دماء على ملابس السيادة السودانية‎

‏ بسم الله الرحمن الرحيم ‏

دماء على ملابس السيادة السودانية‎ ‎‏ – (2)‏

بقلم/عمر خليل علي موسي / الدوحة
رؤى تحليلية عسكرية‏
[email protected]

سبق ان كتبت دراسة تحليلية لحادث ضرب قافلة سيارات شمال بور تسودان مطلع ‏‏2009 بذات العنوان أعلاه ولم أرقمها بالرقم (1) لأني لم أكن أتوقع ان نقع في ‏نفس الخطأ مرتين وفي ذات المنطقة بالبحر الأحمر وان يمر عامان ويحدث نفس ‏الحدث وان بسيناريو مختلف ، ولست هنا في ما يخص حدث هذا الأسبوع الأول ‏من ابريل 2011 بصدد الدخول في مغالطات سياسية عن من كان بالسيارة ولأي ‏جهة يتبع فهذا الأمر ان لم تكشفه الجهات المتورطة فيه ، ستكشفه إسرائيل وهي ‏الجهة الأكثر ترجيحا للقيام بهذه الضربة ، ما يهمنا هنا الناحية العسكرية لما حدث ‏وهو حدث جلل ، ان حدث في أي مكان آخر في دول العالم لاهتزت الأرض تحت ‏أقدام الجهات العسكرية في هذه الدول وقد تنشب حرب وتوترات إقليمية لا تحمد ‏عقباها .‏
هذا الحدث يؤطر الرؤى التحليلية العسكرية والأمنية التالية :‏
‏1.‏ ان التحالف الذي نشأ بعد حرب غزة بين بعض الدول الغربية وإسرائيل ‏لمكافحة الإرهاب في المنطقة نَشِط ويتتبع كافة العمليات التي يتخوف ان ‏تمد حركات(يصفها بالإرهاب) مثل حماس و حزب الله بالعتاد العسكري من ‏أسلحة وذخائر الخ …‏
‏2.‏ ان لهذه المنظومة عملاء في الأرض الساحلية الممتدة علي طول ساحل ‏البحر الأحمر من مدخله عند جيبوتي مرورا بسواحل اريتريا والسودان ‏ومصر إلي منطقة اقتراب سواحل سيناء بالساحل الإفريقي عند خليج ‏السويس ، هؤلاء العملاء هم ازرع هذه المنظومة لتتبع الأهداف المشكوك ‏فيها والمنظمات وكذلك حركة الأفراد المراقبين وهم حلقة لا يمكن الاستغناء ‏عنها تُكَمِل المنظومة الالكترونية الأهم والتي تتابع كل الأنشطة عبر الأقمار ‏الاصطناعية والصور الجوية والاتصالات الموجودة في السفن المنتشرة ‏ومتمركزة قبالة السواحل وفي القواعد بالمنطقة والتي بها طائرات ‏الاستطلاع .‏
‏3.‏ ان الكيفية التي حدث بها حادث قصف السيارة في منطقة(هوشيري) ‏جنوب بور تسودان لا يخرج عن السيناريو البسيط التالي : تتبع لهدف ‏ثمين قادما لبورتسودان إما عبر المطار أو قادما من الخرطوم بالبر أو من ‏دولة مجاورة جنوب عقيق أو قدم عبر السواحل المفتوحة ، هذا التتبع ‏منسق بين عملاء أرضيين لهم اتصال مع جهات خارجية بالهاتف العالمي ‏أو بأجهزة إرسال زودوا بها ، (مَسَك) هولاء العملاء الهدف وتابعوه ‏واخبروا عنه .‏
‏4.‏ لتدمير مثل هذا الهدف (سيارة أو ناقلة متحركة) هناك عدد من الأعمال تم ‏قبل وصول الهدف إلي منطقة (القتل) وهو اقتراب سفينة (مدمرة/فرقاطة) ‏وعادة تحمل مثل هذه القطع البحرية من 1-2 طائرة عمودية مسلحة ‏بالصواريخ جو /سطح ، تتسلل وتقترب إلي خارج المياه الإقليمية ‏السودانية قريبا من المنطقة المحددة لتقليل مدي طيران الطائرات العمودية ‏المنفذة ولتأمينها تحت مظلة دفاع المدمرة أو الفرقاطة التي تصل إلي نحو ‏‏400 ميل بحري حول المدمرة .‏
‏5.‏ من الأعمال التي تسبق التنفيذ تأكد الجهة المنفذة للضربة (عبر العملاء ‏وعبر الأقمار الاصطناعية وعبر الاستطلاع الالكتروني) من خلو منطقة ‏التنفيذ من أي مضادات صاروخية (صواريخ ارض / جو وارض/ بحر ‏ساحلية) وخلوها من رادارت المراقبة الجوية والبحرية ، ولا ترعبها ‏مضادات المدفعية م/ط ان وجدت . ‏
