على بدايه المظاهرات السلميه السودانيه قمين بالنقاش والحوار الجاد تقليب أوراق الثوره والمنعطفات التى مرت بها فى خضم الاحداث المتلاحقه التى صاحبتها من أجل ضبط وتطوير مسارات الثوره فى مستقبل الايام من أجل أحداث التغيير المنشود .

وقبل البدء فى النقاش وتسليط الضؤ على مناطق القصور يتوجب علينا النظر للنصف الممتلئ من الكأس اولا وتقديرالجهود والتضحيات التى تم بذلها فعلى أمتداد طوال فتره حكم هذا النظام المتسلط التى بلغت الثلاثه وعشرين عاما لم تشهد الشوارع السودانيه على صعيد اكثر من مدينه خارج وداخل العاصمه السودانيه مثل هذه التظاهرات غير المسبوقه والاصرار العنيد من الثوار على أستمرار ثورتهم السلميه بمثل هذه الشراسه البطوليه . فأستمرار وتواصل المظاهرات المتفرقه التى تتصاعد وتيرتها وتخبو من آن لآخر لفتره تجاوزت الشهرين هو فى حد ذاته مكسبا لا يقدر بثمن لو تمعنا الواقع البائس الذى تشهده الساحه السياسيه المتمثل فى الغياب التام لدور احزاب المعارضه فى خارطه الفعل السياسى وكذلك غياب مؤسسات المجتمع المدنى الاخرى والنقابات العماليه والفئويه باختصار شديد الغياب المريع لكل القوى الفاعله التى كان لها القدح المعلى فى انتاج ثورتين سابقتين فى تاريخنا السياسى القريب . فلكل هذه الاسباب مجتمعه نرفع قبعه الاحترام للمجموعات الشبابيه والقوى الطلابيه التى تصدت لهذه المهمه الوطنيه فى مثل هذه الظروف بالغه التعقيد وأعتبار أن ما تم انجازه فى دفتر الثوره السودانيه تجاوز حد المأمول منه والامنيات فمجرد كسر حاجز الخوف والرهبه فى الشارع السودانى والزخم والتغطيه الاعلاميه لقنوات ذائعه الصيت والاهتمام العالمى الذى خلقته الثوره هو قفزه كبيره للأمام فى الطريق الصحيح .

ولكن لمصلحه أستمرار الثوره وتحقيق كافه اهدافها المعلنه المتمثله فى أسقاط هذا النظام الفاشى لابد من أن ننظر بالعين الفاحصه لأوجه القصور وكل الهفوات التى صاحبت الفعل الثورى فى الشهور الفائته وتكمن اهميه الدراسه والتمحيص من ان الثوره فى حد ذاتها هى عباره عن تراكم للفعل الثورى لذا يبدو تصاعد وتطور هذا الفعل هو الضامن الحقيقى الوحيد لتحقيق الثوره وهذا التصاعد والتطور فى الفعل الثورى لا يتم مالم نتلافى الاخطاء ونصححها أول بأول بالاضافه الى انتاج وأبتكار التكتيكات الفعاله كل ماتخرج السلطه من جعبتها وسيله حقيره لاجهاض الثوره .

قد يكون اكبر الاخطاء التى وقعنا فيها فى الفتره السابقه هى ربط المظاهرات بيوم الجمعه على غرار تجربه بعض ثورات الربيع العربى والتسارع المحموم فى أطلاق التسميات للجمعات قبل فتره من مقدمها بصوره قادت فى نهايه الامر أن يصبح يوم الجمعه هو يوم الثوره الوحيد فى أيام الاسبوع الذى يحشد فيه الثوار كل طاقاتهم الثوريه ويبدأون الاعداد له من يوم السبت وزاد الطين بله الاعتماد على جامع ودنوباى العتيق لطائفه الانصار كقبله وحيده للثوره مثل ميدان التحرير المصرى بحيث صار يتجمع الثوار من الميادين والمدن الثلاثه للعاصمه المثلثه ويهرعون لمسجد الانصار فى حين ان ما تم فى الثوره المصريه انه بعد ان ينفض تجمع صلاه الجمعه فى المساجد يهرع الثوار الى الميادين لا ان يهرع الثوار من الميادين الفسيحه الى الجامع ونلاحظ هنا أن التعويل على مسجد ودنوباوى وحده ساهم فى أضعاف الفعل الثورى فى باقى مدن العاصمه بالاضافه لانه سهل جدا من مهمه الاجهزه الامنيه فى احتواء التظاهر والقاء القبض على أكبر عدد من الناشطين والمصيبه الأخرى فى الاعتماد على جامع ودنوباوى انه يعرض الثوره ذاتها للمزايدات الحزبيه الرخيصه على غرار الازمه التى نشبت عقب حديث أمام مسج
ودنوباوى عبد المحمود أبو وما صاحبها من احداث عاصفه وسعت الشقه بين صفوف الثوار لذا لابد من التخلى عن نمط مظاهرات الجمعه وتجمعات الجوامع والبحث عن ادوات فعاله لأستمرار المظاهرات لأكبر فتره ممكنه من ايام الاسبوع وربطها بميادين وساحات فسيحه .

