مقالات وآراء

الخبط اللبط وعلامات الاستفهام والتعجب (1)

شوقي بدري

الدنيا مليئة بالخبط اللبط وعلامات الاستفهام والتعجب .بعض هذه الظواهر تعطي طعما وتغيرمن رتابة الحياة . في الثمانينات ظهرفي مالمو السويد شخص مهذب يسهل التعامل معه من زملاء الدراسة في براغ . كانت معه زوجته وقريبته وهى دكتورة اخصائية في فترة تدريب قصيرة في السويد . عندما اتى به الدكتور عبد الخالق مالك لمكتبي فرحنا به ونحن في مدينة مالمو مجموعة كبيرة من تشيكوسلوفالكية.

 لم يتوفر للزائر سوى رقم تلفون ابن عمتي عبد الخالق مالك الذي ليس من المرحبين بالضيوف وبيته غير مفتوح للناس ويتطير عندما يتصل به ضيف لانه يحسبها بالتعريفة وهذا خبتة من نوع فريد . قدمن الآخر ينم الزائر نفسه لعبد الخالق باسم ابراهيم حاول الاخ ابراهيم أن ينشط ذاكرة عبد الخالق بدون فائدة . اخيرا حسم الاخ ابراهيم وقال ….. ياخي انا ابراهيم الخبتة .

 ابراهيم كان رجلا طيبا وصاحب تربية وادب . ما كان يفتقده هو عدم قدرته على وزن الامور بسبب طيبته. سمعنا عنه في البداية من الشيوعيين وفي اول اجتماع مع ألشيوعيين. قفز ابراهيم فوق الاجندة ، ووقتها كان للشيوعيين وجود ملموس ومهم في براغ ، متمثلا في ابراهيم زكريا سكرتيرعام النقابات العالمي . حسن سنادة في اتحاد الطلاب العالمي الزعيم التجاني الطيب بابكر والدكتور عبد الوهاب سنادة والكمندة قاسم أمين رجل عطبرة والنقابات والعشرات.

 وبخ ابراهيم الحضوروخاطبهم غاضبا …. الشيوعيون البراغيون …… الذين لم يكلفوا انفسهم بالاتصال به وقد مضت ايام منذ حضوركطالب جديد . ابراهيم عرف بعدها ب ،، الشيوعيون البراغيون ،، .واخيرا التصق به اسم ابراهيم الخبطة او الخبتة .

   بعد تلك الظروف وبعد سنة كنت جالسا في مقهى افروبا مكان تجمع الاجانب خاصة السودانيين. تقدم نحوي الاخ ابراهيم وكانت تلك اول مرة اقابله سألني بدون تحية …. انت شوقي ؟؟ اجبته بنعم . قال بصوت آمر …… قوم معاي نمشي نعمل كرت المواصلات . كان يجالسني ابن الموردة مامون يوسف المامون وهو شخص كاتل حيلو الا انه مصيبة . طالعني مامون بنظرة فيها الكثير من الشماتة . قلت لابراهيم كدى اقعد شوية اشرب ليك قهوة انا منتظر جاك والمقصود محمد مهدي مسعود الحلو . بعد ساعة ابدى ابراهيم تضايقه خاصة بعد أن ظهر جاك . فاعطيت ابراهيم عذرا جديدا ومامون يتبسهم . اخيرا قلت له أن موضوع ما عرف ب ،، ترامفايكا ،، موضوع طويل ومعقد . يجب أن نذهب في الصباح الباكر.؟ وتكرر نفس الموال. في نهاية اليوم الثالث . نظر الى ابراهيم قائلا …. افتكر انت ما عاوز تمشي معاي !! شرحت لابراهيم انني تحصلت على تلك الترامفاكيا للسنة الاولى فقط وبعدها لم استخرجها . الامر يبدا بالذهاب الي استديو التصوير بعد ايان تستلم الصور . تذهب الى مسكن الطلبة وتطارد المسؤول وقد يأخذ هذا اياما ليعطيك شهادة بدفع الاجار . شهادة من المكتبة بانك ارجعت الكتب . شهادة من الكلية بانك قدنجحت في امتحانات السن الماضية وتم تسجيلك للسنة الحالية . الحصول على موافقة مكتب السفريات … الخ.

 بما انه توجد 40 كلية في براغ والكثير من المدارس المعاهد الموظفين العمال … الخ والجميع يحتاج لكرت المواصلات . ستقف في عشرات الطوابير لساعات قبل الوصول الى احد الشبابك وتقدم اوراقك ثم تعود مرة اخرى لاستلام الكرت . الذي يساوي 35 كرونة . ركوب المواصلات كان يساوي60 % من الكرونة . كنت افضل الدفع بدلا عن مرمطة الكرت .

