أزهار وأشواك…!

لم تجد ما يعبر عما تشعر به غير الزهور، فاتجهت إلى أشهر محلات الورود في المنطقة، وطلبت من البائع إعداد أجمل وأغلى باقة في المكان.. أرادتها باقة مُشَكَّلة من أريج أزهار تحكي قِصَّتها..!!
وقفت تشاركه الاختيار بعناية لا مثيل لها، فزهرة عصفور الجنة البرتقالية تقول عنها فرحتها بالمناسبة، وزهرة الأستر البنفسجية كانت تعني الصبر والاحتمال على فراقه المرير، أما زهرة الأقحوان الحمراء هي رسالتها التي توضح ولاءها وإخلاصها له وإن افتعلت الغياب.
أثناء تجوالها بين الورود الفوّاحة في المكان.. جذبتها زهرة النرجس البيضاء إليها هي الوحيدة التي تمكنت من تمييزها بين خليط الروائح الذي يشابه متناقضات دواخلها في تلك اللحظة.. فتلك الزهرة تذكرها بشهامته.
آخر زهرة قررت أن تختتم بها اختياراتها الفريدة هي زهرة السوسن الزرقاء لأن ترجمتها في قاموس إحساسها معه كان جمل الإطراء والغزل التي كان يمطرها بها في كل لقاء.
بحجم مشاعرها الجياشة كانت فياضة الكرم مع بائع الورد: أعطته كل الأموال التي تملك في حقيبتها الجلدية السوداء الأنيقة التي ما إن فتحتها إلا وتذكرت تلك اللحظة التي أهداها إياها في عيد مولدها قبل أربعة أعوام.
مسحت دمعة متمردة تسللت إلى خدها وأخرجت هاتفها من ذات الحقيبة واتصلت بصديق مشترك بينهما ليحملها إليه.. الهاتف ذاته كان ضمن هداياه إليها.
يا لفجيعتها..!!! كل الأشياء من حولها تُذكرها به.. مقتنياتها والأماكن.. حتى أنّ يديها الناعمتين طويلتي الأصابع تبقيهما دوماً كما كان يحب.. مهذبة الأظافر.. ملونة بذاك الطلاء القرمزي الداكن.. لا تضع فيها إلا خاتما واحدا ألبسه إياها في خنصرها كرباط أبدي لم تنزعه بعد الفراق.
المناسبة كانت عيد ميلاد.. والمقصود بالهدية كان حبيباً.. ورجلاً لا تدري إن تاه منها أم غيَّبته الأقدار عن قصد.
فملابسات ساعة الرحيل كانت فوضوية.. مراسِمُها تمَّت في يوم ضبابي الملامح.. رياح الفراق هبّت فيه بغتة.. وشتتت ثماراً جمعاها إلى طريقين.. لكنها رغم قوّتها العاتية حملت معها الأوراق ولم تقتلع الجذور.
كل ما تعرفه هو أنهما افترقا على غير عودة، لا يهم كيف؟ ولا من صاحب القرار؟.. فالألم قاسم مشترك بينهما.. والنتيجة واحدة.
لكن تلك الجذور التي بقيت من تلك العلاقة النبيلة هي ذاتها التي أبقته حزنا نبيلا متمثلا في رجل لا يزال محتلا جميع حجرات قلبها الصغير، ليذكرها دوما بكل تفاصيلها معه.. ولا ينسيها كل المناسبات التي كانا يحتفلا بها معاً.
كل زهرة من تلك الباقة التي اختارت كانت براعمها الخضراء تُبشِّر بالأمل لكن أشواك الحياة حالت دون ذلك.
لذا من أجل أحاسيس لا تُحكى.. ومواقف لا تُنسى قررت إرسال باقتها بعد الفراق عبر وسيط.. ففي زهورها رسالة أرادت إيصالها بأن ما ظلّ من علاقة انتهت هو ذكريات لا تزول ستبقى معها طوال حياتها رغم الذبول، والورد الذي اشترت له حتماً سيذبل تماماً كذبول ما كان بينهما، لكن ذبوله لن يجرده أريج باق من عطر لقائهما الأولِ.
هي لم تكن امرأة عادية.. أحبت ذات يوم رجلا مختلفا.. فاختارت أن تهديه ما يشبه اختلاف حلمهما الذي لم يتحقق.. وهي على يقين بأن كل حكايات الحب الخرافي تكون نهاياتها حزينة.!!

