مقالات سياسية

(قضية عاصم عمر) .. براءة ضمير أم إدانة نظام?!

(قضية عاصم) .. براءة ضمير .. أم إدانة نظام..?!
✍ قد يكون عاصم عمر بريئاً وقد يكون مداناً، وقد يكون القاضي صالحاً وقد يكون فاسداً، وقد تختلف الأراء من على البعد في تقييم الوضع القانوني لعدم إلمامها بالحقائق والمعطيات القانونية الموجودة بملف القضية، ولكن ما هو ثابت عند الجميع أن هنالك أسرة مكلومة بفقد ابنها المقتول، تنتظر العدالة والقصاص، ولهذا في مواضيع كهذه لا يجدي التعاطف والأراء الشخصية والانفعالات، حتى لا يقع الظلم في حق المصابين بالبلاء في فقد ابنهم ويضيع دم المقتول، أو تتم ادانة برئ ظلما وجورا.
✍ ولكن هنالك حقائق لا بد من الإشارة إليها:
أولا: مازال الحكم قيد الإجراء،ومازالت القضية في ساحة البحث أمام القضاء، والتقاضي درجات، يتدرج من محكمة الموضوع الى المحاكم العليا، فيجب انتظار اكتمال درجات التقاضي، وعدم الوقوف عند حكم الدرجة الأولى، فلابد أن يظهر الحق وينجلي، والمتهم برئ حتى تثبت ادانته.
✍ ثانيا: مهما كان القاضي ومهما كان فساده أو نزاهته، فعدالة عاصم لا تتعلق بمواصفات القاضي وصلاحه من فساده،وانما تتعلق بأدلة وشهود، ان كانوا شهداء باطل، فالله عزوجل كفيل بأن ينتقم منهم شرّ انتقام، وان أدّوا اليمين كذبا وجورا وظلما، فإنها قد سُميت يميناً غموساً لأنها تغمس بصاحبها في النار، فالقاضي لا يحكم من تلقاء نفسه وبرأيه الشخصي، وانما يتضمن حكمه حيثيات قانونية ترتكز على مواد قانونية مقنعة ولا تقبل الشك اطلاقا، لأن الشك يُفسر لصالح المتهم.
✍ ثالثا: وهذا رأي الشخصي، أن قضية عاصم، المحور الأساسي فيها والذي نستطيع عبره جميعنا كمتابعين ومهتمين بها أن نقتنع عبره ببراءة عاصم أو بإدانته، هو تصريح المحامين الذين يترافعون مدافعين عن براءة عاصم، فهؤلاء يقع على عاتقهم تفنيد حيثيات الحكم ومراجعة المواد القانونية التي ارتكز عليها الحكم، وتحليل أقوال الشهود، فهم فقط من يستطيعون تقديم المواد القانونية التي تثبت صلاح القاضي من فساده، ويمكنهم وقانونياً معرفة هل ارتكز القاضي على بينات قاطعة لا تقبل الشك الذي يُفسر في صالح المتهم أم لا.
✍ ان كان هنالك فساد وتلاعب بالقضية، كما يقول المساندين لعاصم عبر وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة، فسكوت محامي الدفاع عن عاصم وعدم توضيحهم للحقائق يصبح هو من أدان عاصم وليس القضاء السوداني، فمن يختارون لأنفسهم محامين ومترافعين عنهم لا يستطيعون اثبات الحقوق والعدالة والإنصاف، ويخافون حتى من قول الحق وتبيينه للناس وتوضيح أن القضاء قد انحرف عن مساره، هؤلاء هم من أدانوا عاصم إن كان بريئاً وليس القضاء السوداني من فعل ذلك.
✍ السيد رئيس مجلس الوزراء إن تجبُر المسؤولين والقيادات النافذة في الدولة من النظام الحاكم ومن الأحزاب الأخرى وهضمهم للحقوق وتسببهم في تشريد أبناء الوطن للخارج وعدم محاسبتهم لانتهاكاتهم الجسيمة في حق هذا الوطن النازف، هو من جعل الناس يفقدون ثقتهم في نزاهة وعدالة القضاء السوداني، فالقاضي السوداني خرج من صُلب هذا الشعب المعروف برفضه لأبسط ملامح الظلم، والقاضي السوداني يتمتع بإنسانيته العالية التي تحملها سمات وطباع الشخصية السودانية، وهذا لا يعني عدم وجود مخالفين من قلة من القضاة المرتشين وغير منصفين كمظهر طبيعي لوجود الصالح والطالح في أي حقل عملي في مجالات الحياة المختلفة وفي أي دولة من دول العالم، بل حتى في زمن الصحابة والتابعين كان هنالك حالات نشوذ لبعض القضاة.
✍ السيد رئيس مجلس الوزراء، رسالة نبعثها اليكم (قضية عاصم) التي تداولتها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وقف فيها معظم المتابعين مؤيدين لبراءة عاصم دون حتى المامهم بالتفاصيل القانونية، ليس اقتناعاً ببراءة عاصم، وانما يأساً وقنوطاً من عدالة النظام الحاكم، الذي طيلة مسيرته الكاتمة على أنفاس هذا الشعب لم تشهد ساحات قضائه تقديم الفاسدين من المسؤلين فيه لمنصات القضاء، ليقول القانون فيهم كلمته ولتتم محاسبتهم في العلن، لتهدأ وتطمئن نفوس الكثيرين وخاصة الشباب الثائر علي صفحات الإعلام الإلكترونية، تطمئن قلوبهم وأفئدتهم بأن العدالة في هذا الوطن لا تقيّدها الحزبيات واللوبيات الجاثمة علي صدر هذا الوطن، وبأنه لا كبير على القانون، وبأن الحق يعلو ولا يعلى عليه.
✍ لا بد من ابتعاد الحكومة عن القضاء السوداني ليصبح منفصلاً تماماً عن سياسات الدولة الحزبية، وتدخلات المسؤولين، وليتم تعيين القضاة بكل حيادية وشفافية ومهنية عالية، فوالله ما زال هنالك بصيص من أمل في إصلاح الحال، ولكن أنى يكون ذلك وأكبر جهاز تقوم به نهضة الدول مؤسسياً وادارياً ومهنياً واجتماعياً وتنموياً واقتصادياً، يمكن أن يتعرض للمخاطر من بعض تدخلات القيادات المسؤولة، اتركوا القضاء السوداني يعمل حراً منفصلاً عن أطماع السياسة والحزبية البغيضة وتكتلات (المصلحجية)، وابتعدوا عن الجهاز القضائي تماماً، ساعتها فقط ستعرفون قيمة القضاء السوداني، وسيكون العلاج الناجع للفساد سواءاً كان من نظام حاكم أم من معارضين وأحزاب أخرى.

✍ أخيرا قال تعالى (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا(109)) – سورة النساء.

✍ علي بابا
31-8-2017م.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..