الإرادة لا تُقهر.. ذوو الاحتياجات الخاصة.. إبداع يتجاوز حدود الإعاقة

الخرطوم – منهاج حمدي
رضيت آمنة بقضاء الله وقدره ولم تتذمر حينما أنجبت طفلين معاقين سمعياً رغم أن أشقاءهما الآخرين أصحاء.. واجهت الواقع بعزم وإرادة وربت صغارها بحنية زائدة حتى وصلوا سن الدراسة، ليس ذلك فحسب، فقد قررت دخول مدرسة (تعليم لغة الإشارة) لتمكنها من التخاطب معهما لكي لا يشعرون بالدونية، في وقت كان فيه المجتمع السوداني لا يحسن التعامل مع الشخص المعاق، الأمر الذي جعل معظم المعاقين – بجانب إعاقتهم – مرضى نفسيين، بسبب وصفهم بألقاب على شاكلة (منقولي، أطرش، كسيح)، مستكترين عليهم نطق أسمائهم، وهو ما يفضي إلى شعورهم بالاضطهاد.
واللافت للنظر أن معظم هذه الشريحة في العالم تتمتع بمزايا وخواص لا توجد عند الأصحاء، حيث نجد أنهم يملكون ذكاءً خارقاً وقوة إرادة لا تلين لتجعل دول العالم المتحضرة تسخر هذه الإمكانيات لصالحها، وتستفيد من هؤلاء.. وكانت الصين من أبرز الدول التي قامت بتدريب أطفال (متلازمة الداون) على صنع ألعاب الأطفال وتصديرها لدول العالم الثالث، وعلى النقيض نجد المعاقين في السودان يعانون من نظرة المجتمع الدونية لهم، وعدم اهتمام الدولة في توفير مراكز متخصصة بمواصفات علمية للعناية بهم، والاستفادة من إمكانياتهم.
نماذج فريدة
مهما يكن من أمر فلن تكن الإعاقة – بأسبابها المتنوعة – عائقاً حقيقياً عند أصحابها وتحجم مسيرتهم عبر الحياة، بل إن الكثير من أولئك انطلقوا بعقولهم وعلومهم وأفكارهم وآدابهم وثقافاتهم، وأبدعوا في مجالات عديدة، فمنهم العلماء والشعراء والأدباء المفكرون والأطباء وجميع أصحاب المهن، هناك شخصيات لم تمنعها الإعاقة من الإبداع، وإنما وضعت بصمتها في مسيرة المجتمعات من بينهم الأديب والناقد والمفكر المصري (طه حسين) الذي أصيب بالعمى في الرابعة من عمره، لكنه رغم ذلك أحدث ثورة نقدية وأدبية واسعة وحصل على درجة الدكتوراه، وهو معاق وتقلد مناصب عليا، وأصبح ناقداً وكاتباً ومؤلفاً ونال شهرة واسعة، فلم يستطع اللحاق به لا سليم ولا معاق.
فنون واختراعات
بجانب طه حسين برع الألماني (بيتهوفن) في الموسيقى، وبات أشهر موسيقي في العالم، ولُقب بأبي السمفونيات بالرغم من أنه أصيب بالصمم في شبابه، ومع ذلك أبدع في مجال تأليف الموسيقى، وألف أروع المقطوعات، من جهته عانى الأمريكي (توماس أديسون) من مشاكل في السمع في سن مبكرة، لكن ذلك لم يمنعه من النبوغ حيث اخترع جهاز الفونوغراف وآلة التصوير السينمائي، بالإضافة إلى المصباح الكهربي.
زيادة الوعي
يصادف الثالث من ديسمبر من كل عام اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو يوم عالمي خصص من قبل الأمم المتحدة منذ عام 1992 لدعمهم ويهدف إلى زيادة الفهم لقضايا الإعاقة، ودعم التصاميم الصديقة للجميع من أجل ضمان حقوق ذوي الاحتياجات، كما يدعو إلى زيادة الوعي في إدخال أشخاص لديهم إعاقات في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية لأجل الاندماج في المجتمع وتغيير النظرة السلبية تجاههم
اليوم التالي