‏6.‏ بعد اكتمال كافة المعطيات من هدف مرصود ومتابع إلي اقتراب وسائل ‏الضربة من الساحل وتلقيها كافة المعلومات تحلق الطائرات العمودية ‏وتقترب لمسك الهدف وتحديده ومن ثم تدخل في مدي الإطلاق وتنفذ وتبقي ‏لدقائق للتأكد من تدمير الهدف . وتنسحب وتخلي المنطقة نحو السفينة الأم ‏أو القاعدة التي انطلقت منها (في حالتنا هذه كافة القواعد الأمريكية ‏والإسرائيلية) بعيدة وخارج مدي طيران الطائرات العمودية وهو ما يؤكد ‏ان الانطلاق مرجح ان يكون من سفينة .‏
‏7.‏ بعد التنفيذ تأتي مرحلة التحقق من نجاح العملية (ولا اقصد التدمير فهو ‏مشاهد ومعلوم ، واقصد قتل الشخص المستهدف) وتخدمهم في ذلك وسائل ‏الإعلام خاصة المحلية في بث الخبر وتتناقله كافة الوسائل الإعلامية هنا ‏وهناك ، تكون الجهة المنفذة في حالة ترقب وتَسَقُط للأخبار وتتبع ‏لمعرفة معلومات أكثر عن الهدف الذي دمرته ، هل ما دمرته هو هدفها ‏الثمين ؟ وفي حالتنا هذه مثلا تتناقل الوسائل اسم مسئول فلسطيني بأنه ‏المستهدف والذي نفت أسرته تعرضه لحادث في السودان وتقول جهاتنا ‏الرسمية إنهما سودانيان عاديان وهما فلان وفلان ولا صلة لهما بأي شئ ‏‏.. فان صمتت إسرائيل (وهي الجهة المتهمة الأولي) ولم تهلل للحدث فهذا ‏يعني فشل العملية وبأنها أخطئت في تحديد وتتبع وقتل هدفها الثمين ، لكنها ‏أثبتت ان ذراعها طويلة ، وان ذكرت اسما آخر ولو بعد فترة‏‎ ‎وتبين انه فعلا ‏أصيب فهذا يعني نجاح العملية .‏
الخلاصة . بلادنا وشرقنا بالذات كما أسلفت في الدراسة الأولي مستباح بكل ‏أسف ليس من جهة إسرائيل فحسب بل من كافة جهات التهديدات البحرية ‏والجوية ، قد تكون الحروب في الجنوب والغرب قد صبغت عقيدتنا العسكرية ‏بصبغة ( الاستعداد والتجهيز للحروب البرية البحتة) وأهملت الاتجاه البحري ‏الساحلي (راجع دراسة الأمن البحري السوداني ومهددات المياه والسواحل ‏والمتطلبات 1 و2) هذا الاتجاه الخطير لحدودنا البحرية الذي يمكن ان تصل ‏فيه مدمرات وحاملات طائرات أجنبية معادية إلي خط المياه الإقليمية وهو 12 ‏ميل بحري من الساحل وهي مسافة 20 كلم (أي من امدرمان لوسط الخرطوم) ‏وهي مسافة تكفي هذه السفن لتدمير الخرطوم من مواقع تمركزها خارج المياه ‏الإقليمية ناهيك عن أهداف ساحلية معزولة ، وما حادث لمصنع الشفاء ليس ‏ببعيد وقد انطلقت الصواريخ التوماهوك من السفن بالبحر الأحمر . ‏عموما ليست قواتنا المسلحة وخبراءها في حاجة للتنبيه مني أو من مجلس ‏الوزراء لتقوية منظومة الدفاع الجوي عن المنطقة الشرقية بما تشمل من ‏أجهزة رادار جوي وسطحي وكذلك صواريخ مضادة للطائرات وأخري ساحلية ‏ونظام إنذار مبكر( يعمل 24 ×7) . حاجتنا إلي عمل سريع متكامل مدروس .‏
أقول صادقا ان الذي حدث ليس جميلا في حق السودان كدولة ولا في حق ‏قواتنا المسلحة ، وقد أصبحت بلادنا مستباحة كغزة تدخلها إسرائيل أو غيرها ‏متى ماشاءت وقواتنا المسلحة لا حول لها ولا قوة . وقد كان في إمكان هذه ‏الطائرات إصابة مرسي تصدير النفط أو خط الأنابيب أو مصفاة بورتسودان أو ‏مطارها وكلها كانت قريبة من مسرح الضربة ، إلي متى لا نوازن بين عقيدتنا ‏القتالية البرية البحتة وبين تأمين سواحلنا البحرية المهددة وفق عقيدة بحرية ‏بمتطلباتها من دفاع جوي وقوة جوية …؟ والله المستعان . ‏

تعليق واحد

  1. الاخ عمر خليل
    ان مقالك جيد جدا ومترابط وتحليلك سليم جدا ولاكن اني اراك تتكلم عن السودان ارجوا خالصا ان توضح لنا اية سودان تقصد !! السودان الجنوبي.. ام السودان الغربي.. ام السودان الشرقي.. ام السودان الشمالي.. ام سودان الخرطوم اقصد سودان الكيزان…( ) ( ) ( ) ( )

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..