الإمام الصادق المهدي يكتب : مدونة على شاهد قبر محمد إبراهيم نقد

بسم الله الرحمن الرحيم

قال نبي الرحمة (ص): “اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ” [1] وظيفة هذه المقولة أن نجعل من محاسنهم بوصلة تربوية للأحياء، وأن نترك الحساب الكلي للعالم بالسرائر، القائل: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [2].
الإسلام دين الإنسانية، (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [3] تكريم لكل البشرية.
وقف النبي (ص) لجَنَازَةٌ، فَقِيلَ: إِنَّهُ يَهُودِيٌّ؟ فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟ [4]، إذا رأيتم الجنازة فقفوا.
وديننا يثمن مكارم الأخلاق من حيث هي، لذلك ألزم النبي (ص) نفسه بحلف الفضول المبرم قبل الإسلام وقال: “لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ” [5].
وثمن مكارم الأخلاق حتى المعروفة قبل الرسالة، وقال: “إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ” [6].
وديننا يعلي شأن العدل من حيث هو، لذلك قال ابن تيمية: إن الله لينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة على الظالمة وإن كانت مؤمنة.
وبعد ذكر لأهل الكتاب جاء في القرآن: (وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) [7].
بعد هذه المقدمة وعلى ضوء ما أعرف من سيرة الأستاذ الراحل أسدد دينا له:
فإن وفاء الحر للحر ذمة وإن ذهبت في المجد شتى مذاهبه
أقول بأنه:
? المناضل في سبيل الوطنية والعدالة الاجتماعية الذي لا كل ولا مل ولا تزحزح ناشطاً من الركاب للتراب.
? الاشتراكي الذي لم يمنعه التزامه بالانفتاح على الآخر بلا تعصب.
? الحداثي الذي لم يمنعه التمسك بالتحديث من إدراك محمولات التراث الروحي والثقافي والوطني لمجتمعه.
? الحزبي المدرك لحدود الحزبية وأهمية التوجه القومي لبناء الوطن.
? المثقف المبرأ من استعلاء كثير من المثقفين، حتى كأن رتبهم العلمية صيرتهم اكليروسا تجب له السمع والطاعة.
? المتواضع، الذي لا تدل بساطة سلوكه ومظهره على نفاسة مخبره.
? المحاور الذي مهما اختلفت معه وجادلته لن تخسر وده.
? المتفرغ للعمل العام بفدائية ولكن لم يجففه تيبس بعض المتفرغين.
لي مع الراحل مواقف كثيرة أذكر مهما:
‌أ. قبل حل حزبهم بواسطة الجمعية التأسيسية اجتمعنا بهم: الأمير نقد الله بصفته وزير الداخلية وأنا، في دارهم وقلنا لهم إنها موجة استقطبت أغلبية النواب من كل الأحزاب ولم يبق لمعارضيها كلمة ويستحسن الانحناء للعاصفة تجنبا للصدام، وكان هو من القائلين بالتجاوب.
‌ب. وفي سجن كوبر صلى معنا الأعياد، وصام رمضان، وشارك في كل الأنشطة بلا انتقاء.
‌ج. وبعد سقوط حائط برلين طلبت اجتماعا معه ومع زملائه وناشدتهم مراجعة الموقف من الدين والديمقراطية كمنهج للتقدمية السودانية يتجاوز التجربة السوفيتية، وفي وقتها لم يقبلوا مقولتي، وقلت لهم لأهمية الأمر أسلمكم رأيي مكتوبا وردوا علي كذلك، وقد كان. وبعد عامين التقينا بعد ما حدث من تطورات وبكل شجاعة أدبية اعتذر عن سلبية الموقف من مناشدتي.
‌د. عندما زار المرحوم دارفور التقاني وقدم تنويرا عن رؤيته عن الوضع في دارفور واتفقت معه أن يقدم تنوير زيارته لقيادات وكوادر حزب الأمة في داره وقدم تنويرا وفيه ملاحظته: أن كثير مما يدور في دارفور هو فوران على السطح ولكن القواعد ما زالت تدين بالولاء لحزب الأمة وكيان الأنصار. وهذا من الخصال الحميدة التي زينت شخصية نقد أن يكون رئيس حزب ويقوم بتنوير كوادر حزب آخر في داره ويقدم شهادة لصالح حزب الأمة وهو رئيس حزب سياسي آخر.
أقول ونحن في هذه الساحة: إن بلادنا بعد ربع قرن من التخبط والصدام تواجه الآن استقطابات حادة: بين فقه الإفراط وعلمانية التفريط، وإثنية عربية أفريقانية، واجتماعية بين جزيرة من الأغنياء ومحيط من الفقراء، هذه الاستقطابات الحادة تؤججها عوامل داخلية وروافع خارجية إذا لم نحقق تغييرا يتجاوزها لبناء الوطن وفق هندسة قومية جديدة سوف تدمر الوطن.
هندسة كان فقيدنا مؤهلا فكرا ومزاجا للمشاركة فيها بعقله وقلبه، ولكن المعاني التي جسدها سوف تكون حاضرة رغم غيابه على حد تعبير شكسبير: إن البعد يمنح المشهد سحرا.
أرجو لحزبه وقيادته أن يمضوا في ذات الطريق الذي انتهجه في حياته.
العالم كله يتجه لنبذ الفكر الإقصائي، ويتحلق حول آفاق توافقية، فالفكر الصحوي الإسلامي يصالح الأصل بالعصر، ولاهوت التحرير يصالح الاعتقاد المسيحي بحركة العدل الاجتماعي، ومنظومة حقوق الإنسان صارت ثوبا يغطي الإنسانية كلها بمواثيقه ومعاهداته، وأدوات المساءلة الدولية: محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، عوامل توحيد للقيم والمبادئ الإنسانية.
كان الفقيد أيقونة في محراب سودان الحرية، والعدل، والتنمية، والسلام، ونشهد له في هذا المجال خيرا، ونسأل له الرحمة، ولأهله وزملائه حسن العزاء: (وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) [8]. لقد كان خيرا حسن الأخلاق، وما خالف به الإحسان فأمره للرحيم الرحمن القائل في الحديث القدسي: “إنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي” [9]، ما جيره البصيري مادح نبي الرحمة:
لعَلَّ رَحمَةَ رَبِّي حينَ يَقسِمُهَا تَأتِي على حَسَبِ العِصيَانِ في القِسَمِ