الخطاب الاعلامى للثوره أيضا يحتاج لكثير من التوجيه والضبط وقبل كل هذا نحتاج لوسائل اعلاميه اخرى تصل وتخاطب كل شرائح وقطاعات المجتمع التى لا تتعامل مع الانترنت ( التكثيف على الملصقات..البيانات .. المنشورات..مخاطبه التجمعات ) .
ومن الملاحظات فى اداء اعلام الثوره انسياقه فى مرات كثيره وتعبيره عن قضايا هامشيه تبعده كثيرا عن القضيه الاساسيه
( أسقاط النظام ) فمثلا فى الفتره الماضيه كانت قضيه المعتقلين هى صاحبه السبق والتركيز الاعلامى لدرجه تشعر معها ان الاعلام تجاوز قضيه أسقاط هذا النظام وأصبح فقط يناضل من أجل اطلاق سراح المعتقلين فحتى الاحداث التى جرت فى مدينه نيالا وصاحبها سقوط أكثر من 12 شهيد لم يتم التركيز الاعلامى عليها كما يجب على الرغم من انها كانت بمثابه نقطه جديده لتطور سيناريو الثوره . ولا شك ان الاجهزه الامنيه أكبر المستفيدين من توهان الخط الاعلامى للثوره بوصفه سلاحها القوى الوحيد فى ظل سلميه الثوره لذا من الاهميه بمكان مراجعه وانتهاج اساليب جديده للخطاب الاعلامى والعمل بقدر الامكان على توحيد الخط الاعلامى حيث نلاحظ تعدد وتشعب القنوات الاعلاميه على الانترنت مما صعب فى تبنيها لخط وخطاب واحد يعكس مجريات الواقع على الميدان .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. االنظام ضعيف ….المبادرة بيد الشعب والمقاومة
    الخيار ثورة حاسمة..قاطعة…باترة….لا تساوم على أهدافها..الشعب والبلد والنظام ..الطرفان يستندان على الجدر الأخيرة..لا رجعة إلا لواحد..ليس أما م الشعب ما يخشاه…ما البطش والإذلال والقتل والجوع والنهب والمسغبة…ما من إهانة لم يتلقاها الشعب الصابر….هوالآن إنفجر…هو الآن إتخذ قراره الحاسم بأن ينتصر….ويحسم معركته مع النظام….والنظام الآن في أضعف أوضاعه…هو الآن رهين فشله وسياساته وقراراته الرعناء….النظام ضعيف..ضعيف…والمقاومة الشعبية هى الآن صاحبة القرار,,,, وسيدة المبادرة
    النصر…النصر……….المحاسبة والقصاص الحاسم الذى لا يعرف المهادنة ولا المداورة على حقوق الناس والضحايا…..ولا نامت اعين الجبناء

  2. هذه وقفة لا بد منها لتصحيح المسارات وتلافي الوقوع في فخ الاعلام الموجه والانحياز لاي جناح من أجنحة المعارضة يذيب الثورة ويفرزها من مضمونها وهو الخلاص للوطن
    أحييك يا نجي علي هذا التحليل الدقيق وأرجو ان يجد الأذن الصاغية

  3. كل عام وانتم بالف خير واجمل التهاني والتبريكات لهذا الشعب الصامد.واحب ان اعلمكم ان الفتره القادمه النسخه الثانيه من الثوره السودانيه الظافره.ماخرجنا من اجله في النسخه الاولي ذادت اضعاف اضعاف من غلاء للمعيشه وتدني مستو الخدمات وشهداء نيالا الابرار وفشل عام في النواحي الاقتصاديه والاجتماعيه.كل ذالك يدعونا للتواصل والمتابعه للخروج في مظاهرات اقوي من السابقه والاستفاده من كل الثغرات.ومن ضمن هذه الثغرات قفل الراكوبه وحريات وتلافي لهذا الحدث نرجو من الجميع انزال هذا البرنامج حتي نكون متواصلين حتي بعد قفل الهيئه القوميهhttp://download.cnet.com/Hotspot-Shield/3001-2092_4-10638005.html?idl=n&spi=011f2e8b59d8716d2bb5be0bad2a37a1
    مظاهراتنا باذن الله سوف تكون في الاسبوع الثاني من عيد المبارك
    وكل ثوره وانتم بالف خير
    وكل ثوره والشعب السوداني بالف خير
    عاش نضال الشعب السوداني

  4. يا ناجى انت بتاذن فى مالطة ثورة وين غير ود نوباوى وجامعة الخرطوم ؟والجامعات الاقليمية ؟ عايز تعمل ترحيل للثورة ياربى يقدرك ويقويك وتشحذ همة الشعب السودانى

  5. يا دامي العينين والكفين ان الليل زائل
    لا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل
    نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل
    وحبوب سنبلة تموت وتملأ الدنيا سنابل
    م درويش

    أجمل ما في التظاهرات انها جعلت اهل دارفور والنوبة والنيل الازرق يعلمون بان أخوتهم في الشمال ليسوا بأقل ضررا من هذا النظام منهم وان هنالك قلة هم مع هذا النظام وان حصاد القبلية والعنصرية التي دأب اهل الانقاذ في ترويجها لم تنجح .. ونقول ليهم شوفوا بضاعة غيرها .. فنحن جميعا أهل السودان ضد الانقاذ.

    0123652351

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..