اتفاق “سد النهضة”.. الشيطان يكمن في التفاصيل!

مع الأحداث : بهاء الدين عيسى

يبدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة إلى السودان اليوم الإثنين، تتبعها زيارة إلى أثيوبيا تستمر يومين، وسط محادثات مكثفة بين الدول الثلاث في شأن «مشروع اتفاق إعلان المبادئ»، الذي يخص مشروع «سد النهضة» الأثيوبي على نهر النيل.
واستبقت القاهرة جولة السيسي بتأكيد «حقوقها التأريخية» في مياه النيل، وسط تأكيدات بـ «شواغل مصرية» لم يلبها مشروع إعلان المبادئ، وقالت وزارة الخارجية- في بيان مقتضب أمس أصدرته «تعليقاً على ما تردد في بعض الدوائر الإعلامية المصرية والعربية من أخبار أو تحليلات أو تصريحات في شأن موقف الاتفاقات المنظمة لاستخدامات مياه النيل»: إن «اتفاقات مياه النيل المرتبطة بحقوق والتزامات مصر سارية، ولم يتم المساس بها- في أي وقت أو أي وثيقة-، بما في ذلك اتفاقات 1902 و1929 و1959، وغيرها».
قلق مصري
وأكد مسؤول مصري مطلع على تفاصيل ملف المياه أن مشروع إعلان المبادئ «لم يلبِ بعض الشواغل المصرية»- وإن رفض كشف هذه الشواغل-، وقال: «نعالج تلك النقاط بعيداً عن الإعلام، الزيارة الرئاسية إلى أثيوبيا والسودان ستعالج تلك الأمور، وستتضح الرؤية تماماً (اليوم)، والمفاوضات بين العواصم الثلاث ماضية قدماً في تحقيق هدفها».
ويقول خبير المياه المهندس خضر قسم السيد في حديث لـ “التيار”: إن دول حوض النيل الشرقي تشمل بجانب الدول الثلاث الموقعة على الاتفاق جنوب السودان، ويشير إلى أن الاتفاق الإطاري الذي أشرف عليه وزراء خارجية بجانب مختصيين فنيين، نبه إلى أن هناك تفاصيل غائبة لن يتم الكشف عنها إلا بعد التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق الإطاري، بيد أنه رأى أن الخطوة متقدمة لوقف الاحتقانات والصراعات بين القاهرة وأديس أبابا اللتين وصلتا إلى منعطف خطير في علاقاتهما بسبب بناء سد النهضة.
رؤية فنية
وبشأن تخالف الرؤي بين مؤيد في السودان لبناء السد لجهة حديث حول منافع جمة، ومعارض يتحدث عن مخاطر? ربما- تؤدي إلى غرق الخرطوم حال حدوث أية تصدعات لسد النهضة، يقول قسم السيد: “في السابق كان البعض يتحدث- أيضاً- عن مخاوف من بناء السد العالي على السودان، وها هو الآن موجود، وفي تقديري لا يمكن لدولة أن تجازف في بناء سد بهذا الحجم بمواصفات فنية تؤدي إلى انهياره” مقللا من الحديث بشأن انهياره.
ونبه إلى أن هنالك دراسات فنية واقتصادية واجتماعية من خلالها يمكن الوقوف على الجوانب الإيجابية والسلبية الناجمة عن بناء سد النهضة، وأضاف “في تقديري أن التبخر في الهضبة الأثيوبية أقل من مصر نفسها” كما أن الهدف الرئيس من سد النهضة الكهرباء وليس الإنتاج الزراعي؛ مما سيجبر أثيوبيا على تحريك المياه التي بدورها ستؤدي إلى التوليد الكهربائي عبر “16” توربينة من خلالها سيتم إنتاج نحو “6” آلاف ميقاوط من الكهرباء.
ويقول خضر من خلال بناء سد النهضة ستزول المخاطر السنوية للفيضانات في السودان، كما سينتظم جريان النهر، وتقليل الأطماء في سد الروصيرص.
توافق وتعاون
أما خبير شؤون المياه باليونسكو السابق البرفيسور عابدين صالح فلديه رؤية أخرى، مفادها أن أي اتفاق تعاون بين دول حوض النيل الشرقي خطوة إيجابية، يمكن أن تصبح لبنة نحو اتفاق نهائي بين الدول المتنازعة، كما نبه إلى أن إطار التوافق والتعاون يمكن أن يصب في مصلحة الجميع.
