الجبهجي المعارض لاعب رأس حربة !

المتابع للقاءات وندوات آلية الحوار الوطني في التلفزيون القومي يلاحظ أن الأستاذ كمال عمر/ الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي هو اللاعب الرئيسي في لقاءات ونشاطات الية الحوار فهو الذي يقابل طالبي الانضمام وهو الذي يرشح الاسماء لعضوية الحوار العام وهو الذي يوزع رقاع الدعوه لمن يشاءهم هو وحزبه ، حقيقة لله مايبذلة من جهود مضنية في سبيل تكبير ( كوم ) الحضور يصاب بلاشك بالحيرة فيما إذا كان الاستاذ كمال يمثل بالفعل حزب يدعي أنه معارض أم أنه أصبح جزءا من النظام ؟ لقد تفوق الأستاذ كمال عمر على عضوية الحكومة وحزبها الحاكم في الحرص علي خدمة اغراضها وانجاج الحوار بالرؤية التي تتبناها الحكومة.
هذا الدور والموقف الغريب ظل يورقني منذ انطلاقة صافرة الدعوة للحوار ، على الرغم من انني اعلم أن الحزب الذي يمثله الاستاذ كمال اي المؤتمر الشعبي لا فرق بينه وبين المؤتمر الوطني الحاكم فهما في الحقيقة كما نقول (فولة وانقسمت نصين ) مع ذلك كان مظهرعدم وجود ممثلين للمؤتمر الشعبي باسمهم كحزب في الحكومة ، يدفعني للاعتقاد بانهم معارضون للنظام ، ولكن الذي يشهد نشاط ممثلهم وقيادته لنشاط الية 7+ 7 تصيبه الحيرة والدهشة ، فكيف لمن يدعي انه معارض للنظام ينبرى في وسائل الاعلام المحلية والاقليمية مدافعا ومحرضا بقية المعارضين للانخراط في مؤتمر حوار يريده النظام مفصلا على مقاسه ومزاج حكامة !
ومن التناقضات المحيرة ايضا أن نسمع في ذات الوقت الذي يشنف فيه السيد ممثل الالية الاستاذ كمال عمر من الاذاعة والتلفزيون القومي أن الدولة والرئيس يضمن توفير الحريات تمنع اجهزة الأمن قيادات احزاب سياسية من السفر لخارج البلاد ، خرق على عينك يا تاجر لنصوص الدستور الانتقالي التي كفلت حرية التنقل !
ولا يقل غرابة عن ذلك كله ما يمارسة التلفزيون القومي من عدم حياد و شفافية في نقل الاخبار للجماهير وكأن التلفزيون القومى اذاعة داخلية للمؤتمر الوطني ، كنا نتوقع على الاقل في هذه الأيام أن يفسح التلفزيون القومي الفرصة أمام الممانيع للحوار ومنهم من هم بالداخل ليعرضوا على الجماهير اسباب تمنعهم واعتراضاتهم تطبيقا لقدر من الحياد والشفافية.
كما تقدم ظل موقف المؤتمر الشعبي ونشاط ممثله في آلية الحوار مثيرا للاستغراب خاصة وأن اغلب بقية الاحزاب الممثلة في الالية هم في الواقع من احزاب الفكة الذين ارتبط حبلهم السري برحم المؤتمر الوطني يشاركوه علنا افراحه ويتحملون سلبياته ، الي أن من الله علي فانتبهت لحقيقة غاية المؤتمر الشعبي من الحوار ومايتوقعه من ثمار اذا كتب له النجاح.
