أخبار السودان

“ثمن الإصلاح” .. النائب العام لدولة قطر متأبطا يد الترابي ومن خلفهما وزير العدل

الخرطوم – مهند عبادي
“السودان القلب العربي النابض في أفريقيا، والدولة الأهم، وهو مسؤولية الجميع، وكل عربي شريف يحن للسودان، لذا فإن مساعدة الدول العربية له واجبة وليست فضلا”.. بالعبارة أعلاه كان الدكتور علي بن فطيس المري النائب العام بدولة قطر يصل خاتمة حديثه في محاضرة (سيادة القانون ومكافحة الفساد) التي سبقت مراسم التوقيع على اتفاقية كرسي الشيخ حمد بن تميم لمكافحة الفساد، بين جامعة النيلين ومركز حكم القانون ومكافحة الفساد بدولة قطر. الحدث كانت قد اكتملت أركانه في فندق كورنثيا أمس، وخلاله امتدح الدكتور علي المري الجهود التي تبذلها الحكومة السودانية في مجال مكافحة الفساد، وفصل سلطات النائب العام، وقال إن ذلك يعد توجها صحيحا وبداية جيدة للوصول إلى علاج للقضية التي تشغل دولا كثيرة في العالم.
1
حليف استراتيجي
ظلت العلاقة التي تجمع بين السودان وقطر تتميز بانفتاح غير محدود، وتعد قطر الحليف الاستراتيجي للبلاد، فكلما ادلهمت الأزمات، وجدت الخرطوم نفسها في حاجة ماسة لحليفتها، ودوما ما يطير مسوؤلوها إلى الدوحة.. وعلى كل تظل نماذج أشكال التعاون الكبير بين الجانبين خلال الفترة الماضية كثيرة، وبلغ التعاون المشترك في المجالات المختلفة شأوا كبيرا في النصف الثاني من العقد الأول للألفية الجديدة، حيث انتقلت العلاقات إلى آفاق أرحب مما كانت عليه في السابق، وتوسعت دائرة العلاقة التي استندت أساسا على روابط اللحمة العربية والعلاقات الثنائية بحكم الانتماء وأفواج السودانيين الذين تدفقوا زرافات ووحدانا نحو دوحة قطر، كسبا للقمة العيش، وساهم كثير منهم في وضع اللبنات الأساسية للدولة الناهضة، التي أضحت ذات مركز مرموق في خارطة السياسة العالمية.
في الأثناء لعبت الدبلوماسية في البلدين أدوارا حاسمة في بلوغ العلاقة لتلك الدرجة العالية والتي لم يحدث أن تعكر صفوها واتسمت بوضعية خاصة. وظلت قطر تقدم الكثير وتمكنت من لعب أدوار فاعلة جدا في ملفات القضايا السودانية المختلفة، وظلت تلعب دورا بارزا في حسم وتوجيه الرسائل التي من شأنها مساعدة الحكومة السودانية على تجاوز أزماتها، إلى جانب مشاركتها الفاعلة في ضخ الأموال وتوفير الضمانات المالية لتمويل المشاريع الاستثمارية بالبلاد.
2
سياسة واقتصاد.. قانون واجتماع
ولا يخفى على أحد حجم الأموال التي سكبتها الشركات القطرية على مشاريع لا تخطئها عين في مختلف أنحاء البلاد.
وتفرقت أشكال التعاون بين الدعم والسند السياسي إلى المشروعات الاستثمارية المتوزعة بين الزراعية والثروة الحيوانية وغيرها بجانب التنموية والعقارية، ووصلت درجة الانفتاح في العلاقات حتى شملت المستوى السياسي والاقتصادي والقانوني وغيرها من المجالات بجانب المتانة في العلاقة والروابط الاجتماعية التي تربط بين شعبي البلدين.
3
النائب العام متأبطا يد الترابي
