مقالات سياسية

ضد البشير هنا.. و ضد محكمة الجنايات هناك!

عزيزتي الابنة/ عبير سويكت.. تحية و احتراماً.. و كل عام و أنت و جميع السودانيين في الطريق إلى تحقيق الأمل المنشود لسودان عزيز و محترم يبحث الآخرون عن مصادقته.. و لا يرتمي هو تحت أقدام الآخرين خوفاً من أذىً أو طمعاً في عطاء..
حين كتبتُ أن البشير يسعى للتطبيع مع اسرائيل هروباً من محكمة الجنايات الدولية، لم أقصد الاعتراف بتلك المحكمة.. لأني، مثلك تماماً، لا أقبل تقديم أي سوداني إلى تلك المحكمة مهما كانت درجة جرمه، لأنها ليست محكمة مؤسسة على العدل في حقيقتها.. و إليك ما كتبته تحت العنوان ( ضد البشير هنا.. و ضد محكمة الجنايات هناك! ) بصحيفة سودانيز اون لاين بتاريخ 15/6/2015 عقب هروب البشير من جنوب أفريقيا و عودته سراً إلى السودان:-

” في خطابه الموجه إلى د. عبداللطيف سعيد.. تحدث سكوت غريشين، المبعوث الأمريكي الأسبق إلى السودان، عن صراعات النخب السودانية فقال:-

” …. رأيت أن آخذ مقالك مأخذاً حسناً كونه يصور لي كيف تفكر بنا بعض الأطراف المتصارعة على قيادة بلادكم.. و كيف يسيئون و يحسنون الظن بنا كل مرة و أخرى بحسب ما تمليه عليهم وقائعهم..”..

أي أن ( وقائعنا) تبعدنا عن ما يفترض أن يكون من الثوابت.. ( كيتاً) في السلطة المسيطرة.. مع أن الأيام بتتدول..

إنها نفس تلك ( الوقائع) تملي على البعض منا أن يغض الطرف عن معنى العدالة و شموليتها.. و معنى القضاء و التقاضي.. فلا يرى حقيقة أن محكمة الجنايات الدولية كيان قاصر عن العدل بين الأمم.. كيان يصر على اعتقال البشير.. و أخذه إلى لاهاي مقيداً محروساً في ذلة.. و يترك أمريكا، أكبر مبيد للبشر و البشرية في التاريخ، منذ نشأتها و إلى اليوم.. و يترك نتنياهو سفاك الدماء يتحرك في روما و في لاهاي.. دون أدنى خوف.. و يتحدى أوباما في عقر داره.. و قد ترك وراءه آلاف القتلى من أطفال فلسطين على مرآى من العالم.. جثثهم مدفونة أجزاء منها تحت أنقاض بيوت غزة المدمرة.. و لا تستطيع أي دولة من الدول أن تطالب بتقديمه للمحاكمة في محكمة الجنايات تلك.. لأن الفيتو الأمريكي يجعل العدل و القسطاس يتراخى في ميزان غير متوازن.. و يستحيل أن يتوازن طالما العالم يمارس ( لعبة الأمم).. في غابة تسمى الأمم المتحدة

كيف تكون تلك المحكمة دولية و قد خلا تكوينها من ثقل دول مثل: الولايات المتحدة.. الصين.. الهند.. باكستان.. إندونيسيا.. إسرائيل.. روسيا.. و السعودية.. و مصر.. و دول أخرى…

