الاتحادي الديمقراطي الأصل والتحول الديمقراطي المزعوم !ا

الاتحادي الديمقراطي الأصل والتحول الديمقراطي المزعوم !!

بارود صندل رجب – المحامي
[email protected]

هرمت أحزابنا السياسية الكبيرة وما عادت قادرة علي الإمساك بزمام الأمور في البلاد ، فضلاً عن القيام بدور محوري في التصدي للقضايا الشائكة التي تمسك بتلابيب البلاد وتكاد تخنقها ، ماعاد حزب الأمة و لا الاتحادي الديمقراطي قادران علي قيادة البلاد إلي بر الأمان فبجانب الانشقاقات التي ضربت الحزبين فانشطر كل حزب إلي عدة أحزاب أغلبها دخلت في كنف الحكومة بحثاً عن السلطة والمال ، وأخيراً وبعد أن ضرب أخماساً في أسداس لحق الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بركب المشاركين في حكومة المؤتمر الوطني (الموسعة جدا ) وبغض النظر عن نصيب الحزب في الحكومة والذي حسبه البعض قسمة ضيزي فقد تساوى الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل مع الجناح المنشق عنه جناح الدقير(وكل أناء بما فيه ينضح) ، وبما أن هذه المشاركة كانت ثمرة لحوار ممتد بين المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي الأصل فقد توصل الحزبان إلي وثيقة تضمنت القضايا محل الأتفاق بينهما ولكن ظلت الوثيقة طي الكتمان في ظاهرة تنم عن غياب الشفافية وتغييب الرأي العام عن الأطلاع علي الحقائق كما هي ، ملاحظاتنا علي هذه المشاركة تتلخص في عدة نقاط أولها تعيين الحسيب النسيب جعفر الصادق نجل السيد محمد عثمان الميرغني مساعداً لرئيس الجمهورية هذا التعيين يشير بصورة واضحة أن العقلية الطائفية ما زالت تسيطر علي أحزابنا الكبيرة التي تعتقد أنها تملك البلاد والعباد وتفعل ما تشاء وأن ال البيت (الطائفة) هم الاسياد….
الأمر الآخر ماذا يفعل هذا الشاب الذي يفتقر بطبيعة الحال إلي أي خبرة ودربة في السياسة فضلا عن الحياة العامة في القصر الجمهوري وسط كثافة الوزراء والمستشارين والمساعدين ووزراء الدولة ، أي مشاكل يستطيع هذا المساعد من حلحلتها وهو لا يكاد يفرق بين شمال كردفان وجنوبها ولا بين النيل الأبيض والأزرق …….لعل هذا الشاب وهو يتولي أول وظيفة له في حياته مساعداً لرئيس الجمهورية وأقرانه من شباب السودان الذي لا يعتمدون علي ارث الآباء والأجداد بل علي جهودهم وكفاحهم لا يجدون وظيفة تقيهم بؤس الهجرة إلي المجهول أو تقيهم مذلة البطالة التي القت بكلكلها علي هذه البلاد وهي تزداد تفاقماً لسوء سياسيات النظام !! حسبنا نحن أن الطائفية السياسية فد انكفأت وتراجعت في ظل ما نادت بها الإنقاذ منذ ولادتها ولكن المؤتمر الوطني الفاقد للوجهة أعاد لجسم الطائفية العليل شئ من العافية وهكذا نظل ندور في حلقات مفرغة طائفية وعسكرية ثم طائفية ثم عسكرية وهكذا دواليك؟؟
بؤس السياسة في بلادنا وصل مرحلة خطيرة , انسداد أفق الانفراج السياسي فضلاً عن غياب الإستراتيجية الواضحة لحلحلة مشاكل البلاد وإعادة اللحمة الوطنية لجسد لما تبقي من السودان !1 الكل يسعي وراء المصلحة الخاصة وبعدها فليذهب السودان إلي الجحيم ، تجذر هذا السلوك في المجتمع هو أخطر ما تواجهها البلاد ,المؤتمر الوطني وفي إطار تدميره للقيم النبيلة سعي بكل ما أوتي من قوة إلي جعل الوظيفة مغنما وتشريفا وليست تكليفاً وأمانة ….