ونبه عابدين إلى أن معظم دول حوض النيل بادرت بتشكيل لجان فنية تضم خبراء ومختصين، ويعتقد خبير اليونسكو السابق أن كل دولة تدرس المنافع والمضار؛ لذا تقيم كيفية التعامل مع سد النهضة.
وكان السيسي اجتمع مع وزير الخارجية سامح شكري، ووزير الموارد المائية والري حسام مغازي، ووزيرة التعاون الدولي نجلاء الأهواني، ورئيس الاستخبارات العامة خالد فوزي، وممثل لوزارة الدفاع، ووجه بـ «استمرار قيام اللجنة العليا لمياه النيل، واللجنة الفنية المنبثقة عنها، بمراجعة مشروع اتفاق إعلان المبادئ، ودراسة كل جوانبه في شكل متكامل، فضلاً عن الإجراءات القانونية اللازمة إزاءه»، ولم تكشف أي من الدول الثلاث بنود الإعلان الذي تم الاتفاق عليه في لقاءات بين وزراء خارجية الدول الثلاث في الخرطوم قبل أيام، لكن القاهرة قالت إنه يتعلق بـ «آلية تشغيل سد النهضة» دون مزيد من التفاصيل.
ورفض مسؤول مصري توضيح ما إن كان المشروع يُقر بحصة مصر التأريخية في مياه النيل المقدرة بنحو 55.5 بليون متر مكعب من المياه سنوياً، وإن كان هذا مستبعداً نظراً إلى تكرار رفض أديس أبابا الاعتراف بالاتفاقات التي تضمن هذه الحصة، وقال المسؤول: «ما يمكن قوله إن هناك مطالب مصرية يتم التفاوض في شأنها؛ لتضمينها المشروع قبل توقيع الرؤساء عليه، ليكون ملزماً للدول الثلاث، والمفاوضات والاتصالات المكثفة ماضية في تحقيق هدفها لإتمام عملية التوقيع»، لكنه رفض كشف ترتيبات التوقيع على المشروع، وما إذا كان سيتم في الخرطوم أو أديس أبابا، ولم تُعلن القاهرة ترتيبات زيارة السيسي إلى أديس أبابا، التي تستمر يومين، ولا جدول لقاءاته، في مؤشر على استمرار التفاوض قبل يومين من الزيارة، وعلقت مصر مشاركتها في اجتماعات مبادرة حوض النيل قبل نحو خمس سنوات؛ بسبب توقيع معظم دول حوض النيل اتفاق عنتيبي الذي لا يقر حصتها التأريخية في مياه النيل، ويعد الاتفاقات التي ضمنتها منتهية الأجل، ونص الاتفاق بدلاً من ذلك على «التوزيع العادل والمنصف» لمياه النيل بين دول حوض النيل، وترفض القاهرة أي مساس بحصتها القديمة.
وعلى رغم حضور القاهرة اجتماعاً للمبادرة في الخرطوم الشهر الماضي، إلا أنها أكدت أن تلك المشاركة «لا تعني وقف تجميد المشاركة في أنشطة المبادرة»، وعُلم بأن السيسي سيصطحب وفداً رسمياً رفيع المستوى، وعدداً من رجال الأعمال المصريين؛ لتوقيع اتفاقات بإنشاء مشاريع في أثيوبيا تتعلق بتنمية البنية التحتية.
وأيدت مصادر دبلوماسية مصرية القمة الثلاثية لرؤساء كلاً من مصر والسودان وإثيوبيا، والتي تستضيفها الخرطوم اليوم الإثنين؛ للتوقيع على وثيقة سد النهضة الإثيوبي، والدفع بالتعاون، والعمل المشترك وفق تبادل المنافع دون ضرر، وأنها تعدّ حدثا إقليميا كبيرا ومؤشرا إيجابيا للعمل المشترك بين دول حوض النيل.