 تذكرت الاخ ابراهيم كثيرا وتألمت لما حدث . له التحية والرحمة ميتا او حيا . كان روحا طيبة .

 في 1946م وفي بداية ايام تواجدنا في براغ كان السودانيون يتواجدون دائما في مقهى فندق امباسدور. تصادف تواجد الاخ احمد الحنطور في المقهى.وجه له سؤال عن تحصله على قبول في احدى الكليات . رده كان …… انه في انتظارزوج شقيقته الدكتور عبد العزيز كنيش الذي كان يتخصص في جراحة الانف والاذن والحنجرة ، الا انه مشغول هذه الايام بشدة . وعند السؤال …. مشغول بي شنو ؟؟ الرد كيف مشغول بي شنو مش الايام دي خروتشوف،، رئيس الاتحاد السوفيتي ،، في البلد . كلهم شيوعيين وحيتقابلو عشان كدة مشغول . ؟؟ التقط الامر الرجل اللطيف الفيلسوف ابن مدني عصام واطلق عليه اسم الحنطور. ولسوء الحظ التصق هذا الاسم بشرف الاخ الاصغر الذي انضم الى طلاب براغ فيما بعد .

 هؤلاء البشر امتازوا بالطيبة وحسن الطوية ترعرعوا في سودان السماحة والتكافل ولهذا تصرفوا بعفوية تامة . لكن توجد انواع من الخبت واللبط التي تجعل الانسانيكره الحياة .

 

[email protected]

‫7 تعليقات

  1. أستاذنا الكريم شوقي ورد في معرض مقالك ذكر المرحوم السيد/ محمد مهدي مسعود الحلو (جاكسون) عليه رحمة الله ومغفرته ولكل موتانا وموتى المسلمين .

    1. الاستاذ عدنان لك التية والشكر على المداخلة. لم اعرف أن اخي الحبيب محمد مهدي مسعود الحلوطيب الله ثراه قد انتقل الى حوار ربه . كنت اتواصل معه عندما صار مطوفا في السعودية . اطلقنا عليه اسم جلك لانه كان يمشي مثل الممثل الامريكي جاك بلانس الذيكانيمثل الى ان قارب المئة سنة من عمره .
      جاك رحمة الله عليه جاورنا في العباسية ودرسنافي الاحفاد ثم براغ كتب عنه كثيرا .ا

      1. نعم أستاذنا الفاضل شوقي بدري تمر أحداث قد لا نعلم بها فقط أردت التوضيح وإضافة معلومة لأفراد سردكم الممتع متعكم الله بالصحة والعافية وتقبلوا أجمل التحايا

  2. جانبك التوفيق يا استاذ شوقى ما كان فى داعى بعد كل هذه الاعوام زكر اسماء الزملاء (بكنياتهم) التى اطلقت عليهم ايام الدراسه ربما هؤلاء الذين زكرتهم وبتهكم واضح لهم أبناء وقطعا أحفاد فمثلاً إسم (حنطور) إسم مسىء وكذلك (خبته) ياسيدى قليل من الإحترام فى حق زملاء ربما انت تكبرهم سناً .
    آكيد انت تتذكر الكنيه التى كناه بها زملاء المرحوم (عبد الوهاب عثمان) وزير الماليه فى عهد الكيزان وانت تعلم إنها لم تك كنيه جيده !!.

    1. يا استاذ عبد الوهاب ابراهيم بنفسه قدم نفسه كخبتة الموضوع كان عبارة عن مزاح ولا تنسي انني تكلمت واطريته .شرف كان يمازح احمد ويقول الحنطور الكبير . وانت كيف عرفت انني اعلم انها لم تكن كنيةلم تكن جيدة . عندما كتبت انا كثيرا واشدت الاخ المسلم عبد الوهاب عثمان لماذا لم تتدخل ؟؟

  3. حامل قنديل الإمام الصادق الثائر المجدد شوقي بدري لم أكن أود التعليق او المداخلة ولكن لقد ادهشتني بحق لم أكن اتوقع انك تحب البسطاء لهذه الدرجة لذلك ازداد إيماني بأن الدرويش الأنصاري الذي بداخلك سوف ينتفض قريبا مارا يحطم قيد الزمن فهنيئا لنا بكم
    يبدو انني ساعود للتعقيب بعد هذا المقال الإنساني الرائع الذي كان بطله ود ابراهيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..