تعليق واحد

  1. ” وبكل شجاعة أدبية اعتذر عن سلبية الموقف من مناشدتي”
    اولا: الميت في ذمة الحي والمجالس امانات..متى تصدقنا الحديث ايها الامام؟

    ثانيا: نقد لم يمت يهوديا ولامات قبل الاسلام. مات مسلما ويكفيه اسمه محمد ليحشر تحت لواءه. ياليتك لم تختط على قبره ماقرأناه بين سطورك.

  2. رحم الله نقد وأسكنه فسيح جناته. شهادة الإمام التي نحسب أنها شهادة لها معنى ومدلول تذكرني بشهادة صحفي بارز عن سلوكيات واخلاق قريبي الشيوعي. إذ كلما يلتقيني هذا الصحفي كان يقول لي: (إنني لم أر مثل قريبك سلوكا وتحضرا وتواضعا، وهذا يؤكد لي أن السلوك ليس بالصلاة و بالذهاب إلى المسجد)وهي شهادة تحاول نفي الذهاب إلى المسجد عن قريبي رغم أنه يذهب للمسجد ويصلي ويصوم. الشهادة الثانية القريبة من شهادة الإمام الصادق هي شهادة الصحفي عبد الباري عطوان في دحضه لاتهامات أمريكا بامتلاك السودان لأسلحة كيميائية إبان ضرب مصنع الشفاء حيث ذكر على قناة الجزيرة (كيف لدولة أن تمتلك أسلحة كيميائية ويوجد بعاصمتها إشارة مرور واحدة؟). اعتقد أنه كان ينبغي للإمام الصادق المهدي ترك سرائر الفقيد نقد لله خالقة فهو أعلم بها، لأن إيراده لصلاة وصوم نقد بسجن كوبر فيهااتهام مبطن للشيوعيين بعدم الصلاة والصوم. كان ينبغي للإمام الخوض مباشرة في مناقب الفقيد الظاهرة ودن محاولة إيجاد عذر واعتذار له أمام الله. عموماًنُحي الإمام الصادق المهدى الرجل الديموقراطي الخير الوطني المحب لبلده وأهله الحريص على أمنهم وسلامتهم الرجل الذي كرس كل حياته للعمل العام ولسه كما قال الشاعر مدني النخلي (مابتنحني), ونسأل المغفرة لنقد وأن يلهم الصبر والسلوان لأخواته المكلومات وكافة محبي نقد من منسوبي حزب الأمة وأنا واحد منهم.

  3. كلمة حق صدرت من رجل عاصر الفقيد وصدع بالحق فالشكر لك ياسيدي الامام وعزؤنا أن إسمه محمد تيمناً برسول الله ونسأل الله العلي العظيم أن يثقل موازينه اللهم إن أستاذنا محمد ابراهيم نقد قد جاءك بزاد قليل وأنت الكريم الذي لا يحمل الزاد إليه فأكرم اللهم نزله ووسع مدخله وأورده حوض نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلاماللهم لا تفتننا بعده ولا تحرمنا أجره ونتوجه بدعائنا لنبي الرحمة أن يشفع له عند الله وهو القائل في كبد رطب أجر اللهم آمين اللهم آمين .