و كبف يكون قانونها قانوناً و هو يطبق فقط حسب طلب الانضمام إليها و التوقيع على ( ميثاق روما) بالرضا؟.. أي أن بإمكان الدولة أن ترتكب فظائع ضد اليشرية.. فتنآى بنفسها عن التوقيع على الميثاق.. كما هو الحال بالنسبة للسودان الذي انسحب منها .. و بالنسبة لأمريكا التي انسحبت أيضاً.. و بالنسبة لإسرائيل التي انسحبت كذلك.. و ثمة قانون يبيح لمجلس الأمن أن يوصي بمحاكمة أي شخص من دولة غير موقعة على الميثاق.. فكان أن استمسكوا بإلقاء القبض على البشير السوداني.. و تركوا ج. دبليو بوش الأمريكي و نتنياهو الاسرائيلي..!
ياخي!
تستطيع أن تشمت على البشير ما شاءت لك الشماتة لمجرد احتجازه ( داخل) دولة جنوب أفريقيا .. و ليس القاء القبض عليه داخل أحد سجونها توطئة لترحيله إلى الست ( فاتو بنسودا) في لاهاي.. و ذلك ما لن يتم..
و واقعياً، و بالممارسات المشهودة، تظل محكمة الجنايات الدولية لا هي بمحكمة يعتد بها.. و لا هي بدولية تخضع لقوانينها جميع الدول..! كما و أنها لا تحقق العدالة نظراً للاستثناءات المخيمة على اجراءاتها.. و مرجع تأييد بعضنا للمحكمة ليس الغرض منه تحقيق العدالة قدر ما هو ( الفجور) في السعي للانتقام من البشير الذي لم نستطع إسقاطه و هو المسئول الأول عن كل مآسينا.. و كل المجازر التي ارتكبت في عهده و الأهوال الناتجة عنها.. خاصة ما يشاع عن أنه قال لجنوده و هم ذاهبون للقتال في دارفور:- ” ما دايرين أسير!” بما يعني إبادة المستسلمين بدم بارد..
رغماً عن كل هذا، لست من الذين يصفقون لحجز البشير، و لو للحظة، انصياعاً لأوامر تأتي من تلك المحكمة.. و لا أعتقد أني سوف أسمح لنفسي، يوماً ما، أن أقف مع محكمة الجنايات الدولية ضد أي سوداني مهما كانت درجة خلافاتي معه.. كلا.. لا أستطيع أن أفعل ذلك تحت أي ظرف.. تحت أي ظرف!))
إنتهى المقال..
أما عن ( أنا بكره اسرائيل)، فكراهيتي لها مبنية على عدة تناقضات داخل كيانها ( الديمقراطي) الذي يفرق بين مواطنيها اليهود الاشكيناز.. و اليهود السفارديم و اليهود الفلاشا، دعك عن الحديث عن ظلم ( ديمقراطيتها) و قوانينها للعرب- مسلمين و مسيحيين..
و لا تزال اسرائيل تطالب العرب بالاعتراف بيهودية الدولة.. و اليهودية دين.. بما يعني أن اسرائيل تطالبهم بالاعتراف بها كدولة دينية مثلها مثل داعش تماماً.. و كراهيتي لها تشتد حين أشاهد جنودها يدنسون المسجد الأقصى.. و يفتحون أبوابه لليهود و السياح لدخول حرم المسجد و يمنعون المصلين من الصلاة فيه إلا بتصديق.. و أتمنى- بحقد شديد- زوالها و عمالها يحفرون أخاديد حول و تحت أساس المسجد بادعاء البحث عن هيكل سليمان.. و في نيتها هدم المسجد و طمس هويته..
إبنتي عبير، أنا بكره إسرائيل!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. استاذنا عثمان محمد الحسن

    وهل افلات اميركا او اسرائيل وغيرهم من اللاعبين الكبار من وجه العدالة يجعلنا نرفض محكمة العدل الدولية من الاساس مشترطين كمالها وشمولها ام نبدأ بها منقوصة علها تسيطر وتردع المتفلتين الصغار وهم الاغلبية ونحقق عدالة نسبية لحين يشتد عودها بالنقد البناء والدعم المتواصل لنراها تبسط عدالتها على نطاق اوسع يوم بعد يوم،

    هل عدم مقدرتنا تطبيق القانون على عمر البشير وعثمان طه ونافع وبقية العصابة الحاكمة أن نرفض حكم المحاكم ونعطل القانون ونرجم القضاء لانه ليس هناك عدالة كاملة في المجتمع ام نقبل بأن العدالة نسبية تسيطر على من تطاله من الجناة وتحاول السيطرة على البقية من الكبار بمزيد من احترام القانون والمطالبة بالعدالة وحماية القضاء والقضاة من تقول السلطات التنفيذية والمطالبة بالتعديلات الدستورية والتشريعات القانونية لسد الثغرات بقدر الامكان؟ ام نجعل الدنيا مهدية

    انها العدالة يا أستاذي لم تولد في يوم من الايام كاملة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..