حروف متمردة..!
بقلم رفيدة ياسين
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بعيدا عن السياسة:
    النص الأدبي يتكلم عن علاقة عاطفية استمرت أربعة أعوام و انتهت في ظروف غامضة…
    بعيدا عن الكاتب او الكاتبة؛
    هناك استعراض لغوي بنيوي لا يصف المشاعر الانسانية بصورة صادقة في مثل هذه الحالات…
    بالعامية السودانية؛
    بالغتي يا رفيدة… تديهو شاكوش و ترسلي ليهو باغة(باقة) ورد..،

  2. وهي على يقين بأن كل حكايات الحب الخرافي تكون نهاياتها حزينة.!!

    عزيزتى رفيدة ياسين ، أهنئك من قلبى على هذه الروعة التى أمطرتينا بها، رغم مرارة القصة والتى تشعرك بغصة فى الحلق وكأنك تتأهب للبكاء، مشاعر إنسانية متداخلة، ولكن لماذا هذه المرأة تحمل كل هذا الوفاء وكل المشاعر الجميلة مع غياب تام للطرف الآخر؟!! لا أدرى لعله إنحياز أنثوى !! رغم أننا ومنذ نعومة أظافرنا ما أن نستمع الى أغنية فى المذياع أو التلفاز إلا ونجد (الشواكيش) تنهال على رؤوسنا حتى نصاب بحالة من التشويش أو اللا وعى!! لماذا يا حواء ؟؟ ولكن لربما أن الكاتبة أنثى لذا جاءت القصة مغايرة ومخالفة لما تغنى به المطربون وصاغته مخيلات الشعراء، لكن فى النهاية تبقى القصة جميلة ورائعة ومشحونة بالعواطف والمشاعر والزكريات التى تلامس أصحاب الشعور والحس والعاطفة، ويا لها من قصة.

  3. يا رفيدة زهور شنو وورود شنو ،، حب شنو وغرام شنو
    يا رفيدة الناس في شنو وانتي في شنو
    الله يسامحك يا رفيدة

  4. يا بنتنا دا زمن مقالات وكتابات بنفسجية. إنت ما صغيرة … شوفي البلد والناس في شنو ورفيدة في شنو. نحن حبيناك مراسلة تشرفي البلد أحسن ما تجبرينا نراجع حساباتنا. دى مشاعر فارقت السودانيين من عقدين بالتمام وزادو النص

  5. لكن تلك الجذور التي بقيت من تلك العلاقة النبيلة هي ذاتها التي أبقته حزنا نبيلا متمثلا في رجل لا يزال محتلا جميع حجرات قلبها الصغير، ليذكرها دوما بكل تفاصيلها معه………………انا دكتور عوض ابوراس اخصائي جراحة مسالك بولية في مستشفي الملك فيص التخصصي مستعد اعوض القلب الصغير ده واستعمره بالكامل ولاحظي اسمي عوض يعني حااعوضك …عرض جاد مافيهو اي هزار

    الصغيرة شجيرة الأراك ياقمر عشرة الفي سماك شاغلة روحي وقلبي المعاك وين لقيتك لامن آباك القمر بوبا عليك تقيل….اه يا ليلي انا ياليلي

  6. الأستاذة رفيدة قرأت القصة أمس و بدأت في كتابة ردي عليها و لكنني انشغلت و طالعت اليوم التعليقات متوقعا أن أجد كثيرا من التعليق أو النقد. باختصار القصة جميلة و تستحق الإشادة.و سوف أرسل لك انطباعي بعد أن أقوم بنشره .أكرر التهنئة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..