وصحافة الشمال..اا

وصحافة الشمال..

فيصل محمد صالح

كتبت قبل أيام عن صحافة الجنوب متحسرا على حالها ومآلها، وما تتعرض له من ضغوطات في ظل غياب القوانين الديمقراطية المنظمة للإعلام، وذكرت تحديدا ما تتعرض له صحيفتا “المصير” و”الاستقلال” الصادرة بالعربية، وصحيفة “جوبا بوست” التي تصدر بالإنجليزية. ولم يكن في بالي بالتأكيد القول والإشارة إلى أن ما نطلبه في الجنوب موجود في الشمال، فكلنا يعلم أن الحال من بعضه، وأحمد زي حاج أحمد.
لم أكن أتخيل وأنا أكتب ذك الكلام أن حكومة الشمال سترد التحية بأحسن منها، وستاخذها الغيرة مما فعلته حكومة الجنوب ، فتأتي لتقول “نحن أسياد هذه اللعبة” ، فتسارع لأيام متتالية لمصادرة صحيفتي “الميدان” و”أجراس الحرية” بدون إبداء أسباب، ودون اتخاذ أي إجراء قانوني.
ليست هذه حادثة نادرة أو جديدة، بل هو سلوك قديم متجدد، مضمونه الوحيد هو “نحن نملك السلطة ونفعل ما نشاء” وهي بالتأكيد رسالة خاطئة جدا، قد تكون صحيحة على مدى قصير ومحدود، لكنها ليست صحيحة على المدى الطويل، وبيننا تاريخنا الوطني وحادثات الدهور، وبيننا ما يحدث في العالم من حولنا وعلى حدودنا أيضا.
لقد تعرضت الصحافة السودانية خلال السنوات الأخيرة لأشكال مختلفة من الضغوط ،مورست عليها الرقابة القبلية، وتعرضت لضغوطات سياسية واقتصادية وأمنية، تهدف كلها لتدجين الصحافة وترويع الصحفيين. كانت رغبة جهات كثيرة في السلطة أن تحول الصحافة لمخلوق لا يعرف غير قولة نعم، ولا يرى في الحكم ومؤسساته إلا كل حسن وجميل. لكن عرف أناس آخرون من تجارب أخرى ان هذا ليس في مصلحة السلطة، اي سلطة، حتى وإن أرضى غرور البعض، لأنه ببساطة يزيف الواقع وينقل للحكام صورة غير حقيقية يقيمون عليها سياساتهم، ثم سرعان ما ينهار المعبد على رؤوس الجميع.
لا تفعل الصحافة شيئا سوى أن تنقل صورة الواقع، جميلا كان أو قبيحا، ومن مصلحة الحكام، قبل المحكومين، أن يعرفوا كيف ينظر لهم الشعب وكيف يقيمهم، وما هي صورتهم الحقيقية ومكانتهم عند الجماهير.
يحكون أن عبد الناصر طلب رؤية فيلم “شيء من الخوف” بعد الضجة التي أثيرت حوله، وهو من عيون السينما المصرية، لكن حجبته الرقابة لفترة ثم سمحت به، وهندما شاهده عبد الناصر أعجب به، لكنه وضع يديه على رأسه مهموما. فسأله أحد مستشاريه “هل أغضبك الفيلم؟” فرد عليه عبد الناصر ضاحكا” لا، الفيلم جميل ، لكن أغضبني ان أجهزة الرقابة تظن ان الرجل الظالم في الفيلم مقصود به أنا، هذا هو إذن رأي أجهزة رقابتكم في، فيا ترى ما هو رأي المواطنين؟”.
تظن الحكومات أنها تملك كل أمور القمع والطغيان، وأن لا أحد يستطيع أن يقول “بغم”، ويزين بعض اللصيقين بالسلطة والبلاط للقيادة هذا القول، ويقدمون للحكام صورة وردية، ليس لدي شك أن هناك من كان يرسمها لمبارك وبن علي والقذافي وعلي عبد الله صالح حتى أيامهم الأخيرة، حتى دقعوا ثمن ذلك حين تهاوت عروشهم.
قدم فنان الكاريكاتير المبدع فارس، له التحية على إبداعه الدائم في موقعه بصحيفة “آخر لحظة” التي يرسم بها بشكل يومي كاريكاتير “مسؤول ومواطن”، رسما للمسؤول يحدث المواطن قائلا:” طغيان الحكام فجَر الثورات!” فيعاجله المواطن بسؤال:”يعني عارف؟”.

الاخبار

تعليق واحد

  1. تحية طيبة استاذ فيصل في نكتة بتحكي عن غباء مثل الذين حجبوا فيلم شئ من الخوف فحواها أن فنان الطمبور لما لما غني اغنية مدر مدر ياالرواسي قبضوه الجماعة فأنكر انها كتبت في حكومة الانقاذ فما كان من الجماعة الا ان قالوا له ( يازول اركز ساي واخد جلدتك انتا قايلني عايشين برة البلد دي حرم حكومة بنطبق عليها جنس كلامك دا غير حكومتنا دي مافي متين شفتا ليك طالب خلي المدرسة عشان مصاريف في غير حكومتنا دي متين في زول عزيز علم اللة وبقي يشحد في غير حكومتنا دي الي اخر كلمات الاغنية فذهل الفنان لانه انتبه فعلا ان كلمات اغنيته لا تنطبق علي نظام شمولي او ديمقراطي وذهل اكثر الي انه لم يكن يدرون بسؤهم ومع ذلك مصرين عليه وبرضو تقول لي السعودية مافيها شئ واللا الطيارة مافيها بوري اشي اشي اشي اشي اشئ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..