شاهدٌ ومشهود

زمان مثل هذا
شاهدٌ ومشهود ..
الصادق الشريف
? أتعجبُ حينما أسمع من مسلمٍ يرفض (وحدة) الإسلاميين.. أو يأبى (الهدنة) بين الجماعات الإسلامية.. ثمّ يجاهر بنسب نفسه إلى الإسلام.. السلام. ? كم من الدعوات انطلقت من حادبين على الدين.. أو متألمين للضرب تحت الحزام والكيد بين جماعات محسوبة على هذا الإسلام النِعمة. ? الأمر هذا.. أمر الرفض والقبول ليس في عصرنا هذا.. بل ومنذ عصور قديمة.. كان هو الأساس الذي تقوم عليه العلاقة (أو لا تقوم) بين المسلمين. ? و(المسحة) الإسلامية التي تصبغها تلك الجماعات على نفسها.. تجعل محاكمتها أمراً بدهياً على أساس المرجعية التي تنسب نفسها إليها.. وإلا فلا داعي لتذييل اسم الجماعة بمشتقات الإسلام. ? وكلمة (مسحة) بين القوسين مقصودة لذاتها.. لأنّ الأمر ليس جوهراً في العلاقات التي تحكم تلك الجماعات ببعضها البعض.. وأكثر الظنِّ أنّه أمر (مصلحة).. سواء كانت مصلحة سياسية أو اقتصادية.. أو حتى تنظيمية. ? أمس.. رفض المؤتمر الشعبي للمرة المائة بعد الألف مبادرة للمصالحة والجمع بينه وتوأمه القديم.. المؤتمر الوطني.. وقال: إنّ ذلك دونه (خرط القتاد).. وتعرفون ما هو القتاد!!.. وكيف يكونُ أليماً خرطهُ. ? وقبلها.. رفضت جماعة أنصار السنّة (المركز العام) التصالح مع جماعة الشيخ أبو زيد محمد حمزه.. وعبارة (التوأم السيامي) تكادُ تكونُ أقلّ تعبيراً عما كان يجمع بينهما. ? الدين كُله يدعو الى الصلح.. بل ولا يقوم يوم القيامة من الناس أحدٌ.. حين يقول القائل: فليقم من له حقٌّ على الله؟؟!!.. فلا يقم إلا العافين عن الناس. ? لكن حين تدخل المصالح.. يغيب الدين.. وتغيبُ المُثل العُليا.. والأخلاق التي أراد الله ُأن يشيعها الناس في الأرض. ? لذلك ارتقى العافون عن الناس من درجة الإسلام.. ودرجة الإيمان.. إلى درجة الإحسان.. الدرجة الأعلى في درجات الإسلام.. (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) الآية. ? ولكن.. الأدهى بين كل ذلك أنّ العداء بين الجماعات الإسلامية.. أشدُّ من عدائهم مع الجماعات الأخرى.. وفي الحياة نماذج لا تنتهي.. تؤيد وتُعضِّد. ? ألا ترى جماعة التكفير والهجرة أنّ الحكام المسلمين.. ثمّ علماؤهم.. ثمّ عامة المسلمين.. ثم الكفّار هو الأولى بالتكفير والقتل على الترتيب؟؟.. ? والإنقاذ نفسها كانت تقوم على ذمّ الشيوعية والشيوعيين.. ثمّ اليساريين بمختلف مشاربهم.. ولكن حين تفاصلوا في العام 1999م.. ابتعد اليساريون من مركز التصويب والاستهداف.. وحلّ محلهم إخوان الأمس. ? فلا إنقلاب إلا ويقوم به حزب المؤتمر الشعبي.. وما من فتنة تشتعلُ في الغرب إلا وقد أشعلها إخوان الأمس (الصوّامين القوّامين).. الذين كانوا يبكون معاً في الليالي البيض.. وهم يتهجدون. ? بل وصل الأمر إلى الحدّ الذي يُقيمُ فيه الحزب الشيوعي مؤتمره العام في قاعة الصداقة.. على بُعد أمتار من القصر الجمهوري.. بينما الدكتور الترابي يقبع بسجن كوبر. ? وفي التاريخ أنّ عبد الملك بن مروان (وكان يُسمى حمامة المسجد من تعبده وقراءته للقرآن).. وحين تسلّم الخلافة.. وضع المصحف على الأرض وقال له: (هذا فراقُ بيني وبينك)!!.. وفعل الحجّاج أسوأ منها وكان أستاذاً يُدرِّس الطلاب علوم القرآن.. فلما تولى الخلافة نظر للمصحف وقال (هذا خلافُ بيني وبينك). ? عبد الملك سيفارقه.. كما فارق القصرُ المنشية.. والحجّاجُ سيخالفه.. كما تخالف جماعات الإسلام السلفي كل مبادئ التسامح والعفو.
التيار