الداخلون في الحكومة يقولون أنهم يسعون إلي حماية البلاد وتمتين الوحدة الوطنية والتصدى للمشاكل التي تواجهها البلاد ولكن سرعان ما يغيب كل ذلك ولا تسمع للمشاركين لا همساً ولا ركزاً ، لا أحد يرفع عقيرته بالحق , أما الخروج من الحكومة فذلك محال فالدخول في حكومة المؤتمر الوطني سهل ومتاح ولكن الخروج منها صعب أسألوا مبارك الفاضل الذي أنشق عن حزبه ودخل الحكومة بقوة وحين أراد الخروج انشق الحزب إلي خمسة أحزاب أربعة منها انحازت إلي جانب السلطة وخرج مبارك بخمس الحزب الذي دخل به ، من يجلس في كرسي الوزارة في حكومة المؤتمر الوطني يصعب عليه المغادرة أن لم يستحيل ، وثقل علينا الفهم ما الذي يجعل الناس يتشبثون بكرسي السلطة بهذه الطريقة في بلد تحاصره المشاكل من كل حدب و صوب ويعيش السواد الأعظم من الشعب في فقر مدقع و أن التصدي لهذه المشاكل وعظم المسئولية يدفع العقلاء من الناس إلي الفرار من المسئولية فكيف يتكالب هؤلاء علي هذه الجيفة النتنة أن لم يأخذوها بحقها ، بئس الأمر……..
نعود للحزب الاتحادي الديمقراطي والذي وضع شروطاً للمشاركة ونحن لسنا في عجلة لنحكم عليه في هذه الفترة الوجيزة فحل قضية دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق يحتاج لبعض الوقت وكذلك معالجة الأوضاع المعيشية المتردية تحتاج إلي سياسات واضحة ……
أما الذي لا يحتاج إلي كثير وقت في تحقيقه فلا عذر للحزب في السكوت عنه فمراجعة حقوق الإنسان وصياغة الحريات العامة ومنع الاعتقال التعسفي فهذه الأمور لا تحتاج إلي وقت ودراسة لتجاوزها ، والملاحظ أن وتيرة انتهاك حقوق الإنسان زادت بعد مشاركة الاتحادي الديمقراطي الأصل فالاعتقالات السياسية شملت قادة سياسيون وناشطون وطلاب جامعات وأصحاب مظالم والعدد ليس قليل ، ليس هذا فحسب بل أن هذه الاعتقالات افتقرت إلي المعايير التي وضعتها القوانين المحلية بما فيه قانون الأمن نفسه فضلا عن المعايير الدولية ، يؤخذ الناس إلي بيوت الأشباه ولا يسمح لهم حتى الاتصال بذويهم ومحاميهم ولا يتحري معهم أحد ولم يبلغوا بسبب الاعتقال فضلاً عن التعذيب والتنكيل ، لعل الحزب لم يسمع بهذه الاعتقالات وسط أنشغالات وزراءه بترتيب أوضاعهم الجديدة؟!
تتعرض الجامعات لاقتحامات من الشرطة والأمن بصورة تهدد الاستقرار الأكاديمي ويضرب الطلاب وتسرق متعلقاتهم القليلة والحزب المشارك يصيبه الخرس …… تتعرض المظاهرات السلمية التي تطالب بالحقوق مثل المناصير والمعاشين بالقمع والاعتقال والحزب يصم أذنيه لئلا يسمع ولا يري !! أما المظاهرات المؤيدة للحكومة فهي تخرج وتجوب الشوارع وتعطل دولاب العمل في الدولة وتجبر الموظفين والطلاب علي الخروج ولا أحد يجرؤ للتصدي لها كل هذا لا يشاهده الحزب المشارك ، يحصل هذا وهم في بداية الطريق فماذا يكون الحال لو طال بهم البقاء في الوزارة هل يخرجون هم أنفسهم للتصدي للمظاهرات المناوئة للحكومة ويسبون الشعب علي سوء أدبه مع الحكومة الإسلامية الموسعة ، نحن لا نبخس الناس أشياءهم فهنالك قادة في هذا الحزب المشارك لهم رأي واضح من المشاركة وموافقهم مشهودة ومعلومة وأن قطاعات واسعة في هذا الحزب من المحامين والشباب وغيرهم ضد هذه المهزلة وإنهم في خندق المعارضة لتصحيح الأمور أما المشاركون فقد ذابوا في الحكومة أو المؤتمر الوطني كفص الملح في الماء نسوا أو تناسوا وعودهم حتى قبل أن يجف المداد الذي كتبوا به مواثيقهم المخفية فهؤلاء أعجز من أن يدعموا التحول الديمقراطي والحريات الأساسية فلينعموا بما كسبوه من وظائف وكراسي وثيرة وسيأتي يوم الحساب الذي يرونه بعيداً ونراه قريباً- وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

تعليق واحد

  1. تمنيت لو ان كل الاحزاب الطائفيه شاركة في هذه الحكومه الموسعه جدا لكي تنقض عليهم جماهير الشعب السوداني وتذهب بهم الي خارج التاريخ مشاركة هذه الاحزاب في الحكومه يوضح لنا كشعب سوداني ان هذه الاحزاب اخر من تفكر فيه هو الشعب ما الذي جاوء به بعد دخولهم الحكومه لماذا لم يشارك المهدي تمنيته مشارك في هذه المهزله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..