  4. هذا قولة حق أريد بها باطل
    التقديم بهذا الزخم من آيات وأحاديث تشي بموقف مسبق وخوف مستبطن
    من أن يتهم الصادق بممالاة الشيوعيين (وكأنها 1968)
    تدين نقد من عدمه لا يحتاج لصك غفران من الصادق المهدي
    لأن هذه ليست القضية
    الأهم أن نقد كان صاحب موقف وتاريخ سياسي ناصع لن يدنسه أو تشرفه شهادة الصادق المهدي
    الحديث أعلاه يشي سراً بشك الصادق في إسلام نقد رغم إقراره بصومه وصلاته معهم في كوبر
    هذه العقلية التي تحاكم سرائرالناس سرا ًليست جديرة بالاحترام
    ولكنها تفضح هذا النوع من العقلية التي تحكمت في مصائر شعبنا سنوات طوال
    وهذا ما تجاوزه الشعب السوداني بفطنته المعهودة
    اللهم أرحم نقد وأسكنه فسيح جنانك مع الأنبياء والشهداء والصديقين

  5. رحم الله المرحوم نقد اسكنه فسيح جناته…
    ورحم الله الحبيب الصادق.. فهو يعلمني الدرس بعد الدرس في الاخلاق والسياسة وادب الخصام….فلك كل الحب ولتقدير… ومتعك الله بالصحة والعافية…..

  6. الصادق المهدي رجل منافق، قصد من هذا المقال تسويق شخصيته المنبوذة سياسيا، متكأ على قبر سياسي متوفي لم يقل عنه دكتاتورية وتمسك بكرسي الزعامة. وكأن يود القول ليس وحدي من مكث في منصب رئيس حزب لأكثر من (40) سنة، فمحمد إبراهيم نقد زعيم الحزب الشوعي صنوي في ذات الفعل.

  7. لاحظ الإيحاءآت المبطنة والصريحة التي تنطوي عليها الاستشهادات التالية. كان من الأفضل التزام الصمت بدلاً عن الذم في صيغة المدح!!!
    وقف النبي (ص) لجَنَازَةٌ، فَقِيلَ: إِنَّهُ يَهُودِيٌّ؟ فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    وبعد ذكر لأهل الكتاب جاء في القرآن: (وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ)!!!!!!
    لعَلَّ رَحمَةَ رَبِّي حينَ يَقسِمُهَا تَأتِي على حَسَبِ العِصيَانِ في القِسَمِ!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

    ‌أ. قبل حل حزبهم بواسطة الجمعية التأسيسية اجتمعنا بهم: الأمير نقد الله بصفته وزير الداخلية وأنا، في دارهم وقلنا لهم إنها موجة استقطبت أغلبية النواب من كل الأحزاب ولم يبق لمعارضيها كلمة ويستحسن الانحناء للعاصفة تجنبا للصدام، وكان هو من القائلين بالتجاوب.!!!!!!!!!!!!!!
    ‌ب. وفي سجن كوبر صلى معنا الأعياد، وصام رمضان، وشارك في كل الأنشطة بلا انتقاء.

    ‌د. عندما زار المرحوم دارفور التقاني وقدم تنويرا عن رؤيته عن الوضع في دارفور واتفقت معه أن يقدم تنوير زيارته لقيادات وكوادر حزب الأمة في داره وقدم تنويرا وفيه ملاحظته: أن كثير مما يدور في دارفور هو فوران على السطح ولكن القواعد ما زالت تدين بالولاء لحزب الأمة وكيان الأنصار. وهذا من الخصال الحميدة التي زينت شخصية نقد أن يكون رئيس حزب ويقوم بتنوير كوادر حزب آخر في داره ويقدم شهادة لصالح حزب الأمة وهو رئيس حزب سياسي آخر.

  8. اللهم ارحمة واغفرلة انة كان نعم القائد ومثال للفضيلة والنزاهة علي عكس دعاة الاسلام
    اما انت ايها الحبيب فلقد حامت حولك الشكوك خصوصا لاخمادك لنار الثورة التي اشتعلت في الاشهر الماضية ليتك خرجت من حياة ساس يسوس وانت تختم حياتك بالنصح والافكار

  9. هذا درس بليغ لتجار الدين الجاهلين بأحكام الدين .. إلى المنافقين الذين جاؤونا على صهوة الإنقاذ فركبوا صهوة المال وحب المال وتكديس المال الذي ستكوى به جباههم ووجوههم يوم القيامة. هذا الرجل سياسي لا يشق له غبار وفقيه ضليع وإنسان بكل ما تعنيه الكلمة ..

  10. قال نبي الرحمة (ص): “اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ” [1] وظيفة هذه المقولة أن نجعل من محاسنهم بوصلة تربوية للأحياء،المقصود شهادة المسلم لأخيه المسلم!! راجع تفسيرك ياايها الامام الجهبوذ تحتار في هذا الامام بين ما يقول و ما يفعل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..