وائل طه: الجامعة أصدرت لائحة حرمتني من حقي في الإلتحاق بوظيفة مساعد تدريس

حاورته: رابعة أبوحنة

كل شيء في هذا المكان يألفه تماماً.. قاعات الدرس وأركان النقاش بالميدان الغربي والأساتذة والطلاب ? على تعاقب الدفعات ? فقد أنفق وائل طه ثلاثة عشر عاماً من عمره طالباً بجامعة الخرطوم بمحض وعيه السياسي الذي حبب له المكوث فيها طيلة هذه السنوات لإيمانه بالنشاط السياسي الطلابي الذي خاض غمار معاركه في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم.. لم يدر بخلد وائل قط أن يغادر الجامعة في يوم ما، ذلك كرس جهده ليتفوق في سنته الأخيرة وليحجز مكاناً له في هيئة التدريس، وبالفعل تفوق بل كان أول دفعته ولكن حدث أمر غريب حرمه من حلمه في الإلتحاق بهيئة تدريس الجامعة.. إذا أنه تم تعديل اللائحة بحيث لا يلتحق بوظيفة مساعد تدريس من تجاوز عمره الخامسة والعشرين.. وائل يعتقد أنه تم تعديل اللائحة لحرمانه من الوظيفة.

*متى دخلت جامعة الخرطوم وكم مرة فصلت منها؟

-دخلت الجامعة سنة 97 وفصلت منها فصلاً سياسياً سنة 200 بقرار من المدير بدعاوي مخالفة لوائح نشاط الطلاب، وأفتكر أن الإدارة تتعمد فصل خصومها السياسيين وذلك لأنها تتبع للمؤتمر الوطني وليست مستقلة، وفصل معي 5 طلاب آخرين، وعدت للجامعة عقب عودة إتحاد الطلاب في 2002 2003 وإنتخبت عضواً فيه لمدة ثلاث دورات وكنت حينها مفرغاً من الحزب للعمل النقابي وفي العام 2004 تحولت إلى كلية الإقتصاد وتخرجت منها 2010
*بعد ثلاثة عشر عاماً كيف كانت مغادرتك للجامعة؟
-كنت أول الدفعة وكان من المفترض أن أكون مساعد تدريس، لكن الجامعة أصدرت لائحة حدد بموجبها سن معينة للتعيين لذلك إستبعدت من الوظيفة ولا أستطيع أن أجزم بأن المدير يقصدني بالقرار ولكن توقيته وطبيعته يدفعان لذلك.
*كنت الشخصية الأبرز في إتحاد طلاب الجامعة ماذا عن هذه الفترة؟
-عملت في إعلام الإتحاد وكنت رئيس تحرير صحيفة إتحاد الجامعة _(كوسو) ومن 2003 إلى 2005 إنتخبت في مجلس الإتحاد وكنت مسئول الإعلام من 2005 إلى 2006 وناشط في الصوت الإعلامي وأتحدث بإسم الإتحاد خلال كل فترات ترشحه وكانت هنالك كتلتان، كتلة تحالف المعارضة وكتلة الوطني وكان الصراع حاداً ومازال، كنا لا نمتلك المال ولا الإمكانيات ولكنا نمتلك الإرادة والعقل والنشاط خلال فترة وجودنا في الجامعة ولم نهزم سياسياً إطلاقاً وهزمنا النظام منذ أن كان فيه الترابي وحتى بعد خروجه ويعود الفضل في ذلك أولاً لطلاب الجامعة غير المنظمين وكان الإسلاميون ولا زالوا يستعنون بالأجهزة الأمنية ويسخرون إمكانيات الدولة لصالحهم وبالمقابل كنا نستعين بطلاب عزل يواجهون أشباح الإعتقال والفصل والتشريد والإعتقال وقد أغتيل في فترتنا محمد عبد السلام في العام 1998م ومحمد موسى2011 بالإضافة إلى إعتقال وتعذيب الآلاف ويستطيعون الإدلاء بشهادتهم متى ما توفر ذلك وأنا عن نفسي أعتقلت عدة مرات وتعرضت لتعذيب وحشي من بينه الحرق بمكواة كهربائية لكن أفضل أن أتحدث عن تجارب آخرين على سبيل المثال أعتقل صديقنا محمد عبد السلام في 3 أغسطس وتعرض لتعذيب وحشي أفقده حياته وفقاً للتقرير الطبي وقس على ذلك، وأعتبر نفسي من ضمن الناجين من القتل وكفى.
*وماذا عن اللحظات الجميلة في الجامعة؟
-لا أتذكر أي شيء جميل ولكن من الطرائف أننا كطلاب عزل إستطعنا الحاق الهزائم بدولة كاملة تصرف على الأمن والدفاع بنسبة 98 %من أموال الشعب هل هنالك أطرف من هذا؟.