وكشفت المصادر أنها محصلة لاجتماعات فنية بدأت منذ فترة بواسطة لجنة فنية عالمية تضم خبراء في مجال المياه من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وجنوب أفريقيا، وأجرت اللجنة دراسات وافية حول سد النهضة، ودرست كل الوثائق التي وفرتها أثيوبيا، وعلى ضوء تلك الدراسات والوثائق أعدت لجنة الخبراء الأجانب تقريرا ختاميا في مايو 2013، يعد أول اتفاق فني حول السد، واقترحت اللجنة في تقريرها إجراء ثلاث دراسات للسد، الأولى حول سلامة السد تقوم بها دولة إثيوبيا، والثانية عن الآثار البيئية للسد بعد إنشائه، أما الدراسة الثالثة فهي دراسات هيدروليكية تهتم بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية الناتجة من إنشاء السد على الدول الثلاث.
وأضافت المصادر أنه تم تشكيل لجنة خبراء وطنيين من الدول الثلاث، وافقت على دراسات الخبراء الأجانب، وكان لا بد أن يدعم المسار الفني بمسار سياسي، واجتمع وزراء خارجية الدول الثلاث، ووزراء الموارد المائية بالخرطوم الشهر الماضي، وقرروا أهمية توقيع اتفاق إطاري سياسي بواسطة رؤساء الدول الثلاث حول المبادئ؛ لتعضيد الاتفاق الفني، وأوضحت المصادر أنه لم تتضمن نقاشات اللجان الفنية وحتى الوزارية، أي حديث حول حصص المياه، وركزت مخرجات لجنة الخبراء الأجانب على الآثار البيئية حول كمية المياه ونوعيتها، وطالبت اللجنة الفنية بأن يتم إنشاء السد على أحدث المتطلبات للمواصفات العالمية في إنشاء وسلامة السدود، وأكدت المصادر أن القمة ستخرج بالمزيد من التعاون المشترك، وإزالة المخاوف حتى ينجح المشروع، ويحقق نتائج إيجابية، تستفيد منها الدول الثلاث، كلاً حسب ميزاتها، السودان بأراضيه الزراعية، ومصر بقدرتها التكنولوجية وخبرتها في التصنيع الزراعي، وأثيوبيا بطاقتها الكهربائية.
في الوقت الذي تتفاوض فيه دول حوض النيل الشرقي الثلاث “أثيوبيا ومصر والسودان” وتزداد فيه المباحثات والأخذ والرد حول تأثير بناء سد النهضة على مستقبل الثروة المائية في هذه الدول، توصل وزراء الخارجية، والموارد المائية، في الدول الثلاث، إلى وثيقة تشتمل على مبادئ تحكم التعاون فيما بينهم؛ للاستفادة من مياه النيل الشرقي، وسد النهضة الإثيوبي، والتغلب على الشواغل، والقضايا العالقة، التي تؤثر على دولتي المصب مصر، والسودان.
وأعلن وزراء خارجية السودان ومصر وإثيوبيا مؤخراً في الخرطوم التوصل إلى اتفاق على مبادئ حول تقاسم مياه نهر النيل، ومشروع إنشاء سد النهضة الإثيوبي، وقال وزير الخارجية السوداني علي كرتي، في ختام الاجتماع: “حدث توافق تام بين دولنا الثلاث على مبادئ حول تعاوننا؛ للاستفادة من حوض النيل الشرقي، وسد النهضة الإثيوبي، وهو مسار جديد في علاقة دولنا الثلاث?، وأضاف “سترفع الوثيقة إلى رؤساء دولنا الثلاث؛ لدراستها، والموافقة عليها”.
من جانبه قال وزير الخارجية سامح شكري: “هذه الوثيقة هي اتفاق مبادئ على المسار السياسي، وهي تجيب عن شواغل دول المصب في مصر والسودان، وهي بداية للمسار السياسي، أما المسار الفني فإن الخبراء الذين سيجتمعون في الخرطوم على مدى ثلاثة أيام سيعلمون اسم المكتب الاستشاري الخاص بدراسات السد يوم التاسع من مارس؛ لينطلق المسار السياسي والفني”.
فيما أعرب وزير الخارجية الإثيوبي تادروس أدنهاوم، عن رضا أثيوبيا من النتائج التي تحققت في الأيام الثلاثة”، مشيرًا إلى أن الاتفاق يفتح فصلا جديدا بين الدول الثلاث وسنلتزم بهذه المبادئ”.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد زار السودان في يونيو من العام 2014- أول زيارة له منذ تقلده زمام الحكم-، بينما تعد زيارته اليوم الثانية.