عود على بدء، فقد تبددت حالة الترقب التي كانت تخيم على القاعة قبيل بدء المحاضرة، حيث دبت الحيوية عقب دخول ضيوف البلاد وسفير قطر ومنصور خالد وزير الخارجية الأسبق.. وبعدها دلف النائب العام لدولة قطر علي بن فطيس المري متأبطا يد حسن عبد الله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي ومن خلفهما مولانا عوض الحسن النور وزير العدل ومحمد الأمين أحمد مدير جامعة النيلين والتيجاني مصطفى وزير الدولة بالتعليم العالي والبحث العلمي.
المري بدا أكثر غبطة في حضرة أساتذته وفق حديثه حينما قال: “لا يحق لي أن أحاضر في حضرة أساتذتي، وبقدر ما كنت متشوقا للقاء إلا أنني لا أجد ما أعبر به عما يختلج بداخلي تجاه السودان”، وأضاف: “لم أعد كلمة مكتوبة، وفضلت أن أتحدث إليكم حديث القلب إلى القلب”، مبديا أعجابه الكبير بموارد البلاد وقادتها، وقال إن السودانيين جلبوا لنا الفخر والكرامة والعزه للأمة الاسلامية، بتاريخ الرواد؛ كالإمام المهدي وعبد الرحمن النجومي والأزهري وغيرهم ممن علمونا معنى الكرامة، ونوه المري إلى أن السودان ما زال يدفع ثمن كرامة أولئك الرواد ممن انتزعوا الحرية بالدماء.
4
آفة العصر
النائب العام القطري وصف قضية الفساد بأنها آفة العصر وأنها تتسبب في انهيار الأمم مؤكدا أن التاريخ مليئ بالنماذج التي تؤكد نهاية أمم كثيرة نتيجة لاستشراء الفساد فيها، مستطرداً بالقول: “لا توجد دولة خالية من الفساد، والكل لديه مجهودات في مكافحته ولكن الناس يختلفون في طريقة المعالجة الأمر الذي يجعل من كيفية الجراحة المحك الرئيس للساعين للعلاج، خاصة وأن ثمن الإصلاح الحقيقي كبير، ويجد رفضا ومقاومة من تنفيذيين مما يدفع البعض لاستخدام الإصلاح كمكياج فقط لتحسين الصورة أمام المجتمع الدولي، نظرا لصعوبة القضية؛ التي تخلف ضحايا كثرا حال نفذ إصلاح حقيقي”، والأمر -بحسب المري- يحتاج لوقفة وصبر وعزيمة وإرادة قوية لمكافحة الفساد.
5
فصل سلطات النائب العام
المري أشار إلى أن دولة قطر في تجربتها التي كان من الواقفين عليها منذ عشرين عاما استفادت من دراسة القانون اللاتيني واعتمدت عليها بوصفها أساسا وقال: لكننا وجدنا أن كل ما تحتويه موجود في الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أنهم حرصوا على فصل سلطات النائب العام منذ وقت مبكر.
6
الترابي ودساتير الخليج
في مداخلته بالمحاضرة يحدد الدكتور حسن عبدالله الترابي ثلاثة ضوابط ينبغي اتباعها لمكافحة الفساد، ويشير إلى أنه وضع دساتير بعض دول الخليج في أعقاب استقلالها من الاستعمار.
7
الترابي والواتساب
حسناً، بتوسع أكبر يطالب الترابي خلال حديثه بوضع قانون يضبط أموال المسؤولين من يوم توليهم السلطة إلى أن يخرجوا منها، وقال إن الشعب يمارس رقابة قاسية على المسؤوليين الأمر الذي يجعلهم يتسترون على الأموال التي يرثونها أو تأتي لهم من صديق مغترب، وقال: من الخير لهم أن يستروه حتى لا يقتربوا من الشبهات، وأضاف: “اتقوا الشبهات “، وأكد أن المجتمع السوداني كثير الكلام عن الفساد، وقال: “الواتساب” أصبح أسرع وسيلة لدعم ذلك”، ويحدد الدكتور حسن عبد الله الترابي ثلاثة ضوابط ينبغي اتباعها