مقالات سياسية

نريدها أحزاباً للديمقراطية … وليست حكراً لمالكيها ..!

محمد عبدالله برقاوي

إستمعت وشاهدت منذ يومين ذلك السجال الذي أعد له الأستاذ أحمد البلال الطيب عبر برنامجه في الواجهة .. في شكل مناظرة محورها الأساسي التوقيع على خارطة الطريق إياها .. كان طرفاها عبر الهاتف من القاهرة السيد الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ومن داخل الإستوديو المهندس ابراهيم محمود حامد نائب رئس حزب المؤتمر الوطني الحاكم ومساعد رئيس الجمهورية .

وهو منذ البداية كان حواراً غير متكافي من حيث الخبرة السياسية والتجربة القيادية الطويلة لزعيم الأنصار و حداثة القيادي الشاب في تولي المنصب رغم أنه على المستوى التنفيذي قد شغل العديد من المواقع التي لم يترك فيها أثراً يؤهله الى هذه المرتبة الحزبية إلا اللهم الرضاء الرئاسي عنه كبديل يسهل تشكيله وفقا لإرادة مالك الحزب الحصري الذي أتي به الى قمرة قيادة حزبه المتهالكة بعد أن إستغنى عن خدمات طاقم الحرس القديم وقد خشي من تمدد نفوذهم المستمد من وضعيتهم في الحركة الإسلامية !

طفق القيادي حديث العهد بالعمل الحزبي المباشر في التحدث متباهيا بالنهج الديمقراطي الذي زعم أن المؤتمر الوطني بدأ به بنفسه في تطبيقه الداخلي ليكون قدوة للآحزاب الآخرى في إحداث التغيير الذاتي بشفافية قبل أن تفكر في كيفية حكم السودان ديمقراطيا …!

ثم عرج الى إلقاء اللوم على الحركة الشعبية دون غيرها لآنها على حد سرده هي التي بدأت العنف منذ العام 1983 والمستمر في أرجاء الوطن المشتعلة هنا وهناك حتى الآن ..متجاوزا كل محطات تخريب عمليات السلام من طرف الجبهة الإسلامية التي كانت تخطط منذ ذلك الزمان لإنقلابها بذات العنف الذي يدينه بتلك الطريقة الفجة من سذاجة إختصار قضايا السودان حكماً وتنمية و أزمات أمنية ولعله وقتها لم يكن في الصورة التي أعماه عن قراءة تاريخها الطويل هذا المنصب الفضفاض عليه !

نعم الديمقراطية داخل الأحزاب مطلوبة بدءاً بتغيير الوجوه القديمة التي باتت مالكة لها أكثر منها قيادة …ولن يستقيم ظل مستقبل الديمقراطية السودانية وعود الأحزاب الداخلي أعوج !

أما المؤتمر الوطني فلا تعنينا ديمقراطيته المفقودة أصلاً الداخلية منها أو الخارجية في شي لانه حزب سلطة بل هو تنظيم الرجل الواحد .. وسينفض سامره مثلما تبددت كل الأحزاب على شاكلته في المنطقة بعد أن ذهبت أنظمة الحكم فيها وهلك قادتها أو فروا هاربين !

والسيد الإمام الذي قال انه مشغول بقضايا عديدة منعته عن العودة الى السودان تتعلق بدراسة ظواهر الإرهاب في العالم الحديث والبحث عن الوسطية الدينية ..فهو كمن وزع الزيت على الجيران قبل أن يكتفي منه أهل البيت ..ولا أعنى بيت المهدي بالطبع ..فالرجل يغرد خارج السرب تاركا حزبا مفككا ابتعدكثيرا عن قواعده التي طرأت عليها مستجدات الفهم والتعليم والوعي والتخلص من التبعية والولاء الأعمى لاسيما في الأجيال الجديدة التي حق لها أن تكون خيوطا صاحبة حق أصيل في نسج عباءة مختلفة للحزب ليخرج بصورة ديمقراطية من حوائط إحتكار الزعيم الأوحد والدائم الى فضاء المؤسسية التي تسهم في بناء مستقبل الديمقراطية والعمل الوطني الراشد.. وهذا ما يجب أن ينسحب على حزب الطائفة الكبيرة الآخرى التي سلمت لحيتها لشفرات التقسيم حيناً وأكف التمليس الممنهج الإنقاذية تارة .. وهي من مصلحتها أن تتعثر كل الآحزاب الآخرى في خطاها المتحجرة عند زمان قياداتها التقليدية الطويل !

فالتحية لحزب المؤتمر السوداني الذي جدد دماءه القيادية في جسده النحيل رغم سعي السلطة الحاكمة لتضييق شرايينه ومحاولات خنق مجاري تنفسه!

ولاننسى أن نحي الحزب الشيوعي السوداني الذي يعقد مؤتمره السادس رغم العثرات وضيق ذات اليد والخلافات التي تعصف به وشبهة الإختراقات المستهدفة لمسيرته وهو يسعى للتعافي من جراحاته القديمة الغائرة ..فهما ظاهرتان في لوحة حاضرنا الباهتة تشكلان بارقة أمل لابد من أن ننحني لها إجلالا ونقول لهما وفقكم الله .. فالعافية كما يقول المثل درجات ..!
ولعل إنعقاد مؤتمر كل من الحزبين .. المؤتمر السوداني والشيوعي في هذه الظروف العصيبة وبتلك الكيفية من التحدى للواقع المرير يكون حافزا للآخرين لإقتفاء أثرهما .. وإلا ففاقد الشي لن يعطيه يا والداي المساعدين الرئاسيين الحاضرين الغائبين !

محمد عبدالله برقاوي
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..