رئيس الوزراء القادم بين الواقع المرير والأمل المنتظر

(1) توصية تعين رئيس وزراء ستكون من اكثر التوصيات اثارة في توصيات الحوار الوطني ، وإثارتها تأتي من انها ستضع مخرجات الحوار الوطني علي طاولة الاختبار، وانها سترسم المشهد الحقيقي لملامح مستقبل الحوار الوطني ، وانها ستبشر بالأمل في التغيير الذي يمكن ان يحدث في قادمات الايام ، ولعلها ستكون فاصلاً بين مرحلتين ، المرحلة الماضية والتي كان يقبض فيها المؤتمر الوطني علي مقاليد الحكم والسلطة كلها ، والمرحلة القادمة والتي عنوانها وطن يسع الجميع .

(2) اثارت توصية تعين رئيس وزراء جدلاُ وخلافاً حول اهمية وجود هذه الوظيفة اصلاً ، ولعلها من اخر القضايا الخلافية التي حسمت بالتوافق ، وسعي المؤتمر الوطني في تحصين هذه الوظيفة بشكل مبالغ فيه ، حيث جعل تعين رئيس الوزراء سلطة عند رئيس الجمهورية وبطبيعة الحال سيكون عزله سلطة عند الرئيس ، ولذلك القراءة الواقعية تقول ان هذه التحصينات لهذا الموقع بعد الجدل الذي طال دلالة علي انه لن يكون حصراً علي المؤتمر الوطني كما جاء في تصريحات القيادي السابق بالمؤتمر الوطني الدكتور نافع علي نافع .

(3) عادة ما ينصرف الناس في مثل هذه القضايا الي الوجوه والشخوص ولكن قبل ذلك ينبغي ان نطرح السؤال الاكثر اهمية ، ما هي وظيفة وسلطات رئيس الوزراء القادم ومن الغريب انها غابت عن توصيات الحوار ، وقد تكون تركت للاعراف الدستورية التي تنص علي ان كل الوظائف التنفيذية من سلطات رئيس الوزراء وان الوظائف السيادية من صلاحيات رئيس الجمهورية ، عموماً قد تكون هناك اجابة سهلة جداً وهي ان وظيفة رئيس الوزراء تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ، وقطعاً هذه الاجابة عامة وليست كافية فوظيفة ومهمة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني مسؤولية جماعية وغالباً ستكون لها مؤسسات ترعاها داخل الدولة وخارج الدولة ، صحيح ان بعض التوصيات ستكون عنواناً لوظيفة رئيس الوزراء لكن المهمة الاكثر اهمية وصعوبة هي ادارة مرحلة تنفيذية جديدة ، هذه المرحلة التنفيذية الجديدة تقتضي اولاً ان يعيد تشكيل المؤسسات الاقتصادية والإعلامية والصحية والاجتماعية علي اسس قومية ، وان ينجح في ادارة اقتصاد وطني هو علي حافة الانهيار الكامل ، واذا نجح رئيس الوزراء في ذلك سيكون السودان علي اعتاب مرحلة جديدة من مراحل تطوره ونهضته .

(4) الموضوعية والمسؤولية تفرضان علي اطراف الحوار ان يبرهنوا علي جدية وقدرة الحوار الوطني علي فرض واقع جديد وتحول كبير في المشهد السياسي ، ولعل واحد من ملامح الجدية تتمثل في ان يبتعد هذا المنصب عن دوائر المؤتمر الوطني ، وستكون الخيارات حينها بين ان يذهب رئيس الوزراء الي شخصية قومية ورغم صعوبة البحث عن شخصية قومية في ظل حالة السيولة والتجاذبات الايدلوجية لكن لن يكون ذلك مستحيل فشخصية مثل الدكتور كامل ادريس تستطيع ان تعطي هذا الموقع ما يستحقه في هذه المرحلة ، وخيار اخر ان يذهب منصب رئيس الوزراء الي شخصية حزبية من دوائر المعارضة وسيكون ذلك خياراً مناسباً لا سيما وان الرئيس المحسوب علي التيار الاخر سيظل في منصبه في سنوات الانتقال والوفاق الوطني .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..