عن أبيى.. اسألوا البقرة !ا

تراســـيم..
عن أبيى.. اسألوا البقرة !!
عبد الباقي الظافر
خالتي عائشة في عقدها السابع ..تُقيم في الإمارات العربية مع ابنتها الطبيبة ..عادت الى السودان في الأسبوع الماضي ..اجازتها الطويلة فى رحاب الوطن من المفترض أن تمتد حتى منتصف يناير القادم ..الحاجة عائشة تصر أن تعود الى غربتها قبل التاسع من يناير.. مثلها مثل كثير من أهل السودان تتوقّع السيناريو الأسوأ الذي سيعقب شق الوطن الى بلدين . منسق الدفاع الشعبى عبدالله الجيلى يؤكد أنه أعدَّ الآلاف للحرب القادمة ..وأن جُنده تُحركهم الأشواق القديمة لأرض الجنوب ..وقوة عسكرية تُطلق النار فى أبيى ابتهاجاً لمدة خمسة ساعات ..مدني يُصاب بجراح من جراء اللعب بالنار . الحركة الشعبية تأخذ كفلها من تأجيج الصراع ..وتنقل عسكر وآليات نحو الولايات المتاخمة للشمال ..ومناصري الانفصال من الجنوبيين باتوا يقاتلون من أجل فكرتهم من الخرطوم لا جوبا . تبيّن حتى الآن أن عود الثقاب الذي سيشعل الحرب هو ملف أبيي ..مفاوضات أديس أبابا التي تتناول الملف عبر وساطة دولية ..اضطرت أن تُعلّق اجتماعاتها بعد أن فشل الشريكان في الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في الوصول الى تفاهمات ..ويبدو أن الشريكان في هذه المفاوضات يرتديان أقنعة تمثل قبيلتى الدينكا والمسيرية .. ولهذا السبب سيكون الحل في منتهى الصعوبة. من المفيد للطرفين أن هنالك مقترحات جيدة على الطاولة .. والعودة الى المربع الأول هو أسوأ الخيارات لحكومتي الشمال والجنوب ..المربع الأول أن يعود الطرفان للحدود التي خلّفها الاستعمار فى 1956 ..هذا الخيار غير ممكن فقد جبّته اتفاقية السلام الشامل تماماً. المربع الثاني هو تقرير الخبراء الذي جعل الأرض المتنازَع عليها أكبر بكثير من الواقع ..هذا التقرير جعله تحكيم لاهاي في حكم التاريخ ..بعد قبول الطرفان بمخرجات التحكيم التوفيقية .. والتي ضيّقت مساحة الصراع كثيراً. المربع الجديد أكثر رحابة من سوابقه ..فالمقترح المقدّم على الطاولة ويجد سنداًَ أمريكياً ..هو أن تتنازل الحركة عن فكرة احتكار التصويت على دينكا نقوك ..وأن يُقلل المؤتمر الحاكم من منطق السماح لكل الرعاة بالاشتراك في التصويت ..وأن يقبل الجميع بمشاركة كل مواطن يقيم فى أبيى لأكثر من ستة أشهر في السنة. حسناً ..هذا الخيار مصحوب بحوافز ..يجتهد السودان والمجتمع الدولي في توفير خيارات تُقلّل من هجرة الرعاة جنوباً ..مراعي حديثة وخدمات بيطرية وقبل ذلك مواعين مائية ..ثم بعد ذلك حافزاً إضافياً للخرطوم لسعيها الجاد من أجل تثبيت السلام في هذه المنطقة. لن يتمكّن الطرفان من الوصول الى تسوية ..استناداً على منطق الحدود الفاصلة تُرسّمها رحلة الأبقار جنوباً .. أو أن المشاركة في الاستفتاء يعتمد على الجينات الوراثية للناخب .. هذا ما تراه النُخب القبلية التقليدية. في هذه المفاوضات تحديداً يجب أن تتقدّم الدولة على القبيلة .. البديل لذلك الحرب.. للأسف الحرب ليست خياراً عقلانياً للجميع.
التيار