جمع السلاح أم إيقاظ الضمير …؟

✍ الضمير المستيقظ لا يستخدم السلاح للتدمير حتى وإن وجده أمامه وان امتلكه سنوات طوال، هذا ما نحتاج إليه تنشئة أجيال على الحق والقيم والمبادئ لتكون ضمائرها يقظة عندما تجد الأسلحة منتشرة حولها فتأبى نفوسها استخدامها للباطل، أين هي يقظة ضمائر من يعيثون في الأرض فساداً ويحمون المفسدين، القبلية والجهوية أشدّ فتكاً بالمجتمعات من السلاح الذي ننادي بجمعه، عدم وحدتنا واجتماعنا على حب الوطن أشد خطراً على البلاد من من عدم جمع السلاح، فالسلاح تحركه النفوس والنفوس تحتاج الى اعلان تطهيرها أخلاقياً لتجمع السلاح بنفسها وتسلمه لرئيس الدولة، كما فعلت مجتمعات السلف السابق حين سلّمت بنفسها أموال الزكاة طواعية واختيارا، واليوم أموال الزكاة تؤخذ بأساليب إجبارية ولن يدفعها أغلب المواطنين طواعية بسبب غياب الوازع الديني الأخلاقي ممن هو مطالب بدفعها وممن يقوم بجمعها واستلامها.
✍ نص رسالة وكيل جامعة كسلا، بعد أن غادر موقعه في العمل في بداية هذا الإسبوع، أرسل هذه الرسالة في قروب جامعة كسلا الإخبارية:
(يا ساده إذا أردتم ان تعرفوا الحقائق ملكناها لكم و هنالك أشياء خفيه اثرنا ان نصمت عنها في الفتره الماضيه حرصا على النسيج الاجتماعي للجامعه ..و لكن ان اقتضى الأمر تحدثنا عنها و لا نبالي… و سنظل نصبر لبعض الوقت و لكن ربما مصلحة الجامعه ان نخبر الناس عن بعض الحقايق).
✍ تصريحات معتادة يطلقها أي مسؤول فارق موقع السلطة واتخاذ القرار، ربما تكون ناتجة عن مرارة فراق الكرسي والمكتب الوثير، وربما تكون ناتجة عن غضب الابعاد بالاقالة أو الإجبار على الاستقالة، ولكن يبقي السؤال يا سيادة وكيل الجامعة السابق أين كان موقفك هذا عندما استلم هذا المدير ادارة الجامعة قبل مايقارب الثلاثة سنوات؟
✍ قضية جامعة كسلا، أكبر من مغادرة وكيل الجامعة عن طريق استقالته أو إقالته، وأكبر كذلك من مغادرة هذا المدير المتربع على كرسي الادارة رافضاً الاعتراف بفشله الكامل في قيادة دفة الجامعة بعد أن قام بفصل عدد لا يستهان به من أساتذة الجامعة، قضية جامعة كسلا وغيرها من الجامعات السودانيةيتركز النزاع فيها حول موضوع واحد فقط لا ثاني له، وهو الالتزام بالقوانين المنظمة للعملية التعليمية بالبلاد، سواءاً كان قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أو قوانين الجامعات الخاصة بها، هذه هي المشكلة الأساسية التي أدت لتدهور بعض الجامعات في عهد هذه الوزارة، حيث لم تستطع الوزيرة تفعيل هذه القوانين والزام ادارات الجامعات بتطبيقها حرفياً.
✍ ما يحدث بمجتمع جامعة كسلا، يحدث في كل المجتمعات الإدارية والوزارية، من مؤامرات ادارية ودسائيس ولوبيات وكيديات وغيرها من أمراض الإنسانية المتخلفة، عُرفت بمصطلح (حفر الوزارات)، التي تؤدي لضياع المؤسسات وضياع الوطن معها.
✍ تحكي معظم الممارسات بالجامعات وخاصة بوسط الأساتذة عن ضعف النفوس وطمع الدنيا، والتهاتف على مناصب زائلة، وأكثر ما آلمني وبث في نفسي الأسف والحسرة في المجتمع الجامعي، شريحة أعضاء هيئة التدريس، أساتذة الجامعات، بمجلسهم الذي يعرف بمجلس أساتذة الجامعة.
