الكروان الغاضب: السر عثمان الطيب.. فارقنا القرير نتباكى

الخرطوم ? زهرة عكاشة
في (31) أكتوبر من عام (1951)م، بساقية ود الهبيل حي الشاطي بقرية القرير بالولاية الشمالية كان مولد تاج السر عثمان محمد الطيب الشهير بالسر عثمان الطيب، وكانت بدايته الفنية ايضاً التي ظهرت في العام (1967)م، فبرع في كتابة شعر الحداثة فكان أول ما كتب (الكروان، ما تزعلي، حبيب كان زماني، فارقنا القرير نتباكا)، وقبل الكتابة بانتظام وتدوين الشعر كان يجيد العزف على الطمبور، فغنى للعديد من الفنانين مثله مثل كافة شباب جيله الذين يتغنون في جماعات في (الأعراس) أو بيت (اللعب)، كما كان يطلق عليه سابقاً، لكنه كان يحب أن يغني لحسن الدابي ومحمد سعيد، ثم اتجه للتلحين فيما بعد.
(1)
لعبت قصيدة (بحر المودة) التي تزامنت مع قصيدة الطيف دوراً أساسياً في حياة السر عثمان، فقد شكلت كينونة الرجل، وساهمتا في خروج الغناء في المناطق الشمالية من نطاق المحلية والحس الشعبي المحلي إلى عموم السودان، مستخدمين (قفا اللواري) والحراك التجاري الرافد من الأطراف إلى المركز، في وقت لم تتوفر فيه وسائل انتقال تمكن من انتشار الأغنيات المشحونة بالعواطف الصادقة والنبيلة في ذلك الزمان.
(2)
في فبراير العام (1971)م كتب الشاعر السر عثمان قصيدة بحر المودة، وهو طالب في كلية التربية، وبعد مرور عام على كتابتها، التقى بصديق إبراهيم الذي اقترح عليه أن يؤديها صوت نسائي، لكن الفكرة لم ترُق للسر أو ربما كان ضد الفكرة، لأنه قدمها للفنان محمد جبارة بعد أن لحنها وغناها هو له، كما كان يفعل دائماً في كل قصائده، وقد أعجب السر بأداء جبارة المتميز لقصيدته الشهيرة لدرجة أنه قال في أحد حواراته الصحفية “لو لم يكن أداء محمد جبارة لهذه الأغنية يمكن أن تكون حتى الآن حبر على ورق”.
(3)
وتغنى للشاعر المجيد السر العديد من الفنانين بالإضافة لجبارة منهم (النعام آدم، محمد كرم الله، عبد الرحمن بلاص)، وله ما يفوق الـ (200) أغنية، منها (الناسينا، ضل القيمة، الجلابة)، وبالرغم من ظهور مجموعة من الشباب وأحدثوا تغييرا في شكل ومضمون الأغنية من ناحية الألحان والمفردات، تغير ايضاً دور الشاعر لاسيما بعد التعليم والحراك الجاري في شتى نواحي السودان طلباً للعلم، فضلاً عن التغيير في طرق التعبير، إلا أن كل هذا لم يغير من طبيعة، وقيم الشاعر الشمالي، وهذا ما أكدته قصائد السر عثمان الطيب، فقد كان ذلك العصر عصر الشعر الذهبي لأغاني الدليب.
اليوم التالي