
إن من أبهى تجليات نظام المخلوع البشير أنه يُضقي قُدسية زائفة على بعض الشخوص فيتوهمون أنهم فوق القانون أو في مرتبة أقرب (للسوبرمين )الذين يصنعون الخوارق و يقدرون على كل شيء ، فهم وحدهم من ينتهك القانون و يزدريه دون أن يطرف له جفن أو يخشى لومة لائم ، في إساءة إستغلال السلطة و تقويض العدالة و إستثمار النفوذ لتحقيق منافع ذاتية مع سبق الإصرار فلا عقاب و لا عتاب حتى ، تبعاً لذلك ضاعت القيم و الحقوق و دب اليأس في النفوس فلمن تشكو حبة القمح إن كان القاضي دجاجة ؟
ليس بعيداً عن الواقع يتجلى مُستشار بوزارة العدل في تجسيد هذه الأمور و على عاتقه تركة ثقيلة من صنع يديه و ربما صمت رئيسه الأعلى ، لأن ما سأورده يعرفه القاصي و الداني و هو حديث تسير به الركبان و تتناقله الألسن في مجالس المدينة و دواوين الحكومة ، و لو كان يرعوي لأدرك إنبلاج فجر الثورة الذي تشع ضياءه دياجير و أقبية مؤسسات لا يمكن الوصول إليها و لا الحديث عنها لأنها تعمل لخدمة النظام و رعاية شؤون عضويته و إعتبار بقية الشعب مجرد بيادق لا أكثر.
و قبل الخوض عميقاً في أوحاله لا بد من إستدعاء الذاكرة للحديث عن إنتهاكات جسيمة وقع فيها إبان عمله مُستشاراً لمؤسسة حكومية إذ ظل يتقاضى راتباً مزدوجاً من وزارة العدل و وزارة المالية الولائية إلى أن أوقف فريق المراجعة ذلك الفساد و طُلب منه إعادة ما صرفه دون حق و إلى يوم الناس هذا لم يؤدي ما عليه و هو مال عام واجب الأداء و لا يسقط على الإطلاق و آمل أن تضع وزارة العدل هذا الملف في سلم أولوياتها لتعيد غرس قيم النزاهة و قبلها شعار الثورة ( عدالة ) و هي الحقيقة المفقودة في عصر البلاهة المنصرم.
ندرك بجلاء أسباب تعثر وزارات بعينها وضعت اغلب اصولها و آلياتها لخدمة أصحاب النفوذ إياهم ، فوزارة الإنتاج و الموارد الإقتصادية تدور ماكينات آلياتها على مدار العام و تتهالك في مزارع السادة و حتى الصندوق الولائي المختص بتوفير التقاوى يعجز عاماً بعد آخر بسبب هؤلاء و من يسيل لُعابه لأموال عامة كان من المُمُكن توظيفها لخدمة التُعساء في فيافي ولاية جنوب دارفور يهرع ليلتهما كما الضواري ، مؤكد له نصيب الأسد من هذه الموارد .
في عهد الثورة و بعد إستلام المقار و الدور الخاصة بواجهات الإنقاذ و بقرار من السيد الوالي المكلف تم تخصيص دار الإتحاد الوطني للشباب السوداني ليكون إستراحة للسادة مستشاري وزارة العدل و بدلاً عن ذلك جعله سكناً خاصاً له و عائلته و هذا وجه آخر من وجوه الإستئثار بكل شيء و لا سر في إستضافة مستشاري وزارة العدل طرف جهة أخرى ، و هنا نتساءل عن قيمة المنفعة العامة في تحويل منشأة كاملة لخدمة موظف بينما وحدات حكومية تستأجر منازل المواطنين لأداء أعمالها و بمبالغ تستنزف موارد مالية مُعتبرة ، لولا نعيم الثورة لما تجرأ أحد لإحتساب تكلفة الهدر و التبديد الشائعة !! لكن لا زال الحال كما هو فلمصلحة من يبقى أصحاب الولاءات الحزبية الصارخة يتمددون و يستأثرون بمقدرات الدولة و كأنها لم تسقط !!
بواقعية شديدة عليه أن يخلع أثواب القداسة الزائفة التي ظل يتغطى بها جيئة و ذهابا في خدمة الطاغية المُقال آدم الفكي و أن يفيق من غيبوبة الولاء الحزبي لأن إخوانه في تنظيمات العمل الذين يفشي لهم فحوى العرائض يقولونها و بثقة و فخر و نرى التسويف و المماطلة قرينة تعضد ما نقول .
ثمة أمر أختم به و هو رسالة في بريد معالي السيد مسجل عام تنظيمات العمل القومي فعليه الآمال مُعلقة في إسترداد الحقوق السليبة للعمال و الحرفيين في طول البلاد و عرضها.
و أخيراً و ليس آخراً لسيادة الوالي اللواء هاشم محمود الحق الكامل في أن يُراجع أمر تخصيص الدار لتكون مرفقاً لخدمة الجماعة لا الفرد أياً كان.
الفاضل إبراهيم فضيل