✍ بعض أساتذة الجامعات يتبوأ مناصب ادارية من عمداء ورؤساء أقسام ومراكز، فلا يعرف طريقاً لنطق الحق وقول النصيحة الصادقة التي تدفع بمسيرة العمل وتصحح الأوضاع، فيصمت ولا يجاهر بالحقيقة والتصويب عند رؤية السياسات الادارية البلهاء التي يقف على رأسها بعض ادارات الجامعات، خوفاً من أن تتم اقالته من المنصب الذي يتبوأه، ويفقد بذلك كل المخصصات المالية والنعيم الذي يقيم فيه من عربة بوكس دبل قبينة، وبدل عمل تنفيذي ومخصصات بروفيسور.
✍ و هذا النوع من الأساتذة توجد له أمثلة كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، وكفي مثالاً بأحدهم حين تحدث مع مدير جامعة عن أن احد الأساتذة تحرش بالطالبات، ثم كان بنفسه هذا الأستاذ بلجنة المحاسبة التي فصلت طالب ذكر كلمة حق في (بوست) على صفحته بالفيسبوك، ودليلاً آخر متستر آخر من الأساتذة في لجنة تحقيق طمس الحقائق وأخفاها ليرضي سياسة المدير فكانت أن تمت مكافأته بتسليمه عمادة كلية، وتسليم العضو الآخر المتستر مديرا لادارة أخرى، وأستاذ آخر انبرى للدفاع عن سياسات المدير البلهاء، وآخر كل ما يهمه التنقل من عمادة لادارة لعمادة سنوات عديدة محافظاً بذلك على منصبه وموقعه، وآخر كان يشغل سابقاً منصباً ادارياً كبيراً جداً، وطالته أخيراً سنة الحياة في التغيير، وهو سبب كل هذه البلاوي التي تحدث من المدير الحالي، وحتى هذه اللحظة مازال هذا الرجل يصارع السنين، يحسب أنه حتى سيهزم سن المعاش، وغيرها من أمثلة لا يتسع المجال لذكرها.
✍ نوع آخر من الأساتذة، صامت من أجل انتظاره لفرصة ترقي ونيل منصب، وهذا حاله كحال اللص الذي يتخذ الهدوء مسكناً (يلبد) ويظهر كلما حانت له فرصة يبرز من خلالها بعضاً من مواهبه للإدارة الجامعية، عسى ولعلّ أن يحقق ما يتمناه من تعيينة عميداً أو مديراً لوحدة، ومن أمثلة هذا النوع أستاذ يبحث عن موطئ قدم ليكون عميداً أو مديراً لمركز فيصمت عن المجاهرة بالحق في كثير من الملفات ويكتفي بالوعظ والإرشاد، وكأن الجامعة قد أصبحت مسجداً للخطابة، وآخر يسعى بنقل الأخبار هنا وهناك لعلّه يجد حظه عند مديره في منصبٍ ما، وآخر ينشئ قروباً لبث الأخبار التي تُعلي شأنه عند المدير، وحجب الأخبار التي تتسبب في غضب المدير، وكثيرين غيرهم ممن يبدون التعاطف مع المظلومين في الخفاء، ويهللون ويُصفقون عند لقاء ادارة الجامعة.
✍ بعد كل هذا، نتهم الحكومة بالفساد، ونحن من فسدت أخلاقه، وتاهت خطاه عن الحق، نحن من نسينا أن الرزق بيد الله، وأن ماتأخذه بأساليب المكر والدسائس يُرجعه الله عز وجل منك بأمراض بك وقد تمتد لتشمل حتى أطفالك وأسرتك، نحن من نظنّ أن قول الحق سيضعف فرصنا في الأرزاق، وسيعرضنا للحرمان من العمل والوظيفة، لأن ثقتنا في الله عزوجل أضعف وأوهن من خيط العنكبوت.
✍ ماهو الحل إن كانت كل من تأتي به الدولة يصبح فاشلاً وفاسداً بسبب المجتمع الذي صار مسؤولاً فيه، فنحن من (نُفرعن) الفرعون ونتخذه الهاً نحسب أن أرزاقنا بيده، ونأتي لنقول أن الحكومة تقوم بتعيين الفاسدين، هذا المدير المتسلط على جامعة كسلا، ماهو دور أساتذة جامعة كسلا في تقويمه، ومساءلته عبر مجلس الأساتذة بالاتفاق التام على جميع الأطروحات الفعّالة في تقدم الجامعة وتطورها، أين هو مجلس الأساتذة هذا الذي ينتهج أفراده سياسة الغيبة والنميمة في المدير ووكيله، بأقوي عبارات الانتقاد والادانة للمخالفات الادارية الواضحة، ولكنهم بمجرّد لقاء الإدارة يهللون ويكبرون، هل يُشكل كل هؤلاء الأساتذة مؤتمر وطني، حتى نصف الحكومة بالفساد وتعيين المفسدين.