لمكافحة الفساد أولها غرس وتعميق تقوى الله تعالى في نفوس الناس بجانب الرقابة القاسية التي يفرضها المجتمع السوداني على المسؤولين والتي تذهب لأبعد من الواقع بنسج قصص خيالية حول الفساد ويتداولها الناس مما يدفع الكثيرين لاتقاء الشبهات، والأمر الثالث بحسب الترابي هو القانون واستخدام البينات لإدانة المفسدين، وتابع: ما أن يلاحظ الناس علامات غنى على البعض حتى يطلقوا خيالهم بدون الرجوع إلى مرجعيات ويسألوا: “من أين له هذا؟ لعله سرق الأموال بالملايين وخبأها في حسابات رقمية خارج السودان”، وشدد الترابي على ضرورة توفر البينات في جريمة الفساد، وقال: لا يمكن أن نحاسب أحدا بالظنون، ودعا إلى إشاعة الحرية بين الناس، ونبه إلى ذكر كلمة الفساد داخل الورقة الاقتصادية في الحوار، وأوضح أن تلك الكلمة هي غاية وهم الناس، وقال: الفساد ابتلاء من الله سبحانة وتعالى، ودعا إلى تعميق الإيمان بالله في النفوس، وقال: “الإنسان في الدنيا بإمكانه أن يخبئ فساده والبينات التي تدينه، ولكن الله تعالى بصيرا ورقيب عليه وهو الشاهد عليه يوم القيامة”.
8
الفساد والحوار
الترابي في حديثه أشار إلى أن ابتلاءات الله تعالى وظروف الحياة ومقاديرها أبعدتنا عن عالم القانون الا أنه يقول بأن “الحياة علمتنا تعميق الإيمان بالغيب.. الإنسان يمكن أن يخفي فساده ولكن الله تعالى بصير”، وقال الترابي إن قضية الفساد ينبغي أن تقتل نقاشا ضمن قضايا الحوار الوطني وتتطلب جهدا كبيرا من السيد وزير العدل وتمنى أن يسهم كرسي الشيخ تميم في سن قوانين لمكافحة الفساد.
9
فاتحة خير
إلى ذلك أكد مولانا عوض الحسن النور وزير العدل أن مشروع قانون مفوضية مكافحة الفساد في مرحلة القراءة الثالثة ليصبح قانوناً بالإضافة إلى الآليات القانونية في مكافحة الفساد وشدد على ضرورة بث القيم في نفوس النشء لمكافحة الفساد، مشيراً إلى الدور المنتظر الذي سيلعبه الكرسي والذي سيكون بأساتذته ومؤسساته بالإضافة إلى التعاون المتوقع والمثمر بين وزارة العدل ومركز حكم القانون ومكافحة الفساد بدولة قطر في تفريغ كوادر سودانية مدربة ومؤهلة وأعرب عن أمله في أن تكون زيارة النائب العام القطري فاتحة خير لتبادل الخبرات في مجال التعليم القانوني والنيابات ومكافحة الفساد.
10
منصورخالد: “ليست قانونية فقط”
وفي السياق يقول منصور خالد إن التوقيع على كرسي الشيخ تميم جاء في وقت تحتاج فيه البلاد للتعمق في قضية الفساد، خاصة وأن القضية ليست قانونية فقط وإنما تتعدى ذلك كونها أخلاقية في المقام الأول، مما يقتضي إعادة النظر في مفهوم الفساد بالطرق التقليدية، وقال إن اهتمام دولة قطر بمكافحة الفساد يكشف حرصها على سلامة المجتمع السوداني قبل كل شيء، وأعرب عن أمله في أن تفلح جامعة النيلين في تفعيل كرسي الشيخ تميم وأن لا يكون تشريفا فقط.
وفي الختام تم التوقيع على الاتفاقية وانصرف النائب العام القطري برفقة وزير العدل مولانا عوض النور للقاء رئيس الجمهورية المشير البشير ومن ثم التوجه للاجتماع برئيس البرلمان البروفيسور إبراهيم أحمد عمر