لقد ولدت الانقاذ قبل عقدين ونيف من رحم الحركة الاسلامية حاملة برنامج تمكينها ومشروعها الحضاري ، ولكن وما أن انسلخ عقد السنوات الاولي دب الخلاف والصراع على السلطة بين الذين كانوا يشنفون آذاننا بأنها لله ولا للسلطة ولا للجاه ، فإذا بالسلطة تفرق بين اخوان الأمس وتشق صفوفهم وتفلقهم لشقين احدهم تسمى بالمؤتمر الوطني واختار جانب الحكم والأخر بالمؤتمر الشعبي واحتار جانب المعارضة ، وفي غمرة الصراع بينهما داسوا على مشروع حركتهم الحضاري تحت (الكرعين ) فلم يفقد قوة دفعه بينهم فحسب بل مصداقيته إلى الأبد ، مضى الأمر برغم الخلافات بماتبقى له من ( مروة ) دفعه الأول وحماسات شعاراته الجهاديه ، إلى ان كان التدخل الدولي في دارفور وقرارات مجلس الأمن المتتالية ثم اتهامات المحكمة الجنائية الدولية التي طالت رئيس الدولة واقعدته عن مباشرة الكثير من مهامه في مجال علاقات السودان الاقليمية والدولية ، خلال ذلك بدأت تتحرك وتنشط جيوب المعارضة الداخلية للنظام كما نحج حملة السلاح في تكوين جسم موحد لحراكتهم مما زاد الضغط الدولي وعقوباته على النظام فاضطر لمجابهة ازمته المالية بالاتجاه لرفع الاسعار ، فتحرك الشارع اثر ذلك في تظاهرات عنيفة قوية لم يشهدها النظام من قبل فقابلها بعنف دموي هائل ، كشفت تلك التظاهرات عن أعراض الموت السريري للحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني ، فما كان من الرئيس سوى البحث عن ترياق لانعاشهما فكان نداء مؤتمر الحركة الاسلامية الذي تبعه بحوار الوثبة ثم خلق آليات للحوار الوطني ، غير أن جرعات العلاج لم تجدي وتبينوا ضعفها الظاهر عندما تحركت المعارضة في إعادة تنشيط تجمعاتها وتصمييم هيكلها الجديد بعد ان اكتمل تجمعهم تحت الية نداء السودان ، فكان اول نجاحات كتلتهم الجديدة قيادة حملة ارحل ضد النظام التي اسفرت عن نتائج مزهلة عندما استجاب لها الشعب وامتنع عن ممارسة حقه في تجديد ثقته بالرئيس في الانتخابات الاخيرة .
عندها وعلى الرغم من اعلان فوز الرئيس لدورة جديدة اعمالا بفقه ( الفي ايدو القلم )، والا أن نتائجها الضعيفة فتحت اعينهم للكارثة واكدت لهم موت حركتهم الاسلامية في الشارع السوداني ، ولم يكن يعني ذلك عندهم سوي قرب سقوط نظامهم وزوال حركتهم ، خاصة بعد نجاح كتلة المعارضة في الاعلان عن مشروعها واقناع الالية الافريقية رفيعة المستوى ، فسارعوا مرة اخرى يبثون الروح في دعوتهم السابقة للحوار الوطني والاجتماعي بعد أن تراخت ولكن هذه المرة بدفعة وارادة قوية من المؤتمر الشعبي الذي ظل من تاريخ مفاصلته مع النظام يقف بشيء من الحياء في صفوف المعارضين فبدا حاله مماثلا لحال الاب الذي يقاضي ابنه.
كان لبروز الكتلة المعارضة مقابل فتور وانزواء الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني كان بمثابة الانذار المبكر للمؤتمر الوطني والشعبي على السواء بقرب نهاية النظام الحتمية ، ولما شعر المؤتمر الشعبي وبقية فعاليات الحركة الاسلامية الذين انشقوا عن الحكومة مقدار ما بلغة المؤتمر الوطني وحكومتة من عجز وعزل وانسداد أفق ، استشعروا خطر دنو اجل النظام فخافوا على وضعيتهم المستقبلية ، فهم على يقين أن الشعب لن يغفر لهم سنوات حكمهم مع الانقاذ وسوف يكنسهم معها ، لهذا انتهزوا فرصة الحوار الذي كان قد بشر به الرئيس ، وتدافعوا خفافا وثقالا يبثون فيه الروح ويرتقون آليتها بهذا الكمال عمر فكان منه كل هذا الزعيق الذي تسمعون .
وما دافعهم وهمهم ومرادهم من الحوار سوى تأمين مصائرهم وحماية مكتسباتهم ، ولن يتحقق لهم ذلك إذا ما وقفوا بعيدا ينظرون للنظام وهو ينهش ، فكان لا بد من حراك نشط باسم الية الحوار يؤمن بقاء النظام فيما تبقى له من عمر دستوري ، وتجهيز ورثة جدد يكونون من بعض المعارضين وهم بينهم لكي يضمنوا استمرار وجودهم في أي نظام خالف .
هل فهمتم الآن سر تشبث المؤتمر الشعبى بالحوار وحرصه عليه بما يفوق حرص الحزب الحاكم نفسه .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..