القاهرة تستبق الزيارة
واستبقت القاهرة زيارة مرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى إثيوبيا، والسودان، مقررا لها اليوم (الإثنين)، ونفت إدخال أية تعديلات على اتفاقيات مياه النيل المرتبطة بحقوق والتزامات مصر، وقالت” إن حقوق مصر «سارية ولم يتم المساس بها في أي وقت أو أي وثيقة»، ومن المقرر أن يبحث الرئيس السيسي خلال زيارته المقبلة اتفاقية مبادئ بشأن سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الشرقي الذي يمد مصر بـ85 في المئة من حصتها في مياه النيل، لكن مصادر مطلعة قالت: إن التوقيع على اتفاقية المبادئ لم يحسم بعد.
ونفت الخارجية المصرية في بيان، تحصلت «التيار» على نسخة منه، ما تداولته وسائل إعلام محلية وعربية بشأن تعديل اتفاقيات مصر التأريخية فيما يتعلق بحصتها من مياه النيل، وقالت الخارجية أمس: إن اتفاقيات مياه النيل المرتبطة بحقوق والتزامات مصر سارية، ولم يتم المساس بها في أي وقت، أو أي وثيقة، بما في ذلك اتفاقيات 1902 و1929 و1959، وغيرها».
وأعلن وزير الموارد المائية المصري حسام مغازي في 6 مارس الماضي من العاصمة السودانية، أن الدول الثلاث الرئيسة التي تتقاسم مياه نهر النيل (مصر وأثيوبيا والسودان)، توصلت إلى اتفاق مبدئي حول آلية لتشغيل السد، دون الكشف عن تفاصيل الاتفاق، قائلا: إن الاتفاقية سترفع إلى رؤساء الدول الثلاث لتوقيعها.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية: إن الرئيس السيسي سيقوم بزيارة إلى دولتي إثيوبيا والسودان لمدة 3 أيام، تبدأ الإثنين المقبل، لافتة إلى أن الزيارة تستهدف بحث سبل تدعيم العلاقات بين بلاده وكلاً من البلدين في مختلف المجالات، إلى جانب تدعيم التعاون فيما يتعلق بمياه النيل.
زيارة تأريخية
من جانبه، أكد السفير محمد إدريس سفير مصر في أديس أبابا، أن زيارة الرئيس المصري إلى إثيوبيا تأريخية، حيث إن هذه أول زيارة رسمية منذ ٣٠ عاما يقوم بها رئيس مصري إلى إثيوبيا، دون أن يكون هدف الزيارة- أيضا- هو المشاركة في قمم إفريقية باعتبار أديس أبابا مقر الاتحاد الإفريقي، الذي كان يطلق عليه في السابق منظمة الوحدة الإفريقية، حيث كانت الزيارات السابقة للمشاركة في اجتماعات القمة الإفريقية، وقال السفير إدريس- في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، (الوكالة الرسمية في مصر): إن زيارة السيسي إلى أديس أبابا تدشن مرحلة جديدة من التعاون المشترك، والعلاقات الثنائية بين مصر وإثيوبيا في مختلف المجالات السياسية والإستراتيجية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية، وأوضح أن الرئيس السيسي سيلقي كلمة أمام البرلمان الأثيوبي بمجلسيه الذي يضم مجلس نواب الشعب، والمجلس الفيدرالي، ينقل فيها الرئيس رسالة من الشعب المصري إلى أثيوبيا- حكومة وشعبا- تؤكد عمق الروابط التأريخية التي تجمع بين الشعبين، والحرص على دفع وتعزيز وتوسيع مجالات التعاون المشترك؛ لتحقيق التنمية للجميع، وبشكل لا يلحق الضرر بأي طرف.

التيار

تعليق واحد

  1. اولا حكاية غرق الخرطوم كان جهدا مصريا وتذكروا عندما قالوا سيكون هناك زلزال يدمر الكعبة المشرفة كلها كانت لتخويف السودان والدول العربية والاسلامية لكن الاثيوبى الماكر حيد السودان واتى بمصر الى بيت الطاعة لا تنسوا حلايب سودانية

  2. واااااي ظووووووط
    هايلي ماريام قشطه في السيسي كله لحد الليفة
    والبشير مندهش وبيتفرج ولسان حاله بيقول ( ماني قايلك كدا يا السيسي , تراك انت منهم )
    هههههههههه
    كله للنهاية
    بلا مصر بلا افخاذ عارية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..