*كم من الساعات كنت تقضي داخل الجامعة؟
-خلال السنوات العادية مثل غالبية الطلاب ندخل في الصباح الباكر ونخرج منها التاسعة مساءً وكانت الحياة السياسية والإجتماعية تسود الجامعة في الأوقات الصباحية والمسائية وبعد رجوع الإتحاد 2002 تفرغنا للعمل النقابي بشكل كامل وكان تواجدنا إما بالجامعة أو إحدى كلياتها حيث النشاط أو بدار الإتحاد حيث العمل الإداري.
*حينما دخلت الجامعة كيف كان حالها.. أحكي لنا؟
-حينما دخلت الجامعة كانت مغلقة وكان يسمح بالدخول لطلاب السنة الأولى فقط وفي ذلك الوقت كانت حرب الجنوب مشتعلة وكانت هنالك معركة الطلاب ضد القبول الخاص والدراسة على النفقة الخاصة، سياسياً كانت الحرب مشتعلة ونظام الجبهة في أشد قبضته على السلطة بزعامة الترابي مهندس بيوت الأشباح، إقليمياً كانت حركة المعارضة ذات صوت عالٍ (لتجمع الوطني الديمقراطي) وطبيعياً كان أغلب طلاب الجامعة من الأقاليم ومن أبناء الطبقة الوسطى وكانت حركة الطلبة ذات مطالب عالية (خدمات، حركة سياسية، حرية تنظيم وكان صوتهم واحد ولم يكن مقسماً أو متسماً بأي خصائص إثنية أو قبلية بل موجه طبقياً
*ولاء زوجتك هي أيضاً طالبة وناشطة سياسياً بجامعة الخرطوم كيف قررتما الزواج؟
-تقابلنا بالجامعة في إطار العمل العام وقادنا إلى علاقة خاصة إنتهت بزواج عقب أشهر فقط من التخرج ومازلنا معاً في العملين الخاص والعام وكانت عضواً في الجبهة الديمقراطية ومتحدثة بإسم الجبهة بالإضافة إلى أنها كانت رئيساً له بجامعة الخرطوم
*طقوس الزواج كيف كانت وهل تمت بحضور طلاب وأساتذة الجامعة؟
-كنت خارج البلاد في فترة الزواج (شرق أفريقيا بصدد الدراسة) لذلك رتبنا لعقد قران بسيط وإتفقنا معاً بإعلام أسرنا على عدم القيام بالتكاليف المتعارف عليها والشنطة والمهر والريحة إلى آخره ورغم أن الزواج كان بسيطاً جداً إلا أن الحضور كان كبيراً جداً حضره طلاب الجامعة والخريجين ولفيف من السياسيين على رأسهم المرحوم نقد.
*في الثانوي هل كنت منتمٍ لحزب أو تمارس نشاطاً معيناً؟
*منذ منتصف التسعينات تم تجفيف العمل السياسي من المدارس الثانوية وتحول إلى عمل سري
أين أنت الآن؟
-الآن أنا صحفي بصحيفة الأيام
*لماذا إتجهت للصحافة؟
-إتجت للإعلام لأن نشاطي في الجامعة كان مرتبطاً به وبكتابة البيانات الصحف الحائطية الحملات الإعلانية، التعبئة بالإضافة إلى العمل في صحيفة الإتحاد ومن خلال مسئوليتي للصحف توسعت علاقاتي بالصحافة والصحفيين وتلقيت تدريباً إعلامياً حول كتابة التقارير الصحفية عبر دورة إعلامية أقامها إتحاد الجامعة ومنها ذهبت في هذا الإتجاه لكن طبيعة دراستي في علم الإجتماع بحثية وبفقدان وظيفتي في الجامعة إتجهت لهذا المسار المحفوف بالمخاطر والقائم على مهب الريح إذ تستطيع السلطة الحاكمة بجرة قلم إغلاق أو مصادرة صحفية وإعتقال أي صحفي.
*ماذا تعني لك الجامعة الآن؟
-منذ تخرجي 2011 لم أدخل الجامعة وتلقيت دعوات للمشاركة في النشاط السياسي لكني أعتبر أن النشاط السياسي الطلابي لطلاب الجامعة هذه حقهم وواجبهم ونحن خريجون نستطيع ممارسة العمل العام في أماكن أخرى وبالقدر الذي إنتزع فيه الطلاب حق ممارسة العمل السياسي بعد معارك دموية قتل فيها طارق، بشير، سليم، التاية وفصل سياسياً 200 طالب أعتقد أن ثمن هذا كله حرية النشاط الطلابي ودفعنا الثمن مثل غيرنا لذلك يجب أن تحافظ الأجيال الحالية على هذه المكتسبات بالتحدث في الأركان وممارسة النشاط.