(ينابيع)

النظافة من الإيمان وعندما ترد كلمة النظافة في أكثر من موضع في الأحاديث النبوية الشريفة ويحث عليها أكرم الخلق، يدل دلالة واضحة وقاطعة بعظمتها وأهميتها..
النفير والاحتفال بيوم أو أسبوع لـ (النظافة) في السنة بالحملات وبمشاركة المسؤولين والوزارات والشركات والمدارس لا تحل ولا تقطع دابر وجذور المشكلة.. لماذا نعشق تقليد الآخرين حتى لو كانوا على ضلال؟! أو ما يسمى بالتقليد (الأعمى).. لماذا نجل ونقدر الأمهات فقط في (عيد الأم)، ونقوم بتوعية وإرشاد قائدي المركبات في أسبوع المرور.. ونعتني بالشجرة في أسبوعها؟!.. وقس على ذلك كل أحوالنا..
النظافة معدومة لدينا، في البيت.. في الشارع.. في العمل.. وأخيراً في الإنسان.. الذباب والبعوض تشاركان أهل البيت في أكلهم وشربهم ومص دمائهم لأن (الأدبخانة) التي لا تحمل من اسمها شيئاً، تساعد في توالد وانتشار هذه الحشرات.. ناهيك عن الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف.. ولا أظن أن نظام (الآبار) كـ (مستراح) لا يوجد إلا في السودان.. وتختلط هذه الفضلات والقاذورات أحياناً بمنسوب المياه في (الآبار) الارتوازية وتبدأ مرحلة جديدة من المعاناة والمرض.
وفي الشارع خلاف الشماسة الذين يخرجون من تحت (طقاطيق) المجاري، وستات الشاي والمنظر المشوه، هناك دورات المياه النادرة والتي لا يدخلها إلا عميان أو مريض سكر أو مضطر وعلى وشك الهلاك وبعد الدفع مقدماً.. المطاعم والبوفيهات والكافتيريات المتنقلة.. الشواء على الهواء غير الطلق وسط الأتربة وعوادم السيارات وثاني وعاشر أكسيد الكربون السامة ومستنقعات الأمطار ومياه المجاري.. الباسطة والكيك والخبز والفواكه واللحوم والأسماك والكركديه والليمون في الجرادل الصدئة..
في المصالح الحكومية والشركات والمؤسسات، الفطور الفردي والجماعي وريحة التونة والبصل بمشاركة القطط.. وبقايا أكوام السفة (الصاعوط) تلطخ جدران المكاتب والبلكونات وأسفل النوافذ، بعد أن تركت ترسبات ملونة تمنع الزول من الضحك ناهيك من الابتسامة..
النظافة هي أُم الوقاية وأساس الصحة.. هي مثلها مثل التعليم.. الثقافة والصحة تستحقان أن تكون لهما وزارة قائمة بذاتها..
النظافة والنظام هما الترمومتران الحقيقيان لقياس مدى حضارة البلاد والعباد من تقدم وتدن، وتعكسان الوجه الحقيقي دون رتوش ومكياج أو قناع لأي مجتمع..
نادراً ما تجد مسجداً أو مدرسة أو مبنى أنيقاً أو حديقة غناءة أو شارعاً فسيحاً نظيفاً.. أو أعمدة إنارة إلا وقد عبث بها ملصقات صور المطربين والمطربات.. الممثلين والممثلات.. اللاعبين، تاركة بقعة سوداء في توجهنا الحضاري بشكل يخدش الذوق العام..
ماذا لو انحصرت هذه الحملات الدعائية على الأجهزة الإعلامية؟! مقروءة كانت مرئية أو مسموعة.. وتعطى حق الامتياز لبعض الوكالات المتخصصة في الدعاية والإعلان لعمل اللوحات الضخمة في الميادين والأماكن العامة والشوارع الرئيسية والإشارات الضوئية لتضفي جمالاً آخر على جمال الطبيعة الساحرة لمدننا..
تنفيذ هذه الفكرة لا تحتاج سوى وضع شروط ميسرة كأن تعطى حق طبع وتوزيع هذه الملصقات لجهات اختصاص معروفة تكون مسؤولة أمام السلطات متى ما وجدت هذه الملصقات في غير الأماكن المخصصة لها من جزاءات وإلزامها بإزالتها وتوقيف ومعاقبة أي شخص يقوم بالإخلال لهذه الشروط والعبث بمقدراتنا حتى ندرك وغيرنا أننا بالفعل شعب نادر ومميز..

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..