حرب الشريكين

حرب الشريكين

فيصل محمد صالح

لوتم حصر المهددات التي قد تعيق إجراء استفتاء حر ونظيف في يناير القادم وتعكر الأجواء المطلوبة لقبول نتائجه مهما كانت فإن الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني هما أكبر هذه المهددات، وليت رئيس العالم الذي سيلتقيهم بعد أيام في نيويورك يأمرهما بالسكوت قليلا، والالتفات للعمل الجاد النافع لهما وللبلاد.
عندما تتابع الإعلام صباح كل يوم ستجد التراشق المستمر والاتهامات المتبادلة، المؤتمر الوطني يتهم الحركة، الحركة تقول أن المؤتمر الوطني يفعل كذا وكذا، ولا يخلو يوم من هذا الجدال.
الحركة تقول أن المؤتمر الوطني غير جاد في إجراء الاستفتاء في مواعيده، وتتهمه بمحاولة التعطيل أو الإلغاء، وتهدد بإعلان الاستقلال من داخل برلمان الجنوب، أي من طرف واحد. وفي كل يوم هي تشكي من موقف أو تصريح، وتستخدم في ذلك كل أنواع الاستخدامات اللغوية والمنهجية من الاستدلال للتحليل للكناية للتفسير للتبرير…الخ. ونحن نسمع كل يوم من الحركة أن المؤتمر الوطني غير راغب في إجراء الاستفتاء، بطريقة إنشائية غير مربوطة بحدث أو واقعة معينة يتم الاستدلال به على هذا الاستنتاج. والغريبان الحركة تجلس مع المؤتمر الوطني في لجان مشتركة، وتخرج بتصريحات انه تم الاتفاق على كذا وكذا وكذا، لكن لا تمر أربع وعشرين ساعة غلا ونسمع بتصريح مغاير ومناقض.
المؤتمر الوطني من جانبه يملك مخزونا من الحلاقيم الكبيرة التي لاتنام ليلتها دون تصريح متفجر، وبعضهم لا يخطئ ليلة واحدة ولا ينسى أن يودع واجبه اليومي، حتى لو كان تصريحه كله من باب المعلوم الذي يعلمه راعي الضان في صحراء العتمور، الحركة الشعبية تعمل مناجل الانفصال، الحركة تشتري أسلحة من علان وفرتكان، الحركة تخالف الاتفاقية بإعداد نشيد وطني لدولة الجنوب التي لم تستقل بعد..الخ….
المشكلة في مثل هذه التصريحات إما أنها مجافية للحقيقة ولنصوص اتفاقية نيفاشا، التي لا يقراها الطرفان قبل الإدلاء بالتصريحات الجوفاء، وإما أنهالا تقول شيئا،مثل ذلكالذي يخبرناصباح مساءبنية الحركةة في الانفصال.
ليست المشكلة في أن التصريحات غير مفيدة ولا تقول شيئا، ولكنها مضرة وتخلق جوا من التوتر السياسي نحن في غني عنه،كما أنها تعمل عل شحن مناصري الطرفين بدرجة غير معقولة يمكن ان تدفع لحدوث اضطرابات وأعمال عنف. ومثال لذلك تصريحات الطرفين التي تعطينا فكرة مقدما عن نيتهما عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء، فكم مرة يقول مسؤول في الحركة أن التيار الانفصالي هو الغالب، وأن نتيجة الاستفتاء لو جاءت لصالح الوحدة فمن المؤكد أنها مزورة، وإما المؤتمر الوطني فهو يقول في تصريحاته أن الحركة قد زورت الاستفتاء مقدما،وأنه قد لا يعترف بنتائجه. هل هناك تسميم للأجواء وإثارة للتوتر والعصبية أكثر من هذا؟
المشكلة الأكبر أن هؤلاء هم من بيدهم كل الأمور، وهم من بيدهم وضع الضمانات المطلوبة لحرية ونزاهة الاستفتاء، بينما تقف بقية القوى السياسية ، شمالية وجنوبية، على الرصيف، لاتملك من أمر الاستفتاء إلا التمني.
لوسكت الطرفان قليلا واتجها لوضع الضمانات وحشد وتعبئة الأتباع للتصويت لكان في ذلك خير للبلاد والعباد، دقيقة سكوت بالله!

الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..