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. احسنت يا منصور خالد: قضية الفساد ليست قضية قانونية هي قضية اخلاقية من ولي الامر ومن القائم والمسئول ؟؟ وهي مثل ان يغش الوالد ابناءه ولا داعي لغشهم وخداعهم؟ فالاولى بالغش والخداع الطفل والمرأة فالغش والخداع والمكر هو قضية اخلاقية بحته؟

    لقد اتهم قوم النبي صالح عليه السلام صالح بأنه كذاب لأنه يريد السلطة بأدعاءه النبوة بل وصفوه بانه كذاب اشر وكلمة اشر تعنى الذي يكذب وهو في مركز قوة او الذي يكذب من اجل ان يترأس على الناس فهم قالوا له يا صالح لقد كنت فينا مرجواً وكانت صالحاً وكنا نقدرك ونحبك وكان بإمكانك ان تطلب منا اي شئ فنوافقك عليه اما ان تدعي النبوة فإن ادعاءك تريد ان تصل الى الرياسة بطريقة اخرى ..

    لا يصدق الكيزان الا من عميت بصيرته فالذي يخدعك المرة الاولى والثانية والثالثة فهو يستنعج الناس ويستغبيهم ويستعجلهم (اي يجعلهم عجولاً) ومن الفساد في مؤتمر الفساد ان تمنع الحكومة وفد علمي من زيارة السد بحجة ان السد مغلق من اجل رش المنطقة من الباعوض؟؟ واكيد الحكومة تريد ان تفعل شيئاً ما ثم تقول للفريق العلمي تعال ابحث وفتش؟

    وقديما عندما اتهم حسني مبارك السودان بأنه يأوى الارهابيين ويأؤي الذين حاولوا اغتيال ردت عليه الرئيس بان اتهامه غير صحيح وقال له (فالسودان مفتوح تعال فتش عن اي ارهابي) اين ياتي وكيف يفتش؟؟ ويبدأ من وين من حلفا ام من الخرطوم ام من كسلا ؟هل هذه دعوة حق ودعوة صدق ان تقول لأحد تعال فتش ؟

    فالحكومة جاءت بالغش والخداع والمكر واستمرت في الكذب وما كان في داعي للكذب لأن الشعب تقبل فكرةالانقلاب في الاول الا ان الانقلابيين الكيزان اقسموا بالله انهم لا يتبعون للحركة الاسلامية لذلك تمويهما وكذبا وخداعا ادخلوا الترابي السجن مع بقية قادة البلاد؟؟

    فالحكومة تريد الان تضع للفساد قانون وتضع القانون في الرف وتحاكم به الضعفاء وتترك كبار الكيزان يمرحون .. ويسرحون ؟ واذا ارادات الحكومة محاربة الفساد فعليها ان تبدأ بنفسها وتلغى الانتخابات لانها نتيجة فاسدة وتتعرف بالغرض الاساسي من الوثبة بدلا من ضياع ثروات البلاد وتبديدها في ضيافة وفنادق وشاي وقهوة وتمر وعصير في الوقت الذي تضمر الحكومة الشر بالناس المتحاورين وبمخرجات الحوار؟؟

  2. الفساد هو ( ان 70 مليار بترول ) + 40 مليار ذهب + 400 مليار دوﻻر ضرائب وجبايات + 35 مليار دوﻻر منح وقروض + 300 مليار دوﻻر بيع اراضى السودان ومؤسساته ومشاريعه + دى كلها ( مشت وين )؟!! تختزلها لينا يا كرور فى هدايا مغترب لمسئول عشان يدرأ عنه الشبهات ؟!!
    الفساد هو غسيل اﻻموال وتجارة المخدرات عن طريق مؤسسة الدولة جهاز اﻻمر والمخدرات .. الفساد هو ماكينات طباعة العملة التى فى البيوت
    وتزوير العملات عن طريق الكجور والشعوذة ونهب اﻻموال من المساكين.
    الفساد ليس انسان بل منظومة حزب شغال بمنهجية فى هذا الفعل .. المحاسبة ستكون تاميم شامل كامل للبنوك والشركات والعقارات واﻻموال
    فى الخارج .. المحاسبة ستكون من الزيرو يا مقنن قوانين الفساد ومغطّى بدقنك المقشاشة على النتانة والعفن الذى فيكم وفاح ملى حد الكبابى

    الفساد هو

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..