جوبا.. مدينة مثقلة بماضيها

مدينة جوبا -كبرى مدن جنوب السودان وعاصمته- يستقبلك جمالها وأنت في السماء منذ اللحظة التي تستعد فيها الطائرة للهبوط في مطار المدينة، حيث تبدو بساطا أخضر تتخلله بقع بُنيّة هنا وهناك.

مدينة جوبا -كبرى مدن جنوب السودان وعاصمته- يستقبلك جمالها وأنت في السماء منذ اللحظة التي تستعد فيها الطائرة للهبوط في مطار المدينة، حيث تبدو بساطا أخضر تتخلله بقع بُنيّة هنا وهناك.

وعندما تهبط الطائرة وتجوب المكان بقدميك تكتشف أحياء ومنازل متواضعة تحنو عليها الطبيعة وتحيطها بأدغال خضراء.

العديد من سكان جوبا يرون أنها مظلومة وأنهم مظلومون معها، فهم يجرون وراءهم أغلال عقود من الحرب ويصارعون الماضي، ولا ينسى بعضهم أن يذكرك بالفرق الواسع من حيث البنية التحتية بين عاصمتهم وبين الخرطوم عاصمة السودان، متهمين الحكومة المركزية بتهميش جوبا وجنوب البلاد عامة، وآخرون منهم يلقون باللائمة على الحكومة المحلية في الجنوب.

بنية متواضعة

وإذا كان زائر جوبا لأول مرة لا يستطيع أن يجادل في جمال طبيعتها وسحر خضرتها، فإنه أيضا لا يملك أن يدفع عنه شعورا بالاندهاش وهو يرى كبرى مدن جنوب السودان -التي ينتظر أن تكون عاصمة الجنوب إذا قرر أهله في استفتاء يناير/كانون الثاني المقبل أن ينفصلوا عن الشمال- تستقبله ببنية تحتية تبدو له ملامح تواضعها وضعفها.

فمطار جوبا ?الذي يفوق فيه عدد طائرات الأمم المتحدة ما سواها- بناية صغيرة فيها أفراد قليلون من رجال الأمن ومثلهم من رجال الجمارك، كل معداتهم طاولة خشبية صغيرة يبسط عليها المسافر أمتعته للتفتيش ويؤشرون له عليها بقطعة طبشور.

أما طرقات المدينة فأغلبها لم يعرف إليها الإسفلت سبيلا بعد، وكثير منها تملؤه الحفر وتحيط به القمامة والمستنقعات، وأكثر مبانيها لا تزال مشدودة إلى بساطة الطبيعة وفطرتها، فلا تعدو أن تكون خليطا من الخشب والصفيح تحيط بها أسوار من القصب والقش، وكثير منها لا تزال على الطراز الذي تركها عليه الإنجليز.

إضافة إلى ذلك، فإن جوبا شبه معزولة عن العالم، فلا طريق بريا يربط بينها وبين محيطها الخارجي، وحتى الخرطوم لا يمكنك الوصول إليها إلا بوسيلتين، الطائرة أو العبارة عبر مياه النيل.

بداية النهوض

ضعف البنية التحتية في جوبا ?التي يعيش فيها نحو 500 ألف نسمة حسب بعض الإحصاءات- لا ينكره حتى المسؤولون المحليون، لكنهم يلقون بوزر ذلك على الصراعات والحروب التي سكنت المنطقة أكثر مما سكنها بعض أبناء هذه المدينة، التي بدأت أولى خطوات تأسيسها في النصف الثاني من القرن الـ19 في عهد الاستعمار البريطاني.

جمعة سعيد بورجو، وزير البنية التحتية في الحكومة المحلية بولاية بحر الجبل أو الولاية الاستوائية الوسطى التي تتبع لها المدينة، قال للجزيرة نت إن الحرب في جنوب السودان دامت عقودا من الزمن، والأكيد أن جوبا في هذه الظروف لن يكون فيها إعمار، وحتى لو حصل فلا شك أنه سيتلوه دمار.

ويعتبر أن المدينة لم تبدأ في النهوض من تحت ركام الحروب إلا بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005، ويدافع عما تحقق من "ثورة عمرانية وتنموية" في السنوات الخمس التي تلت هذه الاتفاقية.

ويضيف بنبرة الواثق والمؤمن بما يقول أن "أغلب التجمعات السكنية التي ترونها وإن كانت تبدو لكم بسيطة لكنها في نظر من عاشوا بالمنطقة من قبل إنجاز كبير، فقبل هذا كانت مجرد بساتين من المانغا والفواكه الأخرى، وإلى حدود 2005 كانت المساكن في المدينة معدودة على رؤوس الأصابع".

يؤكد جمعة بإصرار أنه إذا استمرت الجهود التي تبذل الآن وإذا استمر السلام والأمن، فبعد عشر أو 15 سنة سيعود من يندهشون من مستوى جوبا اليوم ليندهشوا من جديد، لكن مبعث اندهاشهم آنذاك سيكون لأنهم "سيجدونها في مصاف كبريات المدن العالمية". المصدر: الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..