✍ حتى على مستوى المجلس الوطني بالدولة، يتم التغافل عن فتح ملفات فساد حساسة كان من الأولى استدعاء المسؤولين ومحاسبتهم، ولكن يتم في الآخر إخفاء الحقائق وممارسة سياسة التكتم من أجل المصالح المشتركة، ثم نقول بكل تبجح أن الحكومة فاسدة، من يرغبون في رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء في أن يصبحوا قضاة يقومون بفتح كل ملفات الفساد، واهمون بلا شك، ولكن بالممارسة الفعلية للمؤسسية والتخصصية، كلٌ في موقعه ومحاربة الفساد بكل ما أوتينا من قوة، وترك النفاق الوظيفي بعدم التصفيق والتهليل للمسؤولين أمامهم ثم الغمز واللمز من خلف ظهورهم وفتح ملفاتهم، بهذا فقط قد نستطيع حماية مؤسسات الدولة.
✍ الوطن يعاني من أبنائه بقدر ما يعاني من مسؤوليه، فالفاسد لا يفسد ولا تظهر طبيعة الشّر فيه الا في بيئة الفساد، والمؤمن القوي لا يصمت عن قول الحق وتغيير الباطل، نحن من نصنع الفراعنة ونُمجّد لهم، ثم نأتي لنشتكي من ظلمهم واستبدادهم. الشعب السوداني امتاز بالعفة والكرامة والطيبة والسماحة، ولكن حب الدنيا والتهاتف عليها غيّر في النفوس، فأصبحت نفوس بعضهم متهاتفة على أطماع زائلة، القضية إخوتي ليست في حزب واحد يحكمنا نتخذه (شمّاعة) ونُعلّق عليه ما اتّسخ من ثياب أخلاقنا وما تمزّق من عباءات زيفنا ونفاقنا، فالنظام الحاكم لا يمتلك القوة لتغيير القلوب والأخلاق في نفوسنا، ولكننا افتقدنا الإيمان بالله تعالي والثقة في أقداره، وتتبعت نفوسنا أطماع الدنيا، وبعد كل هذا نأتي لنتحدث عن الفساد. القضية سادتي أننا نحتاج لتنقية ضمائرنا وتنقية نفوسنا لنساهم كلّنا في رفعة هذا الوطن وتقدمه.
✍ أخيراً.. مدير جامعة كسلا، أضاع الكثير والكثير من نجاحات الجامعة، لأنه وجد أساتذة لا تهمهم غير المصلحة والمنفعة والمصالح الإدارية، مدير جامعة كسلا منذ أن كان عميداً كانت يده (فاكة) في المنصرفات، ودعوات العشاء الفاخرة عبر البوفيه المفتوح، وقد تحدثنا في هذا كثيراً، ولكن يصمت الجميع من الأساتذة لأن حقوق الجامعة والطلاب آخر ما يُشغل بالهم، وهذا الوكيل الذي غادر العمل بجامعة كسلا، هو من ظلم العمال في استحقاق بدل الوجبة، وكان متعسفاً في هذا الأمر، ولكن نحمد له أنه كان يمنع التصاديق المالية الضخمة لإستدعاء الدكاترة والأساتذة من جامعات أخرى بسبب مجاملات الأطباء فيما بينهم على حساب ميزانية الجامعة، فكان هو المُقيّد لسياسة البذخ في المال بالجامعة، ونحمد له أيضاً أنه الوحيد الذي كان يقول لا لسياسات المدير الخاطئة في الصرف البذخي المالي، ذهب هذا الوكيل الآن وهو يحمل معه كل دعوات من ظلمه على كاهله، ذهب وذهب ظلمه وذهبت محاسنه معه، ومازال مدير الجامعة متمسكاً بمنصب المدير رغم أن الجميع لا يطيقه ولا يؤيد بقائه.
✍ يقول الله تعالى (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون (165)-سورة الأعراف.
[email][email protected][/email]